مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 جثة مجهولة أسفل عمارة تفتح ملف مجانين الشوارع
...............................................................

بقلم عادل عبد الرحيم‏
........................

 

بعدما فارق الحياة

 

التقطت عدسة "محيط" صورا فوتوغرافية لجثة مجهولة بأحد شوارع مدينة فيصل ـ بمحافظة الجيزة جنوب العاصمة المصرية القاهرة ـ لشخص تبدو عليه علامات الأفون العقلي "الجنون" بجوار عمارة سكنية تحت التشطيب.

وكانت البداية عند مرور مراسل شبكة الأخبار العربية "محيط" بالطريق المؤدي لمقر إقامته قبل غروب الشمس ، حيث تلاحظ وجود رجل في العقد السادس من عمره يرتدي ملابس بالية تقف بجواره طفلة صغيرة تنظر له في هلع فاستوقفنا المشهد وحاولنا الاستفسار من أهالي شارع المنشية ـ حي الطوابق ـ عن قصة الرجل فأكد المارة أنه ظل ينازع حتى خرجت روحه عن جسده.

يقول احمد حسين ـ من سكان الشارع ـ هذه أول مرة نشاهد فيها الرجل حيث كان سائرا على قدميه ثم ارتمى فجأة قرب هذه العمارة وظل جسده ينتفض دون أن يجرؤ أحد على القرب منه خوفا من إصابته بمكروه خصوصا وأنه تبدو عليه علامات الجنون.

وحين سألنا أحد أصحاب المحال القريبة من "الجثة" عن الاتصال بالإسعاف أو النجدة لإنقاذ الكهل رد بلهجة ساخرة : يعني لو كنا اتصلنا كان حد سأل فينا ، وبعدين الرجل كان شكله أمره منتهي.

وتعيد هذه الحادثة للأذهان ملف مجانين الشوارع الذين ينامون أسفل الكباري، يشربون من حنفيات الحدائق، يأكلون من صناديق الزبالة.. لا يتسولون، لا يتكلمون، لا يتحرشون، وطبعا لا يستحمون، فلا يكاد يخل طريق من أحدهم حتى أنهم أصبحوا من العلامات التي يعرف بها الشوارع.

فتشير مصادر المعلومات إلى وجود أكثر من 12 ألف "مجنون رسمي" يجوبون شوارع القاهرة وحدها ، بعدما أطلقتهم مستشفى الأمراض العقلية وعدد آخر من دور الرعاية النفسية وعلاج الإدمان لعدم قدرة هذه المستشفيات على استيعاب الأعداد المتزايدة من المرضى النفسيين .

فبمجرد الحكم على المريض بأنه لم يعد خطرا على من حوله يتم استدعاء أقاربه إن كانوا معلومين أو تفتح أبواب الخروج أمامه لينطلق إلى عالم المجهول ويصير الشارع بيته وصناديق القمامة مطعمه وحنفيات الحدائق غير الصالحة للشرب مهربه من الظمأ .

ويتزامن مع تفشي هذه الظاهرة تصريح وزير الصحة المصري د. حاتم الجبلي الذي أكد وجود نحو 6 مليون مصري مصابون بأمراض عقلية ونفسية بما يعني أن 17% من المصريين عرضة للإصابة بالأمراض العقلية وربما يسلط هذا الرقم الأضواء إعلامياً على هؤلاء المرضى مع ضرورة الاهتمام والمراجعة الحكومية الشاملة لعلاجهم، فكم من الجرائم تُرتكب الآن باسم المرض العقلي .

الطريف أن هذه الحالات يحسبها الأشخاص العاديون شحاذين ويحاولون إعطائهم أموالا من باب الإحسان لكنهم يرفضون تماما أخذها ، لكنك إذا قدمت لهؤلاء المرضى لقمة لدفعته الغريزة لالتهامها لسد جوع البطن الذي يفتك بأحشائه ، كما أنهم لا يتعرضون بالأذى للمارة بل على العكس نشاهد أطفالا من عينة الشياطين يرجمونهم بالطوب والزلط وهم يردون بابتسامة عريضة تقذف الحسرة في قلب من يحس بآلامهم .

والمعروف أن هذه الظاهرة لا تقتصر على المرضى العقليين ، بل يدخل مرضى الجذام ضمن عناصر القنبلة الموقوتة في شوارع القاهرة ، حيث يعتبر الناس المريض دَنِسا وعليه لعنة الله، لذا يعاني هؤلاء المرضى من الفقر الشديد ويعتمدون على المعونات وللأسف فقد يصيب المرض رب الأسرة فلا يجد ما يصرفه عليهم ولا يستطيع أن يعمل وتكون النتيجة المحتومة انضمامه لطوابير "مجانين الشوارع" .

يتضح مما سبق أن الأمر لم يعد يحتمل السكوت ، فلابد من تحرك كافة أجهزة الدولة وعلى رأسها وزارة الصحة ومنظمات الرعاية الاجتماعية والأهلية لاحتواء هؤلاء الآلاف الذين هم في واقع الأمر مرضى كغيرهم من المحجوزين في المستشفيات ، الفارق الوحيد أنهم فقدوا الأهلية وتبرأ منهم ذووهم فأصبحت أجسادهم نهشا للشوارع ، فهناك مئات الحوادث قام فيها مجرمون عقلاء باغتصاب المرضى العقليين بل واحتجازهم للقوادة على أجسادهم المستباحة .

وعن طبيعة المرضى النفسيين الذين يملأون الشوارع ، يعلق د. عمرو خليل ـ أخصائي الطب النفسي ـ على مسألة إطلاق المرضى العقليين مؤكدا أنه لا أحد يستطيع أن يجزم بشفاء مريض نفسي بنسبة100% ، فالمريض النفسي من الممكن أن تسوء حالته أو يصبح عدوانيا فمن المتوقع تدهور حالته في أي وقت .

والمشكلة أن مثل هذه الأمور يأخذها الناس من زاوية أخري فنسبة المرض في أي من بلدان العالم بما فيها مصر لا تتعدى 1%، بما يعني أننا في مصر عندنا حوالي 700 ألف مريض نفسي يستحقون دخول المستشفيات و نحن في مصر كلها لا نمتلك إلا خمس مستشفيات نفسية كبير تبلغ سعتها السريرية 3 آلاف سرير فقط !

ويضيف المصدر ، يمكنك الاقتراب من المشكلة أكثر عندما تعرف أن القسم الذي أترأسه في المستشفي يحتوي على 80 سرير في حين أن عدد المرضي الموجودين به حوالي 150 مريض فاضطررننا إلى "نفرش" لبعض مراتب علي الأرض وان نسمح للبعض الأخر بان ينام كل مريضين علي سرير واحد .

ويستكمل قائلا أن النتيجة لذلك أن المريض الذي تتحسن حالته يتم إخراجه من المستشفي وقبل الانتخابات الرئاسية كان هناك ما يسمى "كشف البوليس" كان بمقتضاه من حقنا أن نبلغ الشرطة بالمريض الذي يتحسن وتقوم الشرطة بتسليمه إلى أهله إلا أنه في هوجة الانتخابات الرئاسية نبهت أمن الدولة علينا تنبيه "حبي" أو شفوي بعدم خروج المختلين اللي "بيعملوا قلق" أمثال "جمال الدولي" الذي ينشر في إسكندرية كلها أنه رئيس الجمهورية.

كما أن كيفية تعامل أهالي المرضي مع أبنائهم هي مشكلة مجتمع ونظرته للمرضي النفسيين فللأسف أن الأهالي هنا في مصر "جهلة" في التعامل مع مثل هذه الحالات وهذه هي ثقافة المجتمع الذي ما أن يصاب أحد أفراده بمرض نفسي إلا و يأخذه أهله إلى رجل الدين الذي "يطلع عينه" وغالبا ما يقوم أهالي المريض بضربه وتقييده بصورة بشعة ثم يأتون به إلي المستشفي، فجزء من المشكلة هو كيفية تعامل المجتمع مع المريض .

وتشير المعلومات إلى أن بعض الحلول القوية تأتي من قبل المجتمع نفسه ، ففي بلد مثل إنجلترا منذ عشر سنوات كان لديهم حوالي 300 ألف سرير للمرضي النفسيين بما يتناسب مع أعداد المرضي هناك ، الآن لديهم 10 ألاف سرير فقط وهي مخصصة للحالات الحرجة والطارئة لأنهم نجحوا في توعية أهالي المرضى بكيفية التعامل معهم فبمجرد تشخيص حالة المريض وتحسن حالته يتم إخراجه من المستشفي ويقوم الأهل بمتابعة حالته حسب إرشادات الطبيب .
 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية