مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 مطر .. مطر ..!
...............................................................

مطر .. مطر ..!

 بقلم د.كوثر القاضى ـ كاتبة سعودية‏

مطر .. مطر ..! صباح غائم وجميل..

لفجر البيت اليوم عبق خاص ، ورائحة غير مألوفة لم أشمها منذ أيام الطفولة .. تأملت الشارع الذي لا زال مبللاً بأمطار الأمس الغزيرة .. ونظرت إلى السماء الغائمة مستجدية قطرات قليلة ؛ حتى أجد عذراً للتغيب عن الجامعة والجلوس في البيت ؛ للاستمتاع بالجو الجميل الذي يعقب هطول المطر ، متخيلة نفسي ممدة على الأريكة أحتسي كوب الشاي الدافئ ـ إلا أن وجوه طالباتي وهن ينتظرنني في الأروقة والممرات كل يوم
بنظرات قلقة لا تلبث أن تعلوها الابتسامة إذا ما لمحنني أرتقي السلالم
،أو أفتح باب المصعد ـ فككت خيوط المؤامرة ..حينها فقط شعرت
بالهواء البارد يصفع جبهتي ، ويجلد مؤخرة عنقي ، فأغلقت النافذة
بغضب وبدأت بارتداء ملابسي ..

في مكة نادراً ما يهطل المطر صيفاً أو شتاءً ، فإذا ما نزلت بعض قطرات
منه داخل مكة أو خارجها في المناطق البعيدة عن مكة ، والقريبة من
طريق الكر / الهدى تجد الناس يقيمون احتفالية من نوع خاص ، وغالباً
ما تغلق المدارس أبوابها خوفاً على الطلاب من السيول التي تتجمع في
الوديان بسرعة مهما كانت الأمطار قليلة ..

دخلت الجامعة من باب فرعي مخصص لطالبات السكن الداخلي ؛ فالباب
الرئيس مغلق ، وكأنهم يتآمرون مع الأمطار لتشجيع الطالبات على
الغياب .
استرعى انتباهي كومة خضراء تهتز بشدة في أحد الأركان ، فإذا بها عاملة سيرلانكية تبكي بحرقة !

خلعت عباءتي المبتلة وطرحتي وعلقتهما على نتوء بارز في الجدار
ليجفا ، وبدأت في تمشيط شعري المبلل الذي فسدت تسريحته ، وشددته
إلى الخلف بمطاط أسود كان ملقى في حقيبتي بإهمال .

نظرت إلى برادة مياه قديمة وضعت بشكل عشوائي أمام الدرج المؤدي
إلى المعامل لأرى انعكاسا لصورة وجهي وقد تلطخ ماكياجي ، فلم أتردد
في مسحه بمنديل نظيف ؛ لأبدو والحالة هذه كطالبة ثانوية تتوجه إلى
مدرستها ؛ وساعد على تعزيز هذا الانطباع حجم جسمي الصغير ،
والطقم الكحلي الذي كنت أرتديه ! والحذاء المنخفض الذي كنت أنتعله !

في هذه الأثناء كانت العاملة تنظر إلي باستغراب وقد جفت دموعها
وتهدل فكها السفلي ؛ ولاح على محياها ظل ابتسامة باهتة ؛ انحنيت
أمسح على شعرها ؛ وأسمع شكواها عن تدني الرواتب والمعاملة
السيئة . فطيبت خاطرها ؛ واتخذت طريقي إلى المحاضرة .

عندما اقتربت من القاعة وجدت الطالبات في الممر يرفضن الدخول ؛
ويطالبنني بإلقاء المحاضرة في الساحة ؛ ليستمتعن بمرأى المطر
والعاملات السيرلانكيات وهن يرتدين ثيابهن الوطنية التي يلبسنها في كل
مناسبة أو نشاط في الجامعة ..

خرجت من الجامعة بعد الظهر ، وسارت بي العربة ببطء غير مألوف
فالشوارع ممتلئة بمياه الأمطار ! وهذا أمر غريب ففي مكة تجف
الشوارع بسرعة عجيبة مهما كانت كمية الأمطار ، وذلك بسبب حرارة
الجو غالبا ..

فكرت أن أعرض على أمي فكرة أن نذهب بعد العصر إلى عرفة لنستمتع
بهذا الجو الجميل قبل أن تبدأ استعدادات الحكومة لموسم الحج ..
دخلت من الباب الكبير للبيت لأفاجأ بمحتويات غرفتي ملقاة في الحوش
وصوت أمي وهي تتعارك مع الخادمة وتلعن الساعة التي هطل فيها
المطر !!!


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية