مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 شواين لاي..آخر الثوار المحترمين -الأخيرة

شواين لاي ظل بعد رحيله مصدر قلق لماو

يقدم لنا المؤلف صورة بالغة المأساوية بشأن وفاة شواين لاي في ضوء التأثير الذي خلفه في حياة الصينيين. وحسبه فإن وفاة شواين لاي كان لها تأثير كبير على الموقف في الصين حيث غرقت الأمة بكاملها في بحر من الحزن ونفذت من الأسواق ملابس الحداد السوداء. وقد شعر كل صيني بشعور كبير بالخسارة عندما توفي رئيس وزرائهم الذي تولي المهمة لفترة طويلة.

وقد أصبح الناس في حالة قلق بشأن الموقف السياسي في البلاد. حتى الصحافة الوطنية بما فيها صحيفة الشعب اليومية راحت تنعى لاي فيما أصدر ماو منعا مباشر للجريدة من تأبين رئيس الوزراء بشكل واضح.
وإثر إعلان الوفاة تجمع سكان بكين في ميدان تيان آن مين في قلب العاصمة لكي يؤبنوا لاي ووضعوا باقات زهور تقديرا له أما النصب التذكاري للشهداء. كان الشعب في كل مكان يبكي موت رئيس الوزراء الراحل غير أنهم في ذلك كانوا يبكون كذلك على المصير السياسي المجهول الذي يواجهونه إثر رحيله.

ارتفع مستوى الحزن واللوعة على رحيل لاي إثر معرفة الشعب بأن لاي قرر قبل أن يموت بألا يتم جمع رفاته مع زعماء الحزب المشهورين ما أجج من مشاعر السخط والغضب تجاه الثورة الثقافية والقمع الذي تواصل خلالها.

وعلى هذا فإن وفاة لاي كان لها تأثيرها في تعزيز التأييد لدينغ زياو بينغ الذي كان ماو يسعى لإبعاد عن القيادة، وعقاب جيانج كينغ زوجة ماو وإبداء قدر من التبرم بماو نفسه. وفيما خرجت عربة الدفن التي تحمل جسد لاي تمر بشوارع بكين انتشر ملايين الأفراد خارج منازلهم ومصانعهم ومدارسهم ووقفوا في الجو شديد البرودة يصل حد التجمد. في هذه اللحظة وجد المزاج السياسي للصينيين طريقه للتعبير عن نفسه.
في هذا الجانب يفصل المؤلف في تناول رد فعل ماو على ذلك الخبر في ضوء العلاقة المعقدة التي ربطت بين الشخصيتين فيذكر أنه لدى سماع ماو بوفاة شواين لاي، إنتابه شعور مختلط بالسرور والقلق في الوقت ذاته. لقد شعر ماو بالراحة حيث قلل رحيل لاي الذي كان يعتبر منافسا صعب المراس من شعوره بالخوف الذي كان يتنابه بشأن النظرة التي كان سيتم التعامل معه بها إثر رحيله هو قبل لاي.

ولكن القلق انتابه كذلك من ان روح لاي السياسية كانت موجودة أينما يمكن للمرء أن يذهب في الحزب، وفي الجيش من المركز إلى المستوى المحلي. لقد استطاع رئيس الوزراء أن يجذب الكثير من المريدين والمؤيدين ومن بينهم بشكل أساسي دينغ زياو بينغ الذي تولى القيادة بعد ذلك وحاد عن طريق ماو منخرطا بالصين في الساحة العالمية.

تأثيرات رحيل لاي

وقد كانت كوادر الحزب الكبيرة أو المسنة والمحترمة منفتحة بشأن التعبير عن سخطها العميق على الثورة الثقافية، ولم يكفوا عن إرسال إشارات بأنهم سينتهزون أي فرصة تلوح لهم لكي يقلبوا المائدة السياسية على كل من ساهم في تدشينها بما في ذلك ماو.

ورغبة في استخدام الميت لمواجهة الحي فإن هؤلاء الكبار الآن مستعدون تحت شعار ذاكرة شواين لاي للضغط على قيادة الحزب المركزي لتحويل الهجمات على دينغ زياو بينغ التي أطلقها ودشنها ماو شخصيا.
لم يكن ينقص ماو الخبرة لكي يسئ تفسير الأحداث التي تبعت رحيل شواين لاي. فبوفاته أصبح لاي نقطة الالتقاء لقوى المراجعة سواء في داخل أو خارج الحزب الشيوعي. فعندما واجه الأعضاء الباقين من المكتب السياسي مسألة ما إذا كان ماو يجب أن يحضر الجنازة أما لا فإنهم أرجعوا ذلك الأمر إلى الطاقم الطبي لماو لاتخاذ القرار النهائي. وإزاء رؤيتهم بأنه لا توجد مشكلة حقيقية إذا ما حضر فقد أعدوا لمواجهة أي طارئ. وفي الوقت المحدد لإنطلاق حفل التأبين كانت كل العيون مركزة على المدخل .

وفي النهاية لم يظهر ماو، حيث تغيب اعتمادا على الرواية الرسمية التي تزعم بأنه كان بالغ المرض إلى حد أنه لم يكن يستطيع الوقوف. يرجح المؤلف أن ذلك جاء في إطار خطة ماو لتوجيه انتقادات ضد دينغ زياو بينغ، فإن شواين لاي حتى في موته يجب أن يكون مشمولا بالانتقاد. وقد يكون ماو لهذا السبب رفض أن يشهد جنازة رئيس الوزراء. إن رئيس الحزب الشيوعي الصيني لم يعرب عن تعازيه لشواين لاي بأكثر من إرسال بارقة ورد.

لقد ظهر شبه إجماع بين أعضاء المكتب السياسي بأن ماو يجب أن يحضر الجنازة. وبفعل ذلك فإنه سيخمد العديد من الشائعات بشأن الصراع السياسي داخل الحزب. ولكن الرئيس رفض أن يفعل ذلك. لقد كان ماو يرى أن كل تفصيله تحتاج عناية خاصة في التخطيط للهجوم على لاي. وبكلمات الناس الذين في موضع معرفة فإن ماو جعل ما يلي بالغ الوضوح:
«إنني حر في عدم الحضور» في ضوء اتهامه لرئيس الوزراء مرة ثانية بمعارضة الثورة الثقافية. وفي محاولة لتمثل موقف ماو يقول المؤلف أنه ربما كان مما يردده في سره أو بينه وبين نفسه: إن كل الكوادر القديمة كانت تصغي إلى، تساندني، وتصرخ «يعيش ماو» ولكن لا يوجد أي شئ من ذلك يأت من قلوبهم من أجل ذلك فإنني قلق ولذلك فإن الفجوة الكبيرة التي تفصل بين رئيس الوزراء وبيني لن يتم تجسيرها».

تأجيج مشاعر الجماهير

وبعد نحو ثلاثة أسابيع في 30 يناير 1976 عشية العام الصيني الجديد بدا المناخ السياسي باردا برودة فصل الشتاء، عندما قادت جيانغ جينغ حملة ضد دينغ زياو بينغ خليفة شواين لاي. وفيما كانت أجواء الحداد على موت شواين لاي متواصلة فزع معظم الصينيين من التحركات الحاشدة الموجهة ضد دينغ وانتابهم القلق بشأن مستقبل البلاد.

ولكن إزاء قلقهم من القوة المرعبة للحزب الشيوعي، فإنهم لم يكونوا يجرؤون على التعبير عن غضبهم بشكل علني. في هذه الليلة وبالقرب من مقر إقامة ماو ملأت الأجواء ألعاب نارية.

لقد سارت الشائعات في الأوساط السياسية بأن ماو أطلق هذه الألعاب النارية التي تعكس في التراث الصيني الفرحة أو الاحتفال. وقد كان حدوث هذا الأمر وبهذه السرعة بعد وفاة شواين لاي ما عزز النظر له باعتباره عدم احترام للمتوفي ومن هنا أصبح تأبين لاي عاملا ساهم في تعزيز الأزمة السياسية الكبرى التي ستلحق بالبلاد منذ الثورة الثقافية.

وفي 5 أبريل وهو اليوم الذي يقوم فيه الصينيون بممارسات تعبر عن الاهتمام بالمقابر الخاصة بأسلافهم تجمعت أعداد كبيرة من المقيمين في بكين في ميدان تيان آن مين لتأبين شواين لاي فيما عبروا كذلك عن رفضهم وتحديهم لجيانغ جينغ وعصابة الأربعة وقد تم إلقاء خطب غاضبة وشعر ورفعت لافتات كبيرة ضد زوجة ماو ومؤيديها مع انتقادات مبطنة إلى حكم ماو عززت التخمينات بأن عهد ماو قد انتهى.

لقد كان ماو لعقود يعتبر نفسه الشخصية المفضلة لدى الشعب الصيني ولذلك كان يصعب عليه قبول مشهد تيان آن مين في 5 أبريل أو تصوره.. لم يرد على الإطلاق في خيال الرئيس أو في أكثر أحلامه أو كوابيسه بمعنى أصح أنه يمكن أن تأتي اللحظة التي يمكن أن تخرج فيها الجماهير في ذات المكان الذي شهد فيه مجده، حيث شهد الميدان ذاته تجمع الملايين من شباب الحرس الأحمر في مرحلة سابقة وهم يرددون «يحيا ماو» في ذروة الثورة الثقافية. لقد تحول هذا المكان بعينه الآن إلى موقع للتعبير عن رفض ماو ومعارضة حكمه.

وكخبير في تعبئة الجماهير خلال جهوده الأولى للاستيلاء على السلطة وتدمير منافسيه فإن ماو لم يستغرق الكثير من الوقت في فهم الإشارات الصادرة من ميدان تيان آن مين، حيث يجري تحدي سلطته بشكل مباشر.
إن حياته البطولية التي عمل على خوضها الآن تجد طريقها للتواري بهذا الحدث وحكم التاريخ سيكون كما يعرف بالغ القسوة. لقد انتهي ذلك بقائد الحزب الشيوعي الصيني إلى الخوف والإحباط. فشواين لاي مات ولكن روحه استطاعت أن تجلب الاضطراب الكبير لماو. وآخذا في الإعتبار افتقاد زوجته للشعبية ومجموعة الثورة الثقافية فإن ماو أطلق خدعة مزدوجة.
فمن ناحية هاجم القوى المعادية للثورة الثقافية داخل وخارج الحزب وحاول الحيلولة بين الجماهير وبين تنظيم أنشطة تأبينية من خلال قرار نشر قوات ضد مظاهرات تيان آن مين. على ناحية أخرى فإن ماو أعاد صياغة خطته الأصلية القاضية بالسماح لمجموعة الثورة الثقافية بالسيطرة على كل المستويات وبدلا من ذلك اختار هوا جيوفينغ أن يكون رئيسا للوزراء.
تمهيد الطريق لعصابة الأربعة

غير أن هدفه الحقيقي كان إفساح الطريق لزوجته وعصابتها لتطبيق الثورة الثقافية أو ميراثها فيما بعد وفاته في ضوء عدم ثقته بأي شخص باستثناء أسرته ولذا لجأ إلى الاستعانة بابن أخيه. وعلى الشاكلة ذاتها بالنسبة للثورة الثقافية التي استهدفت تحويل الصين من الحكم غير الشخصي من قبل الحزب الشيوعي إلى حكم شخص واحد هو ماو فإنه كان يريد كذلك أن تتحول السلطة إلى أيدي زوجته وابن أخيه منشئا حكما دائما أساسه عشيرته.

وإذا كانت خطط ماو قد خابت بسبب وفاة إبنه الأول في الحرب الكورية فإنه أصبح يعد العدة لكي تتولى زوجته وإبن أخيه بالحكم. وتحقيق هدفه. ولهذا السبب في خطابه إلى هوا جيوفنغ الذي كان ماو يأمل في أن يوحد مجموعة الثورة الثقافية، فإن الرئيس أكد لهوا أنه: من خلال وجودك في السلطة فإنني مرتاح. وإذا كانت لديك أية أسئلة أسأل جيانغ جينغ.


وقبل الهجوم السياسي الأخير على شواين لاي وإطلاقه مات ماو.وخلال أسابيع سيتم الإطاحة بهوا جيوفنج ومجموعته مع القبض على زوجة ماو وعصابة الأربعة ومحاكمتهم في الأعوام التالية وسجنهم. (وستقضى زوجة ماو في مستشفى تحت الإقامة الجبرية حيث ستلقى حتفها في 1991). وسيحل دينغ زياو بينغ محل هوا النجم الصاعد من 1978 وحتى 1993 والذي سيفعل ما كان يخشاه ماو تماما: إدانة الثورة الثقافية أو وصفها بانها كارثة والانتقال بالصين إلى الأهداف المتعلقة بالثروة والقوة اللذين كانا هدف شواين لي ومعظم قادة الحزب الشيوعي.

انتهاء حقبة صعبة

إن وفاة ماوتسي تونغ في 9 سبتمبر 1976 بعد نحو ثمانية شهور من وفاة شواين لاي أدت إلى نهاية حقبة من الفوضى والرعب في تاريخ الصين الحديث. ومن الحقيقي أن روح ماو ما زالت تطفو فوق الحياة السياسية في الصين ولكن من الحقيقي أيضا أن الصين في النهاية على طريقها نحو التحديث.

ولتنتهي فترة من التاريخ الصيني بانتصار لاي الذي لم يجرؤ في حياته على التفوه بكلمة معارضة لماو وساهم بالتالي في خلق النظام الديكتاتوري والذي أصبح هو نفسه أحد ضحاياه. ذلك أن وفاة ماو لم تؤد إلى انتهاء الثورة الثقافية فقط ولكنها أيضا أعلنت إفلاس الأسطورة الشيوعية.
بقيت كلمة وتتمثل في أن النسخة الإنجليزية تختلف كثيرا عن النسخة الصينية حيث أن الأخيرة لا تعتبر سيرة ذاتية بالمعنى الحرفي وإنما تضمنت فترة ما بعد الثورة الثقافية ودور شواين لاي فيها حتى بدايات السبعينات. فيما تم إضافة فصول عديدة في النسخة الإنجليزية لتبدو كسيرة متكاملة للاي الأمر الذي كان المؤلف قد قام عليه في عمل آخر سابق.
 

البحث عن شواين لاى
شواين لاي..آخر الثوار المحترمين -الأخيرة
«السوبر ماركت» بدلا من الكتاب الأحمر
من اقوال ماوتسي تونغ


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية