هويدي: أدعو مبارك لأن يستريح!
...............................................................
محمد شاكر - الجزيرة توك - القاهرة
بضعة أمتار سبقتها عدة مكالمات هاتفية تفصلني عن بيته الذي طالما تمنيت أن أقابله فيه, هو كاتب مثير للجدل بطبعه وبقلمه, يُبهرك بحفاوة الاستقبال وتواضعه الجم, اعتذر عن مقابلة الرئيس أوباما بعد انتخابه بأيام.. كنت أفكر فيما خسره أوباما وما قد يكون "فهمي هويدي" خسره، ورجحت أن خسارة أوباما أكثر بكثير, في حين فتح لنا الباب - نحن الشباب - على مصراعيه، لاستقبال كل أسئلتنا والإجابة بأريحية
وصلنا الى بيته وبعد الترحاب فتح لنا المجال لاختيار مكان للجلوس, لنبدأ ساعتين من الحديث والحوار غائصين في رحاب الرجل وظافرين بحوارنا التالي:
الجزيرة توك: أنت كاتب مثير للجدل.. ما تعليقكم؟
هويدي: انا لا أكتب الا إذا كانت هناك قضية أكتب لها.. وأنا لا أستريح للكتابات التي يخرج منها القارئ بمثل ما دخل.. لا بد أن يخرج بشيء.. لا أجيد كتابة الموضوعات المسلية ولكن أرجو ان تكون المادة متعلقة بقضية مثارة ومحركة للعقل أو حتى للغضب والاحتجاج .. يجب أن يخرج القارئ بشيء يضيف إليه إما راحة نفسية أو تنفيساً عن غضب أو صوتا عالياً بالاحتجاج أو حتى أسلوباً ملفتاً للنظر.
الجزيرة توك: ولكن لماذا يُنظر الى كتاباتك دائما أنها معارضة للنظام؟ مثلا المقال الذي كان يتحدث عن استشهاد "أحمد شعبان " الذي قتل على الحدود مع غزة, أو الآخر الذي كان يتناول مباراة مصر والجزائر أو عودة رجل الأعمال الهارب "رامي لكح" وغيرها..أليست كلها ضد التيار؟
هويدي: الذين يصفقون كثيرا للنظام موجودون في كل موقع وانا مقتنع ان لدينا قدراً من الركود لا تحركه الا الأحجاز الكبيرة حتى الحصى لا يفيد ولا يحرك شيئا.. انت أشرت الى رامي لكح..لا أعلم ما علاقة هذا بالنظام؟ أنا ذكرت كيف لشخض يتهرب من الضرائب ويأخذ أموالا من الدولة ثم يسافر في الخارج ويلجأ الى تسوية تتنازل فيها الدولة عن بعض مستحقاتها ثم يعود عودة الأبطال؟! هل يعقل هذا؟ قد يسوي أمره مع الحكومة ولكن لم يسويه مع الجتمع..أنا لا أعلم ما الذي ترتب على نشر هذا الكلام وصحيح انه رد وقال انني كتبت هذا الكلام بدون علم وان هناك أموراً لا أعلمها ..ولكني لا أعرف.
أما عن قضية "أحمد شعبان" الجندي الذي قتل على حدود غزة.. أنا قلت حققوا في الموضوع..هل يعقل أن نقيم قضية بهذه الحساسية والدقة بناءً على كلام الصحف؟ هل هذا الكلام معادٍ للنظام؟ أو جارح له؟ ما يشغلني ليس النظام ولكن القارئ هو من يهمني وبالتالي..
الجزيرة توك: -مقاطعا- قد تكون حساسية المقالة لأنها تتناول العلاقة بين حماس والنظام المصري بشكل أو بآخر
هويدي:اذا هذا أمر آخر ومشكلة أخرى.. ولكن هناك أشياء بيني وبين نفسي وأمام ضميري لا أملك إلا أن أعبر عنها كما أراها.
الجزيرة توك: لو في جمل تعريفية من وجهة نظرك كيف ترى شخصا مثل البرادعي ؟
هويدي: شخصية محترمة ولا بد أن تختبر.. يمكن ان يتحمس لها المرء ولكن ليس بالضرورة ان يعطيها صوته وأنا قلت أن هذا رجل مقدر ونريد أن نعرف رأيه في القضايا الخارجية.. نحن جزء من العالم فيجب أن يحدثنا عن علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية مثلا وعن خططه للتواصل مع العالم..وهذا لم اسمعه منه.
الجزيرة توك: جماعة الأخوان؟
هويدي: تجربة بالغة الأهمية في العالمين العربي والاسلامي وفي مصر بالذات..ولكن أظن أن أداءها السياسي ليس بالنجاح المطلوب وربما الحظر لم يمكنها من تطوير برنامجها وإنضاجه بالشكل المنشود ولكن لها قيمة كبرى وطاقة يجب الاستفادة منها.
الجزيرة توك: الحزب الوطني؟
الحزب الوطني: حالة سياسية لا تتمتع بأي جذور أو شعبية ولكنه التفاف حول النظام إذا تغير أي شيء فيه فلن ترى الحزب الوطني.
الجزيرة توك: جمال مبارك.. وقضية التوريث؟
هويدي: من حقه أن يتطلع ومن حق الناس القبول او الرفض.. نتمنى ان يكون الباب مفتوحا لأي أحد أن يعبر عن أمنياته وقد كتبت وقلت أن هذه ليست فرصة متاحة لأي شخص لأنه شخصية غير عادية لنفوذ الأب, ولذا نتمنى أن يتاح لغيره ولمثل جيله أو للأفضل منه الفرص التي تتوفر له.
الجزيرة توك: حركة فتح ومحمود عباس؟:
هويدي:حركة فتح لم تعد حركة واحدة وهي أدت دورها التاريخي والآن تحولت الى ورقة ضغط على قوى التحرر الوطني الفلسطيينة وأحد القوى المستعدة للتفريط في الحقوق الفلسطينية مقابل الاستمرار في القبول بالفتات دون تمسك بالثوابت الحقيقية
الجزيرة توك: هل ثمة بصيص أمل لإقرار مصالحة بين حماس وفتح؟
هويدي:هي ليست مشكلة بين حماس وفتح ولكنها مشكلة بين موقف مقاومة أو لا مقاومة .. فقد يتصالحا ولكن اذا تراجعت حماس مثلا واخذت خطوة الى الوراء فسيأتي غيرهم ويقوم بدور المقاومة.. وأنا أشك في إمكانية مصالحة بالصيغة الراهنة, وقد كتبت مقالا بعنوان "مغالبة لا مصاحلة" لأنها تطالب المقاومة الوطنية ان تستقيل وحينها ستفقد مشروعيتها, وكأن المطلوب من حماس أن تكون نسخة اخرى من فتح وهذا غير معقول.
الجزيرة توك: اذا ما هو السبيل لحل تلك القضية؟
المطلوب ليس حل القضية ولكن وقف التفريط فيها لأن..
الجزيرة توك: -مقاطعا- ولكن الكثير يعزون ما يحدث في الأقصى الآن الى الإنقسام بين الفصيلين
هويدي:هذا غير صحيح بالمرة ..اللاعبين الأساسيين الآن هم السلطة الفلسطينية والأردنية والمصرية وهم يمررون كل شيء ويمتصون الغضب الموجود ..وهم على إستعداد لتمرير اي ممارسة إسرائيلية طالما أنها تحظى بتأييد أمريكي!!
الجزيرة توك: كنت مدعوا في حفل زفاف كريمة "خالد مشعل" بدمشق وقيل أنه كلف مليون دولار.. هل رأيت مظاهر بهرجة زائدة على هذا العُرس؟
هويدي: - ضاحكا - هذه من نماذج الأكاذيب التي تُروج ضد الرجل..اولا انا كنت في دمشق للقاء آخر , أما عن العُرس فقد كنت في قاعة أفراح عادية وتناولنا قطعة من الحلوى مع كأس عصير, وهذا لا يكلف أكثر من دولار ونصف!! فأنا أتعجب من تلك الأقاويل بشدة
الجزيرة توك: هل تملك حسابا على موقع الفيس بوك او مدونة شخصية؟..كيف تتواصل مع القراء أو الشباب؟
هويدي:أنا أتلقى ملاحظاتهم بالتعليفات التي ترسل على الانترنت ولكني لست منشغلا كثيرا بهذا لأنه يأخذ الوقت والجهد وغيري ينقل لي ما يقال.
الجزيرة توك: لكنه ليس إعتراض على فكرة وجود حساب على المواقع تلك مثلا؟
هويدي :لا لا إطلاقا ليس إعتراض.
الجزيرة توك: ما الشيء الذي تتمناه في باقي حياتك المهنية؟
هويدي: بشخصي لم أنشغل الا بأن يتاح لي كصاحب رأي أن أعبر عن رأيي وهذا حدث بعد رحلة طويلة من المعاناة والاشتباكات , وليست عندي مشكلة شخصية الآن لأن ما أكتبه يصل الى الناس ولا أحد يصادر أو يراقب وأظن أنه بالنسبة للكاتب لا يطمح لأكثر من هذا في أن يمكن في التعبير عن نفسه بصرف النظر ما عبر عنه غير أم لم يغير.
الجزيرة توك: من من الأشخاص تتمنى أن تراه.. أنت رفضت مقابلة أوباما شخصيا.. من أعلى منه تتمنى رؤيتة؟
هويدي: لست مشغولا بمقابلة أشخاص ولكن قد أجيبك عن شخص لا أتمنى أن أراه.
الجزيرة توك: من لا تتمنى أن تراه؟
هويدي: -ضاحكا- الأشرار كثيرون ولم أكن مشغولا بلقاء شخص بذاته ولكن باعتبار المهنة أحيانا قد تكون هناك شخصيات تبرز في الاحداث وكان يهمني أن ألتقيها لأنقل لها الآراء ووجهات النظر وهذا ما حدث مع الرئيس السوداني عمر البشير أو أحمدي نجاد و أردوغان وحتى في أزمة مصر والجزائر خطر لي مقابلة الرئيس بوتفليقة.
الجزيرة توك: بمناسبة زيارة أوباما..هناك من انتقدك لأنك تركت مساحة للصحفي الإسرائيلي الذي اعترضت على وجوده.
هويدي:وماذا فعل الصحفي الإسرائيلي؟
الجزيرة توك: النقد جاء لمجرد فكرة إتاحة المساحة له كاملة.
هويدي: -مقاطعا- رأيي ولا يزال أن هناك موقفاً أخلاقياً فالناس تحدثوا عن المسؤوليات المهنية ولم يتطرقوا الى المواقف الأخلاقية فما كان يمكن أيام النازية عندما أحتلوا فرنسا ان يسمح لصحفي أن يقابل شخصية نازية قيادية. أنا وجدت أنه من غير المستساغ بوجود أوباما أو بدونه أن أوضع مع صحفي إسرائيلي بدون أي إخبار وكأننا نساق هكذا, وبيني وبين نفسي وبين ما أعرف، الناس أدركوا أنه يجب أن نستمر في كراهيتنا لإسرائيل وأن يسجل كل منا موقفه لكي يرضي ضميره على الأقل وينبغي أن يدرك الإسرائيليون أنهم طالموا استمروا في مواقفهم المتعسفة فسيظلوا منبوذين الى قيام الساعة.
الجزيرة توك: قيل أنك بذلك وضعت السفارة الأمريكية في حرج لأنها اختارتك شخصيا؟
هويدي:لم أكن مشغولا بالسفارة الأمريكية أو بالرئيس الأمريكي بقدر انشغالي بالموقف الأخلاقي الذي ينبغى أن يلتزم به صحاب الرأي وصاحب القضية وفقط.. هناك من هول الموضوع وأوله ولكني كنت مشغولا بإرضاء ضميري وموقفي الأخلاقي.
الجزيرة توك: لو قدر لك أن تقابل الرئيس مبارك..ماذا ستقول له؟
هويدي:-ضاحكا- الرئيس مبارك وهو الآن مريض نتمنى له العافية وان يعود سريعا.. ولا اظن أننا نعول عليه شيئا في دوره في الإصلاح لأنه لمدة 29 عاما لم يغير شيئا.. فربما لو استراح وفتح الباب لغيره لينهض بما لم يقم به سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه.
الجزيرة توك: هل يمكن أن نرى مذكرات فهمي هويدي قريبا؟ التجربة تستحق التوثيق والتدوين؟
هويدي:لا أظن هذا ..نعم عندي الكثير لأقوله ولكن الواجبات أكثر من الاوقات.
الجزيرة توك: الطلب الأخير هو كلمة للجزيرة توك
هويدي: -ضاحكا- أنا لم أكن أعرف أن الجزيرة توك تقوم بهذا الدور الخطير في التغيير.. ما أتمناه أن يكون كل فرد قابضاً على هموم وطنه ودينه وملتزماً بقيمه الأخلاقية ومجتهداً في موقعه ومحيطاً بما يجري في عالمه.