مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الطريق المسدود
...............................................................

 

عباس والطريق المسدود

 

بقلم : غريب المنسى
........................

لكل انسان يوم صعب يسمونه Bad Day   ويكون هذا اليوم يوم نحس مركب عندما يحدث فى اليوم الأول لمزاولة مهنة معينه  أو فى بداية لقاء مهم سيكون من وراؤه نفع عظيم , لأنه يقضى تماما على فرص النجاح , فمثلا الطبيب المستجد الذى يموت منه المريض فى أول عملية جراحية , والمحامى الحديث الذى يخسر أول قضية سهلة يتولى الدفاع عنها , وخبير الكمبيوتر الذى يدمر بدون قصد شبكة اتصالات الشركة فى أول يوم لمزاولة مهنته هناك , كل هؤلاء يعانون من يوم نحس مضاعف لأن هذا ال Bad Dayسيظل يلاحقهم باقى حياتهم العملية .

وحتى اللصوص يواجهون أيام نحس أيضا مثل باقى أخوانهم  فى المهن الشريفة, ويكون أصعبها عندما يتم ضبط أحدهم متلبسا بالسرقة فى "حارة سد" أى "شارع مسدود" Dead End Street لأنه لن يستطيع الفرار من جريمته وبالتالى يكون من السهل الامساك بتلابيبه ويتم ضربه ضرب مبرح من كل شخص فى هذا الشارع. لذلك فاللصوص دائما وابدأ يقومون بعملهم التخصصى بعدما يتأكدون من مداخل ومخارج منطقة العمل والا تعرضوا ل Bad Day .

والسياسى فى عالمنا العربى أيضا يكون لديه يوم غير موفق Bad Day والسياسى الغشيم هو الذى يضع نفسه فى "حارة سد" Dead End Street  عند اتخاذه القرار , لأنه سيكون محاصر من جميع الاتجاهات وسيتلقى الصفعات والركلات من كل صوب : من اليساريين والعلمانيين والاشتراكيين والديموقراطيين والأخوان وغيرهم الكثير من قوى الشعب العامل ممن يتصادف وجودهم فى هذا اليوم , ولكن أصعب وأقسى الصفعات والركلات تأتى من الأخوة من فئة البدون ونقصد هنا بدون وعى وفهم لما هو دائر فى دهاليز السياسة الدولية, لأنهم يضربون ويركلون فى السياسى بقسوة ليخرجوا كبتهم النفسى !! وعلى السياسى أن يتحمل الضرب المبرح عسى أن تحدث معجزة ويجد مخرج مناسب نتيجة قراره السىء !!.

وحتى نكون معتدلين فى حكمنا على الأمور والأشياء لابد أن نعترف بأن الأدوات الأساسية لممارسة مهنة السياسة فى عالمنا العربى غير موجوده أساسا , ونحن العرب جميعا لدينا Bad Day لأن قادتنا سامحهم الله وضعونا ووضعوا أنفسهم فى "الحارة السد" وها نحن نتلقى الصفعات والركلات والبصق على وجوهنا من طوب الأرض فى حين أنه طبقا لعددنا وثرواتنا القومية وموقعنا الجغرافى كان من الممكن أن يكون وضعنا أكثر احتراما من العالم حولنا وأن يكون لدينا يوم جيد “Good Day”.

ولنقترب قليلا من موضوعنا ونقول كان الله فى عون الرئيس عباس وفريقه فى تلقى الصفعات والركلات فهى حقا مؤلمة بخصوص تقرير جولدستون ونحن هنا لاندافع عنهم بقدر مانحاول أن نظهر بعض من الشفقة والرحمة عليهم لأن الأوضاع العربية السيئة انعكست على الوضع الفلسطينى وعليهم بطرق كثيرة مباشرة وغير مباشرة , فمثلا هل وجد عباس القوات العربية متحدة ومستعدة لمواجهة اسرائيل وتقاعس ؟ وهل وجد عباس أخوته القادة العرب مستعدون لبذل كل ماهو غالى ونفيس لمحاصرة اسرائيل دبلوماسيا وهرب ؟ وهل باشر عباس مهام منصبه بالحرية المطلوبه كأى رئيس دولة حتى فى جمهورية الموز ؟ بالعكس فهو محاصر فى كل خطوة لأنه يعتمد على المساعدات الاقتصادية لكى يستمر فى التمثيل علينا وعلى العالم وعلى نفسه بأنه هو الرئيس , وكما تعلمون فمن يمنح يستطيع أن يمنع!! فهو محاصر داخل الخيمة التى نصبها له الاسرائيليون فى رام الله !! وبالتالى فالقرارات الفلسطينية فى مجملها تعتمد على ارضاء المانحين ومن أولهم الولايات المتحدة. ومرونة عباس فى التحرك السياسى مرتبطة كثيرا بعوامل خارجية خارجة عن ارادته ,أضف الى ذلك حالة الانشقاق الداخلى التى هى بفعل فاعل لاطالة مدة الصراع الداخلى بين حماس وعباس الى أطول فترة ممكنة ليكتمل السيناريو الشيطانى المعقد.

 

القاضى اليهودى جولدستون منعته إسرائيل من الدخول لكنه قدم تقريرا قويا لم يتنبه له العالم، فنحن غير قادرين على مواجهة الحقيقة   تقرير «جولدستون» لا يمكن إهماله لأنه وفريق عمله معروفون بالنزاهة واللجنة لم تنحز، لكن الحقائق جارحة، ومن قال إن التقرير أدان إسرائيل وحماس فهو شخص يبحث عن تبرير للتواطؤ.

 

والمشكلة هنا ليست عباس وحماس فكلاهما أداة فى يد هذه القوى الخفية التى تريد أن تفتت القضية وتجعلها قضية صراع بين أبناء الشعب الواحد ليطول الأمد, المشكلة هنا أن الولايات المتحدة لاتريد أن تتخذ موقف ريادى حاسم لحل هذه القضية والتى أصبحت مواجهة بين آخر قوة بربرية فى العصر الحديث تجاه شعب أعزل , وموقف الولايات المتحدة الغير جاد حيال القضية الفلسطينية عموما هو بلا شك من أهم المواقف التى ستكون سببا فى تدهور هذه الامبراطورية .. لأنه لم يعد هناك متسع من الوقت أمام الولايات المتحدة فى أن تساوم على حل هكذا قضية وهكذا تعديات وهكذا جرائم حرب أمام العالم اذا ما أرادت أن تقنع هذا العالم بجدية بأنها واحة الديموقراطية والحرية والعدل , وأنها رائدة العالم الحر!! .

والولايات المتحدة هى الأخرى أيضا عندها Bad Day نتيجة الأزمة الاقتصادية التى تمر بها وبسبب حروبها الغير مجدية والغير ضرورية, ولكن موقفها الزئبقى من القضية الفلسطينية يضعها فى موقف المتآمر , لأن ما ترتكبه اسرائيل من ابادة ضد الشعب الفلسطينى وبالذات فى معركة غزة الأخيرة لم يكن ليحدث الا بموافقة الولايات المتحدة !! فلو حدث ماحدث فى غزة فى نيكارجوا مثلا لتصدرت الولايات المتحدة الساحة الدولية وقدمت قادة الجيش المعتدى للمحاكمة كمجرمى حرب , ولكن مع اسرائيل تسد الولايات المتحدة اذنيها وتغمض عينيها على هكذا انفلات وهذا ليس فى صالحها على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل . فالقانون والحق والمواقف الدولية الجادة لاتتجزء , وعليه فأن موقف الولايات المتحدة أصبح موضع تساؤلات , ليس فقط فى تساهلها مع اسرائيل ولكن السؤال الأن هو الى أى مدى ستستطيع الولايات المتحدة من خداع العالم طول الوقت من عدم تدخلها الجاد وفرض شروط صارمة على الجانب الاسرائيلى حتى يستقيم ؟. لقد سئمنا ومللنا من ترديد كلمة اللوبى الصهيونى وهيمنته على صناع القرار الأمريكى لأن هذا اللوبى سيدمر الولايات المتحدة أخلاقيا وسيؤثر على موقفها الريادى فى العالم .. هذا اللوبى العنصرى الأعمى سيدمر المصالح الأمريكية فى  الشرق الأوسط .

لقد فعل قادتنا كل مايستطيعون وأعتمدوا بكل سلامة نية على عدالة الولايات المتحدة فى النظرالى قضايانا حتى أنهم ظهروا خانعين أمام شعوبهم , وحاولوا جاهدين أن يهادنوا اسرائيل عساها أن تطمئن الى نوايانا السلمية ولكن النتيجة كانت أن اسرائيل تمادت فى بطشها وغطرستها وظنت أنها ستستطيع أن تخدع العالم طول الوقت بأنها دولة سلمية طبيعية تريد السلام .

الأن .. وبكل هدوء علينا أن نحدد الأولويات فاسرائيل لن تستطيع أن تستمر فى سياساتها السيئة والمدمرة هكذا الى مالانهاية, والولايات المتحدة لن تعد تقدر على التضحية بسمعتها الدولية فى سبيل ارضاء اسرائيل الى مالانهاية أيضا , وعلينا أن نستمر فى الضغط الشعبى لأنه فى النهاية الشعوب هى التى تنتصر على قادتها طالما كانت هذه الشعوب واعية وقادرة على تحديد أولوياتها. تعالوا معا نضع الولايات المتحدة فى "الحارة السد " بمطالبتها وباستمرار بالتخلى عن سياسة النفاق ذات الوجهين والتى اتبعتها معنا لسنوات طويلة حتى تواجه مسؤليتها الريادية حيال العالم بصدق ووضوح وأمانة وتتخلى عن مساندة رعونة اسرائيل وطيشها, فمصالحها معنا ومع بقية العالم وليست مع اسرائيل فقط . 



gelmanssy@msn.com

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية