مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الزيارة
...............................................................

 

الصديقان

 

بقلم : غريب المنسى
........................


استيقظ شيخ مصرالأول مبكرا كعادته , وصلى الصبح حاضرا , ومع الفطور تناول ماتيسر له من حبوب الضغط وتجلط الدم ووجع المفاصل وختم الكوكتيل بحقنة السكر , وجلس أمام المرآه فى صالون منزله ليتدرب فى محاكاة ودية وهو يدندن على سيناريو اللقاء المهم اليوم مع لجنة التفتيش الأمريكية , الى أن اقتنع بالضحكة المناسبة والابتسامة المهذبة التى سوف يستخدمها اليوم فى لقاؤه مع اللجنة. واستغرقت عملية اختيار الابتسامة العذبة من شيخنا وقتا ليس باليسير, لأن الوقت مر بسرعة ولم يفيق الشيخ الا على صوت الهاتف يرجوه السرعة فسائقه منتظر لينقله الى مكتبه.

جلس شيخ مصر الأول فى المقعد الخلفى فى السيارة المرسيدس السوداء الفاخرة المريحة وأخذ يسترجع التلقين الذى تلقاه ليلة البارحة على يد شخصية كبيرة فى جهة سيادية هى الأعلى من حيث السيادة, فالتعليمات صريحة وواضحة, جاوب على قد السؤال ياشيخ , ولا تتبرع باضافة معلومات لمن يسألك , كن حذر فكل ماستقوله من الممكن أن يستخدم ضدك, ويفضل أن تجيب على السؤال بسؤال فهذه هى الطريقة الوحيدة التى من الممكن أن تشتت بها تركيز اللجنة ..ولابد أن تقول لهم نعم وحاضر !! وتساءل الشيخ بينه وبين نفسه فى لحظة صمت : هل أنا مذنب حتى أقوم بكل هذه التكليفات ؟ هذه التوجيهات عادة يلقنها محامى الجنايات المتمكن لموكله المجرم حتى يستطيع أن يشتت المحققين ويجد ثغرة ليهدم القضية ضده .. لالا .. هذه أوامر عليا ولايصح أن أناقشها .. وحتى لو ناقشتها فمن سيسمع , ولماذا أناقشها اليوم بالذات , أنا عبد مأمور .. لعنة الله عليهم .. ولم يحدد الشيخ مع نفسه من المقصود ب"عليهم" ففى لحظة ضيق تداخلت معه الخطوط .

دخل شيخ مصر الأول مكتبه وطلب فنجان القهوة المضبوطة من ساعيه وبعد أن تأكد من خروج كل فريق عمله من المكتب بدأ يتدرب مرة أخرى فى المساحة الخالية أمام المكتب وحتى الباب , فمن المفروض أنه سيكون جالسا خلف المكتب عندما يتصل به السكرتير ليخبره بوصول اللجنة وبالتالى فهو عليه أن يتدرب على المشيه المضبوطه ليستقبلهم عند الباب ولأنه قد انتهى مبكرا من التدريب على الابتسامة فلم يعد أمامه الا التدريب على المصافحة !! كيف سيمد يده ؟؟ ومامقدار الجدية فى هزة اليد عندما يعكش يد رئيس اللجنة !! وماهى العبارات المناسبة التى من المفروض أن يقولها بعد أن ينتهى من قول .Welcome

شغلانه مش جايبه همها!! هكذا دار فى خلده , ليت أيام التدريس تعود مرة أخرى , كان المرتب بالريال والبال مرتاح , ضحكوا عليا بالمنصب والأبهة وطلع منصب علاقات عامة , ومجاملات هى فى الحقيقة نفاق, فما معنى أن يكون رجل الدين مجاملا ومحاورا ومراوغا فى قضايا ثابته ومعروفة ومامعنى أن تلقى القيادة السياسية هذه المسؤلية على شخصى , فلماذا لاتذهب هذه اللجنة الى الرجل الأول ؟؟ أو حتى الرجل الثانى ؟؟ مش هما برضه السبب فى المشكلة ؟؟ اشمعنى أنا ؟؟ !! وللمرة الثانية , وبطريقة عفوية خرجت عبارة " لعنة الله عليهم " وهذه المرة كان المقصود بها كل الرجال اللذين يسبقونه فى الهرم الوظيفى .

ودخلت اللجنة وتصرف الشيخ وتحرك طبقا للخطة , فالابتسامة وردية والمصافحة رسمية والجو العام يوحى بالتفاهم والود الى أن خرج الشيخ عن السيناريو وتصرف بطبيعته .. قائلا : النهارده والله زارنا النبى .. أنا سع... ولم يكمل سعيد لأن رئيس اللجنه سئله مقاطعا :
- أى نبى فيهم ؟؟؟!!!
- وهى دى مشكلة ؟؟ اختار يأخى النبى اللى يعجبك ..
- ضحك رئيس اللجنة ضحكة مجلجلة تنم عن اعجابه بذكاء الشيخ الأول وقال له سأختار موسى النهارده
- هههههههه .. مقبولة منك .. وأنا برضه كنت حاأقول كده قبل سيادتك ماتقاطعنى ..

فوجىء الشيخ بحملقة عضو من اللجنة فى برواز أنيق وبحجم كبير نسبيا خلف مكتب الشيخ الأول مكتوب بالخط الثلث فيه " ان أعلى درجات الجهاد هو جهاد النفس " الأمر الذى جعل الشيخ الأول مضطرا الى عوج رقبته كى يتأكد من الشىء الذى يحملق فيه ليس عضوا واحدا ولكن كل أعضاء اللجنة .. وأسقط فى يده .. " جهاد !! " لعل هذه الكلمة لفتت نظرهم حتى ولو فى خارج السياق .. لعنة الله عليك ياعبعليم – يقصد ساعى المكتب .

- ممكن ياشيخ تقولنا لماذا وأنت الشيخ الأول مازلت تصر على استخدام لغة الجهاد .. الا تعرف أنها جريمة فيدرالية ؟؟
- فى الواقع أنها ليست جهاد , المقصود منها هو محاربة الشي ..
- الاتعلم أن كلمة الحرب عندما تخرج من شيخ بحجمك تعتبر جريمة أخرى أشد من الأولى ؟؟
- ياجماعة المقصود هنا هو مقاومة الشيطان...
- والمقاومة أيضا ممنوعة , وهى من الكبائر فى القانون الأمريكى
- ياسيدى .. أقصد .. وهنا تذكر الشيخ تلقين ليلة البارحة وهو لاتتكلم كثيرا , فكلما زاد الكلام عن حده كنت أكثرعرضه للخطأ !
- عموما .. نتمنى فى الزيارة القادمة أن تتخلص من هكذا شعارات , ولامانع أبدا لدينا من وضع أى مقولات تحث على العمل ..
- حاضر ياباشا
- احكيلنا ايه اللى حصل فى نجع حمادى , وشينو زعلان ليه ؟
- بصراحة أنا ماعرفش ايه اللى حصل بالضبط , الفوكس نيوز قالت ان فيه واحد مجرم طائفى قتل مجموعة خارجين من الكنيسة بعد صلاة عيد الميلاد , وأنا اتصلت بشينو وعزيته وخدت معاه كام صورة تؤكد وحدتنا الوطنية !!
- الوحدة الوطنية من وجهة نظرك هى مجرد الصور مع شينو؟
- طبعا .. طبعا الناس هنا بتاكل من هذه الصور .. احنا طبعا مالناش دعوة بالداخليات ..
- وعملت ايه فى الطلبات اللى طلبناها منك فى الزيارة السابقة ؟
- يافندم لخصته كله والله , وحذفت ثلاثة أرباعه , ماعدش فيه غير سورة مريم وسورة ومنهم قسيسا ورهبانا بالاضافة لشوية السور بتوع موسى مع مجموعة سور قصيرة خفيفة ولذيذه وعايمة ..
- تمام .. تمام
- بس لبسك مش عاجبنى .. مش كنا متفقين أنك حتبدأ تلبس بدلة وكرافته .. ودقنك مش قلت حتحلاقها ؟؟
- طبعا طبعا .. بس حضراتكم جيتوا المرة دى على عجل .. والله البدلة عند الترزى وميعادها الأسبوع الجاى
- وايه رأيك فى موضوع زواج الشواذ ؟ لسه رافض برضه؟!!
- والله لسه بادرسه .. العملية محتاجة وقت علشان نهيىء الناس هنا ..أنتو عارفين أن ده موضوع شائك حبتين..
- بصراحة .. اللجنة شايفة انك مش متعاون بالمرة .. هكذا قال رئيس اللجنة , ونظر أعضاء اللجنة الى بعضهم البعض , وكأنهم يتشاورون فى صمت , بينما كان الشيخ الأول كمن ينتظر نتيجة امتحان , لايعرف هل يبكى ؟ هل يضحك ؟ .. هل يبتسم أم يصرخ .. ولكنه بعدما وصل الى مرحلة هدوء نسبى قرر أن يعلق.. وبعفوية شديدة استطرد قائلا:
فى هذا المكتب طلبتوا من أن أستقبل خاخامات .. واستقبلت , وطلبتوا منى أن أجتمع مع شواذ .. واجتمعت , وتقارب ديانات .. ونفذت .. النهاردة بتقولولى اننى مش متعاون .. ده ظلم , مامعنى التعاون عندكم ؟؟
- التعاون كان الهدف منه هو تفكيك الأزهرتماما , كنا عاوزينك تبقى آخر شيخ للأزهر
- وهو يعنى الأزهر اللى واقف فى زوركم يعنى ؟ أنا مش فاهم حاجة!!
- ماهى دى العولمة .. وأنتم جزء من النظام العالمى الجديد
- بس العولمة المفروض زى ماعرفتونا انها حترفع من مستوى الناس الاقتصادى , احنا عندنا عشرين مليون بنى آدم عايشين فى عشش زى الفراخ
- ماهو ده المطلوب بالضبط .. كلما زاد فقركم كلما تنازل الناس تدريجيا عن التمسك بالقيم والدين والأخلاق وكلما صرتم مرضى ومعوقين كلما اقلعتم عن الجهاد وبالذات ضد اسرائيل , مصر لازم تتدمر داخليا علشان اسرائيل تعيش فى أمان وعلى فكرة ياشيخ لازم تعرف ان احنا سعداء بالفتنه , لازم تنشقوا داخليا على بعض وهو ده هدفنا وغرضنا , وكان أملنا أن تكون فاهم هذا الكلام ولكن على مايبدوا أنك مازلت غشيم ..
- والمطلوب منى ايه ؟
- ولاحاجة .. سنطالب حكومتك بتعيين شخص أكثر انبطاحا منك .. وبالتأكيد هناك طابور مستنى هذا المنصب ..
- يعنى أنا سقطت فى الامتحان ؟
- وبجدارة
- أه ياولاد الكلب ..
وخرج أعضاء اللجنة من مكتب الشيخ الأول ليتابعوا باقى الزيارات الاستخبارية فى جدولهم المعد مسبقا وتركوا الشيخ وحيدا يتجرع كأس الحقيقة فالامبراطورية المنتصرة ستفرض شروطها على باقى الرعاع ومن لم يعجبه فمصيره الدمار.. وشروط الامبراطورية المنتصرة هو الغاء الانتماء .. مصر ينتظرها مستقبل مخيف, بل مخيف جدا .. هل فهمت ياشيخ ؟؟؟

حنقول كمان ...

كتبت قبل وفاة الشيخ طنطاوى بشهر واحد

 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية