الدولة الفاشلة
...............................................................
| |
الدولة الفاشلة | |
بقلم : غريب المنسى
........................
مصطلح الدولة الفاشلة يطلق على الدول التى لايوجد فيها سلطة مركزية قوية تربط مختلف السلطات حتى تعمل كل فروع الدولة فى تناسق وانسجام لينساب القرار السياسى والقوانين والأمن فى فروع البلد تماما مثل الدم فى عروق الجسد السليم , والصومال تعتبر من الدول الفاشلة حسب هذا التعريف لذلك انتشرت فيها الجريمة والقرصنة والعضلات وأصبح الانتماء للقبيلة هو مصدر حماية وقوة المواطن الوحيد, وبالتالى انتقل الانتماء الطبيعى للدولة الى الانتماء والولاء للعشيرة.
وهذا التعريف للدولة الفاشلة غير دقيق بالمرة , فاذا افترضنا أن هناك حكومة مركزية قوية ولكن الفساد والمحسوبية وعدم احترام القانون هو سمة هذه الدولة تكون الصورة العامة موحية بوجود دولة ولكن آليات عمل هذه الدولة لضخ قوتها وهيبتها الى عروق الوطن تكون بالضبط كما يضخ القلب العليل الدم الى أرجاء الجسد السقيم. وعليه تكون هذه الدولة كمن يهرب من الواقع , لأنها تضخم فى انجازاتها وقوة مؤسساتها الظاهرية, ولكنها فى الواقع وحقيقة الأمر هى دولة فاشلة , فالفشل نسبى وليس مطلق , وهنا تتأكد هذه المعادلة اذا قارنا مصر بالصومال مثلا , فمصر ستكون دولة ناجحة , ولكن اذا ماقارنا مصر بقبرص , فمصر دولة فاشلة وان كان فشلها ليس بالضرورة فشل الدولة الميته ولكنه فشل الدولة التى تحتضر .
ماحدث للأقباط فى فى نجع حمادى بعد صلاة عيد الميلاد المجيد يعتبر بكل المقاييس الانسانية والدينية والاجتماعية والسياسية مؤشر لفشل الدولة فى فرض سطوتها لحماية الأقلية , وهذا الحادث لم يأتى من فراغ ولكن كل المؤشرات كانت ومازالت تؤكد وجود احتقان بين المسلمين والأقباط ومع ذلك فشلنا جميعا كشعب وكدولة فى أن ننزع فتيل المرارة وأن نواجه الأسباب الحقيقية وراء هذا الأمر , وتصورنا أن الأمور ممكن أن تنصلح من تلقاء نفسها بدون دراسة جادة للأسباب الحقيقية وكانت النتيجة اعتداء جبان على مواطنين مسالمين . نحمد الله أنه لم يكن منظم من جهة وهابية ولكنه يظل اعتداء جبان على اناس مسالمين.
واذا كان الأقباط فى مصر شأنهم فى ذلك شأن كل المصريون الطيبون , قد وقعوا فريسة للسادة المتاجرون الانتهازيون ومايسمون أنفسهم أقباط المهجر وجماعات حقوق الانسان , وتصورا أن حل مشكلتهم سيأتى عبرهم فهذا تصور خاطىء لسبب بسيط وهو أن هؤلاء المرتزقة يصورون المشكلة فى الغرب تصوير بعيدا جدا عن الواقع وهو تصوير ينافى حقيقة الواقع هناك فى قرى ونجوع الصعيد وكل تجمعات الأقباط بطول مصر وعرضها , لقد فشل هؤلاء المرتزقة فشلا ذريعا لأنهم يصورون المشكلة للغرب على أنها مشكلة بين مسلم متجبر وقبطى يرزح تحت سوط العذاب, ونسوا أن النسيج الاجتماعى للشعب المصرى كله يقع فريسة لفشل النظام السياسى وتحت فشل المؤسسات التى من واجبها أن تضع الحدود وأن توضح الأمور, ومن أول المؤسسات التى فشلت فى الربع قرن الأخير هو مؤسسة الأزهر .
وبكل صراحة وأمانة أقول أن المشكلة تكمن فى سقوط هيبة رجال الدين , وخضوعهم للسلطة فهذا شيخ الأزهر يلعب دور مفتى السلطان , وهذا بابا الأقباط يعلم بفساد الحاكم ومع ذلك يؤيد التوريث, ومابين شيخ الأزهر وبابا الأقباط والقصر الجمهورى وقنوات الهمبكا الفضائية , ضاعت حقوق المصريون من مسلمين وأقباط . ولعب الجميع لعبة القط والفار والنفاق الذى يسمونه تأدبا دبلوماسية.
نحن كنا نتمنى أن تشكل الدولة من باب حماية الأمن القومى الذى صدعونا به لجنة محايدة لدراسة مطالب الأقباط الموجودين فى قرى ومدن مصر وليس مطالب أقباط المعونات فى المهجر لتتعرف الدولة على مشاكلهم ومطالبهم الحقيقية وحتى يكون الاحساس لديهم أن هناك دولة تخاف على مصالحهم, وأن تواجه الدولة بنفس قوانين الطوارىء التى تواجه بها متطرفى المسلمين كل الذى يتلاعب بأمننا القومى وعلى رأس القائمة مؤججى الفتن مرتزقة الغرب ومتطرفى الأقباط .
هل نحن فى سبيلنا لترك الانتماء للدولة وتوجيه انتماؤنا للدين فقط ؟
للمزيد : موضوع شامل عن الفتنه
06/11/2014