حماس ضحت بالحلفاء السابقين وخسرت مصر
| |
مشعل | |
بقلم : كفاح زبون
......................
حولت العاصفة الثلجية التي ضربت مصر هذا الأسبوع، قطاع غزة إلى «فينيسا» جديدة، ولكن بمعايير جديدة، فسكان مدينة غزة اختاروا أن يستغلوا قوارب الصيد للانتقال من منطقة إلى أخرى، بعد السيول والأمطار التي اجتاحت المدينة أخيرا، في مشهد شبهه البعض بقوارب السياح التي تشق المدينة الإيطالية الجميلة.
كانت القوارب تعمل لإنقاذ آلاف المحاصرين في منازلهم جراء السيول التي هدمت منازل وأغرقت أخرى، وجعلت من القطاع بحرا كبيرا.
كان المشهد يختصر إلى حد كبير معاناة الغزيين، الذين لم يجدوا سوى «السخرية المرة» في مواجهة الواقع الأكثر مرارة، وهم يجربون من جديد كل أشكال الحياة البدائية، تحت «الحصار»، بلا كهرباء ولا وقود ولا ماء، بل غرقى في بحر مؤقت في مواجهة البرد، بعد 7 سنوات على حكم حركة حماس. كشفت العاصفة الثلجية، وهي الأقوى منذ سنوات طويلة، عن البنية التحتية الهشة في قطاع غزة، وزادت مأساة الغزيين مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل، وفقدان الوقود اللازم، وهي أزمة مستمرة منذ أكثر من 50 يوما.
بدأت أزمة حماس قبل شهرين بإغلاق مصر للأنفاق، وهو ما منع تهريب الوقود والبضائع والأموال، لكن ذلك ترافق مع تغييرات في ميزان القوى الذي بات يهدد شرعية حماس. ومع تواصل الأزمة وجدت الحركة نفسها في عنق الزجاجة.
وطالما مر حكم الحركة الإسلامية في أزمات مشابهة، لكنها كانت في كل مرة تخرج أقوى من قبل بفضل حلفائها الأقوياء في المنطقة، وقدرتها على توظيف «المقاومة» و«الحصار» بشكل جيد لكسب تعاطف الآخرين وكسر القيود المصرية والفلسطينية، ولكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفا.
ويمكن وصف الأزمة الحالية بالأسوأ في تاريخ حماس منذ منتصف 2006، بعدما ضحت الحركة بمعظم حلفائها الاستراتيجيين في المنطقة، وراهنت على الإخوان المسلمين فسقطوا، ثم خسرت مصر، ووجدت نفسها تحت «حصار» صعب، سياسي ومالي وإعلامي.
وتعكس الحالة المتردية للناس في قطاع غزة وضع حماس الصعب.
وتغط غزة طيلة 18 ساعة في اليوم في ظلام دامس بسبب انقطاع الكهرباء، وهو ما أدى إلى كوارث «ارتدادية»، إذ توقفت المضخات عن ضخ كميات المياه اللازمة للسكان، فيما أوقفت بعض المستشفيات عددا من غرف العمليات، والأقسام، بينما تتراكم النفايات وتزداد المكاره الصحية، جراء توقف عمل البلديات.
وتطال الأزمة الحالية كل قطاعات الغزيين تقريبا - إلا الأكثر ثراء - رجال الأمن، والطلاب، والصيادين، والأطباء، والصحافيين، وسائقي التاكسي، والمؤسسات، والوزارات، وجميع الموظفين، والعائلات في بيوتهم.
واستطلعت «مصرنا» آراء الكثير من أهالي القطاع الذين عبروا عن إحباط كبير بسبب «بدائية» الحياة وصعوبتها.
وقال صحافيون ومهندسون وأصحاب مصانع إنهم لا يستطيعون إنجاز أعمالهم بسبب الانقطاع المتواصل للكهرباء، فيما يضطر مئات الآلاف من الطلبة الفلسطينيين في غزة للدراسة على ضوء الشموع التي طالما جلبت كوارث بإشعالها حرائق أودت بحياة الأطفال.
وعبرت الطالبة في الصف العاشر، أماني أبو شنب، عن مخاوف حول مستقبل العام الدراسي بالنسبة لها بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة. وقالت لـ«مصرنا» إنها تضطر هي وأشقاؤها الصغار للدراسة على ضوء الشموع حتى وقت متأخر من الليل.
ولجأت عدة مدارس في القطاع لتركيب لوحات شمسية تعمل على تحويل الطاقة الشمسية إلى كهربائية، لكن هذه التجربة مكلفة للبعض، كما أن مردودها محدود للغاية في فصل الشتاء.
وقال هاشم أبو ريالة (32 سنة): «الأزمات باتت تخنقنا، وتضر كثيرا بالحياة العامة هنا». وأضاف: «في بيتي لا يوجد كهرباء ولا ماء، وقاربي الصغير توقف عن العمل بسبب نقص الوقود». وتابع: «نبدو عاجزين بصراحة».
وتابع: «أنا أسكن في مخيم الشاطئ، حيث يعيش رئيس الوزراء إسماعيل هنية، والمياه تنقطع لأيام طويلة. الأزمة تضرب الجميع هنا». وتقف جهات الاختصاص حائرة وعاجزة أمام شكاوى معظم الأهالي الذين يشاركون أبو ريالة مشاكله.
وقال نقيب الصيادين في غزة، نزار عياش، لـ«مصرنا»، إنه يحاول قدر الإمكان توفير كميات محدودة جدا من الوقود للصيادين لكي يتمكنوا من العمل وكسب رزقهم. «الأزمة عامة».
أما المسؤولون في بلدية غزة، فيبررون توقف آبار المياه عن العمل بسبب حاجتها الماسة لكميات كبيرة من الوقود يوميا لكي تتمكن من العمل وضخ المياه للأحياء المختلفة.
وقال مسؤول قسم المياه في بلدية غزة المهندس، رمزي أهل، لـ«مصرنا»، إن «الآبار في مدينة غزة وحدها بحاجة إلى نحو 3 آلاف لتر سولار يوميا، ونحن لا نملك أي حلول الآن». وأضاف: «لا توجد أي حلول حتى في القريب. الأزمة ستتفاقم في الأيام المقبلة في ظل انقطاع الوقود، والسولار الاحتياطي المخزون لدى البلدية نفد بشكل كامل».
وتحتاج كل بلديات القطاع إلى 900 ألف لتر سولار شهريا لتشغيل مرافقها، وقف تصريحات لوزير الحكم المحلي في حكومة حماس، محمد الفرا. وأدى انقطاع الوقود إلى تعطيل عمل ما يقرب من 205 آبار مياه شرب و42 مضخة للصرف الصحي و4 محطات معالجة مياه للصرف الصحي و10 محطات مركزية لتحلية المياه المركزية، واضطرهم إلى ضخ 50 في المائة من الصرف الصحي دون معالجة إلى شاطئ البحر من خلال الكثير من محطات الضخ وخاصة غرب مدينة غزة.
وكان القطاع مقبلا على ما هو أسوأ من ذلك، إذ لمحت سلطة الطاقة وشركة الكهرباء في غزة إلى إمكانية تراجع عدد ساعات وصول الكهرباء إلى البيوت إلى أقل عن 6 ساعات يوميا. وحذر المسؤول في الشركة جمال الدردساوي، من عدم قدرة الشركة على السيطرة على برنامج 6 ساعات مع دخول فصل الشتاء.
وقال الدردساوي، لـ«مصرنا»، إن قطاع غزة يعاني من نسبة عجز في الكهرباء وصلت إلى 75 في المائة من نسبة الاحتياجات الفعلية، مؤكدا أنها مرشحة للازدياد إلى 80 في المائة مع دخول فصل الشتاء. وحذر الدردساوي من احتمالية انقطاع بعض الخطوط في حال دخلت المنطقة في منخفضات جوية. ويحتاج قطاع غزة، يوميا، إلى أكثر من 350 ميغاواط، ويستورد من الجانب الإسرائيلي بقيمة 120 ميغاواط، و17 ميغاواط من الجانب المصري، فيما تنتج محطة توليد الكهرباء المحلية ما قيمته 80 ميغاواط، بعجز متفاوت قد يصل إلى 150 ميغاواط. هذا مع وجود الوقود المصري رخيص الثمن. أما اليوم فتوقفت المحطة نهائيا عن توليد الطاقة.
وكانت المحطة تستهلك نحو 400 ألف لتر وقود حتى تولد الـ80 ميغاواط، أما الاحتياجات الأخرى في القطاع فتبلغ 100 ألف لتر يوميا من البنزين والسولار والمازوت.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل توقفت أجهزة غسل الكلى وحاضنات وغرف عمليات في بعض المستشفيات جراء نقص الكهرباء. وحذرت وزارة الصحة في حكومة حماس من نفاد مخزونها الاحتياطي بشكل كامل، ما يعني توقف كل المستشفيات والمرافق الصحية عن العمل، وخاصة أجهزة غسل الكلى وحضانات الأطفال الخدج وغيرها، كما اشتكت من نفاد كميات كبيرة من أنواع الأدوية بسبب إغلاق المعابر.
وكانت «شبكة المنظمات الأهلية» ومنظمات حقوق الإنسان في قطاع غزة حذرت من تدهور الأوضاع الإنسانية لسكان القطاع، مبدية قلقها البالغ من تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي تؤدي إلى الاقتراب من «حالة الكارثة الإنسانية، وتمس بشكل خطير بكل المصالح الحيوية للسكان، بما فيها خدمات المياه والصحة البيئية، وخدمات التعليم وكل الخدمات الحياتية اليومية الضرورية».
لكن تدخلا قطريا عاجلا بعد نداءات استغاثة أطلقتها السلطة الفلسطينية وحماس وجامعة الدول العربية، نجحت في التخفيف من حدة الأزمة.
واستأنفت محطة توليد الكهرباء في القطاع، هذا الأسبوع، عملها بعدما سمحت إسرائيل بإدخال كميات من الوقود الصناعي، للقطاع، عبر معبر كرم أبو سالم، كما سمحت بدخول بضائع أخرى، وقالت إنها مددت فترة فتح المعبر لاثنتي عشرة ساعة بدلا من ست ساعات. ويعتقد أن ذلك سيتواصل في الفترة المقبلة.
وسمحت منحة قطرية بشراء الوقود، بعدما خصصت لدفع ضريبة الوقود.
واتفقت القيادة القطرية مع الفلسطينية على شراء الأخيرة للوقود والتنسيق وإرساله إلى غزة لمدة شهر كامل، على أن تحول قطر ما قيمته 10 ملايين دولار، بدل قيمة الضريبة، على كمية الوقود، التي كانت محل خلاف بين السلطة وحماس.
ولا تنهي كميات الوقود التي دخلت إلى غزة الأزمة هناك، لكنها تخففها إلى حد ما. وأعلنت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية بغزة أنه سيجري تشغيل محطة توليد الكهرباء وإدخالها إلى الخدمة بشكل تدريجي، حتى تعود إلى جدول التوزيع السابق بواقع 8 ساعات وصل، و8 ساعات قطع، وبشكل دوري. وبدأت أزمة حماس عندما سقط نظام الإخوان المسلمين في مصر، وأحكم الجيش المصري قبضته على الحدود وأغلق الأنفاق بين مصر والقطاع.
ولا يمكن فصل المنحى السياسي عن أزمة حماس في القطاع، ليس بسبب اتهامها فقط بالتدخل في شؤون مصر، وما قابله من ردة فعل مصرية، ولكن لأن الحركة أيضا رفضت التعاون مع السلطة في رام الله وتبادلتا الاتهامات فوق ذلك.
وتجد حماس صعوبة الآن في ترويج أن ما يحدث لكم (أي للناس) هو «جراء المقاومة» وبفعل «الحصار» الإسرائيلي، خصوصا أن الحركة ما توقفت لحظة عن دعم نظام الإخوان المسلمين في مصر بعد سقوط الرئيس المعزول محمد مرسي بشكل علني ومستفز، كما اتهمت من قبل جهات أمنية وسياسية مصرية، وحتى عبر حركة فتح الفلسطينية بالتدخل في شؤون مصر عبر سيناء.
ولم يطل رد مصر الجديدة، فأغلقت الأنفاق ومنعت تهريب الوقود والبضائع، وجمدت إلى حد كبير العلاقات مع حماس. ويعتقد مراقبون الآن أن حماس تدفع ثمن قراءتها الخاطئة لتطور الأحداث، منذ خسرت سوريا وإيران وراهنت على نظام الإخوان.. من ثم استعدت النظام المصري الجديد.
وفي أقل من عام واحد، خسرت حماس كل الحلفاء: سوريا وإيران والإخوان ومصر، فيما يحدث تغيير بطيء في السياسة القطرية التي طالما راهنت عليها حماس. واليوم لا مال يجود به الحلفاء، ولا أنفاق يمكن من خلالها إنعاش الحركة.
وثمة جدل كبير الآن حول ما إذا كانت حماس قد وقعت في أزمة «تعريف نفسها من جديد».
وخلال الأشهر القليلة الماضية ظهرت إشارات متناقضة لمواقف مسؤولين في الحركة. ظهر البعض أنه مع الإخوان ثم عاد البعض وأظهر رغبة في التقرب من مصر الجديدة، فيما خفف آخرون لهجتهم تجاه الرئيس السوري بشار الأسد، وراح مسؤولون من الخارج يحاولون من جديد مد الجسور مع إيران.
ورصد مركز «كارنيغي» الأميركي لـ«مصرنا» تراجع شعبية حركة حماس التي تحكم قطاع غزة، مشيرا إلى أنها تواجه الكثير من التحديات الداخلية والخارجية التي تهدد قبضتها على حكم القطاع.
وقال المركز: «إن حظوظ حماس قد تبدلت في عام واحد، حيث تلقت حماس ضربة بسبب الإطاحة بالإخوان المسلمين من حكم مصر، وعزلت عن العالم، في الوقت الذي تواجه فيه تهديدات داخلية وخارجية، وبينما تتفاقم الأوضاع الاقتصادية في غزة، يزداد شعور قادته حماس بالبارانويا ويجدون صعوبة متزايدة في الحكم».
وتحدث التقرير عن محاولات حماس التكيف مع التغييرات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة من حولها، وعجزها عن إعادة تعريف نفسها وسط هذه التحولات الإقليمية الكبرى، وسط تزايد التململ الشعبي وخسارتها الداعمين الأساسيين في المنطقة، وهو ما يعرض للخطر قدرتها على مواصلة حكم قطاع غزة.
ويرفض قادة حماس هذا التوصيف، ويصرون على أن حركتهم قادرة على تجاوز الأزمة، غير أن مفكرين في حماس وغيرها كان لهم موقف مخالف، إذ دعا القيادي المعروف في الحركة يحيى موسى، حركته إلى التحول إلى «حركة تحرر وطني فلسطيني»، وأن لا تبقى هياكلها التنظيمية وأطرها المؤسساتية أطرا تنظيمية إخوانية (الإخوان المسلمين).
هذه الدعوة لإعادة تعريف النفس، تبناها ودعا إليها الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، الذي يرى أنه لم يعد أمام حركة حماس هامش مناورة كاف كما كان عليه الحال سابقا، وكتب يقول: «هناك مخرج مضمون لحماس، لكن يبدو من الصعب أن تلجأ إليه، لأنها تأخرت في اعتماده، وكان يجب أن تستعد له مبكرا حتى في ذروة صعود الإخوان المسلمين، وهو إقامة مسافة كافية بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين، وأن تكون جزءا من الحركة الوطنية الفلسطينية أكثر مما هي امتداد للجماعة. هذه المسافة ضرورية لأنها تستجيب لخصوصية القضية الفلسطينية بوصفها قضية تحرر وطني تحتاج وتستطيع الحصول على دعم عربي وإسلامي وإنساني وتحرري على امتداد العالم، ولا يجب أن تحسب نفسها على تيار واحد، بينما هي تستطيع الحصول على دعم جميع التيارات».
وأضاف: «إن المخرج الوحيد المتبقي هو أن تبدي حماس استعدادا جديا وحقيقيا أو تستجيب لمبادرات تدعوها إلى التخلي عن السلطة في غزة، مقابل شراكة سياسية حقيقية في السلطة والمنظمة، ولو اقتضى الأمر اتخاذ مبادرات منفردة في هذا الاتجاه، مثل الاستعداد لنقل السلطة في غزة إلى (هيئة وطنية موثوقة) وليس دعوة الفصائل إلى مشاركة حماس في السلطة؛ تمهيدا إلى الشروع في حوار وطني شامل يستهدف إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية في سياق إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية من خلال إعادة تعريف المشروع الوطني وإعادة بناء التمثيل والمؤسسة الوطنية الجامعة التي تمثلها منظمة التحرير».
لكن هذا الخيار (أي المصالحة) يبدو الآن في «الثلاجة».
وعلى الرغم من أنه ليس من السهل أن تنهار الحركة الإسلامية في غزة، فإنها دخلت في نفق طويل. وأقر المسؤول الحمساوي غازي حمد بصعوبة الأزمة التي تمر بها حماس، وقال إنها خسرت الكثير من الدعم المالي وما زالت تبحث عن مخارج لذلك.
غير أنه لم يشر إلى حلول يمكن أن تلجأ لها حماس أو كيف تتدبر أمرها. ومع إغلاق «منابع» الدعم الكبيرة، تتلقى الحركة اليوم دعما أقل من قطر وتركيا، لكنه لا يكاد يسد حاجات «الحكم» الذي وصفه يوما رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، بالورطة.
* ماذا خسرت حماس من إغلاق الأنفاق؟
> لم تكن مئات الأنفاق المحفورة تحت الأرض بين غزة ومصر مجرد أنفاق للتهريب وحسب، بل اتخذت هذه الأنفاق صفة المعابر الرسمية، لكنها معابر تحت الأرض، وتحولت مع الزمن إلى مصدر كبير للرزق والثراء، ودخلا مهما لخزينة الحكومة الحمساوية المقالة هناك أيضا.
وكان يدخل عبر هذه الأنفاق يوميا آلاف الأطنان من الوقود والسلع والبضائع المختلفة والأدوية، ومواد البناء، مثل الإسمنت والحديد، هذا غير تهريب السيارات والسجائر. ولا يعرف عدد دقيق للأنفاق، لكن مصادر مختلفة تقول إنها قد تصل إلى 400 نفق رئيسي، وأكثر من ألف فرعي.
والأنفاق متنوعة؛ أنفاق خاصة تابعة لحماس وأنفاق عامة للآخرين. ويكلف حفر النفق الواحد نحو 80 ألف دولار، بحسب حجمه وطوله، وإذا ما عمل بشكل متواصل فقد يصل دخل النفق الواحد إلى 150 ألف دولار في اليوم.
وقال مصدر فلسطيني مطلع لـ«مصرنا»، إن «أنفاق حماس تخص الحركة، يعمل فيها رجال محسوبون عليها، وتكون خاصة بتهريب وإدخال ما يخص حماس: سيارات، سلاح، وما شابه، ويتحرك منها رجال حماس أيضا». أما الأنفاق العامة، حسب المصدر، «فهي ملك أشخاص عاديين، ولهم شركاء أحيانا مصريون من البدو، وهذه تخضع لإشراف حماس وتخصص للبضائع والسلع».
وشكلت حماس في الأعوام السابقة لجنة خاصة للأنفاق، مهمتها الإشراف عليها وتحديد الضريبة المناسبة على كل بضاعة مهربة وجنيها من أصحاب هذه الأنفاق. وأعطت هذه اللجنة للأنفاق صفة الشرعية.
وتراقب هذه اللجنة وترصد كل النشاطات والتحركات، وتضع مراقبين على بوابات الأنفاق، وهي مختصة بمنح تراخيص لفتح أنفاق جديدة، وهذه تتطلب قدرة من المتقدم على الوفاء بالتزامات مالية كبيرة، وكثيرا ما قبلت اللجنة منح تراخيص لأنفاق جديدة، وكثيرا ما رفضت ذلك.
وتقدر مصر حجم تجارة الأنفاق بمليار دولا سنويا، بينما يقدرها خبراء اقتصاد في غزة بأقل من ذلك بقليل.
ولكن لا يعرف بالضبط كم تجني حماس من هذه التجارة، وقالت مصادر لـ«مصرنا» إن ذلك «بحسب البضائع»، وأضافت: «بعضها تفرض عليه ضريبة مقطوعة على الكيلو أو القطعة، وبعضها على الطن». وأضافت: «كانت تتقاضى نحو نصف دولار من أصل 80 سنتا هي سعر لتر البنزين عن كل لتر، و8 سنتات عن كل علبة سجائر، و15 دولارا عن كل طن حديد، و10 عن كل طن إسمنت». وتابعت المصادر القول: «بعض السلع مثل السيارات تفرض عليها ضريبة تصل إلى 25 في المائة، و2000 دولار على كل سيارة بدل إذن دخول». وهذا سار على أي بضائع تدخل إلى غزة، بما فيها الملابس واللحوم والعصائر وغيرها. كما تقتطع ضريبة من دخول العمال في الأنفاق.
وقدر مراقبون أن تجارة الأنفاق كانت تسهم بـ15 في المائة من ميزانية حماس، فيما تحصل على دخل آخر من خلال الضرائب التي يدفعها الناس، ناهيك عن الدعم الذي كانت تتلقاه من إيران وسوريا.
غير أن ذلك كله توقف الآن بانتظار كيف ستعيد حماس صياغة الموقف.
حماس أخطاء وخطايا
06/11/2014