آخر العرب
...............................................................
| |
ناصر - ايزنهاور | |
بقلم : غريب المنسى
........................
الوثائق الأمريكية السرية والخاصة بمصر ومنطقة الشرق الأوسط فى فترة الخمسينات والستينيات موجودة الآن فى مكتبة الكونجرس الأمريكى لمن يريد أن يعرف تفاصيل هذه الفترة فى حياة المصريين خاصة والعرب عموما. وهذا التاريخ قد كتبه ديبلوماسيون وسياسيون وزعماء ورجال مخابرات بكل صراحة وتجرد .. كتبوه كما حدث فبالتالى لايمكن اتهامهم بالتحيز لأى شخصية تاريخية عاشت وأثرت فى تلك الفترة.
من خلال هذه الوثائق- والخاصة بمصر - يتضح أن عبد الناصر كان رجلا فذا وغير قابل للفساد وولد لكى يكون عظيما وأنه والمصريون واجهوا عدوين أساسيين أثروا تأثيرا مباشرا على مشروع عبد الناصر الجميل والذى كان هدفه الأساسى تحرير شعبه وتحقيق مساواة وعدالة اجتماعية حقيقية وليست مزيفة. هؤلاء الاعداء هم :اسرائيل والسعودية.
كان عبد الناصرأمريكى الهوى ويرغب فى اقامة علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة وكانت له علاقات معقولة بالحكومة الأمريكية فى بداية حكمه وكانت له اتصالات برجال المخابرات المركزية الأمريكية فى القاهرة وكانت تقاريرهم للحكومة الأمريكيةعنه كلها تقارير ايجابية عن رجل دولة وسياسى من الطراز الأول .. وكان جون كيندى معجب بعبد الناصر على المستوى الشخصى وبتحركاته العالمية التى لم تكن مزيفة والتى كانت تؤكد على زعامته الطبيعية وتلاحمه مع جماهير بلده ووطنه العربى وجماهيرالعالم الثالث قاطبة. وكانت هناك رسائل شخصية متبادلة بين عبد الناصر وكيندى وعندما قتل كيندى حزن عبد الناصر على فقد صديق شخصى متعاطف معه. وكان كيندى هو من عطل معظم مشاريع اسرائيل بالحصول على سلاح متقدم للتفوق على عبد الناصر .. ولم تفلح خطط اسرائيل والسعودية للاطاحة بعبد الناصرالا بعد موت كيندى ومجىء جونسون للسلطة وقد كان يكره عبد الناصر بطبيعته ربما لأن عبد الناصر كان يتمتع بشعبية عالمية أكثر من التى كان يتمتع بها جونسون .. فجونسون وصل للسلطة مصادفة وبسبب موت كيندى المفاجىء والفضل أولا وأخيرا يرجع لزوجته الثرية - الليدى بيرد - صاحبة أكبر سلسلة محلات بقالة فى الولايات المتحدة والتى دفعت بزوجها من مجرد مدرس ابتدائى مغمور الى أن يكون رئيسا للولايات المتحدة.
أقنعت اسرائيل والسعودية جونسون بخطر عبد الناصر الاقليمى وحتمية تكسير عظامه حتى تكون منطقة الشرق الأوسط بعيدة عن السيطرة الروسية وتكون قدم الولايات المتحدة راسخة فيها للأبد وهذا مادفع عبد الناصر دفعا للروس .. وبالتالى أصبحت المواجهة بين الروس والأمريكان وجها لوجه فى الشرق الأوسط أو بمعنى أدق اسرائيل والسعودية ضد مصر تحت غطاء القوى العظمى وكانت قمة نشوته- جونسون - عندما انهزم عبد الناصر فى معركة 67. هذا الكره والحقد من جونسون لعبد الناصر يفسره التاريخ بغيرة رجل قزم تجاه هرم شامخ غير قابل للفساد.
والأن بعد مايقرب من نصف قرن من الزمان وبعد ذهاب آخر العرب عبد الناصر الى رحاب ربه وبعد السلام مع اليهود والتصالح مع السعودية مازال العدو الرئيسى للشعب المصرى كما هو : اسرائيل والسعودية.
