مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 عـنـدمـا يـَتـَحـَوَّل الصَـحـَفي الى قـَـوَّاد..!!
...............................................................

الدكتور عبـدالقـادر حسين ياسين *
............................................


لـم يكن الرئيس الأمريكي جورج بوش بحاجة إلى ذريعة نوعية وفائقة ، من طراز صمود مقـاتلي "حـزب اللـه" في وجه العـدوان الإسرائيلي البربري التي اسـتمر شـهرا كـاملا ، لكي يتحدث ، في خطـابــه الأخيرعن "الإسلاميين الفاشيين"... في الخامس عشر من آب الجاري , وتحت عنـوان "منطق غـريب في الحرب اللبنانيـة" Strange Logic in the Lebanon War نشـر دانييل بايبس Daniel Pipes ( وهو ، لمن لا يعـرفـه ، من أبرز فرسـان اليمين الأمريكي ، والمعروف بتـأييـده المطلق لإسرائيل ) مقـالا في صحيفـة "نـيو يـورك تـايمـز" الأمريكية ، أشـار فيه الى أن التعبير "استخدم مراراً وتكراراً" في أعقاب الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحـدة في 11 أيلول 2001 ، والتي أدت الى تدمير برجي "مركز التـجـارة العـالمي" في نيويورك ، ليس علي لسان الرئيس الأمريكي وحـده بل على " ألسنة العشرات من زعمـاء الكونغرس الأمريكي" وغيرهم من السـياسيين ، وبأقلام عشرات الكتاب والصحفيين الأمريكيين والأوروبيين .

ولم تكن هـذه المرة الأولى التي يتحدث فيها جورج بوش ضـد الاسـلام والمسـلمين... ففي خطاب ألـقـاه في السـادس من أيلول 2004 ، في "مؤسسـة رانـد"Rand Corporation ، وهي من أشهر مراكز الأبحاث السياسية والاستراتيحية في الولايات المتـحـدة ، تحدث الرئيس الأمريكي بنفس "رَسولي" ، وكأن اللـه أوحى اليه :" جورج...إذهب الى أفغـانستان ، ولقـِّن أولئك الارهـابيين المسلمين الأوغـاد درسـا لن ينسـوه!!" (لم يقل لنا الرئيس الأمريكي ، الذي نـَصـَّبَ نفسـه "ظلّ الله في الأرض" ، ما اذا كان الله قـد استعمل تلك العبارة الأثيرة لـدى الأمريكين "Those sons of Bitch!! عـند الاشـارة الى أولئك "الأوغـاد المسـلمين!!)

وفي ختـام خطابه الأخير الذي ألـقـاه بعـد وقف اطلاق النار في لبنـان ، أكـد بوش ، لكل من يعنيـه الأمر ، بأن الولايات المتـحـدة الأمريكيـة ، مصممة ـ مهمـا كانت الصـعـاب ـ على "نشر الديموقراطية في شرق أوسـط جـديد" ....

وفي هـذا "الشـرق الأوسـط الجـديد ( الذي لا يعـدو كونـه "نبيـذا قـديمـا في قناني جـديدة" ، كما يقول الفرنسيون ، اللذين ـ بالمناسـبة ـ لا ينظرون بارتيـاح كبير الى هـذا "الشرق الجـديد") ثـمـة مسـاحة كبيرة يحتلهـا الزعـمـاء والمتزعـمون والطامحون الى الزعـامـة في العـديد من دول الشرق الأوسط .

ومن نـكـد الدنيـا على الأمـة العربية أن عـددا لا يـُسـتهان بـه من هـؤلاء يتسـلمون مقـاليـد السـلطة في هـذا العـالم العربي المنكوب الممـتـد من المـاء الى المـاء.

ولا يحتـاج المرء الى عبـقريـة فـذة ، أو ذكـاء خـارق ، لكي يـدرك أن المهمـة الرئيسـة التي أوكلت الى هـؤلاء السـادة الأفـاضل من سـيد "البيت الأبيض" وزعيم "العـالم الـحرّ" هي أشـبه ما تكون بمـهـمـة طبيب التخـدير، أي تسـهيل مهمـة "الجرَّاح" الأمريكي عنـدما يقرر تقطيع أوصـال هـذا العالم العـربي ، وانتهـاك حـُرمـاتـه ... هـذا ، بالطبع ، اذا بقيت هنـاك حـُرُمـات لم تـنـتهـك بـعـد...

قـد يجـد البعض "عـذراً" لما يقوم بـه هولاء السـادة (من الفريق الركن حسني مبارك في "أم الـدنيـا" مصرالمحـروسـة ، الى "خـادم الحرمين الشـريفين" في السعـودية ، مـرورا بـ "سـليل الـدوحـة الهاشـمية" في الأردن)... فالحفاظ على العرش يفسر رغبتـهـم الجـامحـة الى إرضـاء سـيد البيت الأبيض . ومن نافلـة القـول أن بقـاءهـم في السـلطـة يتوقف ، الى حـد كبير ، على مـدى طاعتهم لأسـيادهم ، والتزامهم بتنفيـذ التعليمـات والأوامر الصـادرة عن "المكتب البـَيضـوي" في البيت الأبيض .

وإذا كان البعض يـجـد العـذر لما يقوم به هـؤلاء ( ذلك أنهم يتصرفون عمـلا بما يقولـه المثل الشعبي السـوري المعروف : "بـعـد حمـاري ما ينبت حشـيش"!! ) ، فـأي عـذر نلتمسـه لـ "ضمير الأمــَّة" ، من الكتاب والصحفيين و "المفكرين" ، وهم "يـُعـَهـِّرون" الفكر ، ويسخرونه لخـدمة أسيادهم وأوليـاء نعـمتهم الأمريكيين ...

أي عـذر (وكم عـذر "أقبح من ذنـب"!!) نلتمسـه لهؤلاء الذين يـُطبـِّلون ويـُهللون ويرقصون طربـا للجرائم التى ترتكب في فلسطين ولبنان ؟ هـل يختلف هؤلاء في شـيء عن المومس التي تعرض جسـدها لكل من يـدفع الثمن؟!

هـل أضع النقـاط على الحروف ؟

في الثاني والعشرين من تموز الماضي، وتحت عنوان " إنتصـار حزب الله" ، نشرت صحيفـة "الشرق الأوسـط" السعودية الصادرة في لندن مقـالا لطارق الحميد ، رئيس التحرير، يسـخر فيه من قول سماحة السـيد حسن نصر اللـه ، الأمين العـام لـ"حزب الله" ، بأن المقاومة الاسلامية خاضت الحرب" دفـاعـا عن الوطن والأمـة"...

وبصـفـاقـة ووقـاحـة تحسـده عـليهـا عـاهرات حي "سوهو" يقول الحميـد "... هذا كـذب ، هي حرب إيران، وأعوانها في المنطقة."

لقـد شعـرت بالغـثـيان عـندما قرأت هـذا المقـال في صحيفـة تزعم أنها "جريـدة العـرب الـدوليـة" ، وأنهـا "أكبر الصحـف العـربية وأوسـعهـا انتشـاراً" ، ذلك أنهـا "تطبع وتوزع في أربع قـارات" [كــذا...!!] ، ولا يملك المرء الا أن يشـعر بالحيرة ، كي لا أقـول بالقـرف ، من هـذا الأسلوب في "الردح" على الطريقـة المصريـة...

ويقول "الفيـلدمارشـال" طارق الحميـد ( وأنا أنقل ، هنا، النص الحرفي لما كتبـه) : "كيف يقال للمنتصر إنه منتصر، وكيف يقال للمهزوم إنه مهزوم؟ دعونا نبدأ بالدول، ماذا نقول عن حرب 56، والتي لولا التدخل الأميركي يفرض قرار مجلس الأمن إيقاف الحرب، ورد فرنسا وبريطانيا وإسرائيل؟ ما حصل «الانتصار» فهل نسمي هذا انتصارا؟

"وماذا عن حرب 67 والتي احتل فيها العدو الإسرائيلي كامل الضفة، والقدس، والجولان، ولم ترجع إلا سيناء بالتفاوض، وهذا القول ليس لإلغاء عنصر الحرب من أجل التحرير، ولكن لإيضاح أن كثيرا ممن يتصدون لحروبنا، لا يستحقون حتى لقب جندي، ناهيك من قائد!"

أن يـُعـبـِّر طارق الحميـد عن رأيـه (رغم ما تميز بـه من إسـفاف...) فهـذا من حقـه... أما أن يسـخر "الفيـلدمارشـال" من رجل أعـاد الكرامـة لأمـَّة من الخراف ، فهـذا ـ في رأيي المتواضـع ـ يدخل في إطـار "العهر السياسي" و"الـدعـارة الفـكريـة" التي عـَوَّدنـا عليها بعض كتاب "جريـدة العـرب الأولى"...الذين يعرفـون كيف ، ومن أين ، تـؤكل الكتـف!!

ويبـدو أن "المفكر الاسـتراتيجي" ، وزير الاعـلام الأردني السـابق ، صـلاح قـلاب ، قرر ، بـدوره ، اللحـاق بالركب... ففي مقـال نشـر في صحيفـة "الرأي" الأردنيـة هـذا اليـوم (20 آب 2006) ، وتحت عنوان "فلسطين عربية!!" [علامات التعجب في الأصل ، وليس من عنـدي]، يقـدم "المفكر الاسـتراتيجي" الذي لم يَـجُـد الزمان بمثـلـه ، نصيحـة للشعب الفلسطيني (نصيحـة خالصة "لوجـه الله"... لا يريد منا قلاب"جزاء ولا شكورا"!!) ، إذ يقول بالحرف الواحـد :

"... حتى يخرج هذا الشعب المكافح من المولد بلا حمص نتيجة هذه الـ سايكس ـ بيكو الجديدة فإن على القابضين على أموره وبخاصة حركة حماس ان يتخلوا عن أوهام خالد مشعل وجماعته المقيمين في دمشق، على بركة الله، والذين غدوا يؤمنون بولاية الفقيه أكثر من إيمانهم بقضية شعبهم والذين صفقوا لمعلقة بشار الأسد الأخيرة كما صفق لها أعضاء حـــزب البعث في القرداحة ..."

ويمضي صـالح قـلاب في تقـيؤاتـه فيؤكـد لنا ، وهو الخبير الاستراتيجي الذي لا يـُشـَقّ لـه غبـار ، بأن حركة حماس التي "تحـالت بـ إنتصارات حزب الله كالمتحالية بشعر إبنة خالتها تسعى ليس لربط هذه الحركة فقط بل والقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني أيضا بالحلم الإمبراطوري الفارسي الذي سخر وللأسف هذا الوجه المشرق من الدين الإسلامي الحنيف لخدمة تطلعاته الإقليمية القديمة نحو هذه المنطقة." [كــذا...!!]

هـذه الفقرات من "مـُعـلـقـة" صالح قـلاب لا تختلف في شئ عن حسـابات الربح والخسـارة في أي "سوبرماركت" ...ولا حاجة بنا الى اقتطاف المزيـد من "النصـائح" الذي يسـديها هـذا "المفكر الجـهـبـذ"!!

أعترف بأنني واحـد من اؤلئك اللذين يصيبهم "مـَغـَص" مفاجئ كلما شـاهدتُ كويتيـا أو سـعوديا ( وخاصـة اؤلئك الذين يعتبرون "الـدشـداشـة" رمز العـروبـة الأصيل الذي لا يجوز التخلي عـنـه حتى عـنـدما يرتادون ملاهي أوروبـا ومـواخيرهـا!!)

لقـد دأب الكثيرون من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والتونسيين والمصريين والمغاربـة على وصف بعض الكويتيين والسـعوديين بأوصاف قبيحة ، وهي أوصاف لا تطلق جزافاً بل جاءت بعـد أن "طـفـح الكيل" و "بلغ السـيل الـزُّبى" من تصرفات بعض الكويتيين اللذين يعتقـدوا أنهم ـ بـدنانيرهـم ـ قـادرون على شراء "كل شئ" ، ومن جراء ما ينشـرمن أحقاد في صحفهم ، و "أفـكار" تناقش في مجلس "أمتهم"...

ولكي لا يـبدو أنني أصـدر الأحكـام جـزافـا ، سـاكتفي ببعض ما نشـرته صحيفـة "الوطن" الكويتية للـمـدعـو فـؤاد الهاشـم . وفؤاد الهاشم ، لمن لا يعرفـه ، كاتب وضيع تخصص في "الردح" وكيل الشـتائم للفلسطينيين ( أطبـاء ، ومهـنـدسين ، وإداريين ، وخبراء ، وعلـمـاء) اللذين أفـنوا زهـرة شـبابهم في بنـاء تلـك المشيخـة المرميـة على أطراف الصحراء ، وعلى كـافـة الأصـعـدة ، حتى أصبحت علـى مـا هـي عليـه اليوم.

في الأسبوع الماضي قرر الهاشم أن يـتـقـيـأ وينفث سممومه ضد الدكتور عزيز الدويك ، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني ، الذي اعـتقلـتـه قوات الاحتلال الصهيونية في منزله في رام اللـه ، في بـداية الشهـر الحالي . ويـبـدو أن اعتقـال الدكتور عزيز الـدويك أثار فرح الهاشم وشماتته..

يقـول الهاشـم : "عزيز دويك، رئيس ما يسمى بالمجلس التشريعي الفلسطيني [ رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الذي أنتخب بـ 74% من الأصوات ، يصبح بـ"قـدرة قـادر" ما يسـمى... أما مجلس "أمتـهـم" الذي أنكر على المرأة الكويتيـة حـقـها في الانتخـاب والترشيح ، فهو "منـارة" للـديموقراطية وحقوق الانسـان!!!] ـ له وجه مستدير وذقن مستديرة ايضا، وهو يشبه ملامح الأقزام السبعة في قصة "سنو ـ وايت والأقزام السبعة"، ولأن الله "يمهل ولا يهمل"، ولأنه وحركة حماس باركوا لصدام حسين غزو الكويت ورفعوا صورة الديكتاتور عاليا، فقد سلط الله عليهم اليهود ليذيقوهم من بطشهم كما أذاقنا العراقيون من البطش.. ذاته!!" [كــذا...!!]

ويعترف الهاشم بأنـه كان " سعيدا وشامتا" ، بعد اختطاف الكتور الدويك ثم ضربه على يـد الجنود الاسرائيليين، وعندما رآه الهاشـم مكبلا بالحديد ، والجنود الاسرائيليون يدفعـونه في كل اتجاه ، كان تعليقـه : "عسى في هالحال.. وأردى...، ان ربك لبالمرصاد" .

لكل هـولاء السـفلـة والمارقين من أمثال فـؤاد الهاشـم ، وصـالح قـلاب ، وطـارق الحميـد وغيرهـم ، لا يملك المرء الا أن يـُردد ما قـالـه شـاعـر العرب الأكبر وحـادي مـأسـاتهم الراحـل محمـد مهـدي الجـواهري :

"عــلامَ يشـتـدّ المـُمـثـل منـكـم
رفـقـا بســاعـة تـُرفـع الأســتارُ!!"...

ولكن... إذا لم تسـتح ، فـاصنع ما تشــاء!!

ليس ثمـة دستور ، أو قانون أسـاسي مـدوَّن ، ينظم العـلاقـة بين قـطاع الطـرق أو تـجـار المخـدرات أو اللصـوص ... لكن العلاقـة بين هـؤلاء واضـحـة تمـامـا ، ويحكمـهـا "عـُرفٌ" متفق عليـه ، وكل من يخرج على العـرف ، يفقـد "شـرفـه المهـني" كقـاطع طريق ...أو تاجر مخـدرات... أو لصّ ... أو قـَـوَّاد...

إن "النظـام العالمي الجـديد" الذي "تنعـم شـعـوب العـالم بفـضـائلـه" ، والذي يتـغـنى "مفـكرو الأمـة" بحسـناته ، ليس لـه نظـام مكتوب... ولكنـه يختلف عن تنظيمات قـطاع الطرق وتجـار المخـدرات واللصـوص والقـوادين في "نقـطـة نظـام"...

إنـه نظـام لا يحتـقـر القـوادين ولا يرفض التـعـامل معهـم... إن العلاقـة القـائمـة بين هـذا النظـام وهـؤلاء السـادة الأفـاضـل علاقـة عضـويـة ، ذلك أنهـم "ضرورة لا غـنى عنهـا" للنظـام الذي أكـد جورج بوش على أنـه قـائم على "الشـرعية الـدوليـة"... هـذه الشرعية التي عرفـنـا "فـضـائلهـا" وقـطفـنـا ثمارهـا في أفغـانسـتان ، والعراق ، وفلسـطين ، ولبنـان .

إن اللـذين يلهثـون اليـوم ، وكـأنهـم في سـباق محمـوم ، لـتقـديم "فـُروض الطـاعـة" وشـهـادات "حـُسـن السـلوك" للقيـصـر الأمريكي ينسـون (أو لعلـهـم يتنـاسـون؟!) أن هـذه الشـهـادات "المعـتـمـدة والمـُصـدَّقـة من البيت الأبيض وبلاط السـان جيمس" طعنـات نجـلاء في أجسـاد الشـيخ عزالدين القـسـَّام ، وعبـدالقـادر الحسـيني ، وسـلطان باشـا الأطرش ، وجمـال عبـدالنـاصر ، والشيخ أحمـد ياسين ، وياسر عرفـات ، وآلاف الشـهداء اللذين "خـرجـوا" على الشـرعية الدوليـة ، ورفـضـوا ، بكل إبـاء وشـمم ، الامتـثـال لقـوانينهـا الجـائرة..

ولاؤلئك اللذين سـَخـَّروا أقـلامهم ، في خـدمـة "الشرق الأوسـط الجـديد" و"آخر القياصرة" ـ مع الاعـتذار للمفكر السـويسرى فرانك تسـيغـلر ـ ، واللذين يعـتـذرون لنـا بالهيمنـة الأمريكيـة على مقـدرات العـالم العربـي ، ويـُنـظرون للاسـتسـلام بحجـة "الاعـتـدال" و "الـواقعـيـة" ، لكل اؤلئك وأمثـالهـم نقـول ، ببسـاطة متنـاهيـة ، إن لنـا ، في الحركـة الصهيونيـة العـالميـة من ثـيـودور هيرتسـل وآحـاد هـاعـام ، مروراً بـدافيـد بن غـوريون وحـاييم وايزمـان ، وانـتهـاء باسـحق شـمير وأرئيل شـارون ، أسـوة واضـحـة (كي لا أقـول "أسـوة حسـنـة"!!) ...
فقـد أصـرَّ الزعمـاء الصهـاينـة على موقـفـهـم قـرنـا كـامـلا من الزمـان... أصروا على أن من "حـقـهـم" العـودة الى "أرض الميـعـاد"... لقـد تعـامل الصـهـاينـة ، بـحـذق ومـهـارة ، مع كـافـة الظروف ، بمـا يخـدم هـدفهـم الاسـتراتيجي الواضح ؛ واذا مـا تفـحـصـنا جيـداً تاريخ الحركـة الصهيونية العالميـة منـذ أواخر القرن التاسـع عشـر ، نـجـد أن زعـمـاءهـا لم يتراجعـوا قـيـد أنمـلـة عن الهـدف الذي أقـرَّه "المؤتمر الصهيوني الأول" عـام 1897 .

في كتـابـع القـَيـِّم The Birth of Israel : Myths and Realities يقول الكاتب الاسـرائيلي سـيمحـا فـلابـان Simha Falppanأن دافيـد بن غـوريـون وافق على قبول "الـوكـالة اليهـوديـة" لقـرار التقسـيم ، الذي أقـرتـه الجمعيـة العـامـة للأمم المتـحـدة في تشرين الثاني 1947 ، كـ "اجـراء تكتيكي" الى أن تتوفر لليـهـود "فرصـة للاسـتيلاء على أراضي فلسطين بكاملهـا..."

فـاذا كان باطلهـم قـد إنتصـر بالاصرار والعـنـاد ، فلمـذا نسـتعجل الأمور ونـفـقـد مـا تبقـى من الأمـل ؟ لمـاذا نصـادر حُـريـة الأجيـال الفلسـطينية المقـبلـة ، ونفرض عليهـا إضـفـاء الشرعية على كيان غـاصب لا يعترف بشـعـبنا ولا بحـقـه في الحياة الحرة الكريمـة؟

إن القـارئ يكـاد يخرج من جلـده عـنـدما يقـرأ تعليقـات "الخبراء" و "المفكرين" و"المحللين السياسيين" العـرب عن الدور الذي تـقـوم بـه الولايات المتـحـدة الأمريكيـة ، وسـعـيـها "المشـكور" في تحقيق الديموقراطية في الشرق الأوسـط (أنظروا الى أفـغـانسـتان والعراق!!)...

إن النظـام الذي يـُسـبِّح هؤلاء المرتـزقـة المـارقون بـحـمـده هو النظـام الذي أعـطى "راعي البقـر" الأمريكي (على حـد تعبير نائب رئيس الوزراء البريطاني ، جـون بريسكوت ، في الأسبوع الماضي) دور الشـرطي في عـالم على هـذه الـدرجـة من الفـوضى والقـمـع... ولا أغـالي اذا قلت أن هـذا النظـام بالـذات هـو المسـؤول عن ظهـور حـالات السـفاح الفكري لـدى بعض المثقفين العـرب .

وبـعــد ؛
في قصـيدتـه الأخيرة التي ألقـاهـا في لـنـدن قيل وفـاتـه بـبـضـعـة أيـام ، قـال شـاعرنا الفلسـطيني الراحـل مـُعـين بسـيسـو ، وكـأنـه يـوجـه سـهـام نقـده الى هؤلاء المارقين وأمثالهـم :

"... فـلا عـذراء نـَخـلـتـكـم
ولا عـذراء مـَريـَمـكـم...
فـلا بيـضٌ صـَنـائعـكـم
ولا خـُضـْرٌ مَرابـعـكـم
ولا حـُمـْرٌ مـَواضـيكـم
ألا تـَبـَّـت أيـاديكـم..!!"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب وأكاديمي فلسطيني مقيم في السـويد .
نقلا عن عرب تايمز

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية