مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

عجقة العيد

كعك العيد

بقلم : د. ديمة طهبوب
......................

لم تكن أمي لتدع البيت بدون أن يكون على الدوام "يلظي لظي" و "يضوي ضوي" و لكني منذ أن كنت صغيرة و أنا أراها و أساعدها أحيانا في تنظيف العيد لغبرة غير مرئية و بقع غير منظورة!!! لم يكن يختلف تنظيف العيد عن أي يوم سوى بالأسم و لكنه في نفسها و في نفوس أهل البيت كان اسما و طقسا مرتبطا بالعيد ربانا أن العيد يجب أن يكون شيئا مختلفا عن غيره من الأيام.

ينسحب الأمر ذاته على حلويات و شوكلاته العيد التي لم يكن بيتنا يخلو منها في الأيام العادية و لكننا كنا نذهب فرحين لنشتري شوكلاتة العيد و حلويات العيد و قهوة العيد و معمول العيد، الأسماء كانت مرتبطة بالموسم و للموسم طقوس كانت تضفي البهجة على أيام العيد فوق بهجة من كان فرحا بطاعة أهداها الله له في رمضان أو في خير أيام الدنيا في موسم الحج.

ازدحام الشوارع و أضوائها كلها تكتسي حلة مختلفة أو أنها العين تبحث عن فسحة للفرح فتُلبس ثوب الجمال لكل ما يحيط بها . سهر ليلة العيد كذلك لا بد منه، للكبار و الأطفال، كأننا بانتظار أن نمسك بخيوط الفرحة الأولى و نصدح بالتكبيرة الأولى مع فجر أول يوم عيد.

كنا نأكل (معلاق )الخاروف في غير أيام العيد و لكن معلاق العيد و فطور العيد كان و كأننا نتذوقه لأول مرة!
كان الغداء بعد جولة حافلة من زيارة الأرحام و توزيع العيديات و حصص الأضحية و تحصيل الأطفال لغلة نقدية لا بأس بها، الغداء أول يوم عند دار الجد للأب و ثاني يوم عند دار الجد للأم، الزوجة مرتبطة بزوجها و أهل زوجها أول يوم و تجلس في البيت تنتظر أقاربها و في اليومين التاليين تعطى مجالا لتعيد هي أيضا على ذويها و أقاربها.

نعم اختلفنا بعد أن كبرنا و ما عادت التلقائية تسير تصرفاتنا و أصبحت البسمة تحتاج الى "ونش" لسحبها على أفواهنا، و لكن تظل في كثير من القلوب مساحة خضراء تنتظر أن يسقيها صاحبها لتورق أزهارا تنبت في أرض اختلط الدم و الألم بتربها فأحالها قاحلة خامدة تنتظر مواتها قبل أن يحين أجلها.

الغبطة فكرة، هكذا يقول الشاعر ايليا أبو ماضي صاحب القصيدة المشهورة قلت ابتسم، و الإيمان كذلك يبدأ كفكرة تختلج في قلب صاحبها فإذا تمكنت منه فاضت على جوارحه و من حوله و ما حوله
الغبطة فكرة ليست مرتبطة بمال و لا جاه و لا بإمكانيات فخبزة و بصلة مع القناعة قد تكون حافزا للسكينة و السعادة أكثر من موائد عامرة في قصور فارهة لا يجمع بين أفرادها سوى سقف و جدران باردة و خيلاء و سرف!

لقد أعطى الله الدنيا كاملة لمن أصبح معافا في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكيف بمن زاد على ذلك أليس ذلك عيدا يوميا يستحق احتفالا و شكرا مستمرا؟!
مجرد الاصطفاء الرباني لك أن تكون أهلا لشهود مواسمه الخيرة التي تضاعف فيها الأجور و تُفتح فيها أبواب المغفرة و العتق هو عيد يومي و هذا ما أدركه اليهود و حسدونا عليه يوم نزلت آية "اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا" في حجة الوداع فقالوا و الله لو نزلت علينا لكانت لنا عيدا فكيف بنا و نحن نقرؤها يوميا لا نستشعر عيدا كالذي استشعره من ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون؟!

نحتاج الى بث الروح فينا و استعادة الفرحة و أي موسم أفضل من موسم العيد لذلك، فلنوجه نوايانا أن نفرح بهذا العيد و نبث الفرحة فيمن حولنا و نتفقد البيوت و القلوب التي ابتلاها الله ليزيد أجورها و يرفع منازلها فاولئك أولى الناس بالفرحة و أفضل الأعمال سرور تدخله على قلب مسلم فتغدو ابتسامة من أمامك حسنة يثقل بها ميزانك.

كانت جدتي تدعو "الله ما يغيرلنا عادة" كناية عن الاستمرارية و الرخاء و العطاء فلتبقى العجقة كما هي و ليبقى الاستعداد و الاستنفار على أشده و لنعقد قلوبنا على نية الفرح لعله يكون استبشارا بفرح أكبر بنصر عظيم في كل بلاد المسلمين التي قصمنا هوانها و ألمها.

نفحات الفرحة مبثوثة في موسم الله الأ فلنتعرض لها لعله ينالنا منها سعادة برضى الله لا نشقى بعدها أبدا فنعيش جنة في الدنيا استبشارا بجنة الآخرة . اللهم إنا ننوي الفرح لك و بك و منك و إليك.

كل عام و أنتم من أهل الطاعات و في قلوبكم عيد لا ينتهي
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية