مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 نيران إسرائيل أحرقت نفط غزة الأخضر
...............................................................

بقلم علا عطا الله‏
.......................

 

شجر الزيتون

 

بينما كان أحفاد المزارع "أبو إياد" يهللون فرَحًا بأولى قطرات شتاء هذا العام، انسكبت من عيونه دمعات حارة، فسقوط زخات المطر الخفيفة أيقظت أحزانه وأرجعت ذاكرته للوراء قليلاً عندما كان هو وصغار أبنائه يهزون أشجار الزيتون الخضراء العام الماضي، ويتلقفون محصولهم الوفير بابتسامات كبيرة.

ولن يبكي المزارع أبو إياد (62 عامًا) وحده موسم قطف الزيتون، بل سينضم إليه كافة مزارعي قطاع غزة الذين يستقبلون موسمهم هذا العام بعد حرب إسرائيلية شرسة جرفت أراضيهم الزراعية وحرقت أخضرها ويابسها.

وهو ينظر إلى مساحات أرضه الزراعية الواسعة والتي أضحت كتلة من الرماد قال أبو إياد لـ"إسلام أون لاين" بصوت دامع: "ما إن أمطرت السماء حتى تذكرت موسم قطف الزيتون الذي نباشر بالاحتفال به بعد سقوط القطرات الأولى لفصل الشتاء.. للأسف هذا العام لن يتحلق أولادي وأحفادي حول شجر الزيتون، ولن ننصت لضحكات فرحهم وهم يصعدون نحو الشجر لهزه بقوة...".

انخفض الإنتاج

ويتحسر مزارعو غزة على ضياع موسم قطف الزيتون أو نفطهم الأخضر كما يحبون وصفه وتلقيبه، ولا يكاد معظمهم يصدق أن أرضه لن تجود هذا العام عليه بحبات الزيتون.

وكانت الحرب الإسرائيلية على غزة ما بين 27 ديسمبر 2008 و18 يناير 2009 والتي أسفرت عن استشهاد نحو 1420 فلسطينيا، وجرح أكثر من 5450 آخرين قد جرفت في طريقها الأراضي الزراعية، وأحالتها إلى كتل من السواد، وشبعت ترابها بغازات سامة حارقة ستحتاج إلى سنوات لكي تتنفس من جديد.

وطبقاً لتقارير إحصائية لوزارة الزراعة في حكومة غزة؛ فإن المساحات المجرفة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير زادت على 20 ألف دونم وتم اقتلاع ما يقارب أكثر من مليون شجرة مثمرة (شكل شجر الزيتون أغلبها)، وقالت الوزارة إن خسائر القطاع الزراعي بلغت نحو 170 مليون دولار.
حروف الألم لا تكاد تفارق المزارع "أبو خليل" وهو يرثي محصولاً كان يتوقع أن يكون هذا العام أضعافاً عن العام الماضي وبنبرات الأسى يقول: "للأسف الحرب لم تجرف أراضينا فقط بل وأحلامنا أيضاً...".

و قالت وزارة الزراعة في غزة: إن محصول الزيتون للموسم 2009 انخفض بشكل كبير بسبب الحرب الأخيرة.
وأشارت إلى أنه وبحسب التقديرات التي تمت في قطاع غزة لمحصول الزيتون لموسم 2009 تبين أن الإنتاج منخفض بنسبة 12 في المائة مقارنة بالموسم الماضي. وأكدت الوزارة أن تجريف الاحتلال الإسرائيلي لآلاف الدونمات خلال عدوانه على غزة، بالإضافة إلى قلع مئات الأشجار وإحراقها بالصواريخ كان عاملاً أساسيًّا في انخفاض المحصول.

زيتون الصمود

ويؤكد المزارع "أبو ياسر العكة" الذي فقد في الحرب الأخيرة 50 دونمًا مزروعة بأشجار الزيتون أن قلة محصول هذا العام ستؤثر على كثير من العائلات وأضاف: "هذا الموسم هو مصدر دخلنا الوحيد.. ومن خلال بيعنا للزيتون وما ينتج عنه من زيت نستطيع أن نحيا حياة كريمة... اليوم نحن أمام معضلة كبيرة.."، واستدرك: "والأسر التي تنتظر منا مدها بالزيت ستشعر هي الأخرى بالأسى الشديد...".

ويعتبر الزيت والزيتون من أهم ما يميز المائدة الغزية، ولا تخلو بيوت القطاع -حتى الفقيرة- من حبات الزيتون وقطرات الزيت ويرتبط هذا المحصول في أذهان الغزيين بمدى صمودهم وثباتهم، وفي خطاب تحدٍّ للحصار الإسرائيلي الخانق والمفروض على القطاع منذ أكثر من ثلاثة أعوام قال رئيس الحكومة الفلسطينية بغزة "إسماعيل هنية": "نأكل الزيت والزعتر.. والملح والزيتون... ولن نطأطئ الهامات"، في إشارة إلى عدم التنازل والرضوخ للإملاءات الخارجية.

وتبدو إمارات خيبة الأمل مرسومة وبوضوح على وجه المزارع "أبو خليل حرز" (57 عامًا)، حيث قال لـ"إسلام أون لاين" وهو يضرب كفًّا بكف: "كنت في الأعوام السابقة أحصل على أكثر من 30 صفيحة زيت... هذا الموسم إن حصلت على أربع فأنا في نعيم أحسد عليه".

وارتفعت الأسعار..

وإن كان الزيتون ورفيقه الزيت يدخلان البيوت الغزية بسهولة ورفق فإنهما هذا العام سيطرقان فقط الأبواب القادرة على التعامل مع ارتفاع أسعارهما. فبسبب انخفاض الإنتاج والعجز الكبير في ناتج الزيتون بلغ سعر رطل الزيتون ما بين ثلاثين إلى أربعين شيكلا (الدولار بـ 3.90 شيكلات) في حين كان سعره العام الماضي من 15 إلى 20 شيكلاً فقط.

المهندس "محمد وافي" مدير المعصرة الأهلية الأوتوماتيكية الحديثة وصف هذا العام بـ"الأضعف" في الإنتاج.
وقال بنبرات تتأسف على محصول ضائع: إن معدل إنتاج المعصرة 400 طن من الزيت في الأعوام السابقة، أما هذا العام فلن يتجاوز 50 طنًّا، "وهو الأمر الذي رفع سعر الجالون الواحد إلى أكثر من 130 دينارًا على عكس السابق، حيث كان سعرها لا يتجاوز 70 ديناراً".

وأمام إغلاق المعابر لن يتمكن أهالي القطاع من استيراد الزيت والزيتون من الضفة الغربية وسيضطرون إلى انتظار الأنفاق لكي تهبهم زيتاً لن يكون بجودة إنتاج نفطهم الأخضر.

أم عادل -ربة بيت- قالت بصوت لم يخف غضبها إنها سمعت جاراتها يتحدثن مؤخراً عن نية تجار الأنفاق إغراق سوق القطاع بزيت ليبي ومصري وغيرها من أنواع الزيوت واستدركت: "لا يمكن لأي زيت أن ينافس زيت غزة بجودته ونقائه...".

ستتحول إلى خضراء

وتحدياً للحرب الإسرائيلية البشعة فإن وزارة الزراعة في حكومة غزة أعلنت عن تأسيس مشتل خاص بأشجار الزيتون في أراضي المحررات بمدينة خان يونس جنوب القطاع وتقدر المساحة الإجمالية للمشتل بـ"8 دونمات".

وقال المهندس رائد السقا المشرف العام على المشروع في تصريح لـ"إسلام أون لاين": إن الوزارة سارعت إلى إنشاء هذا المشتل؛ بسبب قيام قوات الاحتلال بتجريف آلاف الأشجار المثمرة من الزيتون خلال الحرب الأخيرة وما تركه ذلك من أثر ونقص واضح في الإنتاج لهذا العام من الزيت والزيتون.
وأكد السقا أن مشروع المشتل سيعمل على إنتاج مليون شتلة زيتون حتى نهاية شهر ديسمبر من العام الحالي على أن يتم تركيب هذه الشتلات بأصناف الزيتون المختلفة خلال شهر فبراير بحيث تكون جاهزة للتسليم والتوزيع على المزارعين مجاناً بحلول شهر مايو 2010.

وأوضح أنه ووفقا للخطة الموضوعة والتي أقرتها وزارة الزراعة فإنه سيتم التركيز على المناطق الشرقية من قطاع غزة، باعتبار أن هذه المناطق باتت قاحلة وغير مستغلة نتيجة عملية التجريف التي تعرضت لها، وسيجري تحويلها من أراضٍ صفراء إلى أراضٍ خضراء.

وتتميز فلسطين بشجر الزيتون المزروع من مئات السنوات، ويقوم المزارعون في نهاية شهر سبتمبر وبدايات أكتوبر من كل عام بالبدء في جني الثمر الأخضر، وأثناء القطاف يتغنى الفلسطينيون بمحصولهم منشدين له أحلى الأشعار.


صحفية فلسطينية، ويمكنك التواصل معها عبر البريد الإلكتروني
namaa@iolteam.com
 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية