مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 لماذا لا ترفض المبادئ الحاكمة للدستور
...............................................................

 

المشير

 

بقلم : طه حسين
..................

ساد المجتمع شعور متناقض وأحاسيس تجمع بين الاقدام والإستحسان والاستياء وعدم الارتياح ثم الرفض المطلق لما يسمى بالمبادئ فوق الدستورية أو المبادئ الحاكمة للدستور

واذا أردنا تفنيد تلك الأحاسيس المتناقضة لدى طوائف الشعب من عامة ونخبة وتيارات سياسية ودينية .. يتضح لنا بصورة مباشرة أن فى الأمر سوء فهم أو سوء نية

فإذا أخذنا مثالا لسوء الفهم .. فإن عامة الشعب يتخيلون أن المبادئ فوق الدستورية اذا وضعت ووضع على ضوئها دستورا للبلاد فإنه يترتب عليه ان تلك المبادئ غير قابلة للتمحيص أو التغيير أو لا يجوز تشريعيا المساس بها من قريب أو من بعيد .. وذلك طبقا لأول من طرح تلك المبادرة وهو الدكتور محمد البرادعى .. وهو لا شك رجل يسعى لقيام دولة تعتمد أساسا على الاحترام والكرامة والحرية والعدل والمساواة .. وبالتالى فان أفكاره الفوق دستورية تصيغ تلك المبادئ فى شكل يمنع قيام أو تعديل الدستور بما يخالف هذه القيم.
ولكن اذا وضع بند فى هذا الدستور الفوق دستورى يسمح بالنظر فى صلاحيته أو صلاحية احد مواده كل مدة معينة ولتكن عشر سنوات فإن هذا الخوف سيتلاشى بالنسبة لرجل الشارع العادى.

وحتى لا يصبح التلاعب فى المبادئ فوق الدستورية مباحا يمكن تقييد تغيير أحد بنوده بموافقة مجلس الشعب بما يسمى اغلبية فوق شرعية وبدلا من الحد الدستورى لكلمة أغلبية وهو 67% يكون الحد فوق الدستورى هو 80% مثلا ويقوم الشعب بالاستفتاء عليه مادة بعد مادة وليس حزمة مواد فى استفتاء واحد للشعب قبولها جميعا أو رفضها جميعا وتكون اغلبية الموافقة على التغيير بالنسبة للشعب هى نسبة فوق دستورية أيضا حيث يستحق تغيير الدستور عند 51% فى الاستفتاء الدستورى و 75% فى الاستفتاءات فوق الدستورية

أما إذا أخذنا عامل سوء النية.. فأنه من الممكن لأحد الأحزاب أو الكتلات السياسية بعد ضمانها أغلبية من مقاعد البرلمان أن تعدل من الدستور مادة أو أكثر تضمن بقاء هذه الكتلة فى السلطة أو على الأقل تضمن لها صلاحيات أكبر فى تغيير الحياة السياسية أو النسيج السلطوى فى البلاد.

ولنأخذ مثالا على ذلك .. وبدون ذكر اسم حزب أو كتله معينة :

استحوذت كتلة ما على أغلبية برلمانية تمكنها من اصدار تشريعات وتعديلات دستورية وأرادت تلك الكتلة أن تغير نظام الحكم من جمهورى برلمانى الى برلمانى جمهورى والمعنى ان الجمهورى البرلمانى به ,أولا: رئيس جمهورية منتخب يحكم البلاد ويكلف رؤساء مجالس الوزراء بتشكيل الوزارات والتصديق على القوانين واعلان حالة الحرب أو الطوارئ واصدار المراسيم الاستثنائية والقرارات الجمهوريةكل هذا بعد موافقة الأغلبية البرلمانية على قراراته مما يؤكد عدم تفرده بالقرار لتحقيق ارادة الشعب وعدم صنع ديكتاتور , وثانيا: أن هناك برلمانا منتخبا يختص باصدار القوانين المنظمة للبلاد ومسائلة الوزراء ومباشرة الأعمال المتعلقة بمصلحة الشعب على مستوى أقرب للشعب نفسه ومنها التصديق على قرارات رئيس الجمهورية أو حتى التصويت بعزله ان اقتضى الأمر.
وبدلا من هذا النظام يريد ذلك الحزب أو الكتلة البرلمانية المستحوذة على الأغلبية القانونية 67% أن تغير النظام الى برلمانى جمهورى أى أن البرلمان يستحوذ على الصلاحيات الكاملة لاصدار القوانين وتغيير الدستور ويقوم بتعيين الوزراء فى حكومة قائمة أساسا على تلك الكتلة وأن وظيفة الرئيس هى تعيين رئيس مجلس الوزراء من قائمة معينة من تلك الكتلة بالاضافة الى وظيفته السياسية الشكلية عند استقبال وفد أو رئيس آخر حيث تكون منظومة الحكم أو السلطة التنفيذية فى البلاد تابعة لرئيس مجلس الوزراء صاحب الاتجاه السياسى المنتمى فى الأصل لتلك الكتلة

ولكن ان كان فى تلك المبادئ اعلانا عن نظام الدولة بأحد تلك الأشكال يلتزم بها الجميع مدة عشرة أعوام ثم ينظرون فى جدواها وما اذا كان نظام آخر أنفع للبلاد من هذا النظام أيا كان فإنه لحقّ أن المبادئ فوق الدستورية قد قامت لتحقيق الاستقرار وعدم عبث فكر أو كتلة أو حزب بمقدرات الحكم فى البلاد وفقا لأهواء أو أفكار أو حتى معتقدات هذه الكتلة

الموضوع معقد والرد أو القبول بفكر ما يحتاج الى تفكير واستقصاء وتتبع وفهم جيد وعميق لمقتضى الأمور وما تستلزمه الحالة السياسية والاجتماعية للبلاد وما تفرضه علينا وقائع وملابسات الحياة السياسية وتقلباتها أو تكتلاتها

ويمكننا بالطبع طرح مثال أكثر سهولة .. فبفرض اعتلاء كتلة علمانيةللبرلمان .. وشكلوا اغلبية شرعية أمكن معها تغيير المادة الثانية من الدستور مع استجابة شعبية معينة أو نشر فكر معين أدى الى نجاح الاستفتاء الشعبى على تعديل هذه المادة من الدستور
ولكن, ان كانت تلك المادة فوق دستورية, فإنه يلزم لتعديلها أغلبيتان فوق دستورية على المستوى البرلمانى والشعبى مما يجعل الفرصة صعبة دائما على من يريد المساس بهوية الدستور والقانون

وما يستوجب التوضيح هنا أن الدستور ينظم فى معظم الأحوال شكل تشريع القوانين وعلاقات السلطات ببعضها أو الفصل بينها والبت فى تغيرات قانونية أو حزبية أو سياسية لا تغير من مضمون أو جوهر الهوية والعقيدة والأخلاق والقيم بل بالعكس فان مهمتها الحفاظ على تلك القيم وتزكيتها وبالتالى فان هوية الدولة ليس من اختصاص الدستور.

ويمكننى قولها هنا صراحة .. أن المادة الثانية من الدستور والخاصة بهوية الدولة هى مادة غير دستورية من الأساس اذ أن الدستور لا يختص بالقيم والهوية كما ذكرت

ويمكننى تكرار العبارة أن المادة الثانية من الدستور غير دستورية … المادة الثانية من الدستور فوق دستورية لا يستطيع شخص أو جهة أو حزب أو كتلة أو أغلبية كانت أن تغيرها فهى أصل نسيج الوطن والدستور لا ينسج الوطن بل يتعامل على أساس هذا النسيج.

ويمكن جمع بعض النقاط التى لا يختلف عليها اثنان فى كونها أصل النسيج الوطنى وكونها جزء وأصل لا يتجزا أو يتفرع فى الحفاظ على كرامة وحقوق المواطن المصرى على وجه الخصوص

ان المبادئ فوق الدستورية ليست فرض وصاية على الشعب أو تكبيلا لإرادته بقدر ما هى وصاية على وجه الديموقراطية القبيح والسيطرة على أطماع بعض الجهات فى الاستئثار بالسلطة والتأكيد على الهوية والكرامة وحسبنا أن هتلر قد جاء على رأس ألمانيا بديموقراطية وشفافية استبدلها هو بديكاتورية بشعه .. وحسبنا أيضا أن الرئيس الأمريكى هارى ترومان محطم اليابان جاء ممتطيا الديموقراطية ومثله بوش مدمر العراق وأفغانستان وأمثالهما كثير

ان كانت الديموقراطية هى الحل فيجب أن تحكمها ضوابط تؤكد تحقيقها على المعنى المراد والا فإنها أم الفوضى
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية