| | | | الخطه - الجزء الثانى ...............................................................
بقلم : غريب المنسى ......................
كانت الساعة حوالى الثالثة عصرا عندما دخل " ريتشارد جون" مدير المخابرات المركزية على الرئيس" باراك حسين" فى مكتبه فى منتجع كامب ديفيد حاملا حقيبة حكومية جلد سوداء تزن حوالى "مائتين باوند" وفى هذه الحقيبة مستندات على أعلى درجة من السرية لايطلع عليها الا الرئيس شخصيا.. ارتمى ريتشارد على أقرب كرسى بعدما صافح الرئيس فالرجل عمره يقترب من الستين عاما قضاها فى الجاسوسية وارتقى السلم الوظيفى ليصبح مدير عاما للوكالة. وعلى الرغم من ادارته لأكبر جهاز مخابرات فى العالم والذى يحتاج ساعات طويلة من المتابعة اليومية فمن ضمن مسؤلياته وواجباته أيضا هو تقديم تقرير يومى شفهى للرئيس عما يدور حول العالم من خلال تقاريرالجواسيس المنتشرون فى السفارات الأمريكية فى كل عواصم المعمورة.. وبعد أن التقط أنفاسه مازال "ريشارد جون" محتار من طبيعة اللقاء فعندما يستدعيه الرئيس فى يوم الأحد فهذا معناه أن هناك أمرا مهما يدور فى دائرة صنع القرار ولذلك فهو تحسبا لكل الأمور حمل هذه الحقيبة الثقيلة على رجل فى عقده السادس ليكون جاهزا للرد على أى سؤال مباغت من الرئيس .. فالحقيبة كما يسمونها فى المخابرات المركزية هى " حقيبة مخلفات الامبراطورية العثمانية!! " وهى اشارة ملتوية لكل مجموعة دول الشرق الأوسط التى هى نتاج تقسيم العثمانيون !!
الرئيس : مرحبا ريتشارد ..أتمنى أن أكون غير مزعج لك ولأسرتك فى يوم الأحد وهو اليوم المخصص للأسرة والصلاة ..
ريتشارد : سيدى الرئيس أنت تعلم أن مدير المخابرات المركزية تحت أمر سيادتكم 24 على 7 " يقصد أربعة وعشرين ساعة فى اليوم سبعة أيام فى الأسبوع " !!
الرئيس : شكرا ياريتشارد ولعلك مستغرب من سر استدعائى لك فى يوم الأحد فى كامب ديفيد ؟
ريتشارد : أتفق معك ياسيدى الرئيس أنا فى حيرة من الاستدعاء لذلك أحضرت معى الحقيبة العثمانية !! مجرد احتياط فهى مليئة بكل معلومات دول الشرق الأوسط السرية!! .
الرئيس : أنا بصدد تبنى سياسة جديدة فى الشرق الأوسط وهذه السياسة لن تكون ناجحة الا بمعرفة رأيك .. فأنت تعلم كل شىء عن دول المنطقة وجواسيسك فى المنطقة من أنشط الشخصيات وعلى علاقات جيدة مع الرؤساء والملوك والامراء .وأنا على علم بأن رؤساء وملوك وأمراء هذه الدول لايتخذون قرارا الا بعد مشاورة رجالك خوفا من غضبك عليهم .. فأنت أصبحت بالنسبة لهم "بابا عبدو" !!
ريتشارد : طبعا ياسيدى الرئيس هؤلاءالحكام يخشون "ريتشارد جون" كما يخشى اللص ضابط البوليس فأنا ياسيدى الرئيس على علم كامل بكل " غسيلهم الوسخ " وأسرارهم الشخصية وعلاقاتهم النسائيه وسرقاتهم المادية وحساباتهم السرية وعندى البديل لكل واحد منهم فى حالة استغناء سيادتك عن خدماتهم .. فنحن ياسيدى الرئيس فى وكالة المخابرات المركزية عندنا خطتان لازاحة أى شخصية من مخلفات العثمانيون .. الخطة الأولى هى "خطة ناعمة "تسمى "خطة تعطيل العجل " وهى شل أى نظام من هذه الانظمة فى خلال أيام والمجىء بحاكم جديدة يتماشى مع هوانا .. والخطة الثانية هى "خطه خشنه " وهى مصممة لمن يصمد منهم أمام الخطه الأولى وهى عبارة عن الاغتيال !! وهذا يتم بطرق مختلفة ولكن عادة ما يتم بعناصر من الجيش .
الرئيس : أعرف ذلك يارتشارد .. ولكننى أريد ان أعرف ماهو رأيك المهنى فى هؤلاء اللذين سميتهم مخلفات العثمانيون هل هم حقا يخدمون مصالح الولايات المتحدة ؟ لقد جربنا هؤلاء الناس ووصلنا لهذا الطريق المسدود اننى أبحث عن طريقة تساعدنى لكسب ثقة شعوب العالم الثالث وبالذات الشعوب العربية .
ريتشارد : سيدى الرئيس .. عفوا .. انهم ليسوا شعوبا بالمعنى المتعارف عليه فى الغرب انهم اناس أدمنوا الذل والهوان وبالتالى فهناك صعوبة بالغة فى نقلهم من هذا الوضع الى وضع انسانى !! وأنا من رأييى الشخصى أن لاتقع فى نفس الخطأ الذى وقع فيه الرئيس السابق .. لاتنادى ياسيدى الرئيس بالديموقراطية فى الشرق الأوسط .. سيدى الرئيس أن هذه الشعوب وضعها هؤلاء الحكام فى أقفاص كالحيونات بدون أكل لممد طويلة وأنت تعلم ماهى النتيجة لو أنك أطلقت العنان لحيوان جائع !! سيكون مسعورا ياسيدى الرئيس .. مسعورا جدا !! سيدى الرئيس الشرق الأوسط وشعوبه وحكامه مشكلة مستعصية عن الحل وهؤلاء الحكام يتعاملون مع شعوبهم بالطريقة التى تفهمها هذه الشعوب فلاداعى لأن نتدخل الا فى حالة واحدة
الرئيس : ماهى هذه الحالة ياريتشارد ؟
ريتشارد : !! هى عصيان هؤلاء الحكام لمتطلبات الأمن القومى الأمريكى وأيضا الأمن القومى لحبيبتنا اسرائيل فيما عدا ذلك أى تغيير من جانبنا هو مضيعة للوقت والامكانيات والأموال .. ولو حتى جئنا بحكام جدد مالذى يضمن أنهم سيكونون أحسن حالا من الحكام الحاليين .. سيدى الرئيس أنصحك ببقاء الحال على ماهو عليه .
الرئيس : كنت أريد أن أقدم اقتراح الى الكونجرس بتحديد مدة الحاكم العربى الى مدة أو مدتين ولايحق له الحكم بعدها كما هنا فى الولايات المتحدة والغرب ؟ وأريد أن نعيد الأموال المسلوبه من هذه الشعوب اليها .. وأريد أن أشجع القيادات الشابة والأمينه فى هذه البلدان فهذا كله سيصب فى صالح الولايات المتحدة على الأمد الطويل .
ريتشارد : سيدى الرئيس هذا كلام نظرى وليس عملى .. هذه الشعوب لاينفع معهم الاسلوب الغربى فى التعامل لقد جبلوا على الذل ومهما فعلت معهم سوف يأتى ديكتاتور جديد أسوء ألف مرة من الديكتاتور الحالى أننا تتكلم عن التغيير وهم يتكلمون عن التغيير ولكن ليس هناك خطة واضحة المعالم لديهم لهذا التغيير ونحن دولة عظمى ولسنا دولة " جليسة أطفال " أو" رعاة أغنام "!! حتى نضيع وقتنا بلا نتيجة معهم !!
الرئيس : هل تستطيع أن تشرح لى مامنعنى أن يصر مبارك على تنصيب ابنه رئيسا لمصر ضاربا بكل قوانين وأعراف النظام الجمهورى المصرى عرض الحائط ؟ هل لاتستطيع المخابرات المركزية العثور على شخص آخر من المصريين صالحا لأن يكون رئيسا لهذه البلد الاستيراتيجيه والمهمة ؟
ريتشارد : أولا ياسيدى الرئيس .. دعنى أتخيل ماذا يدور فى عقل مبارك !! مبارك لسان حاله يقول لماذا لايعارض الناس فكرة أن يكون ابن التاجر تاجر مثله!! ومالمانع من توريث ابنى الحكم فهو على الاقل مضمون عن أى شخصية أخرى ستعرض أمن المنطقه للخطر !! مثلا .. الاسرائيليون موافقون على ابن مبارك لأنه سيمشى على خطى والده المعروفة بالطاعة العمياء فى علاقاته مع اليهود.. بعكس لو جاء ضابط طموح من الجيش واستجاب لنداء القومية العربية وعرض اتفاق السلام بين مصر واسرائيل الى الخطر وبالتالى سيفجر مشاكل لانهاية لها فى المنطقة.. هذا فضلا عن أن السعوديين لهم مصلحة فى التوريث تتفق تماما مع مصلحة الاسرائليين وبالتالى فمن المضمون لنا تشجيع مبارك على التوريث بدلا من تشجيع شخص جديد غير معروف الهوية والميول !! ولعلمك ياسيادة الرئيس نحن فعلا اجرينا لقاءات سرية مع الأخوان المسلمين فى مصر وللأسف اعترافهم بمعاهدة السلام والعلاقة مع اسرائيل غير مضمونه بالمرة ومن المتوقع أنهم لو تسلموا السلطه فى مصر سينحازون الى حماس وحزب الله ضد اسرائيل وبالتالى فكل الشواهد تؤكد أن جمال مبارك هو الرجل المطلوب !! نحن نريد الاستقرار فى المنطقة والمغامرة مع الجواد الذى نثق فيه والذى تربى على خيرنا !! أما كيف يدير مبارك أو ابنه مصر فهذا شأن داخلى لايهمنا من قريب أو بعيد لأننا لو تدخلنا سنفتح على أنفسنا طاقة مشاكل نحن فى غنى عنها .. وهذا هو رأييى المهنى ياسيادة الرئيس.
الرئيس : كنت أتمنى أن يكون رأيك مخالف لذلك ..ولكن فعلا لايمكننا أن نتعاطف مع الشعب المصرى طالما هو شعب لايستطيع تقرير مصيره بالقوة ولايمكننى وأنا فى هذه الظروف الاقتصادية الداخلية والحروب الدائرة الأن فى العراق وأفغانستان من المطالبة بتغيير الوضع فى مصر .. أتمنى أن يقوم المصريين بهذه المهمة أنفسهم وحتى لانتهم بأننا نشجع على التمرد والعصيان ولكن لوقام المصريون بثورة على مبارك ياريتشار كيف سيكون موقفنا من هذه الثورة ؟
ريتشارد : كما كان موقفنا مع الثورة السابقة .. طبعا سنعترف بها لأن قائدها لن يكون غريبا علينا فكل من له القدرة على القيام بثورة فى مصر هو فى الواقع خريج كلية الحرب الأمريكية وملفاته عندنا بالكامل .. فلا تشغل بالك ياسيدى الرئيس .. هو سيكون ابن بار لنا !!
شكرا ياريتشارد على هذا التقرير .. تعالى بنا نتناول بعض من الهمبروجر ونحتسى بعضا من الفودكا بعيدا عن روتين العمل !! مصرنا ©
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|