هموم مصرية - 2
...............................................................
| |
هموم مصرية | |
بقلم :غريب المنسى
......................
يعيش المصريون على أربعة فى المئه فقط من مساحة وطنهم البالغة مليون كيلو متر مربع وهى نفس مساحة فرنسا والمانيا مجتمعتين , علما بأن كل الدراسات الجيولوجية أثبتت أن صحراء مصر من السهل أن تكون خضراء كالدولار- وأيضا - أهملت كل الدراسات التى أعدها الخبراء المصريين - وهم عمالقة- فى دهاليز الوزرات المعنية والتى أكدت على أن مصر فى أمس الحاجة للتوسع الافقى وليس الرأسى لالشىء ..الا .. لانها عادة من عاداتنا السيئه وهى اهمال الجاد والتفرغ للسطحية عاما بعد عام .
هذا الموضوع قد أثير من قبل وهو ليس جديدا .... ولكن الجديد هنا هو أننا كنا نفكر فيه من قبل وكأنه شىء اختيارى ولكن الان وبعد تغير اقتصاديات العالم من حولنا من ناحية ولحاجاتنا الضرورية لمستوى اقتصادى مناسب لنا من ناحية أخرى يحتم علينا أن نعيد التفكير فيه من منطق أنه أمرحيوى ومصيرى يمس مستقبل أولادنا وأحفادنا.
هذا المشروع القومى النبيل - غزو الصحراء الشامل وتخضيرها وتعميرها - يحتاج الى ثلاث مراحل : التخطيط ... والتمويل ... والتنفيذ ... وأعتقد أنه على ضوء المعطيات الموجودة لدينا فأنه من الممكن أن يتحقق بأسرع مما نتصور وأن تخرج مصرمن عثرتها الاقتصادية فى حالتين : أولا اذا شحذنا الهمم وجعلناه هدف قومى لنا كشعب متحضر ثانيا : اذا حددنا بدقة ووضوح ليث فيه أدنى شك أين نحن من العالم الحر؟
وبناء على ما سبق لابد أن نحدد موقفنا من موضوعين أساسيين - نهرب منهم بالنقاش العقيم عادة - وأعتقد أن عدم مواجهتهم بموضوعية هم السبب المباشرلمانحن عليه الان من تعثر وتخبط وتناقض اذا صح التعبير.
الموضوع الاول : العلمانية
الموضوع الثانى : العولمة
اذا حددنا بوضوح وتجرد موقفنا من العلمانية والعولمة أعتقد أننا سننطلق الى آفاق اقتصادية جبارة.
تعالوا معا نستعرض العلمانية والعولمة من الناحية العملية الواقعية وبأسلوب بسيط .
نبدء بالعلمانية
اتفق العالم الحرعلى أن أقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم.... ولكنهم اختلفوا كثيرا على أسرع وسيلة للوصول بين هاتين النقطتين وهنا برز السؤال التقليدى هل هو الدين؟ أم العلم؟
وبعد تجارب واختبارات بشرية ثبت أن العلم -الذى هو لاينتمى الى وطن ولادين والذى يتعامل مع حقائق - هو أسرع من الدين -الذى يتعامل مع اجتهادات - فى الوصول بالبشرية الى التقدم والرفاهية فالعلم ديناميكى بينما الدين استاتيكى وهذا لاينفى أهمية الدين على الاطلاق ,ولذلك اتفق العالم الحر- بااجماع العقلاء - على أن الدين أساسى للانسان ولانه يتعامل مع اجتهادات فأن مكانه الطبيعى بيت الله - كنيسة , معبد أو مسجد - وضمنت له حرية واسعة , فحرية الديانات والعبادة حق مكفول لكل انسان فى هذا العالم الحر .
وأثبتت التجارب أيضا فى العالم الحر أن القوانين الوضعية الواضحة - التى هى أسرع فى ملاحقة المتغيرات الاجتماعية - والتى هى تصمم لاحتياجات المجتمعات أكثر عدلا ومنطقية من القوانين الدينية التى هى جامدة صماء تحتاج الى شرح وتحليل قد يستغرق وقتا طويلا للاستقرارعلى رأى واحد لايتناسب مع سرعة التطور .
وأثبتت التجارب أيضا أن الارتباط بالدين كمصدررئيسى وأساسى للتشريع يقتل الافكارالخلاقة لان الدين له مواصفات خاصة وتعريف محدود للتقدم الاقتصادى والاجتماعى والسياسى لايتماشى مع حاجة المجتمع الواقعية وفى الواقع قد يتعارض الدين- مسيحى , يهودى أو اسلام - مع حركة التقدم ان لم يعوقها .
وعليه فاننا لو فصلنا بين الدين - وهذا لايعنى التخلى عن الدين اطلاقا - والقوانين الوضعية التى تتماشى مع متغيرات العصرالسريعة سيكون لدينا قدرا كبيرا من المرونة فى القفز بخطوات سريعة نحو التقدم.
أما العولمة : وهى طبقا لتعريف توماس فريدمان ناشط العولمة الامريكى الشهير فى كتابه الاخير- العالم مسطح The World is Flat وتتلخص فى أن العالم مر بالثورة الزراعية فى القرن التاسع عشر والثورة الصناعية فى القرن العشرين ونحن الان فى القرن الواحد والعشرين نعيش عصر ثورة المعلومات وأن الاقتصاد العالمى الان يعتمد على المعلومات وبالتالى أصبح الزمان والمكان لايفرق بين الانسان وأخيه الانسان.
معنى ذلك أن الفوارق الطبيعية قد ألغيت بين البشر وبالتالى لم تعد أين أو متى هى أساس التعامل بين البشر ولكن أستبدلت ب.. ( كيف )..وهذه هى الثورة التى نحن بصددها والتى جعلت الدول والشعوب أعضاء فى منظومة واحدة يستفيد منها الفقير والغنى على السواء وبقدر انتمائهم وفهمهم لهذه المنظومة يكون حجم نجاحهم الاقتصادى والسياسى والاجتماعى لان تبادل الخبرات لم يعد سرا كما كان قبل ثورة المعلومات هذه والتى نحن بصددها.
وعليه يمكننا أن نستفيد اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا من هذه الثورة المعلوماتية أذا ما حددنا موقفنا بوضوح منها واقتنعنا بها كوسيلة أساسية للتعامل مع العالم الحر فهذه الثورة قد تتيح فرص استثمارية جبارة لآية دولة قادرة على فهم أبجديات هذه المعطيات الجديدة فى عالم اليوم ,وبقدر فهمنا لها وتجاوبنا معها سنعطى لانفسنا الفرصة أن ننفتح على العالم الحر ونتبادل الخبرات والمعلومات والمحاكاة التى هى فى الواقع تنقصنا لاننا منعزلون عن العالم الحر تحت مسميات واهية وننظر له على أنه مستعمر يريد بنا سوء.
أعود لموضوعنا الرئيسى وهو لو أننا فعلا جادين فى الانتقال الى القرن الواحد والعشرين بدماء جديدة علينا أن نقف وقفة صدق مع أنفسنا - فليس هناك أصدق من مواجهة النفس - ونناقش بموضوعية اين نحن من العالم الحر؟ وكيف أن العالم الحر تقدم ماديا ومعنويا واقتصاديا وسياسيا ؟ ومالذى ينبغى علينا أن نفعله ؟ ومن الممكن جدا أن ننقح تجارب العالم الحر - لو أننا جادين - بما هو أحسن لصالحنا فهى أولا وأخيرا تجارب ونظريات انسانية سامية الهدف منها أساسا الرقى بالانسان .
©مصرنا
هموم مصرية -1