البرادعى
...............................................................
| |
لابد أن ندرس برنامج البرادعى الانتخابى جيدا ونعرف ماهى وسائله للنهوض بمصر وكيف سيتم له تحقيق ذلك؟ | |
بقلم : غريب المنسى
........................
معظم المصريين لم يشاهدوا فترة حكم الرئيس عبد الناصر والتحولات الايجابية التى تمت فى عهده والتحديات التى واجهت مصر فى فترة حكمه, ومعظم هذا الجيل أيضا لم يعاصر فترة حكم الرئيس السادات وحرب أكتوبر واسترداد سيناء وحالة الاستقرار النسبى مع اسرائيل والتى يعود فيها الفضل لرؤية الرئيس السادات لطبيعة الصراع المصرى الاسرائيلى , وغالبية المصريين لم يروا غير الرئيس مبارك الذى تسلم زمام القيادة فى فترة سلام واستقرار داخلى وخارجى , فمصر ومنذ أن تسلم الرئيس مبارك لم تحاك ضدها مؤامرات خارجية كالتى أحيكت ضد عبد الناصر , والرئيس مبارك أيضا لم يخاطر بمستقبله السياسى وحياته مثلما فعل الرئيس السادات حينما قرر خوض طريق السلام مع اسرائيل بعدما انتصر عليها عسكريا, بل على العكس تماما يعتبر الرئيس مبارك هو الرئيس الأوفر حظا بين رؤساء مصر لأنه تسلم مصر فى فترة استقرار دفع ثمنه عبد الناصر والسادات ودفع ثمنه شباب مصر اللذين استشهدوا فى العمليات العسكرية من أجل تحرير تراب الوطن.
ولكن فترة حكم الرئيس مبارك شهدت تحول عالمى خطير وهو تفكك الاتحاد السوفيتى وانفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم ووضع شروطها وفرض نفوذها على دول العالم ومنها مصر , وهذا أثر تأثيرا بالغا فى موازيين القوى فى العالم وهذا التحول العالمى وضع أصول جديدة ومفاهيم جديدة للتعامل الدولى , وبالتالى لم يكن أمام الرئيس مبارك الا الاندماج مع النظام العالمى الجديد فى ظل هذه المعطيات الجديدة وللحقيقة فأن الرئيس مبارك أدى دوره بما تقتضيه طبيعة هذه المرحلة , وجنب مصر كثيرا من المشاكل كان من الممكن أن تحدث لو أنه تأخر فى فهم طبيعة النظام العالمى الجديد وخطط التقسيم المعدة مسبقا , وأساليب الهيمنه التى جاءت مع هذا الانفراد الدولى الفريد فى تاريخ السياسة الدولية , وحافظ على استقرار السفينه فى فترة حرجة جدا من تاريخ العالم , فمصر فى عهد الرئيس مبارك أصبحت عنصر مندمج فى منظومة القطب الواحد.
ولكن هذا النجاح الخارجى لم يواكبه نجاح بنفس الدرجة على المستوى الداخلى , فمشاكل مصر الداخلية تحتاج الى دراسة شاملة واعادة تقييم وتحتاج الى مجهود جبار ودماء جديدة , وهذا شىء طبيعى جدا , فالرئيس مبارك قد أعطى أقصى مايمكن اعطاؤه ولايمكن لأى رئيس أن يحل كل مشاكل مصر بنفس الطريقة الكلاسيكية التى تدار بها مصر فى الوقت الحالى , لأن التغيير والتخطيط واعادة التقييم يحتاج لعناصر جديدة لاتوجد بين كل المعروض على الساحة , فكل الموجود حاليا من الخبرات المعروفة قد انتهى عمره الافتراضى , وبالتالى فنحن نحتاج الى رئيس جديد بفريق عمل جديد ليستكمل مابدأه الرئيس مبارك.
ومع وصول الدكتور البرادعى الى مصر هذا الأسبوع , وهو واحدا من الشخصيات التى تنطبق عليها الشروط والمواصفات المطلوبة لكى يصبح رئيسا لمصر , وحتى هذه اللحظة لانعرف برنامج الدكتور البرادعى الانتخابى , ولانعرف توجهاته الداخلية والخارجية فهو يحمل " روزميه " ممتاز , ولكن هذا ليس ضمانا أكيدا لنجاحه فى وظيفة رئيس مصر , فمصر أمامها تحديات كثيرة فى القرن الواحد والعشرين, وتحتاج الى توجهات تختلف تماما عن كل التوجهات السابقة وبناء على ذلك لايمكننا مبايعة الدكتور البرادعى الا بعد الاطلاع على برنامجه الانتخابى وبعد أن يحدد لنا وبطريقة واضحة كيف سيحقق برنامجه الانتخابى , فكما تعلمون جميعا أن الوعود الانتخابية شىء وتحقيقها على أرض الواقع شىء آخر مختلف تماما .
والدكتور البرادعى يمكن وصفه بأنه اختيار النخبة فى مصر , وهم اختاروه لأن كل الأبواب موصدة أمام أى مرشح آخر , والنخبة تسانده لأنه يتمتع بسمعة وحماية دولية ستساعده فى الوقوف وتحدى النظام القائم والدستور القائم والعوائق القائمة , وان كان هذا ليس دليلا كافيا على أن الدكتور البرادعى هو الشخص الوحيد الصالح لهذه المهمة الصعبة , فرئيس مصر لابد أن تتوافر فيه مزايا وخصال أخرى ربما ليست متوفرة فى شخصية الدكتور البرادعى , فالنخبة تريد أن تخرج من مأزق التوريث بمأزق آخر يمكن تشبيهه بمأزق زواج الضرورة , ونحن هنا لن نتسرع فى الحكم على الدكتور البرادعى ولن نحكم عليه الا بعد الاطلاع على برنامجه الانتخابى كما أشرت سابقا.
ولكن .. هناك مجموعة أشياء مهمة ينبغى علينا وضعها فى الحسبان عندما نطلع على برنامج الدكتور البرادعى الانتخابى هذه الأشياء ستساعدنا كثيرا فى تحديد شخصيته وتوجهاته وجديته , فالرجل سيكون معسول الكلام , يعرف جميع الاجابات الصحيحة لكل الأسئلة التى ستوجه اليه , وسيغنى لنا على مواجعنا , ولكن ينبغى علينا أن نتذكر : "أن ليس كل مايلمع ذهبا" ولابد أن نكون موضوعيين فى التقييم .
من ضمن هذه الأشياء التى أرجوكم أن تركزوا عليها فى برنامجه الانتخابى هى كيف يرى الرئيس البرادعى مستقبل مصر فى خلال عشر سنوات ستكون هى الحد الأقصى لمدة رئاسته والتى سنفترض أنها ستكون خمس سنوات فى كل مدة ؟ وماهى وسيلته لاصلاح حال التعليم فى مصر وماهى خططه للنهوض بالزراعة والصناعة وماهى وسيلته لتحويل الاقتصاد المصرى من اقتصاد استهلاكى الى اقتصاد انتاجى وماهى حلوله لمشاكل الشباب والبطالة وماهى الطريقة المثالية من وجهة نظره لضخ دماء جديدة الى مواقع المسؤولية وهل سيعتمد على دولة المؤسسات أم ستكون كل الصلاحيات فى يده ؟ وأيضا ماهو اقتراحه لتعديل الدستور وكيف سيضمن لنا أن أى رئيس سيأتى من بعده لن يتلاعب فى الدستور مرة أخرى لصالحه؟ وماهو برنامجه فى استقلال القضاء تماما ولكن تحت الرقابة الشرعية؟!! .
لو قدم الدكتور البرادعى لنا برنامج جاد للنهضة يتماشى ويتوافق مع أحلام المصريين سيكون انتقال مصر من العصر الحالى الى عصر المستقبل أمر يسير , وسنقف وراؤه كلنا بكل قوة لأننا شعب فعلا فى حاجة الى تغيير وفى حاجة الى قائد يكمل مابدأه جمال عبد الناصر ومحمد انور السادات ومحمد حسنى مبارك.
مرة أخرى أذكركم نحن شعب صائم ولانريد أن نفطر على بصلة.
06/11/2014