الجدار
...............................................................
بقلم :غريب المنسى
......................
تقوم الولايات المتحدة الامريكية الآن ببناء سور يفصل بينها وبين المكسيك على طول الحدود التى تربط البلدين وهى حوالى ثلاثة الاف ميل وهذا يعتبر اهانة للشعب المكسيكى ولشعوب أمريكا الجنوبية ولشعوب العالم النامى الذى يبحث مواطنوه عن فرصة عمل شريفة كمواطنى درجة ثانية فى أمريكا
والذى يبعث على الفكاهة أنه فى نفس اليوم الذى زار فيه الرئيس الامريكى جورج بوش موقع حدودى - بالسور الجديد -فى ولاية أريزونا كان الرئيس المكسيكى فينس فوكس -عبد الناصر أمريكا الجنوبية - يزور متعمدا قرية مكسيكية على الحدود مع أريزونا وعلى بعد ثلاثة أميال من بوش مذكرا العالم والشعب المكسيكى والشعب الامريكى بان المكسيكان شعب طيب ومحترم وينبغى على الامريكان أن يتعاملوا معه بااحترام وتكاد تسمع فى لجهته الحماس الناصرى بينما بوش مهتم بوضع السور والكاميرات والكلاب المدربة على اصطياد المكسيكان الغلابة
يوجد فى أمريكا حوالى 12 مليون مكسيكى طبعا يقومون بااعمال الدرجة الثانية من غسيل أطباق وتنظيف الحدائق وتلميع الطرق - وهى وظائف يرفض الامريكان القيام بها ولم توضح خطة بوش بعد من الذى سيقوم بهذه الاعمال عندما ينتهى العمل من بناء الجدار - وهم أيضا شعب طيب ويميلون الى الهدوء وتربية أبناؤهم أو بمعنى أدق وجودهم فى أمريكا لصالح أمريكا كما أنه لصالحهم وليس من وجودهم أية مشاكل أمنية على المجتمع عامة
ومشكلة أمريكا مع الجدار متناقضة ومضحكة معا .. ففى حين شجع رونالد ريجان وناشد جورباتشوف - فى خطابه الشهير - بازالة الجدار الذى يفصل بين المانيا - شرقها وغربها - نجد بوش الابن يشجع على بناء جدار يفصل بين أمريكا - شمالها وجنوبها - وهذا تناقض بين فى سياسةأمريكا الخارجية فهى تميل الى الديمقراطية عندما تكون فى صالحها وتفضل الديكتاتورية عندما تكون هى الاسبرين الذى يزيل الصداع
بالاضافة الى هذا الجدار الواضح الذى تسعى الولايات المتحدة على بناؤه بينها وبين المكسيك هناك جدار خفى سعت وتسعى كل الادارات الامريكية على مختلف اتجاهاتها الحزبية - جمهوريين أو ديمقراطيين - على بناؤه بينها وبين شعوب الارض لاتفرقة بين جنس أو لون منها على سبيل المثال
أولا: سياسة أمريكا الخارجية مع أوربا - وبالذات فى عهد بوش الابن - وصلت الى مرحلة متدنية والاوربيون ينظرون لامريكا على انها دولة متعجرفة عنصرية تعتمد على عضلاتها فى فرض نفسها على أوروبا
ثانيا : سياسة أمريكا الخارجية مع آسيا وبالذات الصين يشوبها الكثير من الشك وعدم التوازن فى حين أن الصين وصلت لتقدم اقتصادى رهيب وفى الواقع أن احتياطى الصين النقدى الموجود فى بنوك أمريكا هو الذى يمول حرب العراق أى أن أمريكا مدينة للصين ومع ذلك تبنى جدار خفى يفصلها عن آسيا
ثالثا : وهذا هو الاهم .... ذلك الجدار الخفى الذى يفصل العرب والمسلمين عن الولايات المتحدة - وطبعا جدار صناعة أمريكية - وهذا له أكثر من سبب منها مساندة أمريكا لااسرائيل ضد العرب وعلى طول الخط - ظالما أو مظلوما - لاتراعى شعور العرب ولا معاناتهم وأيضا تشدق أمريكا بتوزيع الديمقراطية على العرب والمسلمين فى حين أنها تشجع حكام ديكتاتوريين غير مرغوب فيهم من شعوبهم
هنا يبرز السؤال المهم وهو كيف تبنى الولايات المتحدة الامريكية كوبرى من الحب بدلا من جدارا من الكره سواء كان هذا الجدار واضحا أو خفيا؟
بالنسبة للعرب والمسلمين اذا كانت أمريكا صادقة النية فى تصدير الديمقراطية وهى حجر الاساس فى اعتدال نفسية العرب هو أنها تستغنى تدريجيا عن عن عملائها من رؤساء وملوك وأن تعلن عن مناقصة سياسية فى كل دولة من شروط هذه المناقصة أن أى حزب يتقدم بخطة وسياسة واضحة تعود بالخير والرفاهية على مواطنيه يفوز بالحكم وأيضا بتشجيع الولايات المتحدة