الخطه - الجزء الرابع
...............................................................
بقلم : غريب المنسى
......................
وقف الحاخام"موردخاى برزنيسكى" كبير حاخامات أميريكا الشمالية وأوربا فى حضور جمع غفير من يهود نيويورك فى معبده بمدينة برولكين ليشعل شموع أعياد الهنكا وهو عيد يهودى هام. وعدد شموع الهنكا سبعة شموع وتستمر الاحتفالات اسبوعا يقضيها اليهود فى تذكر تاريخهم الدينى فى جو دينى وعائلى خاشع .ولكن فى هذه الليلة كان قلب الحاخام برزينسكى يتمزق حزنا على جموع الجالية اليهودية فى الولايات المتحدة وحول العالم . فمنذ أيام قبضت السلطات الفيدرالية الأمريكية على كبير المضاربين فى البورصة اليهودى "برنارد مادوف" والذى نصب واحتال على الجالية اليهودية بمبلغ خمسين بليون دولار !! ولعلها تكون أول مرة فى التاريخ اليهودى الحديث الذى تتعرض الجالية اليهودية الى عملية نصب من يهودى!! هذه الأموال هى حصيلة ادخار كبار الشخصيات اليهودية من أطباء ومحامون ورجال أعمال وكلها تبخرت فى بورصة نيويورك على يد هذا المحتال اليهودى الشاطر مادوف .
وبفقدان الجالية اليهودية فى شمال أميريكا وحول العالم لهذا المبلغ الضخم ستتوقفت معظم الجمعيات الخيرية اليهودية - والتى كانت تستستمر مع هذا النصاب أموالها – عن القيام بالأعمال الخيرية السنوية لعام 2009 والتى كانت ستوجه لأعمال خيرية يهودية داخل الولايات المتحدة وأوربا واسرائيل. وسر حزن الحاخام برزنيسكى أنه هو الذى رشح مادوف للجالية اليهودية كمضارب يهودى مخلص نابغ فى البورصة والمضاربات الرابحة ولهذا السبب وحده وثقوا فى مادوف ووضعوا كل أموالهم فى يديه وتحت تصرفه!!
وبعد ان انتهى الحاخام برزنيسكى من حفلة اضاءة شموع الهنكا خطب خطبة مؤثرة فى الجموع الغفيرة من يهود نيويورك حثهم فيها على الصبر على البلاء وانه دائما وأبدا تحدث أشياء غير جيدة لبشر جيدين !! ولم يفوته أن يؤكد عليهم مرة أخرى أن هناك أمل كبير فى تعويض هذه الأموال المهدرة فى البورصة من البورصة ذاتها!! " نحن اللذين صنعنا البورصة !!" هكذا قال للجموع . والحاخام برزنيسكى وان كان غير مقتنع بحكاية تعويض الأموال هذه الا أنه أراد ان يرفع من الروح المعنوية لدى جموع اليهود الموجوده فى المعبد اللذين خسروا كل مايملكون !!! فهو يعلم جيدا أن حالة الكساد الاقتصادى العالمى والأمريكى تجعل من المستحيل تعويض مبلغ كهذا على الأقل فى العشر سنوات القادمة .. ولكن ماعساه أن يفعل ؟؟ فرجل الدين مطالب دائما بتقديم التفاؤل للأتباع وحتى ان كان هو شخصيا متشائما.
وبعد أن انتهى الاحتفال وخرجت الجماهير وأصبح المعبد فارغا نزل الحاخام برزنيسكى الى مكتبه والذى يقع فى الدول الأسفل من المعبد وجلس الى جهاز الكمبيوتر وأرسل رسالة الكترونية لجميع الحاخامات المرؤسين له فى شمال أميركا وأوروبا وعددهم حوالى سبعمائة حاخام مضمونها التهنئة بالهنكا والتأكيد على الأمل فى تعويض الخسارة المادية التى فقدها اليهود على يد مادوف وفى نهاية الرسالة وبالخط الأحمر شدد وأكد على استمرار سياسة "الخيمة والفيل" لدولة اسرائيل حتى تستمر فى البقاء . وبعد أن أرسل الايميل ذهب مترجلا الى منزله والذى لايبعد كثيرا عن المعبد وهذا بكل المقاييس مجهود ضخم من رجل بلغ من العمر ثمانون عاما .. فالساعة الأن تقترب من منتصف الليل بتوقيت نيويورك .
على مايبدوا أن كل الحاخامات اللذين تلقوا الرسالة الالكترونية فهموا معناها ومضمونها وبالذات الخزء الخاص بسياسة "الخيمة والفيل" الا حاخاما واحدا اسمه "ابراهام بن جيرمه " وهو حاخام سيفراديم شاب من شمال أفريقيا وأغلب الظن أنه من أصول مغربية ومسؤل عن المعبد الرئيسى فى بولندا لأنه ارسل رسالة الكترونية للحاخام برزنيسكى يسأله عن المقصود بسياسة "الخيمة والفيل" !!؟؟؟
وبصبره المعهود أرسل الحاخام برزنيسكى ردا مطولا لبن جيرمه يشرح له فيه بالتفصيل معنى "الخيمة والفيل"
- الخيمة ياعزيزى هى أنك دائما تدعوا عدوك الى داخل خيمتك حتى اذا ما أراد أن يتبول فأنه يتبول للخارج أما اذا تركت عدوك خارج خيمتك فأنه سيتبول عليها !!!
- أما الفيل ياصديقى فهو أنه اذا دعتك الظروف لأكل فيل كبير وضخم فلابد أن تقطعه قطعا صغيرة حتى تستطيع من مضغه بهدوء لايهم الوقت.. لأنك فى النهاية ستأكله بالكامل !!
واذا طبقنا هاتان النظريتان على دولة اسرائيل فهى لابد أن تتمسك بسياسة "الخيمة والفيل" !! حيال جيرانها العرب أعدائها الطبيعيون.. واستسرد الحاخام برزنيسكى قائلا :
لقد ساعدنا الشيخ أحمد ياسين على تأسيس حركة حماس ليكون بديلا لقيادات تونس وعرفات فى الداخل حتى نقلل من شعبية عرفات ومنظمته لدى الشعب الفلسطينى وحتى تتوه القضية . ولكنه – ياسين - أثبت – ولسوء حظنا - أنه رجل وطنى يبغى مصلحة شعبه أولا ومن فؤاده ولايلقى بالا بالأغراءات الدنيويه وبذلك سبب ياسين مشكلة داخلية لنا فهو أراد أن يتبول علينا من الداخل وعرفات من الخارج .. فلم يكن أمامنا من بد غير دعوة عرفات والتوانسة الى داخل الخيمة حتى يتبولون للخارج لاعلينا!! ولكن على من ياترى سيتبولون ؟؟ الاختيار الطبيعى لنا هو حماس .. انهم يتبولون للخارج الأن على حماس ونحن نتفرج ونهدد بتدمير حماس اذا ماهى أصبحت قوية على السلطه !! فلولا وجود حماس كان البول الفلسطينى الأن يصب كالسيل على رأسنا ومن جميع الاتجاهات !!!
أما تقطيع الفيل اربا اربا حتى تستطيع أن تأكله فلعلك تعرف المعنى وتراه على أرض الواقع فبعد أن حايدنا مصر بالسلام وحتى أن كان سلام حكومى لاشعبى فأننا قطعنا الفيل بعد ذلك الى دويلات منعزلة ..وهاهى حماس محاصرة من كل الاتجاهات وهناك مليون ونصف المليون بنى أدم يأكلون الحشائش ولايستطيع هذا الفيل المقطع من مساعدتهم .. العالم أجمع يعرف سر هذه الخطه فى سره .. ولكن من يستطيع ان يكشف هذه الحيل الى العالم فنحن نملك معظم امبراطوريات الاعلام من صحافة واذاعة وقنوات تلفزيونيه والذى لانملكة يتواجد فيه رجالنا فلاتوجد وسيلة اعلام غربية لانملكها الا كان لنا فيها رجالات يدافعون عنا ويصفون أعدائنا بالارهابيين ولعلك لاتذهل حين تعلم أننا زحفنا على الاعلام العربى الذى انتشر فيه عملائنا من العرب اللذين يدافعون عنا ويقومون بمهمة غسيل العقل العربى نيابة عنا وبالتالى أصبحت القضية مشوشة المعالم ونسى العرب والمسلمين القدس والأقصى وتشوشوا فى الفروع ونسوا الأصل .. أرجوا أن تكون قد فهمت .. واذا فهمت ارجوك أن تشرح ذلك لكل يهودى يمر قى طريقك . يابنى أوصيك بتمسك اسرائيل بهذه السياسة والى الأبد .
مع أطيب تمنياتى..
أبوك موردخاى برزنيسكى
يناير 1927- ديسمبر 2008
لقد مات بريزنسكى ليلة الكريسماس
مصرنا ©