مصر تعيد افتتاح أقدم دير للرهبنة في العالم
...............................................................
|
دير الانبا انطونيوس بالزعفرانة خضع لعمليات ترميم بقيمة 18 مليون دولار باعتباره من اقدم الآثار المصرية القبطية. والانبا انطونيوس هو الأب الروحي لحركة الرهبنة المسيحية عالميا |
الزعفرانة (مصر) – من رياض ابو عواد
احتفل المجلس الاعلى للآثار المصرية ورهبان دير الانبا انطونيوس بالقرب من مدينة الزعفرانة شرق القاهرة بالانتهاء من ترميم كنائس ومنشآت دير الانبا انطونيوس اقدم اديرة العالم والذي يعتبر مؤسسه الأب الروحي لحركة الرهبنة المسيحية عالميا.
وخلال حفل الافتتاح الذي نظم عصر الخميس اكد الامين العام للمجلس الاعلى للاثار زاهي حواس انه "تم خلال السنوات الثماني الماضية انفاق 450 مليون جنيه مصري (81 مليون دولار) منها 80 مليونا لترميم هذا الدير ومبانيه باعتباره من اقدم الآثار المصرية القبطية وتأكيدا على التراث المشترك بين المسيحيين والمسلمين في وطننا المصري".
وعبر في الوقت نفسه رئيس الدير الانبا يوسطس عن اهمية الترميمات التي "انقذت جزءا مهما من مباني الدير من الانهيار".
ويحظر القانون المصري المستند الى وثيقة عثمانية يطلق عليها "الخط الهمايوني" على المؤسسات الدينية القبطية ترميم كنائسها واديرتها من دون الحصول على اذن خاص من راس السلطة السياسية في مصر والذي كان في ذلك الحين الوالي. ولم تغير السلطات المصرية المتعاقبة هذا القانون حتى الان.
حضر الاحتفال وفد صحافي توجه من القاهرة الى الدير المقام على بعد اكثر من 250 كيلومترا عند سفح جبل الجلالة ضمن سلسلة جبال البحر الاحمر في صحراء العرب بالقرب من الزعفرانة.
وتستغرق الرحلة اكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة بالحافلة عبر سهول صحراوية وجبال صخرية حادة قبل الوصول الى خليج السويس بالقرب من العين السخنة. هنا تفقد المنطقة طبيعتها العذراء حيث تمتد الاف المباني ضمن سلسلة من القرى السياحية المشيدة خلال السنوات الاخيرة.
ولكن سرعان ما تغادر القافلة الطريق الساحلي لتسير في سهل رملي جنوب اكبر حقل للمراوح الهوائية المولدة للكهرباء باتجاه البرية التي اختارها اوئل رهبان المسيحية للابتعاد عن مغريات الحياة والانصراف الى حياة التامل الروحية على بعد مئات الكيلومترات من اخر اشكال الحضارة في الفترة الزمنية التي شهدت بدايات تاسيس الدير في المنتصف الثاني من القرن الرابع الميلادي (361 -362).
ولد الانبا انطونيوس في اسرة رومانية غنية في الفيوم واعتنق المسيحية وترك ارثه وثروته واتجه الى المنطقة المعزولة حيث لجأ الى مغارة في اعلى جبل القلزم على مسير ثلاث ساعات في الجبل الذي اقيم الدير في سفحه ملتحقا بمعلمه واستاذه الانبا بولا.
وبدأ خلال هذه المرحلة تاسيس اولى كنائس الدير وهي كنيسة الانبا انطونيوس وتبعها بناء ست كنائس بينها كنيسة الرسل وكنيسة الانبا مرقص واحدثها كنيسة الانباانطونيوس والانبا بولا.
ورغم ان المجلس الاعلى للاثار المصرية يشير الى وجود سبع كنائس، اكد احد رهبان الدير ان مبنى الحصن لوحده يضم خمس كنائس هي الملاك والعذراء ومارجرجس ومار مينا وامنباوب.
وتبع تشيد الكنائس القديمة تشييد السور الخارجي والحصن والعين والمطعمة والساقية والرباطية والقلايات التي شيد اقدمها في القرن الرابع الميلادي وعثر على بعضها تحت كنيسة الرسل حيث عثر كذلك على اولى نماذج الكتابات باللغة القبطية.
وتضم هذه الكنائس العشرات من الايقونات والجداريات (الفريسكا) التي قام فريق ايطالي مصري بترميمها ويعود بعضها الى بدايات تاسيس اولى كنائس الدير، لكن اشهرها يعود الى القرن 12 والقرن 13 وفيما بعد القرن 17.
وكان الدير منذ تاسيسه يفتح ابواب سوره الخارجية مرة كل اربعة شهور عندما تصل قافلة المواد الغذائية. وكان يتم انتشال هذه المواد بواسطة حبال مربوطة في ساقية وكذلك القائمين على القافلة لاطعامهم واراحتهم في غرفة المطعمة ثم انزالهم من جديد لمغادرة المنطقة التي كانت معزولة تماما عن العالم الخارجي.
وقام المجلس الاعلى للآثار بالتعاون مع رهبان الدير وبينهم الاب ماكسيموس الحاصل على شهادة الدكتوراه في ترميم الآثار القبطية والمسؤول الاول عن ترميم الآثار القبطية، بترميم كل منشآت الدير التي كان بعضها آيلا للسقوط مثل كنيسة الانبا انطونيوس وكنيسة الرسل اللتين تعتبران من اقدم كنائس الدير.
وشملت اعمال الترميم مباني الحصن والرباطية والساقية والمطعمة والمائدة التاريخية التي كان يجلس اليها الرهبان للطعام والتدوال في امور الدير الى العين التي تجمع مياه نبع صغير وكانت تستخدم في ري زراعات الدير واستخدامات الرهبان.
ويستخدم هذه العين الان ما يقارب من مليون سائح سنويا من مسيحيين اقباط مصريين واجانب يتبركون بمياه هذا النبع الذي اعتمد عليه الانبا انطونيوس خلال اقامته في هذه المنطقة المنعزلة.