عمر الشقى بقى
...............................................................
غريب المنسى
..................
|
السيارة اللينكولن بعد الحادث |
كنت فى طريقى الى رحلة أسرية تاريخية سنوية مهمة بالنسبة لى يتم الاعداد لها على أعلى المستويات, لارساء قواعد السلام والمحبة والاستقرار والنظام وحب العمل والحث على محاربة الأمية وتذويب الفوارق بين الطبقات ومساعدة المرأة للفوز بنصيب متساو مع الرجل .. هذه الرحلة التى أبدؤها كل عام بشراء حاجيات المدارس لأطفالى من محلات "ويلمرت الأمريكية الشهيرة" !! .. وكان من المقرر أن تنتهى الرحلة حسب البرنامج المعد مسبقا - أيضا على أعلى مستوى - على مائدة من موائد الرحمن التى يقيمها مطعم مصرى شهير فى ولاية مينسوتا طوال شهر رمضان للعرب والمسلمين والمحتاجين والأرامل وعابرى السبيل.
فبعد أن انتهينا من التسوق أنا وزوجتى الفاضلة السيدة سعاد ابراهيم وأولادى نورا وأدم وكنا فى سعادة غامرة لأننا حققنا بعض من التوفير فى قناة المدفوعات فالمحل هو أرخص محل فى الولايات المتحدة ولكن للبساطة كنا نحس وكأننا خارجين لتونا من هارولدز الفايد فى لندن !! وبعد ذلك توجه ركبنا فى اتجاه حى الخيمة الرمضانية الوحيدة فى الولاية وهى فى مقاطعة مختلفة عن التى نسكنها , وتبعد بالسيارة حوالى 40 دقيقية بالسرعة العادية. وحتى نصل للطريق السريع كان لزاما علينا أن نسلك بعض من الشوارع الفرعية والميادين الضيقة لنتجنب نظرات وهتافات الجماهير المنتظره على الطرقات المؤدية للطريق السريع.
وقبل أن ندلف للطريق السريع الذى سيوصلنا الى محلات شاكر الشهيرة " مارينا " .. فوجى ركبنا بسيارة قادمة بسرعة لتصدمنا من الجنب التى تجلس فيه زوجتى الحبيبة , لنفقد الوعى أنا وزوجتى ولنصحوا على صوت هتافات الجماهير العريضة التى توقفت لتشاهد هذا الحادث الغريب والذى وقع فى طريق فرعى وأدى الى شقلبة سيارتنا وتعجينها تعجينا . وطبعا انضم لهذه الجماهير بعض من سيارات الشرطة والمطافى والاسعاف والدفاع المدنى وتعطل المرور فى هذا الشارع لمدة طويلة حتى يستطيع رجال الانقاذ من اخراج الجثث !! فمع مرور الوقت تحول اهتمام الشرطة من خطة الانقاذ الى خطة تأمين الجثث!!
وعندما أخرج رجال الانقاذ زوجتى وتأكدوا من أنها مازالت على قيد الحياة وكان هذا واضحا من الاشارات اليدوية لرجال ولسيدات الانقاذ بدأت الجماهير فى الصفير والصياح والتصفيق تقديرا لهذه المعجزة وأيضا لتشجيع رجال الانقاذ اللذين لم يفقدوا الأمل من شق مقدمة السيارة بالمنشار حتى تخرج الضحية بأقل عدد من الخدوش التى تتسبب عن عملية الانقاذ وحدها. .. وفى هذه اللحظات كنت قد استعدت وعييى فى مكان ما خلف عجلة القيادة فالسيارة كانت فى وضع أعلاها هو أسفلها .. وحاولت أن أحرك جسدى لكننى لم أستطيع وتذكرت أننى مربوط بحزام الأمان .. وتذكرت آخر كلمات زوجتى لنفسها ولربها فى هذه المحنة : أوعى تروح ياغريب والختمه الشريفه حنتبدهل أنا والعيال ,, وهنا أغرورقت عيناى بالدموع وتشاهدت ودعوت دعاء يونس وتركت أمرى لله ولرجال الانقاذ اللذين أنهالوا على بكل رحمة ويقظة ليخلصونى من الكرسى وحزام الأمان وجرونى على آلة مسطحة حدباء لحماية العمود الفقرى والرقبة من أى التواء.. وكانت الجماهير المتابعة أكثر حماسا هذه المرة عندما وجدونى خارجا سليما ولايبدوا على وجهى ولاجسدى أى أثارا للكسور أو الكدمات ولاسيما أن عملية الانقاذ استغرقت حوالى الساعة فى أخراجى أنا وزوجتى من هذا المحبس الضيق .. أما أولادى وحتى تكون الأمور أكثر جاذبية فلقد خرجوا من السيارة بأنفسهم وبدون أية كدمات سطحية على الاطلاق .. ليبقى عالقا فى أذهاننا وأذهان كل من رأى الحادث ومنظر السيارة مهشمة تماما بأن هناك ملاكا كان بين ركاب هذه السيارة الأمر الذى فسرته زوجتى وبسرعة على أنها المقصودة بهذه الاشاعة !!
وتم نقلنا يسرعة للمستشفى لنمر بفحص روتينى تم على أثره تسريح الأولاد وبقيت أنا وزوجتى فى حجرتين متقاربتين لمدة 72 ساعة تم خلالها تحديد أماكن الرضوض والكدمات والتى كانت وبحمد الله وشكره سطحية ولن تترك أى أثر على الأداء فى المدى الطويل. أما عن كيفية نجاتنا فى هذه الحادثة المروعة فهو من وجهة نظرى أن الأجل لم يحن بعد !! وأن هناك هدفا أصيلا فى وجودنا يعرفه من خلق هذه الأرواح ووضعها فى هذه الاجساد.
أكتب لكم هذا التقرير وأنا مبلبع برشامة هيروين طبية " أكسى كاتون" تجعلنى أكح بكل سهولة على الرغم من وجود ثلاثة أضلاع مكسرة فى صدرى وهى حجم خسائرى أما خسائر زوجتى فهى عبارة عن التواء فى الحوض سيتم شفاؤها منه فى خلال فترة بسيطة بأذن الله !!
عدنا الى منزلنا لنجد خطاب مهذب من قشم الشرطة وبه مخالفة مرورية لأننا كنا السبب فى الحادث .. وهذا طبعا اتهام تقديرى من وجهة نظر شهود العيان وسنذهب للمحكمة بسببه لنثبت أن الطرف الأخر هو المخطى حسب قواعد نظرية النسبية.. فالسرعة التى ضربت بها سيارتنا وفى هذا الوضع لاتأتى الأ من شخص يسير بسيارته بسرعة عالية جدا, لأنه حتى لو أننى جدلا كنت قد كسرت الاشارة المرورية فقوة التصادم لابد أن تكون بكل المقاييس أخف وطأة , لأن السيارة الأخرى قد بدأت الحركة من الوضع الثابت وليس المتحرك وهذا الأمر متروك لمحامى الأسرة زوجتى العزيزة .
اعذرونى على التأخير وسيبدأ النشر المنتظم فى مصرنا خلال هذا الاسبوع ونشكركم على الاهتمام والتشجيع وأنا منفتح على كل الافكار و التى من الممكن ان تجعل من مصرنا جريدة مستمرة بالخبرات وليست مرتبطة بعطلة الأشخاص ..
كل عام وأنتم جميعا بخير وعمر الشقى بقى !!