مصرنا


مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الامريكية عن المركز الامريكى للنشر الالكترونى .. والاراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها
رئيس التحرير : غريب المنسى
............................................................................................................................................................

 
 

المـُثــَقــَّـفـون العـرب
...............................................................

الدكتور عبدالقادر حسين ياسين
 
.........................................

للثقافة والمثقفين مكانة خاصة في المجتمعات الفقيرة النامية ، والجهل يرسم صورة للعلم والمتعلمين ، ويعطي المثقف مركزاً متميزاً ويتوقع منه المستحيل . وفي تصور هذه المجتمعات يختلط المثقف بالمتعلم ، ويصبح كل من حصل على قسـط من العلم ، في نظرها ، مثقفـاً .والواقع أن المثقف ليس من أحسـن القراءة والكتابة ، أو من حصل على شـهادة علمية ( هنالك أميون بين حملة شـهادة الدكتوراة ) ، بل أن ما يميز المثقف ، في أي مجتمع ، صفتان أسـاسيتان :

1 - الوعي الإجتماعي الذي يمكن الفرد من رؤية المجتمع وقضاياه من زاوية شـاملة ، ومن تحليل هـذه القضايا على مسـتوى نظري متماسـك .

2 - والدور الإجتماعي الذي يمكن وعيـه الإجتماعي من أن يلعبـه ، بالإضافة الى القدرات الخاصـة التي يُضفيهـا عليه اختصـاصـه المهني أو كفاياتـه الفكريـة .

وعليـه فمجرد العلـم ، حتى لو كان جامعياً ، لا يُضفي على الفرد صفـة المثقف بصـورة آليـة . فالعلـم ما هو الا اكتسـاب موضوعي ، ولا يشـكل ثقـافة في حـد ذاتـه؛ إنـه يصبح ثقافـة بالمعنى الشـامل اذا توفرلدى المتعلم الوعي الإجتمـاعي ، ذلك العامل الذاتي الذي من خلالـه فقط يصبح الفرد مثقفـاً، حتى لو لم يعرف القراءة والكتابـة ، ومن دونـه يبقى أميـاً ، حتى لو كان طبيبـاً أو أسـتاذاً جامعيـاًَ .

فئات المثقفين

هنالك أربع فئات من المثقفين :

1- تتألف الفئة الأولى من المثقفين الملتزمين ، أي أولئك الذين يتطابق عندهم الفكر والممارسـة بحيث لا يمكن التفريق بين حياتهم الخاصـة وحياتهـم العامـة ؛ هؤلاء يقدمون حياتهم الى قضيـة أو الى هـدف اجتماعي فيصبح مصيرهُم ومصيرُ قضيتهـم مصيراً واحـداً .

إن هـذا أعلى أنواع الإلتزام ، فالوعي هنا ممارسـة كاملـة...والممارسـة هنا وعيٌ كامل. وتشـكل هـذه الفئة من المثقفين في مجتمعنـا ، وفي كل مجتمع ، الأقليـة الضئيلـة بين المثقفين ، الا أنها الطليعـة المسـؤولة عن التغييرات الأسـاسية التي تحدث في المجتمع وتشـكل أداة انتقـاله من مسـتوى الى مسـتوى أعلى .

ومن الناحيـة الإجتماعيـة فإن الذين ينتمون الى هـذه الفئـة مثقفون ينبثقون من خلفيات وطبقـات احتماعية مختلفـة ، ولا يجمعهم اختصـاص أو مهنـة معينـة ، بل وعي واحـد وممارسـة واحدة ، فتجـد الطبيب الى جانب الطالب والأسـتاذ الجامعى الى جانب العامل والفـلاح .

2 - وتتألف الفئة الثانية من المثقفين من "أهـل القلـم" ، من الأدبـاء والكتاب والمفكرين العاملين اجتماعيـاَ بالكلمـة لا بالممارسـة المباشرة . ويعتمـد دور هـذه الفئة في عملية التغييرالإجتماعي على الوعي الإجتماعي ودفعـه نحو آفاق جديدة . وهـذا التأثير لا يظهر الا في المدى الطويل ، ذلك أن "العمل الفكري" لا يشـكل عملاًَ الا عندما يصبح قوة مـادية تفعل في المجتمع وتغيره مادياًَ ، وهـذا يأخذ وقتـاً طويلاً . ومن الواضح أن التزام هـذه الفئة من المثقفسن هو التزام معنوي ، فممارسـتهم ممارسـة فكرية لا تفرض عليهم نمط حياة معينـاً .

3 - والفئة الثالثة تتألف من العاملين في حقل "التثقيف" و "التعليم" من الأسـاتذة والمعلمين . وتأثيرهم في العمل الإجتماعي هو نتيجة عملية التعليم المباشـرة التي يمارسـونها . وهو - كتأثير الفئة الثانيـة - طويل المدى يرتبط بحياة الجيل الصـاعد . والتزام هـذت الفئة من الأسـاتذة والمعلمين التزام فكري معنوي ؛ فهم كالكتاب والأدباء يمارسـون العمل الإجتماعي من دون الإنخراط المباشـر في صراعات المجتمع وانهماكاتـه . وعلى الرغم من ذلك ، فإن الأسـاتذة والمعلمين يلعبون دوراً مهمـاً في تكوين القوى الطليعيـة وتحريكهـا .

4 - أما الفئة الرابعـة ، فتتألف من "المهنيين" أي من الأخصائيين والتكنوقراطيين العاملين في الحقول العلمية والصناعية والإدارية المختلفـة . وهـذه الفئة من المثقفسن تشـكل (في كل المجتمعات) الفئة الأكثر بعـداً عن الوعي العقائدي والسـياسي . وتأثيرها في المجتمع ينبع من ممارسـتها المهنية ونتائج عملهـا في حقول إختصـاصها . والتزام هـذه الفئـة التزام مهني محض ، ولا يتجاوزه الا في حالات إسـتثنائية ؛ وتأثير هـذه الفئة في التغيير الإجتماعي على المدى الطويل جذري وعميق ، ذلك أن التغيير المنبثق من العلم والتكنولوجيا يؤدي الى تحول جذري في البنيان المادي للمجتمع وفي علاقاتـه الإجتماعية .

ولعل الفئتين الأكثر تأثيراَ في حياة المجتمع هما الفئتان الأكثر تناقضاً: الفئة الأولى ، المتميزة بالتزامهـا العقائدي وممارسـتها السـياسية ، والفئة الرابعـة المتميزة ببعـدها عن الإيديولوجيا وعن الممارسـة السـياسية وبالتزامها المهني .

دور المثقفين

في مطلع القرن الماضي ، كان المثقفون في مجتمعنا نخبة صغيرة واضحة المعالم والأهـداف لا يتجاوز عـددهـا الواحد في المئة بين مجموع السـكان . وأصبحت هـذه النخبـة اليوم ، بفضل إنتشـار الثقافـة والتعليم ، فئـة واسـعة تعـد بعشـرات الآلاف...لكن ارتفاع عدد المثقفين في المجتمع لم يغير كثيراً من دورهم الإجتماعي ، وإن أدى الى تغيير تركيبهم الإجتماعي وتطلعاتهم السـياسية والعقائدية ، وهم اليوم ينتمون ، على الغالب ، الى الطبقات المتوسـطة والصغيرة ، بعدما كان معظمهم ينحـدر من العائلات الكبيرة في المدن ومن الأقليات المسـيحية .

لقد اسـتطاع المثقفون ، في مطلع القرن الماضي ، أن يلعبوا دوراً كبيراً أكثر فعاليـة في المجتمع من الدور الذي يلعبـه المثقفون اليوم ، ويعود ذلك الى عوامل تاريخيـة واجتماعيـة . ففي تلك الفترة الإنتقالية ، كان المثقفون أقرب الى مراكزالفكر والسـلطة السـياسية وأكبر ثقلاً منهم اليوم في عملية صناعة القرار .

كانت المجتمعات العربية في أول يقظتهـا ، في حالة تفتح ونمو ، وأكثر حسـاسية وتقبلا لدور المثقفين ؛ كما كانت السـلطة السـياسية لا تزال في يد العثمانيين ، والفئات الصـاعدة لا تزال تصـارع من أجل الحكم الذاتي والإسـتقلال... ولم يتحجـر الحكم بعـد ، كما حـدث ابتداء من الحرب العالميـة الثاميـة ، والإنقلابات العسـكرية ( في مصر ، وسـوريا والعراق ، على سبيل المثال لا الحصر ) إسـتأثرت بالحكم وأبعدت المثقفين عنـه أو إسـتعملتهم أدوات لسـلطتها .

مزايـا المثقفين

غنيٌ عن البيان أن ثمـة عوامل مختلفـة تقرر مدى فاعلية المثقف في المجتمع ، منها العـامل الموضوعي ( النظام السـياسي القائم ، طبيعة العلاقات الإجتماعيـة المهيمنـة ، والوعي الإجتماعي الراهن ) ومنها العـامل الذاتي ( الوضع الشخصي ، مستوى الوعي الذاتي ، طبيعة الثقافة والتخصص العلمي ) .

على الصعيد الموضوعي ، نرى ان المجتمعات المتخلفة عاجزة عن أن توفر للمثقف المركز او القيمة " اللائقة" به ، مثل عجزها عن استغلال مواردها العادية والبشرية بشكل سليم. والنظام الذي يُغلقُ الابواب في وجه مثقفيه يدفعهم الى التناقض معه , فيجد المثقف نفسـَه امام امرين : فهو اما ان يُكيفَ نفسَه مع متطلبات الوضع القائم ، فيقبل بالعمل المتوافر وان لم يكن"لائقاً" ويفرضَ على نفسه رقابة فكرية ، ويحدَّ من قوله وعمله ، او ان يرفضَ الوضعَ القائم فيعمل ضده او يهجره.

وخلافاً للاعتقاد السائد عند كثيرين فان المؤثر الاقوى في سلوك المثقف ليس افكاره او اهدافه او مُثـُله, بل وضعه المادي ومركزه الاجتماعي ، وعندما يتخطى المثقف مرحلة الشباب ويصبح ذا مسؤوليات عائلية ، واعباء اقتصادية كبيرة يجد نفسه سجين صراع عيشـه االيومي وبعيداًعن مواضع افكاره واهدافه ومُثـُله.

في مجتمعاتنا العربية ينتمي المثقف، في الغالب ، الى الطبقة الوسطى او الوسطى الصغيرة، ويحمل في تركيب شخصيته قيم هاتين الطبقتين ودوافعهما. فتراه في حاجة الى اكثر من مجرد" لقمة العيش" ، ويتطلب مستوى "لائقاً" به وبعائلته. لكنه ، على صعيد النية ، صادقٌ في نيته: فهو يرمي الى ان يعيش حياته وفقاً لمبادئه، وان يطابقَ حياته على افكاره، وان يعلو على انتمائه الطبقي، ولكنه نادرا ما ينجح في ذلك. فكلما ازدادت حاجاته المادية تحول ارتباطه العقائدي الى ارتباط لفظي وازداد ارتباطه الفعلي بالوضع القائم ورضوخه له .

ان المثقف نادرا ما يهجر بلده بسبب الكبت الفكري . انه لا يهاجر الا اذا رافق الكبت الفكري كبتٌ مادي فاغلقت في وجهه الابواب وحورب حتى في لقمة العيش . فهو قد يسكت عن الكبت الفكري ، لكنه لا يستطيع ان يتحمل الحرمان المادي .

نزعة التذبذب الفكري

من صفات المثقف الاساسية على الصعيد الذهني التذبذب الفكري : ذلك ان المثقف ، اكثر من غيره عرضة "لتغيير رأيه" . والتذبذب الفكري هو عدم القدرة على الثبات في موقع فكري معين والتبعثر بين منطلقات واتجاهات عقائدية مختلفة ومتضاربة .

النزعة الانتهازية

ان هذا الوضع القلق والمُهَدَّد كثيراً ما يدفع بالمثقف الى السبيل الانتهازي؛ فالمثقف - كي يحمي نفسه من الحرمان ، من الهجرة ، ومن السجن- يضطر احياناً الى المساومة . وفي العالم العربي الممتد من طنجة الى بغداد لا "امان" للمثقف ولا "مستقبل" له الا اذا ساير وساوم . ففي مجتمعاتنا العربية ليس ثمة "رأي عام" يلجأ اليه اذا ما قرر ان يتمسـك بموقفه وان يقول كلمته صريحة ومن دون خوف . واذا ما رفض المساومة فليس امامه الا الصمت ( ان يقبل بالنفي الفكري) او الثورة ( ان يلجا الى العنف) .

النزعة التبريرية

من هنا يشعر المثقف العربي بأنه في آخر الامر ضعيفٌ ، لا حول له ولا قـوة ، وضعُه ذاتي بمقدار ما هو موضوعي . فعلى الرغم من احتقاره المال واصحاب المراكز يشعر بالمهابة الخوف تجاه الاغنياء وذوي السلطان ، ويحاول أن يكسب رضاهم وأن يُصادقَهم . واذا كان على درجة عالية من الوعي والالتزام الفكري ، فان تعايشـَه وتودُدَه لذوي السلطة يخلقان في نفسـه تناقضاً لا يجد له حلا الا بالتراجع عن المواقع المبدئية والاخذ بالتبريرات اللفظية . وهو بذلك يشارك في عملية " الخصي الفكري" الذي يريد النظام القائم فرضَه عليه.

ان القدرة التبريرية التي يتمتع بها المثقف تسـاعده على حجب حقيقة واقعه وتغطية دوافع سـلوكه ، وبالتالي تنقذه من احتقار ذاته وتمكنه من عيش تناقضه بلا شعور بالذنب او تأنيب الضمير.

النزعة الفوضوية

في الواقع ، ان مشكلة الحرية بالنسبة الى المثقف الواعي الملتزم ، مشكلة صعبة وشائكة . فاذا ما عادته السـلطة كان عداؤها قاسياً مميتاَ . فالقانون الذي يحمي الحريات ويؤمِّنُ حق القول والمعتقد - هذا اذا وجد اصلا- كان مجرد حبراًعلى ورق . فالفرد في آخر الامر فريسةٌ للنظام القائم ورهن ارداة السلطة المهيمنة فيه .

ان الجو الذي يعيشه المثقف العربي جوٌ تنعدم فيه المسؤولية وتغلب فيه المقاييس الكمية على المقاييس النوعية . فاذا ما انتج المثقف شيئا ما ( مقالة ، دراسة ، بحث ، او محاضرة) كان إنتاجه حصيلة " سلق" سريع . فهدفه اتمام الشيء في اسرع وقت ممكن وباقل جهد ممكن ؛ ومن هنا كان انتاج مثقفينا في اكثر الحقول نتاجاً مبتسراً سطحياً لا يعبر عن قدراتهم الحقيقية . فهذه القدرة تحتاج الى الجد والتعب والتمسك بالمقاييس العليا كي تعبر تعبيرا صادقا عن نفسها .

مهمة المثقفين

ان المجتمعات العربية مجتمعات شابة ، فهي من اصغر مجتمعات العالم ، فستون بالمئة من السكان في العالم العربي ـ وفـقـا لاحصائيات "منظمة الصحـة العالمية" ـ دون سن العشرين . ومنذ مطلع الستينات ، ارتفع عدد المدارس والطلاب ارتفاعا كبيرا ، وزادت نسبة المتعلمين وحملة الشهادات الجامعية بشكل لم تشهده اية دولة من الدول النامية .

ووفقا للكتاب السنوي الاحصائي للعام 2005 الصادر عن منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ( اليونسكو) ، من المتوقع ان يستمر هذا النمو بصورة متزايدة خلال العقدين المقبلين .

ومن نافلة القول انه كلما ارتفع عدد المتعلمين ارتفع عدد المثقفين وكبر حجم جمهورهم وقَويَت فعاليتهم في مختلف المجالات ؛ ذلك ان اتساع قاعدة المثقفين يضفي عليهم قوة ذاتية لم يعرفها الجيلان السابقان من المثقفثن ويُضفي عليهم ايضا قدرة متزايدة على التاثير في حياة المجتمع .

ويمكننا القول ان الفئة الملتزمة من مثقفي الجيل الصاعد ستكون اكبر عددا واوسع اثرا منها في الجيل الذي مضى ( أو أوشك أن يمضي) . ويمكن التكهن ايضا بأن الفئات الثلاث الاخرى (الكتاب والاساتذة الجامعيون والمهنيون ) ستكون اكثر استقلالا وبالتالي اكثر تاثيرا في حياة المجتمع من الفئات المماثلة في مثقفي الجيل الماضي .

وفي حين أن مهمة الفئة الملتزمـة المنخرطة في الممارسـة والعمل المنظم ، تشـكل مهمـة صراعـية ، بمعنى أن ممارسـتها الثورية تضعهـا آلياً خارج الوضع القائم وضـده ، وتدفعهـا نحو أهـداف تتجاوز الأهـداف المهيمنـة فيـه ، فإن مهمـة الفئات الأخرى من المثقفين مهمـة تعاونيـة ( بمعـنى أن ممارسـتها ، ولو كانت نقديـة ، تقوم على العمل من ضمن الواقع القائم على الرغم من ثورية البعض منهـا ).


المثقفون "الإيجابيون"

إن الكتاب والأدباء والمعلمين والأسـاتذة الجامعيين والمهنيين والأخصائيين ، كلهم يمارسـون عملهم من ضمن النظام الإجتماعبي القائم لا ضـده ؛ وحين يعملون على تغييره يعملون على تطويره من الداخل ( عن طريق تطوير قاعدته المادية وتنمية مؤسسـاته وتغيير الوعي فيه...الى آخره ) لا على اسـقاطه عن طريق الثورة والعنف . واذا ما اخذنا مهمة الفئات " الايجابية" من مثقفي الجيل الصاعد على هذا النحو ، فيمكن تلخيصها كما يلي :

الفئة الاولى ( الكتاب والادباء) : النقد والتقييم والتوعية العامة ، بواسطة الكتابة في الصحف والمجلات والمؤلفات .

الفئة الثانية (المعلمون والاساتذة الجامعيون) : التعليم والتثقيف والبحث العلمي ، بواسطة التدريس في المدارس والجامعات والمعاهد العلمية .

الفئة الثالثة : (المهنيون والاخصائيون) : التخطيط والتنظيم والتنفيذ ، بواسطة العمل في الجامعات والمؤسسات الخاصة والمعاهد العلمية .

وبعــد ؛

يقف العالم العربي - موضوعياً - على عتبة انتقال جذري من حضارة القرن السادس عشر الى حضارة القرن الحادي والعشرين ؛ لكنه ، في الوقت نفسه ، عاجز - ذاتيا - عن تحقيق هذا الانتقال .... فالتغيير الاجتماعي الذي اصبح في متناول ايدينا بسبب الطاقات المادية الهائلة التي اصبحت في حيازتنا ، لا يشكل حتمية تاريخية . ولعلي لا اضيف جديدا اذا قلت ان تحقيق التغيير الذي نطمح اليه يتطلب ارادة ذاتية قادرة على استيعاب اللحظة التاريخية والعمل بمقتضاها .

ومن هنا كان دور مثقفي الجيل الجديد حاسمة ، ذلك انهم يمثلون القوة الذاتية الوحيدة في المجتمع العربي المعاصرالتي تملك "الوعي" و"القدرة" على تحقيق هذه المهمة التاريخية .

ومن جهة اخرى يقف مثقفو الجيل الصاعد امام اختيار فاصل : إما الاستسلام (كما فعلت اكثرية مثقفي الجيل الحالي) للقوة والمؤسسات المهيمنة فـ "أمَّـنوا مستقبلهم" وقبلوا بدور المستخدَم (بفتح الدال) والمستزلَم (بفتح اللام) ، وإما لعب الدور التاريخي ورفض رشوة "المستقبل المؤمَّـن" ومذلة الاستخدام والاستزلام ، والوقوف الى جانب جماهير الشعب التي يتوقف عليها ، في السباق الطويل ، مصير المجتمع ومستقبله .

و" على قدر اهل العزم... تأتي العزائم" .
 

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية