النمل والملح !!
...............................................................
بقلم : غريب المنسى
........................
كانت هناك ربة بيت ذكية أرادت ان تتخلص من النمل فى المطبخ فكتبت على علبة السكر عبارة "هذا ملح من فضلك " عساها أن تضحك على النمل !! .. هذه النكته يمكن تطبيقها الى حد كبير علينا فى الشرق الأوسط لأن مايكتب على باب المطبخ السياسى العربى مختلف تماما عما يطبخ فيه !! و فى هذا المطبخ الكاذب دائما ما يعلنون علينا أشياء بهدف التضليل والاستهلاك المحلى ولكن تبقى الطبخة دائما سرا .. نحاول معرفتها من خلال تجميع النقط والحروف والطلاسم !! والمواطن العربى معذور جدا فسرعة الأخبار هذه الأيام بسرعة الصاروخ وأصبح من الصعب عليه متابعة وفهم مايجرى ومايحدث.
اليكم بعض من عناوين الأخبار :
** أوباما سيلقى خطابا من القاهرة على العالم الاسلامى فى عشية ذكرى هزيمة يونيو حزيران !!
** مازالت ايران هى العدو اللدود للعرب واليهود على السواء وينبغى تأديبها وتجريسها ومقاطعتها !!
** تنسيق أمنى واستيراتيجى بين مصر واسرائيل والسعودية فى مواجهة العدوالايرانى القبيح !!
** زيارة نتن ياهو الى القاهرة هى الأولى له منذ عودته لرئاسة الوزراء قبل ذهابه الى واشنطن !! وسيجرى خلالها محادثات خطيرة مع الرئيس المصرى !!
** أوباما مازال متمسك بحل الدولتين !! وطبعا ليس هناك شرحا وافيا لطبيعة هاتين الدولتين ناهيك عن مستقبل وموقف اللاجئين!!
** اللوبى الصهيونى منزعج جدا من تقارب أوباما من العرب !! ويهدد بأعلان الحالة "ج" فى الغرب !!
** الرئيس الاسرائيلى يزور واشنطن ويجتمع بقادة من الكونجرس وكعادته يتحدث عن مستقبل وردى للفلسطنيين وكأنه حمل وديع !!
ايه الحكاية ؟؟!!
الحكاية ببساطة أن الولايات المتحدة تريد أن تخرج من العراق وأفغانستان وتريد أن يحل محلها فى هذه المهمة الصعبة مصر والسعودية وبالتالى لابد من التقرب من العرب وتسخينهم على ايران وضمهم الى اسرائيل وزيادة فى التمويه لامانع من اضافة حل المشكلة الفلسطينية حتى نعطى المواطن العربى شعورا بالارتياح وبالتالى تمر الطبخة بهدوء ولكن يبقى الهدف النهائى تحقق وهو توريط مصر والسعودية فى العراق وأفغانستان "ومشورة" الوفود الفلسطينية فى مشروع مرفوض منذ البداية الا وهو حل الدولتين بدون عودة اللاجئين .
وسياسة الرئيس أوباما الخارجية تعتمد اعتمادا كبير على ما أوصى به اثنان من أشهر رجال السياسة والإستراتيجيات الأميركيين المعاصرين زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومى لجيمى كارتر وهو ديموقراطى وبرنت سكوكروفت مستشار الأمن القومى لبوش الكبير وهو جمهورى فى كتاب "أميركا والعالم" وفى هذا الكتاب الذى كان عبارة عن لقاء من صحفى بالوشنطن بوست بالرجلين فى غرفة واحدة حمل لهم فيها ملف روسيا وملف الصين وملف كوريا الشمالية وملف ايران وملف العراق وملف أفغانستان وملف القضية الفلسطينية وملف سوريا . وأجاب الرجلين على كل أسئلة الصحفى فيما يتعلق بكل ملف على حدا وأعطوا نصائحهم للرئيس الجديد . ومايعنينا هنا هو الملف الايرانى والملف السورى والملف الفلسطينى وملف العراق وأفغانستان.
بالنسبة للملف الايرانى غير مستحب أن تكون هناك حربا أمريكية ايرانية ولكن يفضل استخدام أسلوب العصا والجزرة مع ايران . وحتى لو تمكنت ايران من انتاج سلاح نووى فيمكن احتوائها كما احتوت الولايات المتحدة الهند وباكستان.
وبالنسبة للملف العراقى والأفغانستانى " فجحا أولى بلحم طوره" وهذا معناه أن تتحمل السعودية ومصر عبىء هذا الملف عن أكتاف الولايات المتحدة وهذا لأن السعودية تربطها علاقات سرية وثيقة مع طالبان ويمكنها من تهدئة المواقف هناك بجهاز مخابراتها الوهابى الجبار !! ومصر يمكن لها أن تشارك فى عملية اعادة الاستقرار للعراق بتمويل سعودى ومعونة أمريكية وهذا سيعطى لها دورا ايجابى فى المنطقة .
أما سوريا فيمكن تسوية مشكلة الجولان بالتزامن مع مشكلة الفلسطنيين !! أى ربطها بحل المشكلة الفلسطينية وبالنسبة للملف الفلسطينى فيمكن الضغط على اسرائيل واقناعها بتقسيم القدس فى مقابل الضغط على الفلسطنيين وعدم السماح لهم بعودة اللاجئيين !!
هكذا قال الرجلين .. وعلى ماأعتقد أن الرئيس أوباما مقتنع بوجهة نظرهم لأن فكرة القاء خطاب على العالم الاسلامى من القاهرة وليس تركيا هى فى الواقع فكرة زبيغنيو بريجنسكي وبرنت سكوكروفت . ومن يدخل مكتب الرئيس أوباما هذه الايام سيجد شيكا بمبلغ مليار دولار لاعمار غزة مركون فى احد ادراج مكتبه لايريد تسليمه لحماس لأنها ارهابية لاتريد الموافقة بحل الدولتين بدون عودة اللاجئين !! ولايريد اعطائه أيضا لأبو مازن بدون ضمان الموافقة على حل الدولتين طبقا لهذا السيناريو .
أنه ملح أيها النمل !!
مصرنا ©