أم رجب
...............................................................
|
أم رجب فى محطة بولاق الدكرور بالقاهرة |
بقلم إبراهيم معوض
داخل محطة أتوبيس «بولاق الدكرور»، وضعت اعتماد محمد محمود الشهيرة بـ«أم رجب»، «نصبة شاى» لخدمة السائقين والعمال والركاب المترددين على المحطة، وهو العمل الذى اختارته بعد أن ضاقت بها الحياة، ولم تجد مصدر دخل تنفق منه على أبنائها الخمسة: ثلاث بنات وولدين.
كانت «أم رجب» تعيش حياة كريمة وسعيدة منذ طفولتها مع أبيها وأمها وإخوتها داخل بيت العائلة فى منطقة بولاق الدكرور، حيث كانت تنتمى لكبرى عائلات المنطقة، وبعد قصة حب انتهت بالزواج من ابن عمها الفقير الذى كان يعمل «أسطى قهوجى» فى مقهى فى وسط البلد، عاشا سوياً حياة متواضعة، لكن المشاكل حاصرته من كل اتجاه.
مرض زوجها كان أول مشكلة واجهت «أم رجب» لكنها لم تستطع التغلب عليها، إذ تطلب علاجه إنفاق مبالغ كبيرة اضطرت معها إلى بيع كل ما تملكه فى الحياة، حتى شقتها، مما اضطرها إلى الإقامة فى غرفة واحدة فى شارع «حسن إمام» فى المنطقة نفسها، وبشق الأنفس تمكنت من تزويج بناتها الثلاث. لم تنته مشاكل «أم رجب» عند هذا الحد، بل زادت بعد تعرض ابنها الصغير «سيد» لوعكة صحية أودت بحياته وهو فى التاسعة من عمره، كل ذلك دفع «أم رجب» إلى الاستسلام والنزول إلى الشارع للعمل، مصطحبة ابنها «رجب» 19 عاماً، وأقاما سوياً «نصبة شاى» داخل المحطة.
ذكرت «أم رجب» أنه منذ 12 عاماً حدثت مشاجرة بين عائلتين إلى جوار غرزتها، ووقف ابنها «رجب» يدفع المتشاجرين بعيداً عنها خوفاً من أن يلحقها أى أذى، فأصابته شومة فى رأسه أودت بحياته على الفور، حتى إن زوجها لم يتحمل الأحزان التى خيمت على أسرته، وهرب من المسؤولية، واختفى من حياتهم تماماً، ولم يستدل عليه منذ 8 سنوات.
وما زاد الطين بلة أن «أم رجب» تنفق على ابنتها عبير وطفلتيها بعد أن انفصلت عن زوجها، وتهرب طليقها من الإنفاق على ابنتيه، ورغم ذلك تحملت «أم رجب» دون أن تشكو إلى أحد، ولكن كل ما يضايقها حالياً هو مطاردة شرطة المرافق لها التى تستولى على محتويات غرزتها وأمتعتها، لذا تناشد محافظ الجيرة، تخصيص كشك لها داخل المحطة تعيش منه وابنتها وحفيدتها، خاصة أن العمر تقدم بها ولم تستطع تحمل البهدلة- على حد قولها- واختتمت «أم رجب» كلامها قائلة: «كل ما أتمناه من متع الحياة أن أموت دون أن أمد يدى لأحد».