مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 كان معايا سوداني

فول سودانى

 بقلم: مهندس سامى‏

في قطار الصعيد وحيث تستغرق الرحلة من القاهرة إلى أسوان 22 ساعة في قطار الركاب (الذي يقف في كل المحطات) وعند اقترابه من مدينة قنا كان شندي يتأهب للنزول من القطارثم الصعود مرة أخرى.... يسير شندي وبيده قفة فارغة بعد أن أكرمه الله ببيع كل السوداني ...

لم يكن شندي يستطيع السير في عربات القطار دون أن ينادي، ولكنه هذا المرة ينادي بصوته الجميل وبلحن ألفته آذان الركاب المترددين على مصنع السكر قائلا ...كان معايا سوداني ...كان معايا سوداني .... يضحك بعض الركاب ويندم البعض على نفاد السوداني الصعيدي والمقلي بنكهته المحببة ولكنهم ينتظرون تبديل القفة عند محطة قنا...

كان شندي شابا أسمر اللون قصير الطول نحيف الجسم يبتسم دائما لكل الركاب ويتسامر معهم كأنه يعرفهم واحدا واحدا ويألفه كل من لا يعرفه بمجرد رؤيته... كان السيد ابن شندي الأكبر ينتظر بجوال السوداني في المحطة فيستلمه الوالد ليكفي المسافة بين قنا وأسوان ، ويتركه شندي بالتالي أمانة عند أي راكب في العربة الأولى باعتبار أنه مخزون استراتيجي يكفي لملأ القفة ثلاث مرات.....

تحرك القطار في تكاسله المعتاد مسافة قصيرة لا تزيد عن ثلاثة كيلومترات ، ثم توقف حتى يسمح للإكسبريس المقابل أن يمر عبر الخط المفرد متجها إلى القاهرة...نعم القطارات أيضا لها رتب وأقدار....تعود الركاب في قطار المراكز على انتظار مرور القطار السريع مرات متعددة في رحلتهم اليومية المملة....سوداني سخن عال ...لووووز يا سوداني ....سلي نفسك سوداني...سوداني سدسد سوداني...

ينسى الركاب ملل الانتظار ويسليهم شندي بأدائه المميز وألحانه العذبة وكلماته المتجددة وخفة ظله وابتسامته العريضة...سوف يمر القطار بعد دقائق قريبا من حقول القصب ، وسوف تسمح سرعته البطيئة بشراء بعض الأعواد من الواقفين على جانبي السكة ....يمصها الركاب ليقطعوا رتابة الرحلة ويتحملوا تكرار الوقوف ....القطار مزدحم كالعادة ....يجلس وينام بعض ركاب المسافات الطويلة فوق الرف وتتدلى أحذيتهم فوق الرؤوس ولكن لا يعترض أحد فقد تعودوا على ذلك منذ زمن طويل ...

يتذكر المثقفون من الركاب هند رستم وهي ترقص في هذا القطار في ذلك الفيلم القديم ...لقد شاهوا الفيلم عدة مرات ولكن لم يشاهدوا ذلك الرقص في الواقع ...الأذهان سارحة والكلام لا ينتهي بين الركاب وتختلط الأصوات وتعلو وتتوالى الحكايات وتمل الأفواه من مضغ السوداني ومص القصب، وأحيانا يغلب النعاس من فرط التعب ثم يستيقظ النائم على نداء شندي الذي لا ينام ....سوداني مقلي لووووز...سوداني سدسد سودانييييا ...وينزل ركاب ويصعد آخرون وتستمر الرحلة

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية