مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 من قباني و درويش الى أمراء النفط!

 

عودة الله

 

بقلم: د. صلاح عودة الله
..........................

كيف يمكن لانسان أن يقوم بالتخلي عن كرامته وانتمائه؟..أين تذهب المشاعر والأحاسيس؟..هل نحن نستحق أن نمتلك"الذهب الأسود"؟..ولكن وكما يقال"ولله في خلقه شئون"..كان بامكاننا السيطرة على العالم اذا استعملنا هذا النفط في طريقه الصحيح, ولكن, ما بامكاننا فعله, اذا كان من يسيطر عليه متخلف رجعي بالكاد يستطيع أن يكون جملة مفيدة واحدة..أحد أولياء عهد "خائن الحرمين الشرفين" وفي مقابلة بثت على الهواء مباشرة يقول"ومحمد ربنا". واخر يقرأ من القران الكريم فيقول"يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم قبائلا وشعوبا لتعاملوا ولتعارفوا"..المشـــاعر لا تسجن.. الحب لا يــقــهر.. والكـــرامة لا تــهان ، فهى ليست حصان طائــش يـشـد الفارس لجامه ليوقفه.. ليمنعه من الأنطلاق.. ليسـيــطر عليه.. وعلى مســراه وحريته.. الحــــب والـــبــترول..والكــرامة.. بقلم نزار قبانى أقـــلام من ذهب وسطــور من نـــار,وكــذلك الشعر..لا تحدد آفـــاقـه.. وأعماقه.. فهو المحيط الأزرق الذى يثور.

كلمات رقيقة .. وسطور تعبر عن عن إحساسات تتفاعل فى قلب "سيدة" تــأبى "العـــبادة"..تذكرت ســيدة عربية.. ثائرة.. جلست بجانبى فى الطائرة.. تركتها لأحزانها ودموعها تنهدر على وجنتيها..وبعد صمت طويل.. إحترمته.. تجرأت وكسرت السكون قائلا "لا تحـــزنى"..وإنهدرت على أذنى قصص بشعة.. كشــلال..لا يتوقف..وأدلت السيدة الفاضلة بما عاصرته..فى قصر بعيد شــامخ..فى وسط صحراء رمــال أحد بلاد "النفطستان"..حادثة مشــابهة..لا..لن أدلى ماحدث ، ولكن أترك نزار قبانى.. يدلى قصة " الحــــب والـــبــترول والكــرامة":

متى تفهمْ ؟..متى يا سيّدي تفهمْ ؟..بأنّي لستُ واحدةً كغيري من صديقاتكْ..ولا فتحاً نسائيّاً يُضافُ إلى فتوحاتكْ..ولا رقماً من الأرقامِ يعبرُ في سجلاّتكْ ؟..متى تفهمْ ؟..متى تفهمْ ؟..أيا جَمَلاً من الصحراءِ لم يُلجمْ..ويا مَن يأكلُ الجدريُّ منكَ الوجهَ والمعصمْ..بأنّي لن أكونَ هنا.. رماداً في سجاراتكْ..ورأساً بينَ آلافِ الرؤوسِ على مخدّاتكْ..وتمثالاً تزيدُ عليهِ في حمّى مزاداتكْ..ونهداً فوقَ مرمرهِ.. تسجّلُ شكلَ بصماتكْ..متى تفهمْ ؟..متى تفهمْ ؟..بأنّكَ لن تخدّرني.. بجاهكَ أو إماراتكْ..ولنْ تتملّكَ الدنيا.. بنفطكَ وامتيازاتكْ..وبالبترولِ يعبقُ من عباءاتكْ..وبالعرباتِ تطرحُها على قدميْ عشيقاتكْ..بلا عددٍ.. فأينَ ظهورُ ناقاتكْ..وأينَ الوشمُ فوقَ يديكَ.. أينَ ثقوبُ خيماتكْ..وأيا متشقّقَ القدمينِ.. يا عبدَ انفعالاتكْ..ويا مَن صارتِ الزوجاتُ بعضاً من هواياتكْ..تكدّسهنَّ بالعشراتِ فوقَ فراشِ لذّاتكْ..تحنّطهنَّ كالحشراتِ في جدرانِ صالاتكْ..متى تفهمْ ؟..متى يا أيها المُتخمْ ؟..متى تفهمْ ؟..بأنّي لستُ مَن تهتمّْ..بناركَ أو بجنَّاتكْ..وأن كرامتي أكرمْ..منَ الذهبِ المكدّسِ بين راحاتكْ..وأن مناخَ أفكاري غريبٌ عن مناخاتكْ..أيا من فرّخَ الإقطاعُ في ذرّاتِ ذرّاتكْ..ويا مَن تخجلُ الصحراءُ حتّى من مناداتكْ..متى تفهمْ ؟..تمرّغ يا أميرَ النفطِ.. فوقَ وحولِ لذّاتكْ..كممسحةٍ.. تمرّغ في ضلالاتكْ..لكَ البترولُ.. فاعصرهُ على قدَمي خليلاتكْ..كهوفُ الليلِ في باريسَ.. قد قتلتْ مروءاتكْ..على أقدامِ مومسةٍ هناكَ.. دفنتَ ثاراتكْ..فبعتَ القدسَ.. بعتَ الله.. بعتَ رمادَ أمواتكْ..كأنَّ حرابَ إسرائيلَ لم تُجهضْ شقيقاتكْ..

ولم تهدمْ منازلنا.. ولم تحرقْ مصاحفنا..ولا راياتُها ارتفعت على أشلاءِ راياتكْ..كأنَّ جميعَ من صُلبوا..على الأشجارِ.. في يافا.. وفي حيفا..وبئرَ السبعِ.. ليسوا من سُلالاتكْ..تغوصُ القدسُ في دمها..وأنتَ صريعُ شهواتكْ..تنامُ.. كأنّما المأساةُ ليستْ بعضَ مأساتكْ..متى تفهمْ ؟..متى يستيقظُ الإنسانُ في ذاتكْ ؟.

معذرة يا فارس الشعراء العرب, كيف لك أن تسأل:متى يستيقظ الانسان في ذاتك؟..فأنت تسأل أصنام, وهل الأصنام تسمع وترى وتحس؟..هذا هو حال من تسألهم, انهم عار وعبء علينا, ولكن ان الأوان أن نقول لهم ارحلوا يا معشر العربان, فهمومنا كثيرة فلا تزيدوها ولا تثقلونا بغيرها.
شكرا للغرب الذي يقدم للقارئ العربي الغارق في متاهات التضليل الإعلامي العربي و زغاريد"الخنزيرة "عفوا الجزيرة,وغيرها من فضائيات التضليل أن يتعرف على رموز الفساد المالي في دول الخليج العربي, هؤلاء القطط السمان التي نهبت البلاد و العباد, وما أحوجنا إلى معرفة وجوه الخبث ممن شفطوا خيرات الوطن العربي في البر و البحر والجو. لعل ما يعانيه المواطن السعودي بشكل خاص والخليجي بشكل عام من تدني في الخدمات الصحية والتعليمية وانتشار ظاهرة الفقر والأمية, له أسباب عديدة وفي مقدمتها انتشار الفساد بصوره المختلفة والمتنوعة والتي لا يمكن حصرها في قالب واحد, إلا أن أبرزها الوساطة والرشوة وسرقة المال العام من ميزانية القطاعات بطريقة مباشرة وغير مباشرة ناهيك عن النهب المنظم لأمراء النفط لثروات الشعوب وتبديدها في إشباع رغباتهم التي لا سقف لها على حساب معاناة شعب تحكمه ملذات وشهوات أمراء النفط.
لنأخذ السعودية مثلا لأنها تعتبر البلد الأغنى في العالم على ألإطلاق ففيها ساهم أمراء النفط اسهاما فاعلا في انتشار وتفشي ظاهرة الفقر في بلد يعد الأكثر إنتاجا للنفط في العالم.

أكثر من ثمانية عقود وأسرة ال سعود قابعة في حكمها للبلاد وقامت بمصادرة هوية شعب بأكمله وجعلته ضمن ممتلكاتها لدرجة انها أقرنت اسمه باسمها وكأنه جزء لا يتجزأ من تلك الثروات التي جعلت لنفسها الحق في امتلاكها وتبديدها، كل هذه الجرائم والانتهاكات وتبديد ثروات الشعب السعودي تحاط بالسرية التامة وتحظى برعاية ومباركة ملكية في حين يعاني غالبية شعب نجد والحجاز من حدت الفقر والجهل وتفشي ظاهرة البطالة في أوساط الشباب.

ونقول, رغم كل الأموال السائبة و الثروات المشتتة التي يمتلكها أمراء الخليج في كل أرجاء المعمورة , لم يقدم هؤلاء شيئا في مجال المعرفة و الفكر فلا زالوا يشتاقون إلى حياة البدو و ركوب الجمال و الرقص بالسيوف على أنغام شعبية و أهازيج فولكلورية.

ان هؤلاء القطط السمان يدعون أنهم يدافعون عن الديمقراطية والحرية وهم أبعد ما يكون عن هذه الشعارات، خصوصاً أنظمة الاستبداد والفساد في السعودية وقطر، فيمكن لقبائل الكونغو أو زائير ان تتحدث عن الديمقراطية لأن الحكم لا يتم بالوراثة في حين ان العائلات الحاكمة في الخليج هي أبعد ما تكون عن"الف ـ باء الديمقراطية".

لنفترض ان آبار النفط هذه ستجف في يوم من الأيام, كيف سيعيش هؤلاء القطط السمان, أصحاب ربطات العنق المصنوعة من الحرير والأحذية الباريسية المصنوعة من جلد التمساح و بدلات من تصميم كبار مصممي الأزياء في العالم؟..سؤال أطرحه فهل من مجيب؟. وأختتم بما قاله شاعرنا الفلسطيني الراحل:أيها المارون بين الكلمات العابرة..احملوا أسماءكم وانصرفوا..واسحبوا ساعاتكم من وقتنا ،و انصرفوا..وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة..و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا, انكم لن تعرفوا..كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء..فاخرجوا من أرضنا..من برنا..من بحرنا..من قمحنا .. من ملحنا.. من جرحنا..من كل شيء ، واخرجوا من ذكريات الذاكرة ْ..أيها المارون بين الكلمات العابرةْ.

لقباني ودرويش الرحمة والخلود, ولأمراء الخليج ومن يحذوا حذوهم العار والذل الى يوم يبعثون.

د. صلاح عودة الله-القدس المحتلة
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية