| | | | المراهنة على السراب ...
| | عسل | |
بقلم : دينا عسل ......................
بعد فشل حُكم جماعة الإخوان المسلمين التي خلطت بين جاه الدنيا وقداسة الدين وأثبتت من خلال ممارستها أنها لم تكن ذات مرجعية دينية بل كانت ذات مرجعية بترودولارية تعمل وفقا لمصالحها حتى وإن كانت تلك المصالح تستدعي التعاون مع الأعداء مما جعل البلاد تسير نحو منحدر الهبوط وليس الصعود كما كانوا يدّعون وبالتالي كان المراهنة عليها كالمراهنة على السراب.
هذه الجماعة التي زعمت أنها أتت لتطبق الشريعة عملت على شنّ الخصومة والطائفية وإسكات المعارضين لهم كما ارتكبوا الكثير من الجرائم السياسية باسم أنهم حزب ديني ولكن في الواقع الإسلام منهم براء فالحضارة الإسلامية حققت العدل بين الأعراق والأجناس ودعت إلى الأخذ بالأسباب والعلوم وصولا إلى الحقيقة بفضل شريعتها السمحة، لكنهم على ما يبدو ظنوا أن مرشحهم أتي ليكون رئيساً أبدياً لذا عندما خرجت الملايين رافضة حكم الدكتور مرسي سعى أنصاره إلى تحويل المجتمع إلى فوضى وخراب وقاموا بالاستقواء بالخارج وتكفير المعارضين والتهديد بالعنف حتى سقطوا في فخ الإرهاب.
وبالتالي فإن حُكْم المحكمة الآن بحلّ هذه الجماعة كان خطوة موفقة وأمراً حتمياً خاصة بعدما أعلنوا رفضهم القبول بالأمر الواقع والادّعاء على الجيش بأنه صاحب الانقلاب في حين أن الشعب هو صاحب الانقلاب لأن ما حدث كان وفقا لإرادة شعبية، كما أعلنوا كرههم صراحة للشعب والجيش في حين أن أهل مصر حباهم الله برباط إلي يوم الدين كما حباهم بجنود هم خير أجناد الأرض.
برغم زوال حكم الإخوان إلا أننا نعود من جديد للجدل بشأن إجراء الانتخابات البرلمانية أم الانتخابات الرئاسية أولاً ويحتدم الخلاف حول طبيعة النظام الانتخابى الذى ستتم بموجبه انتخابات البرلمان وتنحاز غالبية الأحزاب السياسية إلى نظام القائمة بمختلف أنواعها بينما تميل أحزاب أقل عدداً إلى النظام الفردى، وبرغم تعدد الأحزاب والتيارات وتباين الآراء إلا أن كل حزب أو تيار يستعد لضخ الأموال اللازمة لدعم مرشحي حزبه لخوض الانتخابات القادمة على أمل أن ينال الأغلبية خاصة وأن هناك خوف من سيطرة الأحزاب الدينية مرة أخرى.
فاللجنة المعنية بتعديل الدستور من أبرز المقترحات التي تلقتْها هي حظر وجود الأحزاب الدينية والجماعات الخارجة على القانون فى الدستور الجديد ولكن لابد وأن يكون هناك خطوة لحلّ جميع الأحزاب لأنها لم تقم بدورها الأمثل بل دائما كل حزب يسعى لتحقيق مصالحه وفقا لإيديولوجيات معينة يختارها ويسعى من خلالها لبناء قاعدة شعبية، ليجد كل مواطن منتمي لحزب نفسه محاصر بأفكار وأيديولوجيات وقرارات وتوجيهات حزبه مما يثير لديه الانفعال والعصبية ويترتب عليه تشنج بين الأطراف الحزبية ممن تركوا الفضاء الرحب وهو الشارع السياسي المصري ووضعوا أنفسهم داخل البوتقة الحزبية والخاسر الأكبر في النهاية هو المواطن الذي يختار النواب ليجدهم إما نيام وإما إما يثيرون موضوعات تنم عن جهل تاركين القضايا الكبرى والبعض يفتعل المعارضة من أجل الظهور أمام الكاميرات داخل قاعة البرلمان والقليل منهم معني بالقضية، فعلى سبيل المثال حزب النور السلفي حتى الآن متمسك في لجنة الخمسين المعنية بتعديل الدستور بتعريب العلوم ويرفض الوقوف حداد على روح شهداء الشرطة، وفي النهاية لا يجِّد جديد.
على الرغم من أني لم أكن يوما مع دخول جماعة الإخوان المسلمين الساحة السياسية إلا أنني أتفق مع حسن البنا في أن الحزبية السياسية وسيلة للإنقسام والتفرقة بين الشعب الواحد، فمنذ أن أسست الجماعة حزبها السياسي وهو ما يتعارض مع فكر مؤسس الجماعة نجحت بالتالي وبجدارة في تفعيل الانقسام والتفرقة وثبتت أنها كانت تسعى للوصول إلى السلطة وليس نشر الدعوة ووجدنا حزب الحرية والعدالة صورة طبق الأصل من الحزب الوطني سابقا بداية من شكل المقرات وصولا للاستبداد الحزبي مما يدلّ على أن أي حزب سيصبح هو الحزب الحاكم سيقوم بنفس الممارسات لذا فحلّ جميع الأحزاب ضرورة على الأقل هذه الأيام.
وبصدد هذا الموضوع أحب أن أشير إلى الصفقة التي أجراها عبد الناصر في الخمسينات والستينات، فنظام حُكْم عبد الناصر كان يجمع بين الاستبدادية والشعبوية في وقت واحد، وقد عقد صفقة حاكمة مع الطبقة العاملة والطبقة الوسطى وحظر جميع الأحزاب السياسية وجميع منظمات المجتمع المدني، وفي نفس الوقت كان يرفع رايات الاشتراكية فقط من أجل أن ينال شعبية حيث كانت الاشتراكية يتم استخدامها كوسيلة لجذب قاعدة شعبية كبيرة ومن ثم ممارسة الاستبداد، وأبرز دليل أدولف هتلر الذي كان رئيسا للحزب النازي في ألمانيا والذي كان يقوم على المبادئ الإشتراكية حيث ارتكب هو أيضا من الجرائم بحق العالم باسم حزبه الاشتراكي مما أدى إلى أنه بعد سقوط الحكم النازي تم إعلان أن الحزب غير قانوني في ألمانيا ويُمنع استعمال رموزه ونشر أفكاره، كما هو حال جماعة الإخوان وحزبها السياسي الآن برغم أنها لم تتاجر بالمبادئ الاشتراكية بل استخدمت سلاح أقوى وهو الدين لتتاجر به وبالتالي خسرت تجارتها.
مما ثبت بالتجربة أن المراهنة على الأحزاب أياً كان أيديولوجيتها كالمراهنة على السراب، فأرى أنه لابد من حلّ جميع الأحزاب لتصبح مصر فريق واحد كل له انتماءته وأفكاره المؤمن بها وأن يصبح المواطن هو سيد قراره فهو ليس بحاجة لمن يقرر له فنحن في النهاية جميعاً مصريين لا يهمنا سوى مصلحة الوطن الكبير "مصــــــــــــــــــــر".
دينا عسل مترجمة معتمدة وكاتبة مصرية www.dinaasal.yolasite.com
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|