التغيير
...............................................................
| |
اوباما | |
بقلم : غريب المنسى
................................
ذهبت لكى امارس حقى الدستورى فى اختيارالرئيس الأمريكى الجديد , ولكثرة الزحام أمام المقر الانتخابى أحسست لبرهة أن الحى يعانى من أزمة فى المواد الغذائية فهو زحام كالذى نراه أمام مراكز توزيع المواد الغذائيه فى وطننا السعيد وهذا أمرغير معهود فى الانتخابات السابقة.. ولكننى تذكرت بسرعة أن هناك فعلا أزمة يعانى منها هذا الحى والأحياء المجاورة بل كل الولايات المتحدة والعالم . هذه ليست أزمة تموينية ولكنها أزمة " الاستيلاء " على ارادة الشعب الأمريكى وتدليسه ووضعه فى وضع حرج جدا مع شعوب العالم . فخرج الشعب الأمريكى يوم الاقتراع عن بكرة أبيه ليقولها صريحة واضحة: لقد سئمنا سياسات الجمهوريين ونريد رئيسا ديموقراطيا ليقود سفينة الحرية والديموقراطية والعدل الاجتماعى الى بر الأمان.
والمتابع للأحوال الأمريكية يلاحظ أن النظام الديموقراطى والذى قامت وازدهرت عليه الولايات المتحدة أصابه شىء من البيروقراطية على يد المحافظين الجدد . والبيروقراطية هى السم البطىء لأى نظام لأنها تخلق طحالب سياسية تعيش على الكذب والخداع وتشويش رأى المجموع لحساب الأقلية وأكبر دليل على ذلك هو زيادة عدد رجال الكونجرس الذين كسروا العرف المهنى وقبلوا هدايا ورشاوى من جماعات المصالح. ولكن شكرا للصحافة الحرة التى تصدت!! وشكرا للقضاء العادل الذى تدخل!! وشكرا لحرية الفرد فى الاختيار والتعبير. وفلسفة النظام الأمريكى كلها بسيطة فهى : " من الشعب وبالشعب والى الشعب" .. والويل والثبور وعظائم الأمور لمن يتلاعب بمقدرات الشعب فأجلا أم عاجلا ستتناوله الصحافة وسيتم التحقيق معه ويقدم للمحاكة اذا ثبت انه مدان.
وعندما استغل المحافظين الجدد ثقة الشعب ومطالبته لهم بالرد على الارهاب دلس هؤلاء المحافظين الشعب بالرد على الارهاب بقوة لاتتناسب اطلاقا مع حجم الجريمة وأيضا بقوة موجهة فى الاتجاه الخاطىء تماما !! فبعد مدتين فى الحكم وتورط الولايات المتحدة فى حربين مازال " بن لادن " حرا طليقا ومازالت الحرب مفتوحة الى مالانهاية تكلف المواطن البسيط جزء من قوته اليومى وتدهور بسببها الاقتصاد وزادت البطالة والمعاناة . فالمحافظين الجدد نفذوا استيراتيجية توسعية لم يوافق عليها الشعب الأمريكى أساسا تحت مظلة الحرب على الارهاب وعندما أكتشف الشعب التدليس خرج ليختار ولقد قال الشعب كلمته العليا فى اختيار رئيسا جديدا. وهذا سوف يضفى شيئا من الجدية على سياسات الولايات المتحدة حيال العالم الخارجى .
وقريبا سيبدأ موسم النفاق والحج العربى الى واشنطن للتبريك والمباركة والحصول على بعض من البركة من الرئيس الأمريكى المنتخب فلقد جلس العرب فى العام الأخير صامتين لأنه كان عام العطلة السياسية فى الولايات المتحدة . وفى عودتهم هذه المرة التى ستكون مختلفة تماما عن أى عودة سابقة لأنهم سيتعاملون مع عقلية جديدة شابة لها أهداف واضحة وليس لديه أية نية فى التلاعب بالمواقف وعليه ينبغى علينا أن نتعامل معه بنفس الطريقة حتى نستطيع أن نجد حلول جادة لمشاكلنا المرحلة منذ فترة وعلى رأس هذه المشاكل القضية الفلسطينية.
سيأتون الى واشنطن بخطب نفاق معدة مسبقا . فأوباما سيكون هو العبقرى الذى طالما انتظروه لتحقيق السلام والأمن فى الشرق الأوسط ولربما ادعوا أنه مبشر به من قبل فى القرآن و التوراة والانجيل!! ولن يتورع شيوخ السلطان عن اصدار الفتاوى التى تصب فى هذا الاتجاه!! وهذه سياسات كاذبة ومع ذلك يكرروها مرارا وتكرارا ولذلك يستحقوا جميعا رد الفعل الأمريكى من تحقير وتصغير ولن تنفع هذه المرة فالعالم فى تغير مستمر ومشاكله متراكمة ومن المفيد أن نكون جادين فى أمورنا .. وقد وعد أوباما فى خطابه الأول بعد فوزه الساحق على جون ماكين عن نيته فى التغيير السياسى الداخلى والخارجى للولايات المتحدة وعن استعداده لفتح صفحة جديدة مع شعوب العالم فياليتنا نستغل الفرصة ونحدد أولوياتنا فالشعوب العربية فى أمس الحاجة لمن يعبر عنهم بصدق.
مصرنا ©