قرية مصرية تعالج فقرها بنخيل البلح
...............................................................
| |
مشروع نخلة أمام كل منزل | |
| |
بقلم محمد أبوالعز
.....................
كثيرة هي الأفكار التي تُطرَح لمكافحة الفقر، ولكنها إما أن تُنفَّذ على نطاق فردي، أو تكون قصيرة الأمد؛ لأنها تبعث في ظروف معينة وتزول مع زوال هذه الظروف.. ولكن فكرة مكافحة الفقر بنخيل البلح التي طرحت في قرية "تاج العز" بمحافظة الدقهلية "شمال شرق القاهرة" عالجت هذين الأمرين؛ فهي نابعة من تضافر كل سكان القرية من النساء والرجال والشيوخ، كما أن عمرها طويل؛ لأنها ترتبط بشجرة معمرة هي النخلة.
تفاصيل هذه الفكرة تحكيها سنية السعيد إحدى القيادات النسوية بالقرية والتي تقود هي وقريناتها من النساء مهمة جمع المال اللازم لشراء النخيل للوصول لتحقيق شعار "نخلة أمام كل منزل".
تقول سنية: فكرنا في وسيلة نعين بها فقراء القرية على تحمل أعباء الحياة؛ فاهتدينا إلى زراعة أشجار نخيل البلح، والتصرف في ثمارها بما يعود عليهم بالنفع.
وحتى الآن لم يتم تحديد الوسيلة التي سيتم بها تنفيذ هذا الأمر، ولكن الحاجة سنية -كما تحب أن يناديها الناس- تؤكد أنها لن تخرج عن أمرين: إما جمع البلح وعرضه بالأسواق الكبيرة لبيعه وعمل مشروعات صغيرة للفقراء والشباب، على ألا تزيد تكلفة المشروع عن 3 آلاف جنيه، أو بتوزيعه على هؤلاء الفقراء للتجارة فيه، أو الاستفادة منه كطعام مباشر.
مشروع الجميع
ويشارك في هذا المشروع كل أبناء القرية؛ وهذا ما يميزه عن الأفكار التقليدية، هذا ما تؤكده عزة عبد الرحيم، التي تشارك الحاجة سنية وباقي نساء القرية مهمة جمع الأموال اللازمة لتنفيذه، فيما يقوم الرجال والشباب بعملية الزرع والسقي ورعاية النخيل الذي يحتاج إلى مجهود ليس باليسير.
وضاعف من هذا المجهود المضايقات الأمنية التي تعرضت لها القرية بسبب مشروعها الذي لفت انتباه جهاز أمن الدولة، واستدعاهم لسؤالهم لماذا يزرعون نخيل البلح؟.
ويقول المهندس الزراعي محمد منصور المشرف على المشروع: إن تبعات ذلك الاستدعاء ظهرت سريعا؛ إذ أحجمت بعدها سيارات رئاسة مجلس القرية عن ري النخيل، وهي المهمة التي كانت تقوم بها منذ بداية المشروع، فقرر شباب القرية شراء سيارة كارو ووضعوا عليها برميل ماء كبيرا، وأخذوا يملئونه من ترعة القرية لري النخيل.
ويعود اختيار شجرة النخيل -كما يوضح منصور- لكونها من الأشجار المعمِّرة التي تعيش فترة طويلة، كما أن لها قيمة غذائية وجمالية، هذا إلى جانب قيمتها الدينية؛ حيث وُصفت في القرآن بالشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء.
ويعتمد المشروع على شتلات نوع من البلح الذي يسمى الزغلول، فهي سريعة الإثمار، فضلا عن أنها ذات مذاق أفضل.
ويطمح أبناء القرية أن تصبح قريتهم متخصصة في إنتاج هذه النوعية من البلح؛ وهذا لن يتحقق -كما يؤكد جمال عثمان الموظف بالتموين وأحد أبناء القرية- إلا بتنفيذ شعار "نخلة أمام المنزل".
ويقول عثمان: "نحن قادرون على تنفيذه باستغلال المساحات الخالية على جانبي الطرق؛ وهذا ما نقوم به بالفعل، مع مراعاة حق الطريق والأملاك وسير السيارات".
النخلة هي البداية
إلا أن محمد منصور المشرف على المشروع يشير إلى أنهم يخططون أيضا لاستغلال مساحات خالية أخرى، ولكن بين الزراعات في الحقول.
ويقول منصور: "النخلة هي البداية"، مشيرا إلى أنهم سيطلبون من مالكي الأراضي الزراعية استغلال هذه المساحات لزراعة خضروات، مثل: الكرنب، أو الملوخية، أو البامية، أو البسلة، أو البصل؛ ليستفيد منها الفقراء والمحتاجون في القرية، سواء بالمتاجرة فيها، أو إعطاؤها لهم كطعام.
وتقوم تفاصيل هذا المشروع الذي سيتم الشروع في تنفيذه بعد الانتهاء من تنفيذ شعار "نخلة أمام كل منزل" على وضع خريطة لكل الأراضي الزراعية والمحصول المزروع بها بكل موسم، ونوع الخضروات المطلوب زراعتها في كل أرض وفقا لنوع هذا المحصول.
ويضرب مثلا بأرض تزرع قطنا، فلن تكون هناك مشكلة لو تخلل الزراعات نبات "الكوسة"
ويؤكد منصور أن هذه الفكرة لن تضر الأرض الزراعية بل بالعكس ستفيدها، كما أن صاحب الأرض الزراعية لن يتحمل أي أعباء؛ لأن النبات سيسقى من نفس الماء الذي يسقى به محصوله، والثمار سيقوم القائمون على المشروع بتوفيرها له، ويقول: "لو نُفِّذ هذا المشروع لأمكن توفير عشرة فدادين من أصل ألف فدان زراعي بالقرية لزراعة خضروات ومحاصيل غذائية تكفي فقراء القرية".
صحفي مصري، ويمكنك التواصل معه عبر البريد الإلكتروني للنطاق
namaa@iolteam.com
06/11/2014