| | | | عجقة العيد
| كعك العيد |
بقلم : د. ديمة طهبوب ......................
لم تكن أمي لتدع البيت بدون أن يكون على الدوام "يلظي لظي" و "يضوي ضوي" و لكني منذ أن كنت صغيرة و أنا أراها و أساعدها أحيانا في تنظيف العيد لغبرة غير مرئية و بقع غير منظورة!!! لم يكن يختلف تنظيف العيد عن أي يوم سوى بالأسم و لكنه في نفسها و في نفوس أهل البيت كان اسما و طقسا مرتبطا بالعيد ربانا أن العيد يجب أن يكون شيئا مختلفا عن غيره من الأيام.
ينسحب الأمر ذاته على حلويات و شوكلاته العيد التي لم يكن بيتنا يخلو منها في الأيام العادية و لكننا كنا نذهب فرحين لنشتري شوكلاتة العيد و حلويات العيد و قهوة العيد و معمول العيد، الأسماء كانت مرتبطة بالموسم و للموسم طقوس كانت تضفي البهجة على أيام العيد فوق بهجة من كان فرحا بطاعة أهداها الله له في رمضان أو في خير أيام الدنيا في موسم الحج.
ازدحام الشوارع و أضوائها كلها تكتسي حلة مختلفة أو أنها العين تبحث عن فسحة للفرح فتُلبس ثوب الجمال لكل ما يحيط بها . سهر ليلة العيد كذلك لا بد منه، للكبار و الأطفال، كأننا بانتظار أن نمسك بخيوط الفرحة الأولى و نصدح بالتكبيرة الأولى مع فجر أول يوم عيد.
كنا نأكل (معلاق )الخاروف في غير أيام العيد و لكن معلاق العيد و فطور العيد كان و كأننا نتذوقه لأول مرة! كان الغداء بعد جولة حافلة من زيارة الأرحام و توزيع العيديات و حصص الأضحية و تحصيل الأطفال لغلة نقدية لا بأس بها، الغداء أول يوم عند دار الجد للأب و ثاني يوم عند دار الجد للأم، الزوجة مرتبطة بزوجها و أهل زوجها أول يوم و تجلس في البيت تنتظر أقاربها و في اليومين التاليين تعطى مجالا لتعيد هي أيضا على ذويها و أقاربها.
نعم اختلفنا بعد أن كبرنا و ما عادت التلقائية تسير تصرفاتنا و أصبحت البسمة تحتاج الى "ونش" لسحبها على أفواهنا، و لكن تظل في كثير من القلوب مساحة خضراء تنتظر أن يسقيها صاحبها لتورق أزهارا تنبت في أرض اختلط الدم و الألم بتربها فأحالها قاحلة خامدة تنتظر مواتها قبل أن يحين أجلها.
الغبطة فكرة، هكذا يقول الشاعر ايليا أبو ماضي صاحب القصيدة المشهورة قلت ابتسم، و الإيمان كذلك يبدأ كفكرة تختلج في قلب صاحبها فإذا تمكنت منه فاضت على جوارحه و من حوله و ما حوله الغبطة فكرة ليست مرتبطة بمال و لا جاه و لا بإمكانيات فخبزة و بصلة مع القناعة قد تكون حافزا للسكينة و السعادة أكثر من موائد عامرة في قصور فارهة لا يجمع بين أفرادها سوى سقف و جدران باردة و خيلاء و سرف!
لقد أعطى الله الدنيا كاملة لمن أصبح معافا في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكيف بمن زاد على ذلك أليس ذلك عيدا يوميا يستحق احتفالا و شكرا مستمرا؟! مجرد الاصطفاء الرباني لك أن تكون أهلا لشهود مواسمه الخيرة التي تضاعف فيها الأجور و تُفتح فيها أبواب المغفرة و العتق هو عيد يومي و هذا ما أدركه اليهود و حسدونا عليه يوم نزلت آية "اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا" في حجة الوداع فقالوا و الله لو نزلت علينا لكانت لنا عيدا فكيف بنا و نحن نقرؤها يوميا لا نستشعر عيدا كالذي استشعره من ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون؟!
نحتاج الى بث الروح فينا و استعادة الفرحة و أي موسم أفضل من موسم العيد لذلك، فلنوجه نوايانا أن نفرح بهذا العيد و نبث الفرحة فيمن حولنا و نتفقد البيوت و القلوب التي ابتلاها الله ليزيد أجورها و يرفع منازلها فاولئك أولى الناس بالفرحة و أفضل الأعمال سرور تدخله على قلب مسلم فتغدو ابتسامة من أمامك حسنة يثقل بها ميزانك.
كانت جدتي تدعو "الله ما يغيرلنا عادة" كناية عن الاستمرارية و الرخاء و العطاء فلتبقى العجقة كما هي و ليبقى الاستعداد و الاستنفار على أشده و لنعقد قلوبنا على نية الفرح لعله يكون استبشارا بفرح أكبر بنصر عظيم في كل بلاد المسلمين التي قصمنا هوانها و ألمها.
نفحات الفرحة مبثوثة في موسم الله الأ فلنتعرض لها لعله ينالنا منها سعادة برضى الله لا نشقى بعدها أبدا فنعيش جنة في الدنيا استبشارا بجنة الآخرة . اللهم إنا ننوي الفرح لك و بك و منك و إليك.
كل عام و أنتم من أهل الطاعات و في قلوبكم عيد لا ينتهي
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|