مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الفقر يأكل مصر
...............................................................

صخرة المقطم تخفي تحتها بشراً معرضين للمتاجرة والاستخدام غير الآدمي والاتجار بأجسادهم في الجنس أو الدعارة المقنعة.

بقلم: محمد الحمامصي
..........................

تشكل الأرقام والإحصاءات الرسمية المصرية غالباً صدمة، ليس لما تحمله من مفارقات هائلة بين ما يقال عن إنجازات وبين ما يقول الواقع الحقيقي، ولكن كونها تفسر الكثير من الظواهر التي أصبحت تشكل خطراً على الأمن المصري الداخلي، كما تفسر الحوادث الكبرى أيضاً التي تقع بين الحين والآخر وتودي بحياة عشرات من المواطنين الأبرياء.

ولنتعامل مع أمثلة مترابطة تنعكس على بعضها البعض، مثال ذلك إجمالي عدد المناطق العشوائية طبقاً للبيانات الرسمية يبلغ 1171 منطقة على مستوى مصر، وتم تقدير تعداد سكان هذه العشوائيات في 2007 بحوالي 15 مليون نسمة، منها 6.1 مليون في القاهرة أي بنسبة 41.4 في المائة من إجمالي محافظات مصر.

إن إحصائية رسمية مثل هذه تؤكد أن بين سكان مصر الـ 15 مليون نسبة يعيشون تحت خط الفقر، فماذا تقدم الحكومة المصرية حلاً لذلك؟

تقدم إهمالا يؤدى في أبسط تجلياته خلخل الانتماء، حيث تكشف أيضاً دراسة رسمية أجمع باحثوها على أن سكان هذه المناطق "لديهم شعور سلبي تجاه الحكومة فهي لا تشعر بهم ولا بمشاكلهم وتقوم بممارسات تتسم بالعنف ضدهم" وعلى "غياب البعد المتكامل للارتقاء والتطوير خاصة فيما يتعلق بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية".

وهذه الرؤية الرسمية للإهمال، لكن رؤية الواقع وحوادثه المروعة التي تحصد أرواح الفقراء من سكان هذه المناطق كارثية وأكثر الأمثلة التي لا تزال حية في الأذهان ـ لأن كثرة هذه الحوادث يذهب بعضها البعض ـ حادثة الدويقة حيث دفنت صخرة جبل المقطم عدداً كبيراً من سكان العشوائيات الذين يقطنون تحته.

لكن ما يجرى لهؤلاء السكان الذين لا يتاح لهم أي من مقومات الحياة مثل التعليم والثقافة والصحة والحماية والمياه النظيفة والبيئة النظيفة أخطر كثيراً من تلك الحوادث المروعة.

فأطفال هذه المناطق عرضة حقيقة للمتاجرة والاستخدام غير الآدمي، والشباب للانحراف القيمي والأخلاقي والسلوكي، والفتيات للمتاجرة سواء في الجنس أو الدعارة المقنعة.

وكشف تقرير أعده المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية نشر أخيراً أن نسبة زواج القاصرات ارتفعت من ‏14 بالمائة عام 2003 إلى ‏23.6 بالمائة عام 2008، وفي الأسبوع الأخير من ديسمبر/كانون الأول 2009 أعلن المستشار عبد المجيد محمود النائب العام‏ المصري ضبط ‏9351 مخالفة توثيق زيجات دون السن القانونية، مشيراً إلى أن محافظة القاهرة احتلت المرتبة الأولى بـ‏4102‏ حالة، تليها المنصورة بمحافظة الدقهلية‏ بـ ‏3383‏ حالة‏، ثم طنطا بمحافظة الغربية بـ‏834‏ حالة‏، بينما جاءت الإسكندرية ضمن أقل المدن حيث تم ضبط ‏15‏ حالة فقط‏.‏

وأكد هذا كله تقريراً آخر لوزارة الدولة للأسرة والإسكان أواخر عام 2009 مثّل صدمة للوزيرة السفيرة مشيرة خطاب، التي رأت أن الاتجار بالبشر "أصبح ظاهرة مصرية عن طريق زواج القاصرات من أجانب وأصبح هذا الزواج يدخل تحت إطار الجريمة القانونية لأن المتزوجات المصريات لم يبلغن السن القانونية".

والمحزن والطريف في آن، لأنه أحيانا تولد من المآسي "طرائف" أن المتاجرة ليست داخلية فقط، حيث لم يقتصر زواج هؤلاء القاصرات علي جنسية معينة بل تنوع بين الزواج من سعوديين بنسبة 81.4% وإماراتيين 9.6% وكويتيين بنسبة 3.5% أردنيين 2.1% ويمنيين 1%، وأن بعض المسؤولين استغل الأمر كوسيلة للجذب السياحي!

إن ما لا يقرأه البعض من دارسينا وأساتذتنا في علم الاجتماع والإحصاء والمراكز البحثية أن مفهوم الفقر في المجتمع المصري لم يعد ذلك المفهوم القديم الذي يعني "الأكل والشراب والملبس"، ولكنه أصبح فقر الوعي والتعليم والثقافة والصحة والأمن والضمير، لأن المصريين في أحلك فتراتهم التاريخية وفقا للمعنى الأول لم يتاجر بهم الفقر، أو لم يدفعهم للمتاجرة بأنفسهم أو التخلي عن ما يتيسر من الوعي والمعرفة والثقافة، لم يدفعهم للتخلي عن ثوابتهم الوطنية.

والفقر الآن وفقاً للمعنى الثاني يدفع للعنف، للفساد، يدفع المواطن المصري للتخلي عن ثوابتهم الوطنية، أن يكون جندياً لهذه الجماعة أو تلك، ولا يخفى على أحد أن الأغلبية العظمي من أنصار الجماعات الإسلامية وغير الإسلامية في مصر من هؤلاء/أبناء العشوائيات الـ15 مليوناً.

ولكن لكي لا يكون في الأمر تجنياً على شرائح اجتماعية مصرية لا ذنب لهم إلا أنها ولدت في هذه السنين، لا بد أن نلفت أن هناك بين أثرى أثرياء مصر من يأكلهم الفقر بمفهومنا الثاني، يأكلهم الجهل والفساد، يأكلهم البخل على أبناء وطنهم، يأكلهم عدم الانتماء.

إن التناقضات الحادة ما بين الواقع وما يجري فيه وما تخرج به الآلة الإعلانية المرئية والمقروءة والمسموعة التي تخرج بإنجازات الحكومة ورجال أعمالها وغيرهم من أصحاب "الزفة" تكاد تكون مأساوية من عنف هوتها.
 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية