مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 اللاجئون السودانيون بين سندان الحرب في السودان ومطرقة الفقر في مصر
...............................................................

تحقيق: سارة نور الدين
..........................

السودانيون في الكيلو 4.5 بمدينة نصر يخشون الحديث مع أحد، حتي مع الجيران، كل يغلق بابه عليه وعلي أطفاله خوفا من حدوث أي شيء غير متوقع، ذهبنا ندق باباً غريبا كتب عليه "السودان" لنري كيف يعيش اللاجئون وملتمسو اللجوء من السودانيين في مصر، فتحت لنا طفلة صغيرة عندما رأتنا ظلت واقفة دون حراك، وما لبثت أن جاءت أختها الكبري ووالدهما واطمأنا لنا وأدخلانا المنزل. البيت عبارة عن غرفة واحدة بلا كهرباء أمامها ممر صغير جدا به لمبة واحدة صفراء، لا تكاد تري أي شيء أمامك، يتكدس بداخل تلك الغرفة 9 أشخاص، يذهب أطفال العائلة إلي مدرسة سانت بخيتة القريبة، بينما ترقد والدتهم في سريرها طوال اليوم بسبب المرض.

خرجت الطفلة لتوصلنا إلي مدرستها وفي الطريق أرشدتنا إلي قهوة سودانية، ذهبنا إليها وطلبنا الحديث مع بعض روادها لكنهم جميعا رفضوا الحديث وقالوا:" لقد تعرضنا لكثير من المضايقات الأمنية بعد حديثنا مع صحفيين أتوا إلي هنا العام الماضي، وبدلا من أن يقف الإعلام معنا ومع قضيتنا، أفسد الكثير من الأمور، وروج صورة اللاجئين علي أنهم متمردون وعصابات وأغلبهم من اللصوص والمنحرفين وهذا الكلام غير صحيح، نحن علي قد حالنا وكلنا غلابة زينا زي المصريين"، واكتفوا بذلك وأمرونا بالرحيل.
وفي طريق العودة أدراجنا شاهدنا أطفالاً سودانيين يلعبون في إحدي الحارات تحدثنا إلي جوليا التي كانت ترتدي ملابس سودانية وسألناها عن هويتها فقالت جئت عام 2004 من جنوب السودان هربا من القتل والدمار اللذين خلفتهما الحرب هناك، أتت هربا من الموت قتلا أو جوعا، لكن ضيق الحال هنا لم يفارقها، تقول: "جينا مصر بعد ما قتل كثير من عائلتنا في السودان، وبعد اللي حصل في حادثة النجيلة بمصطفي محمود، هربنا مرة أخري إلي الكيلو 4.5 بعيدا عن الدوشة والداخلية، لكن الناس هنا بيستغلونا في الإيجارات، علي الرغم من أنه مفيش شغل عندنا إلا باليومية، ودخل الأسرة السودانية هنا يكفي الإيجار بالعافية، ومفيش أكل زي الناس ولا ملابس كويسة ولاشيء".

وأضافت: "الأمم المتحدة تخلت عنا فقد كانت تصرف لنا مساعدات مادية أول ثلاثة شهور فقط، وبعدها لم تعد تقدم لنا مساعدات عينية أو مادية ولم يعد أحد منها يسمع لمشكلاتنا، نتلقي العلاج علي نفقة منظمة كريتاس في حالة إصابتنا بأمراض خطيرة فقط.
المشكلات المادية كما تقول جوليا تتسبب دائما في انهيار الأسرة، وكثير من حالات الانفصال بين الأزواج حدثت لأسباب مادية، وتضطر المرأة إلي العمل كخادمة باليومية وترك أطفالها في الشوارع دون رعاية وهو ما يتسبب في مشكلات أخطر وأكبر.
أخذنا صامويل لبيته وقابلتنا والدته توما التي طلبت منا مساعدتها في فضح الظلم الذي تمارسه الأمم المتحدة والحكومة المصرية علي السودانيين- علي حد تعبيرها- وقالت: "لدي 4 أطفال وزوجي أصيب بحروق من الدرجة الأولي أثناء عمله في شركة حلويات كبيرة، لم تتكفل الشركة بعلاجه، فاضطررت للعمل في البيوت وترك أطفالي الصغار".

أضافت" فيه مصريين بيعاملونا كويس وفيه لأ، وممكن تلاقي ناس سودانيين ماشيين في حالهم يهجم عليهم شباب مصري يضربهم وياخدوهم القسم ومحدش يرضي يفتح محضر بالحادثة، وكثير من السودانيين حصل معهم الموضوع ده بدون ما حد يرد ليهم حقهم، وأحيانا الضباط يلقون القبض علي شباب ويأمرونهم بالسرقة وبعد أن يحتجزوا في القسم يحصل الضابط علي نصف الذي سرقوه أو حتي نصف ما يحرز مع الشاب سواء من المخدرات أو غيره".
أكدت توما مع عدد من اللاجئين الآخرين أن ضباط القسم يهجمون علي بيوتهم ويأخذون الشباب والرجال ليلا إذا حدثت أي واقعة سرقة أو قتل في المكان، فيقول أبوك: "إذا حدث واشتبه بأحد السودانيين أي شيء يأتي الضباط إلي منزله ويأخذون متاعه كما حدث في بيت توما فقد أخذ الضباط جهاز الريسيفر والكمبيوتر واعتقلوا ابنها الكبير مع مجموعة من الشباب الآخرين لكنهم خرجوا بعد 3 شهور وقالوا إنهم لم يعرضوا علي قاض، وتم احتجازهم طوال تلك المدة في قسم الشرطة". وأضاف: "المفروض نحن تابعون لقسم شرطة مكرم عبيد أول لكننا لما نروح هنا نريد فتح محضر يقولون لنا اذهبوا لقسم زهراء مدينة نصر، نروح يقولوا انتو مش تابعين لنا، وهكذا".

تقول سيرينا: "الكل مستفيد من قعدتنا في مصر، فهم يتلقون مساعدات ومنحاً مالية ضخمة ولا تصل إلينا كل هذه المساعدات، ما يصلنا هو قليل منها، وعندما نشتكي تلك الجهات يقولون لنا اللي مش عاجبه يرجع السودان، ونحن بين نارين لا نستطيع الرجوع للسودان بسبب المشاكل اللي هناك، وهم مش موافقين يودونا أي بلد تاني غير مصر لأسباب عارفينها كويس".وأضافت: "السفارة السودانية ساعدتنا شهرين بس منذ أن جئنا من السودان ودورها معنا في إنهاء إجراءات أي سوداني يريد العودة إلي بلده، كيف نرجع لتلك الحرب؟".

«نيلوا وأقدارت» كانتا مع طفليهما في مستشفي العذراء بالكيلو 4.5 تعانيان بشدة من الظروف المادية الصعبة وعدم قدرتهما علي سداد مصاريف علاج الطفلين المصابين بالتهاب رئوي حاد، تقول نيلوا: "أنا من بئر الغزال وجئنا فرارا من الحرب والجفاف الذي أصاب بلادنا سنة 2003، تركني زوجي وعاد إلي السودان وانفصلنا وأصبحت وحيدة مع أطفالي الأربعة هنا، ولن أعود للسودان لأن الحالة هناك سيئة جدا، أريد أن أربي أطفالي جيدا وأعلمهم لكن مشاكلنا هنا كثيرة، الإيجارات غالية والعلاج صعب نحصل عليه، غير المعاملة السيئة من كل الجهات حتي في قسم الشرطة لما نشتكي يقول لنا مش عاجبكم امشوا بلدكم، ومنظمة كريتاس تخلت عنا وكل ما نروح نطلب شيء يقولوا الشهر اللي جاي".

يتحدث سكان الكيلو 4.5 عن عمليات تبشيرية واسعة النطاق تجري خاصة بين السودانيين، فتقول إحدي الفتيات العاملات في صيدلية قريبة لتجمع للسودانيين: "فيه كثير من السودانيين كانوا مسلمين أول ما جاءوا للكيلو 4.5 بس فجأة لقينا أعداد كبيرة بأسماء مسيحية غير إنهم بيودوا ولادهم مدارس مسيحية، وكل الناس هنا عارفة اللي حصل وبيتكلموا فيه".

يقول الشيخ سامح مدير الجمعية الشرعية بمسجد صهيب الرومي إن حالة السودانيين صعبة، وقد تجد أسرة واحدة بها أخ مسلم لآخر مسيحي. يضيف الشيخ سامح: "تقوم الجمعية الشرعية بتقديم يد العون والمساعدة لأي محتاج، فقدمت مساعداتها في أحداث الدويقة وأحداث غزة وغيرها، لذا تدخلت لغوث السودانيين خاصة بعد حادثة النجيلة بمصطفي محمود، وبدأت تساعد المسلمين وغير المسلمين علي حد سواء، فقد كان شرط الحصول علي المساعدات هو إثبات الجنسية السودانية وهذه المساعدات هي شنطة تموينية ومعونة مادية بالإضافة إلي تقديم دروس في الدين الإسلامي أسبوعية، وكان هم الجمعية الشرعية الأول هو سد الجوع والحاجة".

يقول الشيخ سامح إنه في بداية هروب السودانيين للكيلو 4.5 انتشرت بين السودانيين شائعة التنصير وازدادت الأقاويل يوما بعد الآخر، لكن الجمعية الشرعية لم تقم بالرد علي تلك الشائعات واستمرت في عملها الخيري وتقديم المساعدات لمن يطلبها شريطة عدم دخوله المسجد مخموراً، واكتفت بقيام أحد الدعاة بإلقاء خطبة دينية أثناء انتظار السودانيين للحصول علي المساعدات أسبوعيا، وبعدها أصبح شرط الحصول علي الشنطة التموينية هو حضور الدرس الديني والاستماع للخطبة بكاملها!

يوضح محمد فضل أحد اللاجئين وهو الأمين العام لجمعية أرض الطيبين المشهرة لدي وزارة التضامن لرعاية الأمومة والطفولة بين اللاجئين السودانيين، معاناة الأسرة السودانية اللاجئة ويقول: "أقل أسرة تتكون من 4 أشخاص وأكبرها 10، وأصبح تكتل السودانيين في العشوائيات هو الحل الوحيد لمواجهة غلاء المعيشة والابتعاد عن التعرض للاستغلال، تضطر المرأة للخروج للعمل في البيوت وغيرها للعائد المالي المرتفع نسبيا عن العائد الذي يأخذه الرجل".
ويضيف: "السودانيون في مصر ينقسمون إلي جزءين، اللاجئون المعترف بهم، وملتمسو اللجوء وهم الأغلب والأكثر عددا ويقدرون بالمليون، وبحسب الاتفاقيات الدولية فحقوقهم مكفولة لدي الأمم المتحدة أو الحكومة المصرية، لكن علي أرض الواقع لا يوجد من يدعمهم ولا تعترف أي جهة بحقوقهم، فمثلا عندما تحدث وفاة لأحدهم لا يستطيع أهله دفنه وعن طريق التبرعات يتم دفع مصروفات الميت!" وعلي حد قوله فإن منظمة كريتاس تهتم بالحاصلين علي بطاقة اللاجئ صحيا فقط، وتتوقف مساعداتها لهم بعد 3 شهور من قدومهم إلي مصر.

الأمية والجهل كثيرا ما يرتبطان بانتشار المرض والفقر وكذلك المرض وكما تقول- م.ر- فقد توفي 6 سودانيين في أسبوع واحد بعد أن قضوا شهوراً وأحيانا أسابيع يصارعون أمراض الكبد الوبائي والسل الرئوي، وهؤلاء هم بعض الحالات، فقد أكدت أن هناك ما لا يقل عن 5 سودانيين يموتون شهريا، لدرجة أن كثيرا من اللاجئين عادوا إلي السودان خوفا من انتقال تلك الأمراض بينهم علي الرغم مما يحدث هناك من قتل ومجاعات وإبادة جماعية، وآخرين غادروا منطقة الكيلو 4.5 بحثا عن منطقة أكثر أمانا لهم .
 

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية