أم الدنيا
...............................................................
بقلم : غريب المنسى
................................
| | | |
أم الدنيا من الداخل | | | |
ويمضى جون برادلى وهو صحفى انجليزى يتحدث العربية باللهجة المصرية فى وصف مايحدث فى مصر بلد النيل هذه الأيام فى كتاب اسمه " مصر من الداخل" - inside Egypt- من سوء فى التعليم وسوء فى الخدمات الصحية وسوء فى المرافق وتلوث فى الجو والازدحام الرهيب والبهدلة فى أقسام الشرطة للمواطنين والرشاوى التى يحصل عليها المسؤلين ومشروع التوريث والفجوة الكبيرة بين اللذين يملكون كل شىء واللذين لايملكون شيئا على الاطلاق .
واللائحة التى ذكرها مستر برادلى طويلة ومخجلة , ولكن لو نظرنا اليها بموضوعية فهى عموما أمراض دول العالم الثالث التى تعيش فى ظل أنظمة وقوانين هلامية غير واضحة ولاتعتمد على فكر خيرة شبابها وتستورد الأفكار مجهزة ومعلبة ومحفوظة. وعندما تفرط الدولة فى تفكيرها المحلى النابع من ضمير أبنائها وتعتمد على تفكير مراكز الابحاث الغربية المشبوهة وتسير فى العولمة بلا تفكير كالتابع تتحول الى دولة "بير سلم" ودولة بتاع كله !! .
وذكر مستر برادلى من ضمن ماذكر أيضا تحول مدينة الأقصر الى مركز للشواذ الغربيين يضارع مدينة سان فرانسسكو الأمريكية واللذين يستغلون الفقرالمدقع للسكان والرخص النسبى فى تكلفة الاقامة فى ممارسة الرذيلة مع شباب فى عمر الزهور !! وهاهى مصر بين السياح الخليجيين فى الصيف والسياح الغربيين فى الشتاء بالاضافة لمشاكلها التنموية تحولت من "المحروسة" الى "المخرومة" وتحولت من مركز اشعاع علمى وحضارى ودينى الى مركز للفقر والمرض والشيخوخة والرذيلة !!!
مصر بلد مصطفى كامل وسعد زغلول وأحمد عرابى ومصطفى النحاس وجمال عبد الناصر والسادات وحسن البنا وسيد قطب وعمر التلمسانى والبابا شنودة وسعد الشاذلى والجمسى ومحمد حسنين هيكل وأم كلثوم وعبد الوهاب ونجيب محفوظ وأحمد زويل ويوسف ادريس وتوفيق الحكيم وغيرهم الكثير والملايين من الشرفاء والعباقرة والقمم أصبحت دولة هزيلة فى محيطها العربى والأفريقى وأصبحت ملطشة لمن هب ودب .
ولقد خصص مستر برادلى فصلا كاملا عن التوريث المتوقع ونحن هنا نضم صوتنا الى صوته ونعلنها صريحة فنحن ضد التوريث شكلا وموضوعا نحن نريد رئيسا جديدا لمصر ذاكر دروسه على الزراعية وأكل طعامه على الطبلية وشرب الشاى فى الخمسينه وجرى وراء الرشاشة فى الحارة ولعب الكورة الشراب فى الشارع.. نحن نريد رئيسا جديدا لمصر من وسط الشعب ليكون قريبا الى العمال والفلاحيين والشيالين والموظفين وعمال التراحيل .. نريده مصريا ذاق المعاناة حتى يكون رحيما بنا . نريده طموحا بتعقل .. أمينا بلا حساب .. مؤمنا بعظمة مصر والمصريين اللذين تحولوا بين ليلة وضحاها الى مطية لشعوب الأرض .. نريده شهما حنونا يردد معنا الأه .. فالأه نسمع صداها هذه الأيام فى ربوع مصرنا العظيمة .
ماكتبه مستر برادلى عن مصر أكثر بكثير جدا مماقاله اللذين اتهمناهم وبكل أسف بأنهم يشوهون صورة مصر بالخارج ولكن هل يستطيع أحد أن يوجه لمستر برادلى تهمة تشويه صورة مصر فى الخارج ؟ وهل يستطيع أحد أن يقول أن مستر برادلى يستقوى بالخارج ؟ وللاجابة على هذه التساؤلات لابد أن نحدد بدقة وموضوعية ماهو الاستقواء بالخارج الايجابى وماهو الاستقواء بالخارج السلبى ؟ !!! ففى خلال الخمسين عاما الفائته دارت مصر دائرة كاملة وعادت الى ماكانت عليه قبل الثورة فبعد أن قامت الثورة وقضت على الاستعمار وانتهجت سياسات طموحة فى التعليم والصحة والابحاث والزراعة والفن والأدب والابداع عادث مصر بخطى ثابته للاستعمار مرة أخرى وتدهورت المستويات الاقتصادية والاجتماعية ,فالاستعمار فى الماضى كان متواجد على أرضها ويعطى توجيهاته للقصر مباشرة, أما الأن فالاستعمار يستعمرها من بعيد وبالريموت كنترول وهذا يترك مرارة فى حلقوم البقية الباقية من الجيل الثورى الشريف اللذين يروا التدهور الحاصل نهارا جهارا ولايستطيعون التغيير.. فالكلاب المتوحشة تنهش لحم من يرفع رأسه ويقول انى حقا اعترض "أحا" !!
مصرنا ©