| | | | عاوزة ورد يا إبراهيم!
| | هند صبري | |
بقلم :محمد جمال عرفة ...........................
مرضت أمي يوما ما وذهبت للمستشفي بضعة أيام، فشمر والدي عن ساعده وهويحاول أن يبين لنا أنه سوف يكون الأب والأم ويقوم بطبخ الطعام لنا، وأتذكر أنه نوى أن يطبخ لنا "صينية" بطاطس بالطماطم، وأرزا، فملأ الوعاء بالماء وهمّ أن يضع فيه البطاطس، فقلت له إن أمي لم تكن تضع الماء مع البطاطس، ولكنها تضع معها الصلصة والبصل وبعض السمن!. وعندما حاولت أختي الكبرى مساعدته –وكنا صغارا– بعمل الأرز فوجئنا على السفرة أن "حلة الأرز" كانت قطعة واحدة (معجون يعني)، ولما سألناها كيف خرج
الأرز هكذا كتلة واحدة قالت: "كلما خف الماء فوق الأرز وضعت غيره"!! وما لفت نظري في معركة "الأرز والبطاطس" هذه، أن الأم كانت تطبخ لنا يوميا أشهى الأكلات، ونحن لا نشكرها ولا نقدر هذا الأمر حتى مرضت فشعرنا بأهميتها واضطراب حياتنا بدونها، وأنه حتى رغم محاولة الأب تعويض بعض مجهود الأم فلم تفلح المحاولة، وظل أبونا وأخواتنا البنات الصغار "يجربون" فينا أردأ أنواع الطعام حتى تعافت أمي –بارك الله فيها– وعادت بطوننا لبر الأمان.
وعندما كنت عازبا كنت أهوى عمل طبق الفول بالطماطم والبصل والثوم، وأبرع فيه حتى أن رائحته كانت تجذب الجميع، ولكن بعد زواجي أصبحت مثل "تنابلة السلطان" أنتظر أن تقوم زوجتي بكل شيء وشجعتني هي على هذا بتحذير مباشر من الاقتراب من المطبخ حصنها العتيد (بصراحة لأن الرجالة بتقلب الدنيا في المطبخ لو دخلته).
ويوما ما شعرت زوجتي ببعض التعب ولم تطبخ لنا طعام الغداء كالمعتاد، وهمت بتجهيز وجبة خفيفة، فعرضت المساعدة وقلت لهم "هتشوفوا هعمل لكم أحلى فول بقوطة (طماطم)"، وما هي إلا لحظات وكانت رائحة الفول الزكية "تخلب" البطون والعقول، وجلسنا لتناول الطعام، وأنا منفوش الريش مثل الطاوس وأنشد لأبنائي وزوجتي شعرا في الفول الذي صنعته قائلا: "شو حلو كثير"، "إيه رأيكم" وبدأت أغضب لأن أحدا لم يقل لي كلمة ترضية أو تشجيع أو يشير علي بوضع طبق الفول في موسوعة جينز مثلا!
فول الطماطم العظيم!
وفجأة ألقمتي زوجتي حجرا بقولها: "يعني أنا كل يوم أطبخ ولم يقل لي أحد: أحسنت، بل على العكس دائما تقولون لي: الملح قليل.. اللحم لم يستو جيدا.. الرز كان محتاج يستوي أكثر.. وغيره، ولم يقل لي أحد يوما شكرا، وأنت عشان دخلت المطبخ يوم واحد عايزنا نقوم نهتف لك على طبق فول؟!".
فأسقط في يدي وشعرت بالعرق يبلل جسدي، وأننا معشر الرجال والبشر نفقد الإحساس بالشيء الجميل وهو معنا، ولا نشعر بأهميته إلا عندما نفقده!. فأكل الأم أو الزوجة أو حتى الأخت، ودعاء الأم والزوجة وحنان الأم والزوجة.. كل هذا لا نشعر به ونعتبره "فرض عين" يجب أن يتوافر، ولا نشعر بأهميته وعظمته إلا حينما يضيع منا ولو ليوم واحد!.
تذكرت كلمات زوجتي عن "فول الطماطم العظيم"، وتذكرت قبلها درس مرض أمي، وتذكرت معه أن زوجتي كانت تقول لي في بعض الأحيان إنها تريد وردا لأنها تحب الورد وأنا أعتبر طلبها نوعا من المراهقة رغم أني كنت أحضر لها وردا ونحن أزواج جدد!.
الكباب أم الورد أكثر رومانسية؟!
وجاءت الطامة الكبرى حينما شاهدت زوجتي فيلم "أحلى الأوقات" وسمعت الممثلة هند صبري – التي تمثل دور زوجة تعاني من جفاف الحياة العاطفية مع زوجها – وهي تقول لزوجها: "عاوزة ورد يا إبراهيم".. بعدها يسألها وهو مستغرب لتغير أحوالها: "عاوزة إيه يا يسرية؟!" من يومها وزوجتي تقول لي في الداخلة والخارجة: عاوزة ورد يا إبراهيم. وعندما أقول لها مثلا: تعال أعزمك على العشاء عزومة حلوة ترد مثل "يسرية": "عاوزة ورد يا إبراهيم وما تقوليش أن نصف كيلو الكباب أحلى وأكثر رومانسية من الورد".
ومع أني بدأت "أجيب ورد كثير"، فقد استمرت الأسطوانة يوميا، وشعرت وقتها أن زوجتي تسعى للانتقام من "الـ17 سنة طبيخ التي مضت!". هاتوا ورد لزوجاتكم وأمهاتكم ومن تحبون.. "وأوعوا تقولوا لهم الكباب أكثر رومانسية من الورد أحسن تتحرموا من الأكل أصلا وتناموا في الشارع!".
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|