صدرت اسرائيل لمصر بعد معاهدة السلام المخدرات التخليقية التى دمرت الجهاز العصبى للمصريين وصدرت السموم فى شكل سماد للمحاصيل الزراعية وساهمت بطريقة غير مباشرة فى تدمير الشعب المصرى صحيا .أما السعودية فصدرت لمصر الوهابية المتخلفة التى دمرت فكرالشعب المصرى وسممت أفكاره وشوشت تفكيره تحت اسم الدين !! فتحول الى شعب هزيل بين الأمم !! فما فشل فيه الأعداء وبطريقة مباشرة فى عهد عبد الناصر نجحوا فيه هذه المرة وهم أصدقاء !! وهاهى مصر على شفا حرب أهلية بين الأقباط والمسلمين والاسباب كما تدعى الحكومة هى أسباب مجهولة !! أو على أحسن تقدير هى مخططات من البابا شنودة !! وكما ترون أن أصبع السبابة الحكومى موجه دائما للطرف الأخر ناسيا السبب الحقيقى للمشكلة !!وهى فى الواقع عدة أسباب اجتمعت وتراكمت على مدى أربعة عقود أوصلت الحال فى مصرالى ماهو عليه الأن.
وهنا لابد أن نتأكد من أن مصر مستهدفة وشعبها مستهدف وهذا ليس نتيجة اعتناق أعمى لنظرية المؤامرة ولكنها حقائق ثابته من خلال قراءة جيدة للتاريخ الحديث .. مصر مستهدفة ولن نكسر حيز الاستهداف هذا الا اذا فهمنا هذه المخططات الشيطانية وعملنا جاهدين على تفويت هذه الفرصة على أعداء مصر اللذين قد يلبسون ثوب الصديق أحيانا وثوب الدين أحيانا أخرى!! وسلاح المال واستغلال الاوضاع الاقتصادية والسياسية السيئة فى تدمير هذا الشعب بكل فئاته فى كل الأحيان.
كان الدين على مر التاريخ هو الطريقة السهلة والمضمونة لتفيت المجتمعات والشعوب وبالتالى ينبغى على عقلاء الأمة أن ينهضوا لتوعية الشعب الى الخطر القادم الينا . وهنا نتسائل أين دور الأزهر ودور الكنيسة ودور المفكرين ؟
أنفقت السعودية منذ سبعينيات القرن الماضى 76 مليار دولار فى مصر على تحريم مظاهر وأساليب العصر والحياة المتمدينة، ووجدنا من بين الأزهريين من يحرم التعامل مع المواطن لمجرد الاختلاف في الدين، ومن يفتي بتحريم الزهور للمرض والأفراح، ويرفض القبول بكروية الأرض، وغطت مثل هذه الفتاوى المجال من زيارة القبور وعذاب القبر وأهوال الآخرة، والدعوة الى هدم القباب والأضرحة.
وخرجت علينا الآراء والفتاوى المنافية للدين والمنطق والعقل. تتناول كل ما هوغير معقول، فيفتي أحد مشايخ الأزهر بإرضاع الكبير ليصبح محرما عل زميلته في العمل. وادع المفتي الرسمي شرب الصحابة لبول الرسول الكريم وتبركهم به.وساهم التوجه الرسمي للأزهر فيما وصلت إليه الأوضاع الداخلية من ترد. وترك الجمهور منشغلا بطول اللحية وقصر الجلباب وثواب استخدام السواك، ومواصفات زي المرأة، والتلهي بالكشف عما في الصدور والنوايا التي تقف خلف التصرفات، فطلقوا السعي في الحياة، وتخلوا عن العمل وإعمار الأرض، ورفضوا الناس وأدانوا المجتمع.
ويستمر التوجه الرسمى للأزهر فى التقهقر للخلف فنراه يسمح للمليادير السعودي صالح كامل والذى بدأ حياته ساعيا للبريد فى جدة بتأسيس مركز يحمل اسمه داخل جامعته العتيقة، بجوار قاعة الشيخ محمد عبده، القريبة من كلياته التقليدية (أصول الدين والشريعة واللغة العربية)؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!! ومصادر تمويل ذلك المركز هي نفس المصادر الممولة لفضائيات الفيديو كليب والسينما والأغاني الهابطة الداعرة.
ان تسلط السعودية على الدين والفن والابداع هو مجرد سبب من ضمن عدة أسباب أوصلتنا الى مانحن فيه الأن من تخلف وتراجع وبالتالى ينبغى على عقلاء الأمة ومفكريها ومثقفيها الوقوف صفا واحدا لمواجهة هذه المخاطر التى تحيق بنا .
فى ذكرى ثورة يوليو نتذكر بالخير آخر العرب أبو خالد والذى وضع مصر على طريق واضح عندما قامت الثورة ولكن على مايبدوا اننا فقدنا الطريق بعد وفاة الزعيم .
مصرنا ©