مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 عشش الكفراوي
...............................................................

 بقلم شيماء أبوزيد‏
.....................

 

فقر ومرض وجهل

 

تعيش الحاجة منبية في عشة صغيرة مكونة من مقطعين احدهما مغطى للشتاء والآخر بدون سقف للصيف،وإذا حالفك الحظ ومررت على عشتها يوما ما لا يمكن أن يتبادر إلى ذهنك أن هناك بشريسكنون هذا المكان، أثاث العشة كنبة قديمة وملابس رثة ملقاة بشكل عشوائي على منضدة صغيرة أكل عليها الدهر وشرب، ولا يوجد بها أى شيء من مقومات الحياة فلا يوجد بها موقد غاز - وان كان "البوتاجاز "شيء متقدم على العشش فالأكثر انتشاراً بين الأهالي هو الباجور- وإذا سألت الحاجة منبية عن أبنائها أجابت :" أبنائي ضربوا لي مثلاً رائعاً في رد الجميل، تزوجوا وتركوني أواجه الشيخوخة منفردة" ..

ومؤخراً فاجئنا الجهاز المركزي للإحصاء في تقرير له أن هناك 66 ألف أسرة مصرية تسكن العشش، والعشة لمن لايعرفها مسكن مكون من حجرة واحدة يقطنها عادة ما بين ست إلى ثمانية أشخاص، ولا اعرف هل تعد من بينها عزبة الكفرواي الواقعة خلف برجين شاهقين لرجل أعمال مصري شهير، حيثأن مجلس الوزراء أصدر مؤخراً كتابا بعنوان "أداء الحكومة في خمس سنوات 2004-2009"، ذكر فيه أهم 60 انجازاً في 60 شهراً، ويعدد ما يعتبره مجلس الوزراء انجازات الحكومة خلال فترة تولي الدكتور احمد نظيف لرئاسة الوزراء.

كان يجب على الحكومة الموقرة أن توفر لهؤلاء مسكن بسيط يليق بآدميتهم بدلاً من تشييد القرى والمدن السياحية لأرباب الملايين، ولكن يبدو أن الحكومة لا تهتم بالفقراء وقاطنى العشش، رغم أن ملف العشوائيات كان أحد أسوء كوارث حكومة نظيف.

فقر ومرض وجهل

 

لا المحافظة ولا الحكومة تعيرهم أي اهتمام

 

تجولنا فى عشش العزبة وشاهدنا العجب العجاب، فى البداية التقينا بالحاجة منبية حسن عبد العال- 80 عاما -، وبعيون باكية ترق لها قلوب البشر سألتني بصوت منخفض : " انتى مش جايبة لى فطار معاكى ؟"، وبدموع أكثر تركتها لألحق بعشة أخرى تخفي وراءها حكاية أكثر غرابة .

تحكي بدرية أحمد حسين أنها تعيش فى عشة مع والدتها وأختها وابنائها الأربعة ، مؤكدة أن معاناتها زادتبعد انفــصالها عــن زوجها الذي تــرك لها أبنائهما الأربعة لتـــربــيـتـهـم، ومعاش 120 جنيه من إحدى الجمعيات الخيرية،وكلما كبروا زادت همومها وكثرت طلباتهم، وما زاد من آلامي – تقول بدرية - هو ان احد ابنائي معاق وبحاجة الى رعاية طبية.

سكتت بدرية قليلا ثم قالت "انا بطلت احلم لان اللى زينا مش من حقهم يحلموا , عشان كده انا مش هاقول عاوزة حاجة إلا الستر "، وانتابتها حالة من الصمت، صمت أخفى وراءه حسرة على واقع مرير لم يستطع الزمن تغييره أو على الأقل تبديله.

وتقول كريمة شوقى احمد حسين التي تعمل "سايس" سيارات :"أعيش أنا وامى واخى واولادى الأربعة فى هذه العشة"، وعندما بدت علامات الاندهاش على وجهي وأنا انظر إلى العشة قالت :" والله كلنا بنام فى العشة دي"، وأشارت بيدها إلى مكان كل فرد فى العائلة.
وتستطرد كريمة قائلة :" أنا كنت مسجونة 13 سنة ظلماً وبهتاناً، وخرجت لأجد اهلى باعوا كل شيء من اجل قضيتي، واليوم نعيش على ما يمن به علينا أهل الخير".

سألتها عن شهر رمضان قالت :"ربنا يخلى موائد الرحمن، نفسي استر بناتي وأموت بعد كده عندى 3 بنات مشعارفة هاجهزهم منين ؟! ولكن ربنا كريم".

وبوجه ملائكي أثرت عليه علامات المرض والمعاناة خرجت إلينا الحاجة عدلية نصر محمود وهى تحاول أن تغطى علامات البؤس على محياها ولكن هيهات، تحكى قصتها قائلة :" أصبت بجلطة في ذراعي الأيمن وأعيش بكلية واحدة فقد تم استئصال الكلية الأخرى، ومعاشى 145جنيه فى الشهر ومعي ابني محمود أدى خدمته في الجيش من سنة ويبحث عن عمل، أما جيراني فهم كل حياتي يساعدوننى عندما يشتد علي المرض".

أما عن عشتها فهي عبارة عن قبر صغير عندما تدخلها تشعر انك علاقتك بعالم الأحياء انقطعت، ودخلت إلى عالم آخر لا تعرفه.

العشة الخشب

أما عشة صابرية عوض فهى مختلفة قليلاً عن باقي عشش ارض الكفرواى وأكثر بؤساً، فإذا كان باقي العشش مبنياً من الطوب، فعشة صابرية من الخشب ويعيش معها ابنها الكفيف وزوجته وولداه، تمتلك صابرية سريرين وبوتاجاز 2 شعلة وعشتها آيلة للسقوط في أى وقت تشتد فيه الرياح.

وتؤكد صابرية أن العشة تغرق خلال فصل الشتاء، وأضافت :" بنفطرعلى حلة البطاطس دهو".
وبدهشة شديدة تساءلت :"معاشى 85 جنيه وأبنى كفيف لا يستطيع العمل هل يعقل احد ان تكفي الـ 85جنية متطلبات 5أفراد طوال الشهر ؟!".

وكلما تعمقنا فى العشش كلما غرقنا فى القصص المأساوية، فها هى الحاجة محروسة سيد عبد العال فقدت بصرها منذ فترة قليلة، وبعدها مباشرة فقدت ابنتها بدرية ابو الدهب نعمة البصر ايضا، وتسكن بدرية وأبنائها الأربعة مع والدتها محروسة عشة مكونة من حجرة واحدة بها سرير وكنبه وباجور ودولاب به مجموعة من الملابس القديمة المبعثرة .

تقول الحاجة محروسة :" فقدت بصرى ولااستطيع خدمة نفسى والذى يقوم بخدمتى حفيدتى هدى فقد سلبت طفولتها وحملت الهم مبكرا فرغم أن عمرها لايتعدى التاسعة ألا انها تحمل مسئوليات اسرة كاملة".
وتعاني صفية محمود على الغزالى من امراض القلب والسكر والضغط وجلطة وروماتيزم، وتضيف قائلة :"الاطباء يطالبونى بتحاليل واشاعات بمبالغ طائلة لااستطيع الحصول عليها، وحالى يسوء يوما بعد يوم ولااستطيع تناول طعامى بسبب الامى التى لا تنتهى" .

موائد الرحمن

نجوى ام احمد هى المسئولة او بمعنى ادق المتبرعة بمساعدة كل من يأتى زائرا الى ارض الكفرواى، سواء كان من الاعلام او من اهل الخير الذين يوزعون الوجبات على اهالي العشش، فهى تتمتع بشخصية قوية ولديها معرفة بساكنى كل عشة واسمائهم وحالتهم المادية ومرتبهم الشهرى , وقد اصطحبتنا الى كل العشش وعرفتنا عليهم وجعلت سكان العشش يتحدثون الى، وان كانت من أن الى اخر تغمز وتقول لنا : " ادى الست دى حاجة لله وانا والله مش هاقول لحد!! ".

وتؤكد أم أحمد أن سكان عشش الكفراوي يأتي اليهم الطعام جاهزاً من مائدة الرحمن القريبة من العزبة وبسؤالها عن ايجار العشة اجابت لاندفع ايجار سوى 10قروش , واصحاب العشش ماتوا واصبحنا الان لاندفع مليم واحد ، مؤكدة أن لا المحافظة ولا الحكومة تعيرهم أي اهتمام.
 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية