هل تستطيع المحكمة الدولية من اصدار أمر باعتقال جورج بوش وتونى بلير كمجرمى حرب تسببت نزواتهم العدوانية فى مقتل مايزيد عن مليون ونصف المليون عراقى؟ وهل تستطيع هذه المحكمة من اصدار أمر باعتقال ايهود اولمرت رئيس الوزراءالاسرائيلى وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية وايهود باراك وزير الدفاع لارتكابهم جرائم حرب ضد الشعب الفلسطينى الأعزل فى غزة ؟ علما بأن جرائم هؤلاء موثقة ومعروفة للقاصى والدانى؟ الاجابة ببساطة أن هذه المحكمة المزيفة والعنصرية لاتستطيع لأن هدفها ليس تطبيق العدل ولكن لتسيهل التآمر على الشعب السودانى وشعوب حوض النيل بما فيهم مصر لمساعدة اسرائيل فى الحصول على حصة من مياه النيل بعد تفتيت السودان بحجة ارتكاب الرئيس البشير جرائم حرب فى دارفور علما بأن الموساد الاسرائيلى موجود فى دارفور منذ بداية الصراع ليؤججه وأن المتمردين فى دارفور لم يكونوا ملائكة أبرياء تعاملت معهم الحكومة السودانية بقسوة.
نعترف بأن الحكومة المركزية فى السودان تعاملت مع الصراع فى دارفور بطريقة سطحية ولكن لماذا تجاهلت المحكمة الدولية باقى المجرمين وتمسكت فقط بمحاكمة عمر البشير؟و الاجابة أن هذه المحكمة تعيش حالة انفصام غريبة فهى بقرارها هذا تؤكد على أنها مازلت تعيش فى الوهم وهذا الوهم مصدره أن كل ماهو غربى واسرائيلى فهو قانونى أو فوق القانون وكل ماهو عربى وسودانى فهو غير قانونى ويستحق العقاب وبالتالى تضع المحكمة الدولية نفسها فى موضع الشك فى هيبتها ومسؤليتها وقرارتها وتوجهاتهاالقانونية تجاه دول العالم العربى والاسلامى والأفريقى .
أن ملعوب المحكمة الدولية لم يعد ينطلى علينا هذه المرة لأن الهدف من وراء قرارتها هو خدمة هدف استعمارى يهودى خبيث ملتوى لتفتيت السودان ولخلق جو من الفوضى والخوف والفزع فى دول حوض نهر النيل ففى بداية الثمانينيات وضع العسكريون الاسرائليون خطة استيراتيجية اسمها "إسرائيل في الشرق الأوسط "، والتي قضت بتفكيك العراق إلي أربع دول وقد تم بالفعل هذا وهم الأن فى طريقهم لامداد خط بترول عراقى لهم ، وبتقسيم السودان إلي خمس دويلات حسب هذه الخطة، سيتم استكمال حصار مصر أكبر بلد عربي، وخنقها مائيا واستراتيجيا. وفكرة القبض على البشير ماهى الا تمويه للهدف الحقيقى لهذه الخطة التوسعية الشيطانية التى سوف تؤثر عل أمن مصر القومى تأثيرا مباشرا الى مالانهاية !! وكعادتنا نرد على مخطط استيراتيجى عسكرى بهذا الحجم والخطورة بطرق دبلوماسية روتينية عقيمة !! فمصر والسودان تحصلان على أكبر نسبة من مياه النيل وبالتالى فاعادة توزيع هذه الحصة من جديد فى ظل معطيات جديدة تخلقها حالة تفتيت السودان سيضع اسرائيل وبمساعدة الولايات المتحدة فى وضع قوى للمطالبة ومن منطق القوة بحصة من مياه النيل وفى هذه الحالة سيكون شعار من النيل الى الفرات قد تحقق فقط خلال ستون عاما من قيام دولة اسرائيل.
وقصة استئثار مصر والسودان على 89% من مياه النيل يرجع لأيام الاحتلال الانجليزى لمصر والسودان وتأمين الانجليز لمياه النيل لهم فقط ومنع أية دولة افريقية من بناء سدود على النيل الابموافقة مصرمن خلال اتفاقية ترجع الى سنة 1929 وذلك حتى يضمنون رى حقول القطن المصرى والسودانى طويل التيله ووصول القطن الى المصانع الانجليزية . وللعلم اثيوبيا لم توقع على هذه الاتفاقية وبالتالى فمن حقها أن تتبرم منها فى ظل المعطيات الدولية الجديدة . وهناك برتوكول سنة 1959 الذى يؤكد بنود الاتفاقية السابقة ويقويها ويوجد لمصر حاليا مراقبين دائمين فى كينيا لمراقبة هذه الاتفاقية .. ولكن كل شىء قابل للتغيير فى ظل خطة تفتيت السودان.
لأننا الأن نعيش فى العصرالأمريكى بكل مالهذا العصرمن موازين وحسابات مختلفة عن كل العصور السابقة ولأن الولايات المتحدة فعلا قد قامت ببناء مركز قيادة عسكرى فى شرق أفريقيا- منطقة القرن الأفريقى- للسيطرة على القارة السوداء فمن الممكن والمحتمل أن تطالب الولايات المتحدة بتغيير شروط هذه الاتفاقية وضم دول حوض النيل اليها (مصر- السودان - أثيوبيا -أوغندا – كينيا- بالاضافة لاسرائيل ) لخلق جو من المشاحنات الاقليمية ولاسيما أن أثيوبيا عندها خطط فعلا لبناء سدود ضخمة على نهر النيل ولن تتورع عن الاستعانة بالولايات المتحدة فى الوقت المناسب وبالتالى سيكون هناك خطر حقيقى على الماء والغذاء فى مصر( 79مليون نسمة ) والسودان ( 39 مليون نسمة ) معا!
ان المستفيد من تكسير وتفتيت السودان هى اسرائيل فهى ستستفيد من بيع السلاح للقبائل المتصارعة كما باعته للثوار فى نيكارجوا فى منتصف الثمانينيات من قبل وكما دربت حراس بارونات المخدرات فى أمريكا الجنوبية ستدرب المتصارعون فى السودان.. وللعلم قطاع التصنيع العسكرى الاسرائيلى قطاع يدرعلى الاقتصاد الاسرائيلى مالايقل عن 3 مليار دولار سنويا ويعانى من كساد هذه الأيام نظرا لحالة الركود العالمى ويسيطر عليه العسكريون المتقاعدون , ولوتفتت السودان فليس مستبعد أن تصدر اسرائيل السلاح من الجنوب الى المتطرفين المصريين أيضا لتشعل حرب أهلية فى جنوب مصر وبالتالى تنشغل مصر بمشاكلها الداخلية وتتفرغ اسرائيل للسيطرة على افريقيا والعالم العربى والشرب والاستحمام من مياه النيل والسبب كله يرجع لأنهم يلعبون الشطرنج ونحن منقسمون على أنفسنا.
الأن وبعد أن عانينا من تجارب ونزوات الاستعمار فى العراق علينا أن نتحد لمواجهة هذا الخطر القادم الينا فى صورة أخرى فهذه المرة بدلا من نشر الديموقراطية فى العراق بقيادة بوش وبلير يأتى لنا الأعداء تحت لواء نشر العدل فى السودان بقيادة لويس مورينو اوكامبو !!