مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 ب 400 دولار توت ـ نظافة وجمال وتنمية ‏
...............................................................

 

فقط 400 دولار ..تحقق حلم تنمية وتجميل المصرف

 

بقلم حازم يونس

كان من الصعب أن نتجاهل رسالة ضياء الدين حسن، الشاب المصري الذي يدرس الكيمياء بألمانيا، الرسالة كانت تحمل حماسا واضحا ورغبة صادقة من الشاب في تعميم التجربة التنموية التي نفذها مستخدما "شجرة التوت" في قريته "زوير" مركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية (إحدى محافظات وسط الدلتا بمصر).

لم يخب ظني؛ فحالة الحماس التي بدت في الرسالة استشعرتها أثناء محادثته صوتيا بعد ترتيب لقاء معه عبر "الشات" لمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذه التجربة، التي يمكن وضعها تحت عنوان: "التنمية من بوابة الجمال".

واهتدى ضياء إلى تنفيذ التجربة بعد حوار دار بينه وبين صديق له يدرس في ألمانيا ينتمي –أيضا– إلى إحدى القرى المصرية.

يقول ضياء: "فوجئ صديقي عند زيارته لقريته بعد انقطاع عنها دام لسنوات بأن هناك مدا دينيا بالقرية.. وفي نفس الوقت كان حال النظافة بها يرثى له".

لم يسعف صديقه للتعليق على هذا التناقض، سوى العبارة الشهيرة التي قالها الإمام محمد عبده بعد عودته من فرنسا: "رأيت في الغرب إسلاما بلا مسلمين، ورأيت في ديار الإسلام مسلمين بلا إسلام".

وأوضح لأهالي قريته أن "النظافة سلوك إسلامي أصيل، ولا يصح أن نكون ملتزمين دينيا وأكوام القمامة متراكمة أمام منازلنا.!".

وكانت هذه الصدمة التي أصابت عين صديقه -بعد أن تعودت لسنوات على الجمال في ألمانيا- دافعا لأن يقرر عدم المغامرة بزيارة القرية مرة أخرى؛ لأنه كما قال في الحوار الذي دار بينهما: "لا يوجد أمل.".

يقول ضياء: "لم يعجبني قرار صديقي؛ لأني أرى أن دورنا ليس الانسحاب، بل واجبنا هو محاولة التغيير بناء على ما شاهدناه وتعلمناه في الخارج".

وكان القرار الذي اتخذه هو البدء في عملية التغيير مع أول زيارة يقوم بها لقريته؛ ليثبت أن هناك دائما أمل.

البداية من المصرف

وكان قد هاله كم القمامة المتراكمة على جانبي المصرف، الذي يمر بوسط القرية بطول 2 كم، فقرر تنظيفه وزراعة جانبيه بأشجار التوت.

لم يكن ضياء يملك رؤية واضحة لنقطة الانطلاق في مشروعه، لكن ما إن وطئت قدمه أرض القرية حتى أدرك أن البداية لابد أن تكون من "المصرف".

وكما كان صديقه متشائمًا من إمكانية التغيير، وجد نفس الروح عند كثير من أبناء القرية، الذين وصفوه بـ"الحالم"، على حد قوله.

إلا أن هذا الكلام لم يزعجه، ويقول: "أصبحت أكثر تصميما على التنفيذ، متيقنا أن القدر سيسوق لي من يؤمن بفكرتي ويساعدني على تنفيذها".

وتحقق لضياء ما تمنى؛ فقد آمن بفكرته أحد العاملين بمجال المقاولات بالقرية، وقليل من شبابها.

يقول: "كان هذا العدد كافيا جدا لمساعدتي على تنفيذ المشروع؛ فالمقاول أبدى تكفله بتوفير العمالة بأجر معقول، والشباب تعهدوا بمتابعة الأشجار بعد زراعتها، أما أنا فوفرت تكاليف شراء شتلات الأشجار وأجر العمالة".

وساطة الحزب الحاكم

إلى هنا كان من المفترض أن يشرع ضياء في التنفيذ، غير أنه فوجئ بأن عليه أولا أن يحصل على تصريح.

تحرك أولا في اتجاه الوحدة المحلية، التي وضعت له قائمة بالموافقات التي ينبغي أن يحصل عليها، والمضحك في الأمر أن رئيس الوحدة نصحه بأن يشرك معه في المشروع رئيس مكتب الحزب الوطني بالقرية "الحزب الحاكم في مصر" حتى يحصل على الموافقات.

يقول ضياء مبتسمًا: "لم تكن لدي مشكلة.. بل ليس لدي مانع أن ينسب رئيس المكتب هذا المشروع لنفسه.. المهم أن أراه محققا على أرض الواقع".

وكما نصح رئيس الوحدة المحلية كانت وساطة الحزب الحاكم مجدية، وحصل ضياء على الموافقات الرسمية ليشرع في تنفيذ المشروع

لماذا شجرة التوت؟

اختار ضياء أن تكون البداية بزراعة أحد جوانب المصرف بـ500 شتلة شجرة توت، وكان ذلك في شهر ديسمبر من عام 2008، ونوى أن يزرع الجانب الآخر من المصرف في زيارته التي يقوم بها للقرية في شهر ديسمبر 2009.

وعندما سألته: ولماذا شجرة التوت تحديدا؟

قال: "لا أنكر أن هدفي كان في الأساس هو المشهد الجمالي الذي تعودت على رؤيته في ألمانيا، ولكني فكرت فيما بعد وتساءلت: لما لا أحقق تنمية أيضا؟!".

كان ضياء يقصد بذلك إقامة مشروعات صغيرة باستخدام الأشجار التي يزرعها، ولأن الريف المصري لديه خبرة التعامل مع شجرة التوت، كان قراره بالاعتماد عليها.

ويخطط ضياء لتشكيل لجنة من حكماء القرية تتولى توزيع محصول هذه الأشجار على فقرائها، بما يمكنهم من استغلاله للحصول على دخل مادي، سواء ببيع محصول التوت نفسه، أو استخدامه في إنتاج المربى.

كما سيعمل على توجيههم لكيفية إنتاج الحرير من تربية دودة القز على أوراق شجر التوت.

بقي في النهاية أن نعرف أن هذا المشروع لم يكلف ضياء سوى 2000 جنيه "400 دولار تقريبا"، توزعت بين شراء الشتلات وأجر العمالة.

ولكن القضية ليست في التكلفة المادية -كما يؤكد ضياء- فالفكرة أن يكون لديك الحافز لتغيير مجتمعك.

ويقول: "إذا وجد هذا الحافز فلن تقف أمامك عقبات، حتى لو اضطررت لدفع أضعاف هذا المبلغ عشر مرات.".


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية