مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 فى عاصمة العالم القديم

قصر المنتزة

بقلم عبير محمد على - بورسعيد

‏على أنغامٍ سيمفونية بحرية يمتزج فيها هدير الموج مع همس القواقع يمكنك أن تقضى أروع صيفٍ بين أحضان الطبيعة ونسمات البحر، وأن تسرح بخلدك فى تجولك بين صفحات الماضى عبر الآثار والقصور المشيدة .

بالرغم من كونى أسكن مدينة ساحلية جذابة إلا أن متعتى بقضاء الصيف لا تكتمل الا بالسفر إلى تلك المدينة العتيقة ، حيث أذهب مع أسرتى .

إنه العشق والانتماء لروح المكان ، فلكل بقعةٍ على أرض المحروسة رونقٌ وسحرٌ مختلف يجعلك تتعلق بالأماكن كتعلق الوليد بأمه التى لا يكاد يتركها إلا ويشعر بالحنين إليها ، حنين الدفء وذكريات الصيف والطفولة .

هى تحفة الاسكندر المقدونى الذى بناها عام 331 ق.م ، ذاكرة الماضى من العصر البطلمى ، مازالت شامخةً شموخ الصخر ، متألقة تزداد روعة وبهاءً كلما تقدم بها العمر ، تنقلك بخفة الى العالم القديم بكل تفاصيله وحكاياته ، حيث كانت عاصمته فى الثقافة والتجارة والفنون والعلوم .

فى الاسكندرية لا يكفى يوم أو يومين للزيارة فعلى أقل تقدير يمكنك أن تقضى أسبوع إلى عشرة أيام حتى تتمكن من الاستمتاع بالتنزه وزيارة معالمها وآثارها التى مازالت محتفظةً بسماتها التاريخية اليونانية والرومانية والمعمارية الإسلامية ، واقفة تتحدى أكثر المهندسين ابداعاً في فن العمارة والبناء فى عصرنا الحديث .

من أبرز المعالم وأكثرها زيارة "قلعة قايتباى" حارسة الميناءين والمشيدة على شاطىء البحر فى "الانفوشى " والتى بناها السلطان المملوكى "قايتباى" ، مكانٌ يشعرك بالهيبة ويجعلك تستحضر العظمة فى زمن القلاع والحصون ، متأملاً لمنظر السفن والقوارب الشراعية التى تصطف على الشاطىء وفى عمق البحر يمر أمام عينيك مشهد حريق الاسطول ذو المائة سفينة والذى أفتعله يوليوس قيصر عندما أتى الاسكندرية لمناصرة كليوباترا والذى طال وقضى على أي أثر وذكرى لمكتبة الاسكندرية القديمة .

فى القلعة أنت بحاجة إلى ضعف طول ساقيك حتى تتمكن من صعود السلالم التى تؤدى بك الى الطابق العلوى ، وهنا اكتشفت مدى ضخامة وحجم من عاشوا تلك الفترة . وفى الأعلى ينكشف أمامك الميناء كله عبر نوافذ تطل على البحر، وترى البر إلى مسافات بعيدة ، وقد عُلقت بزة عسكرية يخيل إليك أنها مصنوعة من خيوط من المعدن لبقائها هذا الزمن مثابرة لعوامل التلاشي ، مع قطعٍ متناثرة من أدوات استعلمت وقت الحروب .

وفى رفقة الطبيعة الخلابة يقف قصر المنتزه ليبهر أعين الناظرين بإطلالته الملكية الساحرة من فوق هضبة على شاطىء البحر محاط بحديقة من الغابات والأشجار من كل جانب تبلغ مساحته بالحديقة 370فدان وهو يرجع للأسرة الملكية.

و بجواره يوجد قصر السلاملك وهو المخصص للرجال ويبعد عنهم قليلا قصر الحرملك المخصص للنساء ،جميعها مشيد على الطراز الاسلامى فى أبهى حلته .

يوجد بالحديقة شاليهات وشلالات مائية وفنادق ومطاعم تنحني جميعها لترحب بخدمة الزائرين .

يشد انتباهك دوماً من كثرة التكرار عبارة ملصقة على كل ما هو نادر وثمين " ممنوع اللمس أو التصوير" حرصاً على الندرة والقيمة والتشويق لمن لم يرها ،كما سأفعل أنا معكم حتى تضاء الاسكندرية بزيارتكم البهية .

من أجمل المتاحف التى زرتها متحف المجوهرات الملكية وهو قصر فاطمة الزهراء من أميرات الأسرة المالكة ، يحوي العديد من قطع المجوهرات الثمينة المصنوعة من الالماس والأحجار الكريمة والزبرجد ، وعلى جدرانه تتمايل اللوحات الزيتية لأفراد الأسرة المالكة ، النظر اليها بعمق يسحبك برفق إلى تفاصيل الزمن الذى عاشه هؤلاء لتدرك أن حياتهم كانت وقتها لوحةً فنية مرسومة بدقة ولكنها تفتقد للروح والحياة . يموت صاحبها ثم تباع فى المزاد ليتمتع بها الآخرون . مقتنيات الملك وغرفة نومه وكل شىء مطعم بالذهب . أواني من الذهب والفضة المنقوشة بعناية ودقة فنان محترف ، زخارف زاهيةُ ألوانها رغم مرور الزمن ، وتقف التماثيل النادرة المصنوعة من الرخام والمرمر فى شموخ كأنها تقدم لك التحايا عند باب القصر .

كل قطة قد تحتاج منك عدة ساعات لتتأملها وتبحرمعها فى تفاصيلها ودقتها حتى تكاد ترى عليها بصمات من أبدعها .

فى تجمعٍ بهيج للمساجد مفعم بالاضواء والاجواء الروحانية ، تستقبلك رائحة البخور المنبعثة من كل اتجاه وتجده شامخاً بمنارته الشاهقة وقبابه الأربع وهندسته المعمارية الفائقة الدقة والعالية التصميم ، إنه مسجد" سيدى أبو العباس المرسي" والذى بناه الشيخ زين الدين القطان كبير تجار الإسكندرية عام 706هـ. على قبر أبي العباس المرسي .

وما عليك إلا أن تسير بضع مترات لتجد فى واجهته مسجد الامام البوصيرى وهو أحد تلاميذ أبي العباس وكأنه أبى أن يفارقه حتى فى الممات .

ومسجد سيدى بشر..نسبة إلى بشر بن الحسين بن بشر الجوهري. والذى أتى الاسنكدرية مع من جاء من علماء المغرب والأندلس في أوائل القرن السادس الهجري .كلها تشكل تحفة معمارية متناغمة من زمن الاصالة .

وللفن نصيب على أرض الرمال البيضاء والصخر المضىء ، فتراه يستقبلك فارداً مدرجاته الإثنى عشر ذات اللون الوردي المشيدة من الحجر الجيري والتى تفوح منها رائحة الفن الرومانى من القرن الرابع الميلادي إنه المسرح الرومانى ، والذى يشتمل أيضاً على حمامات رومانية من تلك الفترة .

أظنك قد أتعبك كثرة التنزه والتجوال .. الآن يمكنك أن تتناول ما تشاء من الأصناف فكل شىءٍ متاح على المائدة ولكن لايحق لك أن تكون فى الاسكندرية ولا تتناول وجبة السمك والجمبرى المشوى على الفحم ، بجانب الأرز الأحمر الشهير هناك و المسمى "بالأرز الصيادية " وطواجن السمك المختلفة الأشكال والمكونات والمذاق ، مع المحار والجندوفلى المعمول بالخلطة .

وبقسط من الراحة والاستجمام على إحدى شواطىء الاسكندرية يمكنك استعادة الحيوية والنشاط لليوم التالى .

هى متعة لا تنتهى من التنزه بين أروقة الماضى المشيد وروح التاريخ المتعلقة بأنفاس الحاضر ..

موضوعات ذات الصلة


ثقافة الهزيمة .. أسكندرية ليه؟
 


 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية