مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 ما أشبه اليوم بالبارحة

 

عسل

 

بقلم دينا عسل
.................

هناك مشهد يتكرر على مر التاريخ يجعلنا نتذكر المقولة التي تقول "ما أشبه اليوم بالبارحة" خاصة بعد الحديث مؤخرا عن حملة تمرد التي تهدف إلى سحب الثقة من الرئيس مرسي والتي ظن البعض أنها وليدة اليوم وأخذوا يتحدثون عن مدى شرعيتها ومنهم من قام بالتشويه هنا وهناك، فأولئك لم يعلموا أن التاريخ المصري يشهد على مثل هذه الحملات حتى أن بعض من يشككوا في شرعية تلك الحملات كان منهم من شارك في حملات مشابه لكن يبدو وقتها أنها كانت حملات مشروعة طالما كانت تصب في مصالحهم.

إن أكبر تشويه لحملة تمرد هو حملة تجرد التي باتت تجمع توقيعات أخرى مؤيدة للرئيس ظنا منهم أن شرعية الرئيس خط أحمر لأنه أتى بصندوق الانتخابات عبر انتخابات حرة نزيهه وأن القانون والدستور لم ينصا على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لذا يصبح من وجهة نظرهم أن لابد من الالتزام بالدستور الذي وافق عليه أغلبية الشعب غاضين الطرف عن من تعدى على هذا الدستور ولم يفي بمصالح الوطن والشعب، وكيف لهم أن يتحدثون عن شرعية صناديق الانتخابات وهناك صناديق ذهبت بجثامين الشهداء في ظل أزهى عصور الحرية كما يدّعون.

وقد كان التاريخ وحتى وقت قريب يشهد على حملات جمع التوقيعات فمثلا في عام 1882 خلال «الثورة العرابية» كان هناك حملة تقوم بجمع توقيعات لعزل الخديوي الذي كان يعمل لحساب الانجليز. وفي «ثورة 19» كان هناك أيضا حملة جمع توكيلات لتفوض سعد زغلول واثنين آخرين من أعضاء الجمعية التشريعية وهما علي شعراوي وعبدالعزيز فهمي للدفاع عن الأمة والتأكيد على أن هذا الوفد يمثل الشعب المصري في السعي إلى الحرية حيث كانت مصر وقتها تحت الحماية البريطانية.

ومنذ سنوات قليلة، قبل الثورة تحديدا في عام 2010 كان هناك حملة عُرفت آنذاك باسم «حملة توقيعات التغيير» والتي كان يقودها الدكتور محمد البرادعي من أجل التغيير والإصلاح وكانت تدعمها جماعة الإخوان المسلمين لأن وقتها كانت تؤمن بحلم التغيير. وكان الهدف من جمع هذه التوقيعات هو الإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية، وأن تقوم منظمات المجتمع المدني والمحلي بالرقابة على الانتخابات، وقصر حق الترشح للرئاسة على فترتين، وتوفير فرص متكافئة لجميع المرشحين للانتخابات الرئاسية في وسائل الإعلام.

كما طالبت أيضا بتمكين المصريين في الخارج من التصويت وأن يكون التصويت بالرقم القومي بدلا من شرط الانتخاب بالبطاقات الانتخابية وهذا بالطبع إلى جانب تعديل بعض مواد الدستور وإنهاء حالة الطوارئ. وعلى الرغم من أن هذه الحملة لم تنجح في تحقيق أهدافها إلا أنها نجحت كونها كانت الشرارة الأولى للثورة والتعبير عن أن هناك رغبة حقيقية في التغيير.

ولكن بعد أن نجحت الثورة في إسقاط مبارك وتحديدا بعد ظهور نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية وكانت النتيجة هي إعلان فوز (نعم) ظهر في عام 2011 حملة أُطلق عليها «الدستور أولا» وذلك لأن كان هناك جدل سياسي حول أسبقية كتابة الدستور وحول إجراء الانتخابات البرلمانية من عدمه، حيث وافق الإخوان المسلمين والجماعات السلفية وحزب الوفد وعدد من مرشحي الرئاسة على ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية أولا، في حين اعترض على ذلك معظم الأحزاب الليبرالية والقوى المدنية والائتلافات الثورية التي ظهرت مؤخرا لإيمانهم بضرورة صياغة الدستور أولا.

فقد كانت أهداف هذه الحملة أن يأتي الدستور أولا ثم يتم تشكيل مجلس وطني يضم الهيئات القضائية والنقابية والحزبية والجامعية والاتحادات الطلابية والجمعيات الأهلية والحقوقية بالإضافة إلى الائتلافات الثورية ويتكفل المجلس العسكري أو من يفوضه باختيارهم. ثم بعد ذلك كان سيتم اختيار 100 عضو وفقا لمعايير محددة ليشكلون اللجنة التأسيسية لوضع دستور جديد في 3 أشهر ويتم بعد ذلك طرحة للاستفتاء، وبعد الموافقة عليه كان سيتم تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تحت إشراف لجنة قضائية مستقلة، ورغم نبل هدف الحملة وأنها كانت ستغير مسار الخريطة السياسية إلا أنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها.

حقا ما أشبه اليوم بالبارحة حتى وإن كان الفرق بين (اليوم) و (البارحة) أعوام وعقود إلا أن المشهد واحد لكنه ربما يختلف باختلاف العين التي تراه، وعلى الرغم من أن كل هذه الحملات وغيرها في منها مالم يتمكن من تحقيق أهدافه إلا أنه مما لا شك فيه أحدث تأثيرا.
ويبقى السؤال الأخير هل إذا كان هناك التقاط لمطالب الشعب والنظر فيها وإذا كان هناك دولة قائمة على المؤسسات هل كانت ستظهر مثل هذه الحملات كشكل من أشكال الاحتجاج السلمي؟!

دينا عسل
مترجمة معتمدة وكاتبة مصرية
www.dinaasal.yolasite.com


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية