مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 عدى النهار
...............................................................

بقلم : غريب المنسى
........................

كنت عائدا من زيارة شاقة للأهرامات فى يوم حر من أيام شهر يوليو, فزيارة الأهرامات فريضة على كل مصرى وبالذات المصرى المغترب الذى يريد أن يربط نفسه بحضارة الفراعنة خوفا من الضياع . كانت الزيارة ممتعة وشاقة فى نفس الوقت.. فأولادى يريدون أبا فى العشرين من العمر غيرمدخن ورياضى وخالى من الأمراض !! ولكن فى نهاية اليوم كان الجميع سعيدا بالمبادرة .. ورفع الأولاد الصور على الفيس بوك حتى يراهم أصدقاء الدراسة فى الولايات المتحدة فى رحاب خوفو وخفرع ومنقرع وأبو الهول.

وفى رحلة العودة الى وسط البلد عبر السائق كوبرى قصر النيل ووجدتنى وجها لوجه أمام مبنى التليفزيون المصرى الشامخ الملتف بحلة من الغبار والعرق وفى حاجة شديدة الى حمام بخار ساخن يتخلص فيها من الأتربة التى علقت بجدرانه فهو أولا وأخيرا رمز وطنى ولابد أن يكون لامعا ونظيفا , و لفت نظرى أن العلم المصرى يرفرف على سطح المبنى وهنا أدركت أن هناك شخصا ما داخل المبنى لم تفته هذه اللمحة الوطنية , هذا الشعور بالانتماء تولد لدى وأنا أعبر قناة السويس من الاسماعيلية لزيارة تبة الشجرة والتى كانت نقطة اسرائيلية حصينة تصوب نيرانها على المدينة من أعلى فى حرب الاستنزاف والتى حررها جيشنا فى معركة العبور العظيم.

وبين عبور النيل وعبور القناة وجدتنى أتفرس فى وجه كل مصرى أراه بطريقة غير مباشرة وأقيس درجة الانتماء لديه , والحمد لله وصلت الى يقين بأن المصريون ورغم كل الضغوط والصعوبات الاقتصادية شعب منتمى وأنهم وقت الشدة يقفون وقفة رجل واحد . فالشعب المصرى شعب لاتقهره المعاناة وهو شعب سعيد بسيط بطبيعته الفطرية.

نعم .. لقد تغيرت مصر كثيرا عن مصر الثمانينات والتسعينيات وهو تغير فرضته ظروف العولمة ونظرية القطب الواحد حتى أننى وجدت عند قريب لى فى القرية وكنا نتناول طعام العشاء على الطبليه وبالصدفة البحته كشف حساب من "الفيزا كارد " مشابه تماما لنفس كشف الحساب الذى يصلنى من نفس الفيزا كارد فى الولايات المتحدة !! وهذا معناه أن النظام الاقتصادى العالمى تغلغل حتى النخاع وأن سعر الفائدة المرتفع وراء كل انسان على سطح البسيطة ليمتص منه أى زيادة ظاهرية فى الدخل , ولكن الذى لفت نظرى أننا فى الغرب نستخدم " الكريدت" فى تبسيط الحياة اليومية بينما يستخدمها قريبى هذا بذكاء ريفى فى بناء الدور الثانى والثالث للأولاد وفى تربية العجول وهو الاستثمار الوحيد الذى يفهمه فى ظل ظروفه المحيطة.

بعد هذه المقدمة تعالوا نناقش بكل موضوعية قضية كاميليا شحاتهً زوجة كاهن دير مواس التي تتحفظ عليها الكنيسة منذ أواخر يوليو الماضي لاعتناقها الاسلام . وهى قضية تشغل الرأى العام وتثير كثيرا من اللغط حول سلطات البابا شنوده وقدرته على تكوين دولة داخل الدولة غير عابىء بالقانون والدستور الذى يكفل لكل انسان – ولو حتى نظريا – حق اعتناق أى دين .

ولفهم أبعاد تلك المشكلة لابد من الرجوع الى نظرية " سيب وأنا أسيب" وهى نظرية عسكرية تطبق فى ساحات المعارك عندما يستولى الخصم على قطعة من الأرض يقابلها عملية أسر لبعض جنوده وهنا تبدأ المفاوضات على أساس النظرية سابقة الذكر. وحتى نكون واقعيين تعالوا نفترض أن زوجة عالم أزهرى اعتنقت المسيحية فى ظل الظروف الدينية التى تمر بها مصر حاليا والتى تجعلها قريبة كل القرب من السعودية , فمصر تدينت بطريقة ملفته للنظر وأصبح الخمار هو الزى السائد لدى النساء والصندل والجلباب هو الزى المفضل لدى الرجال !! نقول ماذا لو أن زوجة شيخ أزهرى اعتنقت المسيحية وتناقل الخبر الاعلام الدولى؟

الاجابة بكل بساطة أنه سيحدث شرخ لدى العوام معناه أن الاسلام دين هش بدليل أن زوجة شيخ أزهرى هربت منه وطالما أن مصر مازلت بلدا يعيش على انتقال المعلومة بين الأوساط الشعبية مغلوطة فى كثير من الأحيان وتعيش على ذكريات شفيقة ومتولى وسبع الليل , فالمفروض أن نرى المشكلة فى سياقها الطبيعى وأن نصل الى اقتناع بأن حرب التجنيد بين قطبى الوطن قد أخذت منحنى جديدا, وان كل طائفة تريد أن تسفه من الطائفة الأخرى بعملية تشنيع متعمد فى مجتمع تلعب الاشاعة فيه جزء لايستهان به فى تشكيل عقلية العوام.

يجلس البابا شنوده فى الكاتدرائيه على جبل من المشاكل , ليس أقلها مشكلة الزواج المدنى ومشكلة الزواج والطلاق بين الأقباط وهو ليس بحاجة ابدا الى تشكيك فى صلب ديانته عن طريق هروب زوجة كاهن أو هروب كاهن أو حتى صبى كاهن !! هذه هى المشاكل البايخة التى يعانى منها الجالس على قمة الكنيسة المصرية . وبالتالى فمن صميم وظيفة الرجل أن يكون المحافظ الأول على الديانة فى ظل ظروف المجتمع المحيطة , وأن يكون صامدا أمام الحرب المعنوية التى تشن عليه وعلى رعاياه .

هذا ليس معناه أن شنوده رجل دين بسيط ليست له أهداف وأغراض سياسية , وأنه غير مسؤول عن ماوصل اليه الحال بين المسلمين والأقباط فى مصر , وأنه رجل دين ورع يرعى شعبه فى سلام بعيدا عن مجلس الكنائس العالمى والكونجرس الأمريكى وجماعات الضغط من المحافظين الجدد .

ولكن هذا معناه أنه عندما تصل قضايا تغيير العقيدة الى هذا العمق – زوجة كاهن – فى هذه الحالة أو زوجة عالم أزهرى – فى مثلنا الافتراضى – فأن طبيعة الأمور تحتم تصرف مطابق تماما لتصرف البابا شنودة وحتى لاتتعرض الكنيسة الى عملية تدمير من القاعدة بفعل فاعل .

لايملك أحدا منا مسلمين أو أقباط مفتاح الحقيقة ونحن جميعا نعبد الله فى اطار المعتقد, وحتى لاتصل الأمور الى قضايا رأى عام وقضايا تحاول نسف المعتقد من الأساس فالحل الأمثل هو أن من يحاول تغيير عقيدته أن يبقيها أمرا شخصيا سريا , فالديانات لن تتاثر كثيرا بعملية تغيير المعتقد ولكنها قد تتأثر معنويا بهذه الحرب الاعلامية الضروس التى لن تفيد أحدا بل ستزيد من اتساع الثغرة بين أبناء الوطن.

وحفظ الله مصرنا.

 

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية