مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الولد الشقى.. غاب صانع البهجة بعد أن غابت «البهجة»
...............................................................

 

الولد الشقى

 

أعدت الملف كريمة حسن
..............................

رحل الولد الشقى.. غاب صانع البهجة والبسمة.. صاحب القلم اللاذع وكرباج السخرية ونحات المصطلحات التى أصبحت بمثابة «ماركة مسجلة» فى عالم صاحبة الجلالة.. غاب عنا محمود السعدنى عن عمر يناهز ٨٢ عاماً، بعد صراع مع المرض استمر لمدة ٤ أعوام، جعله يلجأ للعزلة عن أصدقائه ومحبيه وعشاقه ومريديه.. عرفه جمهور القراء بـ«الولد الشقى» كما أطلق على نفسه فى مذكراته التى تجمع بين اليوميات والمغامرات والمآزق الشخصية.. لم يترك كاتب ساخر فى تاريخ مصر أثراً فى الحياة الصحفية، مثلما ترك السعدنى، فرغم أسلوبه اللاذع، الذى وصفه البعض ومنهم كامل الشناوى بـ«سليط اللسان والعقل» فإن ذلك لم يقلل من احترامهم وحبهم له، وفتح له الكثير من الصحف والمجلات أبوابها ليكون ضيفاً خفيفاً عليها، ينتظر القراء مقالاته الأسبوعية ويلتهمونها بنهم، ولا يتوقفون عن الضحك من الكلمة الأولى حتى الأخيرة.

السعدنى المولود فى ٢٠ نوفمبر ١٩٢٧ فى محافظة المنوفية، انتقل بين أكثر من ٣٠ مجلة وجريدة، بدأها بجريدة الجمهورية، ثم روز اليوسف عام ١٩٥٨، حيث عمل بها سكرتيراً للتحرير، ثم عمل رئيساً لتحرير مجلة صباح الخير عام ١٩٦٧، وعرف بنشاطه السياسى المعارض فى عصر الرئيسين جمال عبدالناصر والسادات،
إذ تعرض للسجن فى عصريهما، وتنقل بين عدة دول عربية وأجنبية بعد أن تم منعه من الكتابة فى مصر، وأسس مجلة ٢٣ يوليو فى لندن، وبعد سنوات فى المنفى، عاد إلى مصر بعد وفاة الرئيس السادات.. أسلوبه الساخر المميز، وطريقته اللاذعة فى النقد، لم تكن لهما حدود، حتى إنه كان يقول لأصدقائه إنه إن لم يجد أحداً يسخر منه، يسخر من نفسه، ليجسد بذلك بحر السخرية الممتد بلا حدود أو نهاية.

قال له قاسم جودة: لو أن أحد قراء الصحيفة رآك فلن يقرأها مرة أخرى.. فى عهد السادات تم فصله من الصحافة نهائيا بسبب نكتة.. ومُنع ظهور اسمه حتى فى صفحة الوفيات.. ماتت أمه فى الغربة ولم يعلم.. وأصيبت ابنته بشلل أطفال.

بدأت رحلة محمود السعدنى فى بلاط صاحبة الجلالة عام ١٩٤٥ وكان عمره ١٨ عاماً فقط عندما أصدر ناظر مدرسة المعهد العلمى الثانوية صحيفة «نداء الوطن» واستعان بالسعدنى الطالب بنفس المدرسة: وفى نفس المرحلة الثانوية دخل السعدنى السجن للمرة الأولى فى حياته عندما شارك هو وزملاؤه ضابط المدرسة فى ضرب بعض المتظاهرين فى الانتخابات ومنذ تلك الليلة كان جسد السعدنى يقشعر كلما مر أمام قسم السيدة زينب.

 

السعدنى

 

وبعد عام أى فى سنة ١٩٤٦ اشترك مع الرسام أحمد طوغان والصحفى على جمال الدين فى إصدار صحيفة السحاب والتى أغلقت بعد صدور العدد الثانى، ومع الكاتب محمد عودة والفنان صلاح جاهين اشترك فى تحرير مجلة الأسبوع والتى صدرت لمدة أربعة أسابيع فقط وبيع العدد الأخير منها «بالأقة» على حد تعبيره.

وفى عام ١٩٤٧ عمل السعدنى بالقطعة فى مجلة «روزاليوسف» مع سليم اللوزى لمدة عام ثم انتقل إلى مجلة مسامرات الجيب حيث عمل بمرتب ٨ جنيهات لمدة ٣ شهور بالقطعة أيضاً فى سنة ١٩٤٩.

ويروى فتحى رزق فى كتابه «٧٥ نجماً فى بلاط صاحبة الجلالة» الحديث عن رحلة آخر الظرفاء فى صحافة مصر ويقول: فى صحيفة الكتلة الوفدية بدأ السعدنى يكتب مقالاً أسبوعياً تحت عنوان «نظرات» وكان يرسل المقال كل أسبوع ويجده منشوراً وعندما ذهب ليطالب بثمن المقالات المنشورة وأستقبله أحمد قاسم جودة الذى كان رئيساً لتحرير الكتلة، يصف السعدنى ذلك اللقاء فيقول بأن قاسم جودة عامله باحتقار شديد ورفض نشر العمود مرة أخرى وقال للسعدنى «لو أن أحد الذين يقرأون الصحيفة رآك لن يقرأها مرة أخرى.. عليك أن تعمل مندوباً عادياً وليس كاتباً لعمود».
وترك السعدنى الكتلة ليعمل مرة أخرى مع قاسم جودة فى صحيفة «النداء الأسبوعية» و«صوت الأمة» اليومية.

وفى عام ١٩٥٠ انتقل للعمل فى صحيفة «الجمهور المصرى» ثم عاد للنداء مرة أخرى، وعمل مراسلاً «لصوت الأمة» اليومية فى عام ١٩٥٢ فى منطقة قناة السويس حيث كان يتابع عمليات الكفاح الوطنى المسلح ضد الاحتلال البريطانى فى القناة.. وظل هناك حتى حريق القاهرة حيث عاد للعاصمة بعد الحريق بأسبوعين وإقالة حكومة الوفد..

غير أن السجن كان فى انتظاره بتهمة الاشتراك فى حريق القاهرة مع أنه كان موجودا فى القناة فى ذلك الوقت، وظل داخل السجن ٣ أسابيع. وفى عام ١٩٥٥ عمل السعدنى فى مجلة التحرير أولى المجلات التى أصدرتها الثورة وعندما تولى محمد صبيح مسؤولية تحريرها اختلف مع السعدنى واستبعده من المجلة لينتقل إلى جريدة الجمهورية، وقد التحق السعدنى بجريدة الجمهورية عندما كان السادات مسؤولاً عنها وذات يوم فوجئ بأن سكرتير السادات فوزى عبدالحافظ يطالبه بأن يتوجه فوراً لمقابلة البكباشى وقابله وفوجئ بأن البكباشى أنور السادات إنسان آخر غير الذى تعود معه «الهزار» قبل الثورة فقد تعرف عليه فى نهاية الحرب العالمية الثانية فى بيت الفنان الشعبى زكريا الحجاوى وخلال المقابلة تركه السادات يتكلم دون أن يرفع نظره عن الورق الذى أمامه ثم فوجئ بأن «البكباشى» يسأله: «أنت ولد عربجى ولا صحفى»، فقال له السعدنى لا فرق بين الاثنين فلا يوجد أى فرق بين مهنة العربجى ومهنة الصحفى، واغتاظ السادات من هذا الرد الصفيق وقال له «أنت موقوف يا ولد»، فقال له السعدنى: ولا يهمك، فقال السادات له أنت مرفوت يا ولد، فكرر السعدنى قوله مرة أخرى ولا يهمك وانصرف!

وأثناء انصرافه جرى فوزى عبدالحافظ وراء السعدنى على السلم وهو يطالبه بالعودة إلى مكتب السادات وعاد مرة أخرى إلى مكتب السادات وقال له السادات يا ولد أنت موقوف مش مرفوت لأن لسانك زفر أساء إلى فريد الأطرش والدروز الذين يعيشون فى سوريا ونحن نحاول أن نجعلهم فى صفنا أثناء الوحدة.

يقول السعدنى بعد هذه الواقعة: أصبحت عاطلاً ولكن لمدة أسبوع واحد حيث أبلغنى كامل الشناوى بضرورة مقابلة إحسان عبدالقدوس وعندما ذهبت إليه عينت سكرتيراً لتحرير مجلة روزاليوسف من سبتمبر ٥٨ حتى مارس ٥٩ حيث كنت على موعد مع السجن فقد تم إلقاء القبض علّ مع قوائم الشيوعيين، ثم عملت فى صباح الخير حيث بدأت أكتب عمود «هذا الرجل» وانخرطت بعد ذلك فى العمل السياسى حيث انضممت إلى التنظيم الطليعى.

ويواصل السعدنى: وفى مايو ٧١ أطاح بى الرئيس السادات من الصحافة بسبب نكتة أطلقتها عليه وذهبت إلى السجن بتهمة الاشتراك فى قلب نظام الحكم. ويتابع الولد الشقى: عملت مع عثمان أحمد عثمان واكتشفت بعد ثلاثة شهور أننى أعمل معه بدافع الشفقة فسافرت إلى الخارج.. وذهبت إلى لندن ومنها إلى بيروت لأعمل فى صحيفة السفير وعدت مرة أخرى أكتب العمود المشئوم «هذا الرجل» لمدة ٤ شهور وتركتها بعد لقاء مع القذافى وقررت عدم الذهاب إلى ليبيا، واتجهت إلى لندن مرة آخرى ومنها إلى الخليج حيث أصدرت هناك مجلة التعمير وكانت المجلة ترفع شعار الخليج العربى والضمير العربى، واحتجت إيران ثم احتجت دول عربية أخرى على وجودى فى أبو ظبى وأغلقوا المجلة وطردونى بطريقة دبلوماسية وساعدتنى إحدى الشخصيات فى الحصول على الموافقة بالسماح لأولادى بالإقامة هناك حتى انتهاء العام الدراسى.

ويواصل السعدنى: ذهبت إلى الكويت وعملت هناك فى صحيفة السياسة وتركت الكويت بعد ٦ شهور لكى أذهب إلى العراق مع أسرتى وحدث لى تشاؤم بسبب عنوان المقال «هذا الرجل» الذى لازمنى النحس كلما كتبته فى صحيفة، وفى العراق عملت موظفا بالوزارة وفصلت من العمل وانتقلت للعمل فى جريدة الثورة ثم مجلة «آفاق عربية» وبدأت أكتب فى الدستور التى تصدر فى لندن.

وفاة محمود السعدنى


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية