سعوديات "خادمات" بمواصفات خاصة
...............................................................
بقلم حبيب طرابلسي
.........................
بعد أكثر من سنتين من قرار وزارة العمل الاستعانة بـ “مدبرات منازل | |
بالصورة سعوديات يعملن خادمات | |
سعوديات”، والذي أثار جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض، تخطت 30 سعودية حاجز "العيب" و طرقن أبواب الخدمة في المنازل، للنجاة من مستنقع الفقر والاحتياج في بلد يسبح فوق بحر من النفط ويمتلك أكبر مخزون بترولي في العالم.
فقد ذكرت صحيفة "المدينة" أن 30 عاملة منزلية سعودية، تتراوح أعمارهن ما بين 20 إلى 45 عاما وجميعهن لا يحملن الشهادة الابتدائية، باشرن عملهن بمرتبات تصل إلى 1500 ريال (حوالي 400 دولار) شهريا، ليكنّ أول سعوديات يعملن في مهن منزلية بعد أن كانت مقتصرة فقط على العمالة الأجنبية ومن جنسيات آسيوية بصفة خاصة.
وأكدت هناء عثمان حسن، مسؤولة قسم التوظيف في إحدى المؤسسات الخاصة بالوساطة في أعمال التوظيف، لـصحيفة "المدينة" أن "المستفيدات أبدين موافقتهن على العمل بهذه المهنة وفق ضوابط تتوافق مع المرأة السعودية، كالعمل لـ 8 ساعات في اليوم أثناء خروج رب المنزل وانشغاله بالدوام الرسمي، مع توفير مواصلات عن طريق المؤسسة لتوصيل لنقل العاملة المنزلية من وإلى منزلها".
إهانة أم طوق نجاة؟
وكان قرار وزارة العمل في يونيو 2007 قد أثار تصريحات متضاربة و جدلا واسعا في بلد تجاوز فيه عدد العمالة المنزلية الأجنبية مليونا و200 ألف عامل وعاملة منذ بداية سوق الاستقدام قبل عشرين عاماً، والذي تقدر قيمته بـ 500 مليون ريال (134 مليون دولار) سنوياً.
ففي حين اعتبره البعض خروجا عن المألوف، بل إهانة في بلد نفطي تحسنت فيه ظروف المعيشة خلال الـ 50 عاماً الماضية مما دفع سكانه إلى التأفف من كثير من الأعمال والمهن، نظر إليه آخرون كطوق نجاة من الضغوط المادية والاجتماعية القاسية وكذلك درءا لمشاكل كثيرة ناجمة عن استقدام العاملات من الخارج.
من بين هذه المشاكل اختلاف العادات والمعتقدات بين مجتمعات الاستقدام والمجتمع السعودي، خاصة في تربية الأطفال، وهروب العاملات المستمر نتيجة لسوء المعاملة. وتقدر مصادر اقتصادية حجم الخسائر من جراء هروب نحو 7 آلاف عاملة منزلية سنويا في السعودية بأكثر من 38 مليون ريال (10.1 مليون دولار).
"مدبرات منازل" أو "عاملات نظافة "... بضوابط صارمة
ورغم أن الكثير من السعوديين رفضوا طرح الفكرة للنقاش من الأساس، أجاز بعض رجال الدين عمل السعوديات في المنازل، لكن بضوابط صارمة.
فالشيخ عبد المحسن العبيكان، المستشار بوزارة العدل وعضو مجلس الشورى، أجاز العمل في البيوت، شريطة عدم الاختلاط برب المنزل وعدم المبيت وتحديد ساعات العمل.
و من المؤيدين أيضا الشيخ حسن الشمراني، الذي أكد على عدة ضوابط، أبرزها "أن تكون المرأة السعودية محتاجة لهذه الوظيفة ولا تجد غيرها وأن لا يترتب على ذلك أي اختلاط وأن يكون مبيتها في بيتها والاهم أن لا تتخلى عن حجابها وعفافها".
و أشترط أيضا أن يكون المسمى "مدبرة منزل" وليس خادمه أو "شغالة"، كما يقال في دول الخليج.
وهذا ما أصرت على تأكيده اليوم (3 أغسطس) العاملات المنزليات السعوديات في تصريحات لـ "لمدينة"، حيث أوضحن أنهن يرفضن تصنيفهن ك"خادمات"، لأنهن لا يعملن كالخادمة المنزلية في الطبخ أو تربية الأبناء والمبيت في منزل أصحاب العمل، بل هن "عاملات نظافة فقط".
وأكدن كذالك أنهن جميعا "معلقات"، لرفض أزواجهن تطليقهن أو إرجاعهن لسنوات، وأن الضمان الاجتماعي رفض قبولهن لأنهن معلقات ولأن أعمارهن لا تزال تحت ال 60 عاما.
الفقر سبيل إلى "السعودة"
وقبل الإعلان عن مباشرة السعوديات العمل في البيوت، أعلن في المملكة أن عددا من الفتيات من حملة البكالوريوس أجبرتهن ندرة الفرص الوظيفية إلى امتهان العمل في مجال الحراسات الأمنية في المراكز التجارية.
ثم ذكرت "المدينة" أن 50 سعودية في المنطقة الشرقية، تتراوح أعمارهن ما بين العشرين والثلاثين عاما، "ضربن مثالًا جيدًا في تحدى البطالة بقبولهن العمل في نظافة مدارس البنات".
وأوردت الصحيفة شهادة "ابتسام"، وهي طالبة جامعية في السنة الثالثة قسم تاريخ، قائلة: "خرجت كثيرا متخفية للتسول وجمع ما في سلال المهملات من طعام بعد أن بحثت كثيرا عن وظيفة دون جدوى".
ويعلق الكاتب سعود بن هاشم جليدان في مقال في "الإقتصادية" (25 فبراير 2009)، تحت عنوان " الفقر سيسعود ما يراه المجتمع وظائف دنيا"، قائلا: "ورد (...) أن امرأة سعودية دفعتها حالتها الاقتصادية للعمل كعاملة منزلية أو شغالة (خادمة) كما نحب أن نسميها. فمن الواضح أن الفقر والعوز قد دفع هذه المرأة لكي تعمل كعاملة منزلية رغم كل المعوقات التي تقف في وجه عمل المرأة السعودية في مثل هذا المجال".
و منذ أن زار الملك عبد الله بن عبد العزيز بعض الأحياء الفقيرة في الرياض، في نوفمبر 2002 عندما كان وليا للعهد، وتأكيده على ضرورة اجتثاث جذور الفقر من المملكة، تخطى السعوديون الحاجز النفسي في التعامل مع قضية الفقر و لا تكاد تخلو الصحف المحلية من نشر حقائق مذهلة كان يعتبرها البعض قبل سنوات "عارا" يجب إخفاؤه في بلد يمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم.
ومنذ أن أعلنت "المدينة" عن شروع سعوديات العمل في المنازل، تهاطلت ردود الفعل على الصحف و مواقع الانترنيت بين مؤيد و منتقد و ... "حاقد".
يقول عبد الرحمن الخالدي: "هذا شي يدعو إلى الفخر... سيدة تعيل نفسها وتأكل من عرق جبينها!".
ويتفق معه "ابن الإمارات"، قائلا: "تحية وتقديرا للمرأة السعودية الشريفة الماجدة التي عرفت كيف تحافظ على نفسها وتكسب بالحلال (...) وليخسأ الحاقدون !"
و"الحاقدون" بالمئات على "الانترنيت"
يتساءل "علاء احمد": "هل يعقل؟ بلد ينتج 12 مليون برميل في اليوم و نساءه تنزل لمستوى الخدم ؟!"
ويعلق "قاسم": "العمل ليس عيبا، ولكن العيب في دولة تمتلك اكبر مخزون بترولي في العالم و تحرم أبناءها من هذه النعمة. أين تذهب هذه الأموال؟ أين العدل في توزيع ثروات البلد على الشعب؟".
ويتساءل "أبو فيصل": "أين وعّاظ السلاطين من هذه الكارثة ؟ أين ذهب الذين منعوا المرأة من قيادة مركبتها بحجّة الخوف عليها من التحرّش؟ أين الذين عارضوا عمل المرأة في أماكن مختلطة، و يتحججون بأكذوبة تحريم ما يسمونه بالاختلاط في العلن، و هاهي و تُرمى في بيوت تجهل أهلها وتختلط بالسر بين أفراد لا تعرف عنهم شيئا؟
و يضيف ساخرا: "القرار يستغبي المجتمع و يحاول إقناعه بأنه قدم ضمانات للمرأة لحفظ كرامتها ... فهل سنمنع الرجل من دخول بيته بحجة أن الخادمة السعودية بالداخل؟ هل سيسمح لرجال الهيئة (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) باقتحام البيوت للتأكد من عدم وجود خلوة غير شرعية؟".
و يتدخل " زملكاوي ابن حلال" قائلا: "لماذا كل هذا الحقد على السعودية؟ السعودية كانت ومازلت أكبر دولة خدمت الإسلام والعرب جميعا ... وطالما أن المرتب 1500 ريال، وأنا شاب عاطل، لو عرض علي هذا المرتب، أنا مستعد لأعمل كست بيت... أكنس ... وأمسح ... وأطبخ".
06/11/2014