هيكل وطوق النجاة
...............................................................
| |
هيكل | |
بقلم : غريب المنسى
........................
أطال الله فى عمر الأستاذ محمد حسنين هيكل الرمز الوطنى العظيم , فالرجل يبدوا دائما متئلقا عندما يتحدث عن مصر بحب لاتخطئه العين المجردة. وهيكل يمثل لى ولجيلى الكثير ، لأننا بكل بساطة تربينا على صراحته المعهودة فى أهرام يوم الجمعة والتى كنا نقرؤها بشغف حتى نتفشخر بأننا من قراء الأستاذ هيكل ، وهذا كان كفيلا بقبول الشخص فى أى قعدة سياسية على مستوى الحى أو القرية أو النجع. ومعظم الجيل الذى نشأ على متابعة كتابات هيكل هو حاليا جيل القيادات سواء كانت فى السلطة أو خارج السلطة أو حتى على المعاش. هذا الجيل الذى كان معظمه يلبس البيجامات الكستور المقلمة والتى تذكرنى دائما بالبيجامات التى كان يلبسها اليهود فى سجن النازى, وكان بعضا من هذا الجيل أيضا يسير حافيا فى القرى والنجوع يجمع دودة القز فى حقول القطن المصرى طويل التيلة , أو يلعب بالكرة الشراب فى الشوارع ويجرى وراء الرشاشة فى الحوارى !! لذلك فأننى أتعجب من هؤلاء الأقزام اللذين يهاجمون الأستاذ لمجرد اثبات الذات والتطاول على قمة مصرية أثبتت شموخها وصلابتها أمام تحديات الزمن وهم من نفس الفئة والخلفية التى ذكرتها أعلاه .
وتفرقت السبل بالاجيال التى تربت على ثقافة هيكل وبقى الرجل ثابت لايتغير ، يبدى برأيه كلما سمحت الفرصة بعقل المفكر وخبرة المجرب وكفاءة البصير. وهذا فى حد ذاته بركة من الله لهذا الشعب الطيب ، الذى هو فى أمس الحاجة لمن يحمل له شمعة داخل هذا النفق المظلم الذى دخلنا فيه بطيابة وحسن نية على أحسن الفروض أوبفعل فاعل وتدبير اجرامى على أسوء الفروض.
ليس مهما الأن معرفة كيف دخلنا هذا النفق المظلم الحالك السواد ولكن المهم الأن أن نبحث عن وسيلة للخروج منه وبعد ذلك يكون سبب دخولنا هذا النفق درس تاريخى نتعلمه كشعب قادرعلى تخطى الصعاب ليكون خبرة مرجعية لمستقبل الأجيال القادمة. فالحكمة تدعونا لمراجعة مواقفنا والرجوع الى من هم أكثر حكمة وعقلا ومرجعية فينا لنلتمس سبل النجاة , وفى هذا الزمن الأغبر يظهر الدجالون والنصابون والعملاء والمدعين ليقنعونا زورا بسلامة البوصلة ففى حالة " توهان الشعب" يكمن وجودهم وعندما تغرق المركب سيكونون هم أول الناجين .. هكذا علمنا التاريخ ، ولكن من حسن حظنا أن هناك رجال عظام مازالوا على العهد بكل تجرد من المنافع الشخصية.
وحدث أن يكون أشهرهم وأكثرهم مصداقية وأكبرهم سنا هو الأستاذ هيكل ولأنه يخاطب ضمير الشعب مباشرة وأيضا لأنه قادرا على أن يقول كل شىء حتى يرضى ضميره فهو ليس فى حاجة الى أى شىء فقد وصل بمجهوده الى كل شىء ، وعلينا أن نسمع له ونشكره بكل سرور وامتنان.
والنظام المصرى يبدو متخندقا , مغلقا , منعزلا يفكر بعقلية أحادية فى كيفية خداع ثمانين مليون من البشر ، ليمر سيناريو التوريث بكل الطرق التلاعبية فى الدستور ، متناسيا أن هذا الشعب الطيب يفهم ويقدر ويزن الأمور ببساطة المتصوف وأنه على الرغم من صعوبة الحياة وتعرض هذا الشعب لحملات متكررة للتشويش والتضليل الا أنه فى جينات هذا الشعب الصبر والصمود حتى تمر المحن وسيخرج هذا الشعب من المحن أكثر قوة وصلابة لأنه شعب يحمل بكل بساطة جينات الفراعنة.
والنظام المصرى فى محنة شديدة لأنه يضع نفسه والشعب والبلد والمصلحة العليا للوطن أمام خيارين : اما التوريث أو الفوضى ، وهذا أمر بالغ الصعوبة على منظرى النظام اللذين وضعوا أنفسهم فى خانة ضيقة فى ركن الحلقة لايمكن لهم الخروج منها بسهولة فكبريائهم يمنعهم من التراجع ، وهنا جاء دور الأستاذ هيكل ليرمى لهم طوق النجاة للخروج من هذا المأزق الصعب الذى صنعوه بفعلهم ليخرجوا منه خروج مشرف وبالتالى تستقر الأمور وتسير المركب فى طريقها الصحيح لتعبر الأمواج العاتية والأعاصير ، وتتجه مصر الى طريق الاصلاح وطريق النهضة الذى هو حلم يخاطب مشاعر المصريين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم.
وطوق النجاة يتمثل فى : إنشاء «مجلس أمناء» للدولة والدستور للترتيب لـ«مرحلةانتقالية» يتولى هذا المجلس كل الرجالات القادرين على تحمل المسؤلية بصدق واخلاص وتجرد ، وأن يشرف على هذا المجلس رئيس الدولة حتى يضمن انتقال سهل ومنظم للسلطة وحتى تتجه مصر بسواعد أولادها الى ركب القرن الواحد والعشرين ، فمصر لديها كثافة خبرات فى جميع المجالات داخليا وخارجيا وهم قادرون على تحويلها الى قوة اقليمية عظيمة.
هؤلاء الرجال اختارهم الشعب البسيط بدون انتخابات مزورة وهم رجال شرفوا مصر فى كل مواقع المسؤلية وهم : البرادعى ، وزويل وعمرو موسى، وعمر سليمان، والدكتور مجدى يعقوب، والأستاذ منصور حسن، والدكتور حازم الببلاوى. ونحن نضيف الى هذه الأسماء : المستشار محمود الخضيري، والدكتور محمد غنيم ، والمستشار طارق البشرى ،والمستشار زكريا عبد العزيز ، والمستشار هشام البسطويسى ، وغيرهم الكثير والتى لن تسعفنى الذاكرة هنا من ذكرهم .. فمصر ليست عاقرا أبدا!! ولابد أن يكون هناك حضور للقوات المسلحة باعتبارها حارس السيادة الوطنية. وستكون مهمتهم هى التفكير وعمل نوع من الاستفتاء العام على دستور جديد، وعقد اجتماعى جديد.. يعوض عملية تفريغ كبيرة فى البلد.. هذا هو طوق النجاة الذى رماه الأستاذ هيكل للنظام ولابد أن يكون موضع تفكير وتدبير وأعتقد أن هذا هو الطوق الأخير قبل أن نواجه الاعصار وتتحول البلد الى فوضى منظمة.
gelmanssy@msn.com
يمكنك متابعة لقاء الأستاذ هيكل الأخير مع جريدة المصرى
06/11/2014