بئر الخيانة
...............................................................
|
الموساد يكشف وثائق : ولاء أشرف مروان لإسرائيل فقط |
بقلم: الحسين محمد
قبل ما يزيد علي 50 عاما حاولت أجهزة المخابرات الإسرائيلية الإجابة عن سؤال واحد.. هو «هل أشرف مروان عميل مزدج أم عميل منفصل؟» حتي الآن لم يستطع رجال الأمن علي جميع المستويات في تل أبيب تقديم إجابة قاطعة لذلك قام أحد المواقع الإلكترونية الإسرائيلية بإجراء حصر شامل لكل ما تناولته الصحف العبرية حول قضية الدكتور أشرف مروان وشمل هذا الحصر أكثر من 73 موضوعاً مختلفاً حول شخصية العميل «بابل»- كما كانت تطلق عليه إسرائيل- لتكتمل في النهاية القصة. تم جمع الأدلة وشهادات من عاصروه من رجال المخابرات الحربية أو الموساد الإسرائيلي، هذا الحصر تم دمجه في ملف ضخم أُدرج ضمن الموسوعة الحرة الإسرائيلية.
ركز الملف الإسرائيلي علي الجانب الاستخباري في حياة أشرف مروان وعلاقته بالموساد الإسرائيلي، تم تخصيص فصل كامل عن هذه المرحلة المهمة يتضمن تفاصيل جديدة منها:
غراميات لندن
في أواخر الستينيات سافر أشرف مروان إلي لندن للحصول علي درجة الماجستير في الكيمياء، لكن وفقا لبعض المصادر القريبة منه كان مصروف جيبه يكفيه بالكاد ولم يحقق له المعيشة المريحة التي كان يتمناها، لذلك لعب علي زوجة أحد الكوايته، وذكرت الموسوعة أن هناك علاقة حب ربطت بينهما توافر علي أثرها المال الذي كان يحتاجه، ووقتها أبلغت السفارة المصرية الرئيس جمال عبدالناصر بما حدث فقام باستدعائه مرة أخري للقاهرة، وطلب من ابنته أن تطلب الطلاق منه، لكنها رفضت ليتلقي مروان الأوامر بالاكتفاء بما لديه والعيش في حياة متواضعة غير أن عبدالناصر ـ الذي خشي من أن يعود مروان لسابق غرامياته في لندن ـ وافق علي سفره فقط من أجل تقديم الأبحاث واجتياز الاختبارات، وخاب أمل مروان في أن يصبح اليد اليمني للرئيس عبدالناصر الذي بدأ في النفور منه واتجه مروان بعدها لقطاع العمل الاقتصادي.
وخلال الأربع سنوات التي سبقت الحرب حاول أشرف مروان الاتصال عدة مرات بالسفارة الإسرائيلية في لندن وكانت طلباته تقابل بالرفض، ثم الموساد قبول التحدي والدخول في مغامرة احتمالية كونه عميلا مزدوجا وهو الشك الذي نجم نتيجة تطوع مروان بنفسه لتقديم خدماته للموساد الإسرائيلي وتقرر مقابلته، وخلال لقائه الأول مع شموئيل جورين رئيس فرع الموساد بأوروبا طلب أشرف مروان 100000 دولار نظير كل لقاء.. وتحدث عن خيبة أمله من الهزيمة المصرية في 1967.
وخلال هذه الجلسة خرج جورين بانطباع مهم وهو أن مروان ليس عميلاً مزدوجاً وأوصي بضرورة التعاون معه من قبل الموساد. وطلب من أشرف مروان إثبات ولائه لإسرائيل. وكانت إحدي أهم الوثائق التي نقلها أشرف مروان للموساد الإسرائيلي هي بروتوكول المحادثات المصرية- السوفيتية التي تمت خلال زيارة عبدالناصر السرية لموسكو يوم 22 يناير 1970 والذي طالب من خلاله عبدالناصر بضرورة أن يوفر له الاتحاد السوفيتي المقاتلات الحربية التي تتيح له ضرب المطارات العسكرية الإسرائيلية وكانت القيادات الإسرائيلية تطلع علي معلومات أشرف مروان.
وخلال فترة تعاونه مع الموساد قدم مروان معلومات غاية في الأهمية من ضمنها أن الرئيس السادات لن يستطيع البقاء في منصبه أكثر من عدة أشهر
قبل حرب 1973
في ديسمبر 1972 حذر مروان إسرائيل لأول مرة من وجود نوايا مصرية لشن حرب علي إسرائيل. وفي أبريل من عام 1973 حذرها مرة أخري من احتمالية شن هجوم مصري آخر، وقبل اندلاع الحرب بـ40 ساعة نقل مروان للمسئول عن تشغيله «دوبي» الكلمة الكودية المتفق عليها «تسنون» ومعناها «الفجل» التي تعني التحذير باندلاع الحرب وأن مروان سوف ينقل له معلومة أخري خلال الـ24 ساعة المقبلة.
اللقاء المصيري في لندن
وفي يوم 5 أكتوبر 1973، التقي هناك كلا من أشرف مروان والقائم علي تشغيله «دوبي» وتم اللقاء في الساعة العاشرة مساء، قال تسفي زامير في هذه المقابلة إن أشرف مروان بدا متوترا للغاية وعصبياً وأنه قد تلقي منه معلومة الحرب بعد أن ضغط عليه قال «أرييه شلو» مساعد رئيس شعبة «أمان» للتحقيقات: إن أشرف كان يخشي من أن يعطي لإسرائيل موعدا خاطئا مرة أخري عن موعد الحرب.
هل كان عميلاً مزدوجا؟
ظل هذا السؤال يؤرق إسرائيل منذ بداية تعاون أشرف مروان مع الموساد الإسرائيلي الذي كان يخشي من أن يكون هذا الرجل قد تم إعداده خصيصا لتضليل إسرائيل فيما يخص نوايا مصر لشن حرب علي إسرائيل، تم طرح هذه المسألة ومتابعتها والتحقيق فيها كثيراً من جانب جهاز الموساد بعد حرب 1973.. وأظهرت النتائج أن أشرف مروان لم يكن عميلا مزدوجا.
وفي كتابه «المراقب النائم» الذي ألفه أوري بر يوسف الباحث في موضوع حرب 1973 كتب «بر يوسف»: لم يكن بابل عميلاً مزدوجاً ولم يكن الورقة الحاسمة في خطة الخداع المصرية: «كان عميلا سلمياً لم يكن يعرف كل شيء طوال الوقت وفي بعض الأوقات خاصة قبل الحرب تردد في نقل أي تحذيرات جديدة بلهجة قاطعة خصوصاً بعدما لم تتحقق التحذيرات التي سبق أن أبلغ بها الموساد الإسرائيلي ولذلك كان هو ضحية للتأثير القاتل لحرب أكتوبر والمسئولون عن تشغيله».
نقلا عن جريدة الفجر المصرية