مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 عذاب القصر ونعيمه
...............................................................

 

عبد المنعم سعيد

 

بقلم : غريب المنسى
........................


كان يدرس لنا مادة الرياضيات فى مدرسة المساعى المشكورة الاعدادية فى مدينة منوف فى أوائل السبعينيات مدرس اسمه وليم ميخائيل وكان رجل ضخم الجثة خفيف الظل, قسم الطلبة الى قسمين القسم الأول هو قسم "البى دبليو " بيئة واطية" والقسم الثانى الى " البى ايه" بيئة عالية . وكان الاستاذ وليم رحمه الله لايستخدم غير العبارات الانجليزية هذه فى السيطرة على الفصل , والمدرسة فى طابور الصباح .. وكان صوته الرخيم يجلجل فى الهواء عندما كنا نسمعه ينادى بصوته المميز ناهرا أحدهم :انته ياواد "يابى دبليو" يابن الكلب .. أنا شايفك!!

ونظرية " البى" للاستاذ وليم أثبتت صحتها تماما فى العلاقات الدولية بين الدول والعلاقات الداخلية حتى فى داخل الدولة الواحدة , فطبقا لهذه النظرية يمكن تقسيم الدول بما فيها الدول الكبرى الى دول "بى دبليو" ودول "بى ايه" وأيضا الأحزاب والشخصيات السياسية والكتاب والصحفيين والمشاهير داخل الدولة الواحدة يمكن تصنيفهم بسهولة ووضعهم فى "البى" المناسبة لتوجهاتهم .. وللأسف الشديد تفوقت فئة "البى دبليو" على فئة "البى ايه " فى هذا العالم الرحب الكبير وفى العالم العربى وفى مصر . ونحن هنا نعتمد على ذكاء القارىء فى تطبيق هذه النظرية بنفسه ليرى بنفسه الأعداد المهولة من فئة "البى دبليو" والتى زحفت كالجراد على كل القيادات المؤثرة والتى شكلت طابورا خامسا يعمل لصالح الأعداء ويتوه المواطن ويخرب العقلية العربية ويدمر مستقبل الأمة بثمن بخس .

الدكتور عبد المنعم سعيد كتب مقالا فى جريدة الشرق الأوسط أراد فيه على استحياء أن يخبر القراء يأنهم لايعرفون شيئأ عن مصر فهناك مصر التى فى خاطرهم ومصر التى هى على أرض الواقع , هناك فرق بين مصر السياسة ومصر السياسات, وكانت خلاصة المقال من وجهة نظره أن الأمور فى مصر جيدة وأن الحزب الوطنى لديه من الخطط مايكفى لمواجهة الوضع الاجتماعى والاقتصادى المعقد فى مصر. وأن مصر فى حاجة لرئيس شاب فثلث عدد سكان مصر من الشباب !! وهذا الرئيس الشاب هو من هو وعليكم أن تفهموها !!

 كم هو محبط وكم هو متذاكى علينا نحن اللذين نعرف مصر ونحبها ليس طمعا فى منصب أو لكى نرضى الكرسى . ونحن عندما نتكلم عن مصر فنحن لانتكلم عنها من داخل قبو مظلم معزول عن الواقع والعالم , نحن نتكلم عن مصر من خلال معرفة تامة بالمتغيرات الدولية والاقليمية والمحلية ومن خلال متابعة دقيقة لما ينشر عن مصر من خلال المؤسسات الدولية المعنية بمصر ليس حبا فى مصر, ولكن لمكانتها الاقليمية والتى قد تؤثر على مصالحهم . نحن نتكلم عن مصر لنربط الواقع بالماضى ومحاولة للتطلع الى المستقبل , ونحن نعلم أن المستقبل سيكون أكثر صعوبة ولاسيما أننا فشلنا فى وضع الرسم الهندسى اللازم للبناء والتشييد, فنحن مازلنا نعتمد على ماخطه لنا محمد على مؤسس الدولة المصرية الحديثة ولم نأتى بجديد على الأقل من منتصف سبعينيات القرن الماضى فمكاسب الثورة تلاشت تماما وأصبح العمال والفلاحين والموظفين فى وضع بائس تماما بالمقارنة بدولة مثل الهند وهى التى بدأت طريق التقدم من وضع أسوأ بكثير من مصر, فالهند بدأت الخطوات الصحيحة للتنمية فى الستينيات وكان عدد سكانها يفوق عدد سكان مصر بعشرين مرة.

نحن لاننسى أبدا أن عدد المصريين قد بلغ قرابة 84 مليونا، منهم 7 ملايين يعيشون خارجها ونعلم جيدا أن هناك 18 مليونا في القاهرة وحدها ، وهناك قرابة ستين مليونا يعيشون خارجها بين ريف وحضر مختلف تماما عما كان. ونعلم أن المصريين لم يعودوا فقط أبناء النيل، ولكنهم باتوا أبناء البحر المتوسط والبحرالأحمر . ونعرف أن ثلثي عدد المصريين لا يعرفون الكثير عن الخمسينيات أو الستينيات ونعلم أيضا أن جماعة رجال الأعمال لم تعد جماعة بل شريحة اجتماعية متكاملة الأركان. ونحن نعلم جيدا أن مصر وحسب تقرير المخابرات الأمريكية ستكون فى العام 2025 من الدول التى لن تعانى من الفجوة بين الاجيال وهى المشكلة التى سوف تعانى منها الولايات المتحدة وأوروبا , فمصر من الدول المتقدمة فى الانجاب المتواصل وحتى وان كان بلاتخطيط فهو سيكون ميزة المستقبل. ولكن الكاتب الحاوى دائما يلف ويدور ويبذل جهدا كبيرا فى المناورة, فالرجل يريد أن يمسك العصا من المنتصف فلاهو أيد النظام بشكل صارخ ولاهو وقف فى صف المعارضة ولاهو تكلم عن المستقبل بطريقة علمية تعطى للقارىء أى أمل فى التغيير ,هذا الرجل يمكن تصنيفه بأنه عميد الطابور الخامس فى الصحافة المصرية من مكتبه فى جريدة الأهرام.

كل هذا لاينسينا أن نتسائل ببساطة ماهو مستقبل مصر فى ظل هذه المتغيرات الدولية والاقليمية والداخلية ؟ وماهى وسيلتها للخروج من مشاكلها ؟ فلم يذكر لنا الدكتور سعيد ماهى وسيلة الحزب الوطنى للمستقبل ؟ فهو يستخدم اللف والدوران ويتغاضى عن السؤال مربط الفرس , فهو يرى أن جمال مبارك هو الزعيم القادر على القيادة , ونحن نرى أن مصر فى حاجة لرجل أكبر من المناصب وهذا الرجل موجود بيننا ولكن الطابور الخامس يقوم بعملية تسويق لبضاعة خاسرة على حساب مقدرات ومستقبل الشعب فى سبيل منافع شخصية يتمتع هو بها من خلال مؤسسة الأهرام.

عبد المنعم سعيد يتكلم عن علاقاته بالساسة الأمريكان وعلاقاته الدولية المتعددة ويقدم نفسه على أنه يعرف كل شىء ولكنه عندما تأتى سيرة الديموقراطية وحاجة الشعب المصرى الى دستور جديد يجعله فى وضع يختار رئيسه بكل حرية ويعزله بكل حرية كما فى بلاد أصحابه الأمريكان " يعمل نفسه مش عارف حاجة !!" ويظهر لنا أنه من المطبلين والمزمرين ويتعامى عن الواقع فى سبيل ابقاء الكرسى . شيزوفرانيا واضحة لرجل من دولة ديكتاتورية يتباهى بعلاقاته بشخصيات من دولة ديموقراطية هذه العقدة معروفة بعقدة " مستر جون" والمريض بهذه العقدة يتعامل مع "جون" بشكل مختلف تماما عن "محمد" وعادة ماتكون لغته من النوع المنافق ومايقوله فى واشنطن يختلف تماما عما يقوله فى القاهرة. وعندى من الدلائل مايثبت أن هناك شخصيات من هذا الطابور الخامس وتعمل فى مراكز أبحاث فى الولايات المتحدة كتبت تقارير باللغة الانجليزية للحكومة الأمريكية كلها تهاجم النظام فى مصر ويعودون لمصر – ولأن الناس لاتقراء – يظهرون بمظهر مختلف تماما .. فى عملية نفاق وسباق على المواقع والكراسى .

نعود للأستاذ وليم وكان بالاضافة لتدريس مادة الرياضيات يقوم بتدريس مادة الدين المسيحى لطلبة المدرسة من الأقباط وفى يوم جاء مفتش من الادارة التعليمية وفى وسط الحديث سأله لمن يدرس مادة الدين ؟ فرد عليه الاستاذ وليم : دين أولى على دين تانيه على دين تالته !! .

 آه.. وكان كاتب هذه السطور طبقا لتعريف الأستاذ وليم هو "ام اتش" وتعنى المهاجر , فنحن كنا من سكان مدن القناة – بورسعيد تحديدا - والتى هاجرت الى دلتا مصر فى أعقاب هزيمة يونيو.


 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية