اتفاق أمريكى روسى لخفض التسلح النووى
...............................................................
| |
الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف يتصفاحان بعد توقيع الاتفاق | |
واشنطن - براغ - لندن:
وقعت الولايات المتحدة وروسيا، معاهدة تاريخية لخفض ترسانتيهما النوويتين القادرتين على تدمير العالم عدة مرات، مرسلتين بذلك إشارة إلى الدول التي تسعى إلى امتلاك السلاح النووي للتخلي عن طموحاتها، وفي الوقت نفسه أظهرت تصريحات البلدين بعد توقيع الاتفاق في براغ بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف، أن الدائرة تضيق على إيران في ملفها النووي. وجاء ذلك بعد 48 ساعة من إعلان أوباما استراتيجيته النووية، التي تشمل عدم استخدام أسلحة نووية ضد دول غير نووية، واستثنيت منها إيران وكوريا الشمالية.
وقال أوباما إن بلاده تعمل مع روسيا لفرض عقوبات أشد على إيران. وأضاف: «نعمل معا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتمرير عقوبات أشد على إيران ولن نتسامح مع تصرفات تنتهك معاهدة حظر الانتشار النووي».
من جانبه أعرب ميدفيديف، بعد توقيع المعاهدة، عن أسفه لعدم استجابة إيران لمقترحات بناءة متعلقة ببرنامجها النووي. وقال إنه إذا فرضت عقوبات فيجب أن تكون عقوبات ذكية. ووصف مناقشاته مع أوباما بشأن طبيعة العقوبات التي قد تفرض على إيران بسبب برنامجها النووي بأنها كانت صريحة ومنفتحة.
وستخفض المعاهدة الجديدة، التي وقعت أمس، الترسانة النووية الاستراتيجية التي تنشرها العدوتان السابقتان أثناء الحرب الباردة بنسبة 30 في المائة في غضون سبع سنوات لكنها تبقي لكل منهما ما يكفي من أسلحة لتدمير الآخر.
وقال البيت الأبيض، أمس، إن الولايات المتحدة لم تحدد تغيير النظام هدفا للعقوبات على إيران. من جهته قال مسؤول أميركي رفيع إن رئيسي الولايات المتحدة وروسيا ناقشا إمكانية فرض عقوبات على قطاع الطاقة الإيراني خلال قمة براغ. وقد بدأت أمس في نيويورك على مستوى السفراء مناقشات دول (5+1) التي تشمل الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا بحضور الصين، التي أكدت مشاركتها.
وقالت سوزان رايس، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، للصحافيين في نيويورك، «إن المفاوضات بدأت في وقت سابق في العواصم وهنا في حقيقة الأمر. ويجري تكثيفها، ونعمل من أجل إنجاز هذا بسرعة. في غضون أسابيع في الربيع»، إلى ذلك, قال رئيس الأركان الإيراني حسن فيروز آبادي أمس إن بلاده سترد على أي هجوم عسكري قد تشنه الولايات المتحدة، وذلك بضرب القوات الأميركية المرابطة في الشرق الأوسط.
أميركا تطور صواريخ «الضربة السريعة» لملء الفراغ النووي تستطيع الوصول إلى أي مكان في العالم خلال ساعة.. ومخاوف من الخلط بينها وبين النووية....
| |
جيت | |
واشنطن: كريغ ويتلوك *
في الوقت الذي يسعى فيه البيت الأبيض لخفض الترسانة النووية الأميركية، يعمل البنتاغون على تطوير سلاح لملء الفراغ الذي سيخلفه ذلك «صواريخ تحمل رؤوسا تقليدية باستطاعتها الوصول إلى أي مكان في العالم في أقل من ساعة».
ويقول المسؤولون بالجيش الأميركي إن برنامج الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والمعروف باسم بـ«الضربة العالمية السريعة»، أو (Prompt Global Strike) يعد شكلا جديدا من أشكال الردع ضد الشبكات الإرهابية وغيرها من الأعداء. وعلى المستوى النظري، ستوفر تلك الصواريخ التقليدية الجديدة للبيت الأبيض خيارا عسكريا جديدا في حال وقوع كارثة دون أن يضطر للجوء إلى الخيار النووي.
ومن جهة أخرى، يثير برنامج «الضربة العالمية السريعة»، الذي كان البنتاغون يعمل على تطويره منذ سنوات كثيرة، المخاوف في موسكو، حيث يخشى المسؤولون الروس أن يسفر ذلك عن سباق للتسلح غير النووي، وهو ما سوف يضع العقبات كذلك أمام أجندة الرئيس باراك أوباما بعيدة المدى المتعلقة بإخلاء العالم من الأسلحة النووية.
كما يواجه المسؤولون العسكريون الأميركيون صعوبة في حل إحدى المعضلات الأساسية؛ والمتعلقة بخطر أن تخلط كل من روسيا والصين بين إطلاق صاروخ عادي من «الضربة العالمية السريعة» وصاروخ نووي.
وقد أخبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الصحافيين يوم الثلاثاء في موسكو: «ستقبل دول العالم بصعوبة بالغة التخلي عن الأسلحة النووية، ناهيك عن الأسلحة التي لا تقل خطورة عنها والتي سوف تكون في يد بعض أعضاء المجتمع الدولي».
ومن جهته، يقول البيت الأبيض إن تطوير برنامج «الضربة العالمية السريعة» ليس له علاقة بالمعاهدة الجديدة لخفض الأسلحة النووية (ستارت)، التي وقع عليها الرئيسان أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف أمس في براغ. ويقول المحللون إن أي صواريخ باليستية تقليدية يتم التعامل معها على غرار الصواريخ النووية، وفقا للمعاهدة التي تضع قيودا جديدة على ترسانة كلا الدولتين.
| |
ديفيد باترويس | |
وعلى الرغم من أن تطوير الصواريخ الباليستية التقليدية ليس من المتوقع أن يبدأ قبل بداية عام 2015، على الأقل، فإن البرنامج حظي مؤخرا على تأييد إدارة أوباما التي تنظر إلى تلك الصواريخ باعتبارها إحدى حلقات سلسلة من الأسلحة الدفاعية والهجومية التي يمكنها أن تحل محل الأسلحة النووية.
وقد طلبت الإدارة من الكونغرس 240 مليون دولار لبرامج تطوير «الضربة العالمية السريعة» للعام القادم، أي بزيادة 45% عن الميزانية المخصصة للعام الحالي. ويتوقع الجيش أن تصل تكلفة تطوير ذلك البرنامج إلى ملياري دولار خلال عام 2015.
وبعد سنوات من الإعداد، من المقرر أن تجري القوات الجوية اختبارا لإطلاق أساسي للنموذج الجديد خلال الشهر القادم. وقال جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي في خطاب ألقاه في فبراير (شباط) بجامعة الدفاع الوطني: «يسمح لنا توافر إمكانات، مثل درع الدفاع الصاروخي، والرؤوس التقليدية القادرة على الوصول إلى جميع أنحاء العالم، وغيرها، التي نعمل حاليا على تطويرها، بتقليل الدور الذي تلعبه الأسلحة النووية. وعبر تلك القدرات الحديثة، وحتى في ظل الخفض الشديد للأسلحة النووية، فسوف نظل بلا شك أقوياء».
وكانت الأسلحة النووية تمثل عصب استراتيجية الردع الأميركية لستة عقود. وعلى الرغم من أن تلك الاستراتيجية نشأت في ظل الحرب الباردة، فإن القادة العسكريين يقولون إنهم بحاجة إلى أسلحة قوية في ترسانتهم لردع الأعداء الذين يمكنهم أن يتصوروا أن الولايات المتحدة سوف تحجم عن اتخاذ إجراء متطرف، وتأمر بشن هجمة نووية.
ومن جهته، قال الجنرال جيمس كارترايت، نائب رئيس هيئة الأركان وأحد المدافعين البارزين عن «الضربة العالمية السريعة»، في مؤتمر خلال الشهر الماضي: «لم يعد من الممكن الاعتماد على الردع النووي، فيجب أن يتسع مدى الردع».
ومن جهة أخرى، يقول بعض المسؤولين بالجيش الأميركي إن خياراتهم غير النووية الحالية محدودة للغاية أو بطيئة جدا. فعلى نقيض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، التي تسافر بأضعاف سرعة الصوت عدة مرات، فإن صواريخ الكروز تحتاج إلى نحو 12 ساعة لإصابة أهداف بعيدة. وبالمثل، فإن القاذفات بعيدة المدى تحتاج إلى عدة ساعات كي تصل إلى الموقع الذي تستهدفه.
ويقول كارترايت: «أما اليوم، فالأمر يمكن أن يستغرق أياما وربما أسابيع ما لم تكن ستلجأ إلى الخيار النووي. وهي مدة زمنية تعد طويلة للغاية في العالم الذي نحيا فيه».
ومن جهة أخرى، يقول بعض المسؤولين العسكريين إن السيناريوهات المحتملة ربما تتضمن اكتشاف مؤامرة إرهابية وشيكة تتعلق باستخدام أسلحة الدمار الشامل أو مؤشرات على أن أحد أعداء الدولة يعد لإطلاق هجمة صاروخية على أحد حلفاء الولايات المتحدة.
| |
نموذج معدل من الصاروخ الباليستي العابر للقارات (بيسكيبر 3). | |
ويعد النموذج الذي صممته القوات الجوية لـ«الضربة العالمية السريعة» هو نموذج معدل من الصاروخ الباليستي العابر للقارات (بيسكيبر 3). وإذا ما نجح ذلك البرنامج، فمن المقرر أن يتم نشر عدة صواريخ منه في قاعدة القوات الجوية «فاندنبرغ» بكاليفورنيا.
وسوف تخضع لإشراف «القيادة الاستراتيجية الأميركية»؛ المسؤولة عن الترسانة الأميركية النووية. ومن جهة أخرى، قال الجنرال كيفين تشليتون، قائد القوات الجوية، التي تتمركز بالقرب من أوماها إنه ينظر إلى برنامج «الضربة العالمية السريعة» كسلاح إضافي وليس كسلاح يمكنه أن يحل محل الأسلحة النووية. فقد قال أمام إحدى اللجان بمجلس النواب خلال الشهر الماضي: «أنا أنظر إليه كسلاح إضافي في جعبة الرئيس يمنحه خيارا إضافيا في الأزمة الراهنة التي ربما لا يجد أمامه فيها سوى الخيار النووي».
ولتقليل مخاطر رد فعل روسي نووي غير مقصود، تعمل القوات الجوية على تطوير صاروخ باليستي تقليدي ينطلق إلى ارتفاع أقل من الارتفاع الذي تصل إلى الصواريخ التي تحمل رؤوسا نووية، وهو شيء يمكن لأجهزة الرادار الروسية المبكرة رصده. ويقول المسؤولون بالجيش الأميركي أيضا إنهم ربما يسمحون بدخول المفتشين الروس أو يحذرون موسكو بشأن هجمات تقليدية تستهدف أماكن أخرى.
كما يعمل الجيش على تصميم مختلف ولكنه ليس بمثل ذلك التطور؛ حيث تعمل البحرية على إعداد تصميم آخر – نسخة تقليدية من صاروخ ترايدينت الذي ينطلق من الغواصات -، ولكن الكونغرس كان قد قلص ذلك البرنامج قبل عامين نظرا للمخاوف المتعلقة بصعوبة التمييز بينه وبين صاروخ ترايدينت الحامل للرؤوس النووية.
ومن جهة أخرى، يقر المنتقدون بأن العقبات التكنولوجية يمكن التغلب عليها، ولكنهم يؤكدون في الوقت نفسه أن استبعاد الجانب النووي من المعادلة ربما يجعل من السهل على البيت الأبيض أن يأمر بشن هجمات «الضربة العالمية السريعة». بالإضافة إلى أن المعلومات الاستخبارية التي تأتي بشأن الأزمات التي تقع أحداثها على نحو متسارع نادرا ما تكون دقيقة مما قد يسفر عن هجمات متسرعة على أهداف خاطئة.
فيقول جيفري لويس مدير الاستراتيجية النووية ومبادرة الحد من الانتشار النووي في مؤسسة «نيو أميركا»: «يشاهد الناس مسلسل (24) ويعتقدون أن هذه هي الطريقة التي تأتي بها المعلومات الاستخبارية. ولكن الأمر ليس كذلك، فصور الأحداث لا تنتقل إلى عقل الرئيس مباشرة عبر الأقمار الصناعية».
ولكن المدافعين عن «الضربة العالمية السريعة» يقولون إن قيمة ذلك البرنامج الأساسية ستكون في إضافة مستوى آخر من الردع للترسانة النووية الأميركية. فيقول كارترايت خلال الشهر الماضي: «في نهاية اليوم، فإن كل من كانوا يعارضونك سوف ينتهي بهم الأمر وهم يعتقدون (إذا فعلت ذلك، فسوف أدفع ثمنا باهظا)».
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«مصرنا»