مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 خوليو – قصة قصيرة
...............................................................

 

خوليو وعبدول

 

غريب المنسى
..................


جلس الرئيس على شاطىء شرم الشيخ فى يوم صيفى جميل وقصر الرئاسة الفخم من خلفه وأمامه مياه الخليج الزرقاء الصافية يستمتع بالجو ويفكر فى مشاكل الرعية فى القاهرة وباقى محافظات الوطن اللذين يعانون من الحصول على البومبه, وهو اسم الدلع لأنبوبة البوتجاز فمنذ عدة أشهر تفجرت مشكلة رغيف العيش وطوابيره وشهداؤه .. واليوم البومبه .. وماذا سيحدث غدا ؟؟!! شعب مقرف مابيبطلش مشاكل واحتياجات !! هكذا خاطب الرئيس نفسه بصيغة لوم ,وحان موعد الغذاء وفى هذا اليوم - ومثل أى يوم من أيام الأسبوع - كانت مائدة الرئيس عامرة بكل فواكه البحر, فعلي المائدة الرئاسية صينية بورى مشوى يتصاعد منه البخار قادم لتوه من بحيرة البردويل , وطنجرة مليئة بالجمبرى الجامبو السويسى المسلوق والممنوع تداوله فى الأسواق لدواعى اجتماعية , ومشنة لاترى لها قاع من كثرة أنثى الاستكوزا والتى تصطاد له خصيصا يوميا من شواطىء الغردقة, وبالاضافة للمقبلات والمشهيات يوجد صحن كبير من الأرز البورسعيدى الأبيض المفلفل يتوسط المائدة. ومع ذلك بدا الرئيس مهموما ,فمشاكل البلد فى ازدياد وصحته لم تعد قادرة على العطاء والمعارضة كما هى مازالت رذلة !! وبذكاء صرف الرئيس الحراس من حوله حتى لايراه أحد وهو ينسف البورى نسفا ويبلع الجمبرى بلعا ويدمر الاستكوزا تدميرا ويتجشأ فى حب الوطن !!

وقبل أن يبسمل الرئيس ليبدأ غذاؤه قفز على الكرسى المواجه له عفريتا من الجن اسمه "خوليو" وشرح للرئيس ظروفه بسرعة ليطمئنه وحتى لايستدعى له الرئيس الحرس , فلقد كان خوليو فى حياته الدنيوية " مسيحى علمانى" ماركسى معارض للكنيسة يشرب الخمر و يدخن الحشيش ويسرق ويزنى ويكذب وقد تعرض لعملية شلح وحرمان كنسى غير عادل من وجهة نظره الأمر الذى جعله ينتحر كمدا , وعندما صعدت روحه الى بارئها وجد الملائكة أن روحه شريرة لدرجة أنهم فصلوه عن بقية البشر وأرسلوه ليعيش مع الجن الأزرق تحت الأرض فوجوده فى السماء يخلق حالة من الطوارىء والعصبية بين الملائكة لاداعى لها .

 وهناك فى سرداب تحت الأرض تعرف على الجن المسلم المصرى"عبدول" وهو أيضا طريد رحمة السماء ولأنهم بلديات فقد تمت بينهم صداقة وتعاون ابليسى وتبادل للخبرات. و فى مقرهم الشيطانى ولقتل الوقت ولربما لوطنيتهم كانوا يفكرون فى مشاكل مصر الطائفية .. وبذكاء ابليسى توصلوا لفكرة وجدوا أنها جديرة بالعرض على رئيس الجمهورية ولكنهم اختلفوا على من لديه الشجاعة لمواجهة الرئيس, فعبدول المسلم يعرف أنه مطاردا ومطلوبا لجهات أمنية فوق وتحت الأرض أما خوليو ولأنه من الأقلية فله بعض من التأييد الغربى وبعض من حقوق الانسان وبعض من الكاريزما .. وبعد أن اطمئن الرئيس لوجوده بادره خوليو قائلا:

- سيدى الرئيس لدى اقتراح سيساعدك كثيرا على التخلص من همومك وسيعيد لك شبابك وشهيتك !! هكذا قال خوليو وهو يرمق طبق الجمبرى بطرف عينه.
- قول اقتراحك علطول واختفى قبل ماطلب لك رفاعى الرئاسة .. وبدأ الرئيس يبسمل ويحوقل بكل ماأوتى من ذاكرة دينية بتعاويذ لصرف العفاريت .
- ايه رأيك ياريس فى فكرة أن تكون مصر دولة مسيحية؟ وقبل أن يرد عليه الرئيس بعصبية طبيعية لرجل مسلم استطرد خوليو فى الكلام وبسرعة حتى تصل فكرته للرئيس مباشرة وبدون تراشق بالكلمات .. سيدى الرئيس اقلب الطاولة على البابا وحول مصر لدولة مسيحية وشوف هو حيعمل فيها ايه؟ هو مستخبى وراء انه بابا للأقلية ومصور الأقلية للعالم على أنهم شعب من الملائكة لايوجد بينهم لص ولا مرتشى ولازنديق ولا سكير .. ولاحشاش !!.. وسيادتك اللى عمال تحرق فى أعصابك وتحاول تراضى الغرب وتيجى على الأغلبية لأنه عيب أن الأقلية يشتكوا .. وهو عايش فى أمريكا علطول ومزاجه حلو !! بيجى مصر بس يشم هوا !!
- بدأت الفكرة تصل للرئيس الذكى ونظر الى خوليو بعيون ابليسية وابتسم لهذه الفكرة الشيطانية وقال لخوليو..
- بس ياخوليو القرار مش فى ايدى أنا ماتفرقش معايا كتير دين الدولة بقدر ماتفرق معايا فى استقرار الحكم والاستمتاع بملذات الحياة ..
- رمق خوليو طبق البورى بطرف عينه مرة أخرى وقال للرئيس أنا وعبدول فكرنا فى هذه النقطة ياريس وسنزودك بخاتم سحرى بمجرد ماتشهره فى الهواء فى وجه الشيوخ والبرلمان والوزراء سيوافقون فى الحال على اقتراح التحويل ولن تلاقى أى صعوبة فى اقناعهم .. بل ستفاجأ بأنهم يهتفون وراؤك بالهتاف الشهير " قول ياريس ياللى كلامك حكم " !!
- طب والشعب .. كيف لى أن أقنع مايزيد عن سبعين مليون مواطن بهذه الفكرة ؟
- ودى برضه محلولة ياريس .. أطلع لهم ع التلفزيون وشاور لهم والخاتم فى صباعك وسوف تفاجىء بأن هذه الملايين سوف تحول دينها فى غمضة عين . فهم مؤمنون بعدم معصية الحاكم .. !!
- فكرة جهنمية ياخوليو .. فين الخاتم ؟
- لالا .. الخاتم ياريس ساعطيه ليك بعد ماتقنع البابا.
- دا أنا عاوز الخاتم مخصوص علشان أسيح البابا .. انت عارف أنه واعى وعقر .
- البابا ياريس محصن ضد الخواتم .. وهو ده الاقتراح .. لو أقنعت البابا حتبقى حياتك عسل . لازم البابا يوافق قبل مانعطيك الخاتم!!
- ماشى ياخليو .. حاشوف البابا رأيه ايه؟؟!! .. أنا مقتنع ومتأكد انه حيكون مبسوط , هو فيه أحلى من أنه يكون البابا لثمانين مليون مصرى ؟؟!!
- اتمنى لك التوفيق ياريس مع البابا .. والأن اسمح لى أن أنصرف لقد تأخرت على عبدول .. الجن المسلم اللى قلتلك عليه .. زمانه قلقان عليا خالص !!
- ماشى ياخوليو .. توكل ع العذراء .. عاوز حاجة ؟
- طلب بسيط ياريس
- أطلب ياخوليو ياحبيبى
- ممكن أعمل شندوتش جمبرى؟!!

****
بعد أن انصرف خوليو جلس الرئيس يفكر جديا فى هذا الاقتراح الشيطانى وقرر أن يستدعى البابا ليشاوره فى هذا الاقتراح .. وعلم الرئيس أن البابا قد ذهب للولايات المتحدة ليدلك بيضيته فى كليفلاند, فأرسل له طائرة رئاسية طبية خاصة لتأتى به على عجل وكانت المفاجاءة أن رجال الحرس الرئاسى لم يجدوا البابا فى المستشفى كما أشيع ولكنهم وجدوه فى احدى ضواحى واشنطن فى اجتماع خاص مع سيناتور جمهورى من متشددى اليمين المسيحى !! فجلبوه على عجل ليجتمع بالرئيس على شاطىء شرم الشيخ وهناك كان الرئيس منتظره بملابس البحر وقد علت وجهه ابتسامة الرضا .. فاليوم ستكون كل مشاكل البابا ومشاكله قد حلت وسيكون البابا هو رجل الدين الوحيد فى مصر .. وحتى يزيل الرئيس الرسميات فى اللقاء طلب من البابا أن يتخلى عن ملابسه الكنسية ويلبس لباس البحر ويعود لأيام الشباب الأولى قبل أن يسلك الطريق الدينى , ووافق البابا على أن لايلبس شورت , اكتفى البابا فقط بخلع الطربوش البابوى , وبقى بكلسونه الأسود الطويل وضحك الرئيس ضحكة مجلجلة عندما اكتشف أن البابا أصلع !! وهذا مادعاه للدخول فى الموضوع .

- ايه رأيك يابابا فى فكرة أن مصر تتحول الى دولة مسيحية وتبقى انته الكل فى الكل ؟ والحلاوة يابابا أن كل القوى الظلامية فى البلد حتكون تحت أمرك .. كله مثلث بالثلاثه . وأنا طبعا حاكون الرئيس .
نظر البابا للرئيس نظرة عميقة وظهرت على وجهه علامات الغضب ولكنه كظم غيظه وأردف قائلا:
- سيدى الرئيس العب غيرها!! أقصد أرفض وبشدة هذا الاقتراح .
- ليه يابابا؟
- سيدى الرئيس .. أنا قرفان من عشرة مليون مسيحى , وسيادتك عاوز تخليهم ثمانين مليون مسيحى .. أحل مشاكلهم ازاى ياريس ؟ أنا مستور لأننى عايش على موضوع الأقلية والغرب كتر خيره متعاون معايا لرفع معنويات الأقلية !! لو طبقنا اقتراحك ياريس حابقى ولا بابا أثيوبيا !! مش لاقى يأكل !!
- بس يابابا حتشترى دماغك .. وحتبقى نمرة ثلاثه فى مصر .. طبعا بعدى وبعد  ابنى !!
- لا ..ياريس .. يفتح الله .. انته عاوز تخرب بيتى !!
- ليه؟
- ياريس .. أقباط المهجر عندهم أولاد وعملوا بيزنس على هذا الاساس .. أقليات مضطهدة !! طبعا حيقفلوا. وعندك جمعيات حقوق الانسان – المسيحى طبعا – حتقفل . وعندك كمان سيادتك حتحولى سبعين مليون مصرى معظمهم علمانى واخوانجى سابق وظلامى بالسليقة ومعظمهم مرضى ومعظمهم عوانس ومعظمهم عاوز تعليم !! انته ياريس بتكرهنى !!
- يابابا اسمعنى ..
- لابابا ولا زفت ياعم .. أنا ياعم مبسوط كده .. ولو سمحت أنا عاوز أمشى , عاوز أروح أعتكف فى وادى النطرون وأستغفر الرب على هذا الاقتراح الشيطانى .
- لا اله الا الله  ... لا اله الا الله !!
- ايه يابابا ... أسلمت ؟!!
- أسلمت ايه ياعم .. ما أنته بتقول حاجه تكفر !!
وهم البابا ليلبس عباءته السوداء وطربوشه البابوى وأسرع مهرولا وكأنه مس بعفريت من الجن .. وسمع الرئيس يقول فى سره :
- آه ياخوليو الكلب والله لأوصى عليك رفاعى يخلى حياتك جحيم .
 

هل نحن فى طريقنا الى فتنه ؟

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية