| | | | الانقلاب الشعبي
| | عسل | |
بقلم: دينا عسل ...................
إن الواقعية السياسية ستوجب على الجميع في الداخل والخارج أن ينظر إلى حقيقة الواقع المصري الذي لم يكن لعاقل أن ينكره وهو أنه كان يوجد رفض شعبي شديد لحكم الإخوان المسلمين القائم على الفئوية وللدكتور محمد مرسي الذي استخدم العناد والمكابرة في الإصرار على حكومته الفاشلة غير الموضوعية وتمسكه بأخونة الدولة بكل مؤسساتها لذا كان "عام" حكم الإخوان هو عام مشحون بالتوتر السياسي الذي يهدد الاستقرار ويستدرج الفتنة ويطيح بمقومات الوحدة الوطنية ويغلق أبواب التفاهم أمام كل من يريد شراكة وطنية، هذا إلى جانب الفشل الذريه على كل الأصعدة مما دفع بالملايين من المصريين إلى الخروج في يوم 30 يونيو في حماية الجيش والشرطة وبالفعل تمكنوا من إسقاط هذا النظام البائد المستبد.
كان من المنطقي جدا أن يخرج جموع المصريين على قلب رجل واحد للسعي نحو تغيير النهج السياسي الذي كان يحاول السير بعكس إرادة المصريين الحريصين على حريتهم ليجدوا أنفسهم أمام حرب الدفاع عن الوطن ولا خيار أمامهم سوى أن تتوحد كل جهود المصريين الراغبين في العيش بحرية مع جهود الجيش والشرطة المصرية لإخراج مصر من هذه الأزمة وبشكل سلمي دون إراقة الدماء، مما يثبت أن الحرية ليست منحة من أحد بل سلوك احترفه المصريون لمواجهة - إن جاز التعبير - الاحتلال الإخواني خاصة وأنه لا يوجد محتل يرحل من تلقاء نفسه.
لكن، لم يكن من المنطقي أبدا أن يتفوّه البعض بكلام عبثي ومجرد من المعنى لإنكار الواقع، فالحديث عن شرعية الرئيس المعزول يحمل المعنى الحقيقي لفلسفة الاستبداد حيث أن الشرعية الحقيقية بيد الشعب يمنحها من يريد ويسلبها من يخيّب ظنه ولا يكون على قدر المسئولية لذا يصبح الكلام سواء عن شرعية الرئيس المعزول أو تفسير ما حدث على أنه انقلاب عسكري هو في واقع الأمر كلام لا يحمل معنى ويقع خارج دائرة العقلنة لأن ما حدث هو انقلاب شعبي وليس انقلاب عسكري.
وما حدث يؤكد على أنه لا يمكن لأي فئة أن تطغى على فئة أخرى أو حتى تقوم بإلغاء أي فصيل أيا كان ولا يجوز لتيار أن يحتكر البلد لمجرد اعتقاده أن بيده السلطة لأن هذا هو الذي يأخذ البلد إلى رهانات وممارسات تشكل خطرا على المستقبل وهو الأمر الذي لا يتهاون فيه أي مواطن مصري حر يريد أن ينعم بالاستقرار القائم على التوافق الوطني والتوازن السياسي فلا يجوز أبدا تقسيم المواطنين إلى فئات.
إلا أن هذه الفئة التي تدّعي الدفاع عن الشرعية باتت لعقود طويلة تعمل على تكبيل الحريات وخنق الإبداع وزرع الأفكار الجاهزة في الشباب دون تمحيص أو إعمال للعقل حتى مشوا في اتجاه ضد باقي الشعب المصري وضلوا الطريق وأصبحوا كما الفئة الضالة التي تعلي مصلحتها دون مصلحة الوطن وقاموا بالحديث عن أمور واهية وادعاء أن هذه الجموع التي خرجت بالملايين لإسقاط النظام هي لم تكن بالملايين بل تم تصويرها بطريقة "الفوتوشوب" وهو ما يدل على التخلف والعجز ليس إلا، خاصة وأنهم قاموا بخيانة الوطن بالاسقواء بالخارج ومناشدة المنظمات الدولية والحديث عن انقلاب عسكري ولجأوا إلى مواجهة كل من لا يتفق معهم بكل أشكال العنف والتحقير والإرهاب والاستعانة بالنساء كدروع بشرية تحمي الرجال!
لم يكن أمام الفريق السيسي سوى أن يطلب تفويضا من الشعب لمواجهة العنف والإرهاب لاستكمال المسيرة الوطنية وبالتالي لم يتواني الشعب لحظة بل نزل إلى الميادين بالملايين للمرة الثانية في 26 يوليو ليثبت أنه لا يمكن لفئة أن تغلب أمة تدافع عن الحق ليرى العالم ملايين المصريين الذين يملكون الشرعية الحقيقية للوطن يفوضون جيشهم للتصدي للإرهاب لأن مصر هي بلد الأمن والأمان وفي مشهد درامي نرى أجراس الكنيسة تدق مع أذان المغرب ليفطر كل من المسلم والمسيحي الصائمين معا في رمضان لتعود لنا وحدتنا الحقيقية لأن هذه هي مصر المحروسة.
على المواطن بشكل خاص أن يثق بنفسه كمواطن وبشكل عام عليه أن يدرك أنه لابد أن يكون هناك توازن وطني وأن يكون الجميع على قدر المسئولية الوطنية في هذا الوقت الحرج وأن تتوحد كل الجهود وأن يقوم كل بدوره في المشاركة في بناء الوطن واتخاذ القرارات الوطنية بحرية وتجرد بمعزل عن الانتماءات السياسية والعصبيات الحزبية والطائفية.
دينا عسل مترجمة معتمدة وكاتبة مصرية www.dinaasal.yolasite.com
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|