| | | | المؤمنين ...............................................................
بقلم : غريب المنسى ................................
"ساخن ومسطح ومزدحم " هو اسم آخر كتاب "لتوماس فريدمان" وهو كتاب شيق ومهم لأن مؤلفه توقف عن نبرة النصح والارشاد والتنظير للعرب والمسلمين والتى لازمته فى معظم كتاباته بعد أحداث سبتمبر,وبدأ يفكر فى مشاكل دولته وباقى العالم من منظور الخطر المشترك الذى سيواجه العالم خلال الثلاث عقود القادمة. فالعالم سيكون مزدحم جدا وساخن جدا ولأنه عالم مسطح فالمشاكل والمخاطر لم تعد تقتصر على دول بعينها أو قارة محددة ولكنها أصبحت مشكلة الانسان عموما على سطح الكوكب الأرضى. والمشكلة التى ستواجهنا والتى لانستطيع ايقافها أو تفاديها هى الازدياد المطرد فى عدد السكان وفى تلوث البيئة المترتب على هذه الزيادة السكانية والذى سيؤثر بشكل غير مباشر على أحوال البشرية عموما والغلاف الجوى المحيط بنا.
فالعالم سنة 1950 كان 2.681 بليون أدمى واليوم حوالى 6.7 بليون ومن المتوقع أن يكون خلال عام 2040 حوالى 9.2 بليون والزيادة بكل أسف ستكون فى دول العالم النامى أو الذى فى طريقه للنمو فالعالم النامى الأن عدده حوالى 5.4 بليون وفى خلال ثلاثة عقود سيكون 7.9 بليون وهذه الزيادة المتوقعة ستنزح الى المدن من القرى والكفور والنجوع وبالتالى سيتحول الغلاف الجوى حولنا الى غلاف مسمم لأن هذه البلايين من البشر سيولدون كمية من ثانى أكسيد الكربون كافية بتلويث الغلاف الجوى تماما ولن يكون هناك أى أمل فى حل مشكلة البيئة الا اذا تحول العالم تدريجيا الى الاستخدام المنظم للطاقة والتحكم فى المخلفات السيئة الناتجة عنها والتحول الى اللون الأخضر باستخدام الطاقة الصديقة والمتجددة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية .
فى سنة 1800 كانت لندن أزحم مدينة فى العالم وكان عددها مليون نسمة وفى سنة 1960 كانت هناك 111 مدينة يزيد سكانها عن المليون وفى سنة 1995 وصل العدد الى 280 مدينة حول العالم يصل سكانها الى مليون أو أكثر قليلا . أما بالنسبة للمدن التى يتعدى عدد سكانها الخمسين مليون ففى سنة 1970 كان هناك خمس مدن فقط والأن يوجد حوالى 26 مدينة يزيد عدد سكانها عن خمسين مليون بنى أدم .
وحتى نقترب قليلا من تصور الخطر القادم والذى سيواجه العالم علينا أن نتصور أن هناك " بانيو" فى الحمام سعته فردين ولكن لسبب ما قفز فيه عشرة أشخاص وزيادة على ذلك فلقد فتح المتواجدين فى هذا البانيو الملىء بالماء "الدش" أيضا.. طبعا النتيجة الطبيعية هى خروج الماء من "البانيو" ليغرق الحمام بالكامل !! وبالتالى فالعالم سيواجه مشاكل فى الغذاء والماء والطاقة وأيضا ستزداد الأمراض نتيجة لهذه الزيادة السكانية الغير مخطط لوجودها مسبقا وستواجه حكومات الدول النامية صعوبة السيطرة على غضب الجماهير الجائعة وسينفلت الزمام وسيكون هناك تذمر شعبى عارم فى دول العالم النامى لأن هذه الدول تدار بعقلية المؤمن.
فهناك فرق بين المؤمن فى دول العالم الثالث والمؤمن فى العالم الأول فنحن مؤمنون بالفكاكة والشطارة والاختصار ومؤمنون بالفهلوة ودهان الهواء دوكو !! ونغوص فى الايمان بتجنب البحث العلمى ودراسة أى مشكلة ستواجهنا بعد شهرين فكل شىء لدينا بالبركة ودعاء الوالدين !! أما مؤمنوا العالم الأول فهم يسهرون يفكرون فى مشاكل مواطنيهم وكأنها مشكلة أسرية تخص كل واحد منهم .
ولعلنا نتخيل مستقبل الوطن العربى فى ظل هذه الزيادة السكانية المتوقعة والنقص فى مصادر الحياة فالوطن العربى حاليا يعانى من نسبة عالية جدا من البطالة والعنوسة وصعوبة الحياة وان لم ندرس ونخطط للمستقبل ستتضاعف هذه الاعداد وبالتالى سيكون هناك تمرد عام على الأنظمة المؤمنة وستكون هناك حالات عصيان جماعى مصدرها الجوع والتلوث والازدحام واليأس وعليه ينبغى علينا أن نؤمن بضرورة تشجيع العلماء العرب فى مجالات الزراعة والطاقة البديلة والمجتمعات الجديدة لأن مستقبلنا لن يتغير الا بالعلم وبهم.. وبالعلم فقط سنستطيع مواجهة هذه التحديات القادمة الينا سواء اعترفنا بها أو هربنا من مواجهتها .
نتمنى أن تلجأ الدول العربية الى دعوة العلماء العرب فى الغرب ووضع ميزانيات خاصة بالتخطيط لهم والاهتمام بهم لأنهم هم قارب النجاة لنا وللعالم عموما .. فالايمان بالعلم هو الأمل الباقى . فالعالم سيكون ساخن ومزدحم ومسطح وممل وخطر فى الثلاث عقود القادمة ان لم نتحرك. ولابد أن نفكر بعقلية أن الله خلقنا لنستمتع بالحياة ولمواجه تحدياتها.
مصرنا ©
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|