مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 أبدع مخلوقات الله
...............................................................

 

المخ البشري

 

د.مها وصفي مباشر
......................


كلما زرنا مكانا جميلا و رأينا فيه آيات إبداع الله، أو سمعنا لحنًا شجيًا عزف علي أوتار مشاعرنا، أو علمنا وشهدنا عن دقيق صنع الله في مخلوقاته، أو عشنا ألوانا من المتع التي خصنا الله بها، أو تعلمنا أو ورثنا مهارات دقيقة بفضل الله علينا، أو ألهمنا من علم الله أو....أو....أو.....، تبارينا أن تكون هذه أو تلك هي أبدع ما خلق الله لنا.

ولكن حقًا تري ما أبدع ما أنعم الله به علينا؟ هل هي الصور الرائعة والألوان الحية؟ أم اللحن الشجي؟ أم الطعم الشهي والرائحة الأخاذة؟ أم الملمس الطري الواعد ؟ أم الوجد الخفي والحنين الطاغي؟ أو هو الإلهام المستبد والصفاء الرحيم؟ بل... بل لعلها جميعا.

لابد أن تكون هي جميعًا. ولكن أي مستودع يحوي هذا الخضم الهائل من الخبرات والمتع والمعاني؟ وهل هذا المستودع للخاصة منا أم للعامة؟ وهل له مغاليق أو مفسدات؟ وهل يعطب هذا المستودع أو به نحيد؟ هل يتفجر أو ينسف؟ هل ينفتح ويرحب وهل يضيق كسم الخياط أو أدق؟

نعم له كل هذه الخصال، بل يزيد إلي حد اللاحصر. إنه ذاك المستودع الذي يتلاطم فيه كل شيء، ثم ما يلبث أن يتناغم من جديد! إنه كيان لا ينام حتي لو نام. إنه الكنز الأهم الذي أنعم الله به علينا، فمنا من يتغافل عنه ويلهيه عبثا وطغيانا ومنا من يتبارك به ويعظمه، بل منا من يطمع في مزيد المزيد.. إنه الإبداع الأعظم الراقي التكوين، الجلي الخفي النفع والأثر الذي لا حياة لنا بدونه حتي ولو انتفض النبض وعلا صفير الأنفاس في الصدور وأطراف الخراطيم، أو ضجت الأجساد بشديد عنفوان الحركات اللاغائية.

إنه المخ البشري، ولا أقول العقل بل أقصد المخ الحي ذا الخلايا النابضة التي تـأكل وتسقي وتخرج فضلات وسمومًا.

الخلايا التي إذا ما بليت لا تستحدث من جديد في أغلب الظن العلمي. إنها الخلايا ذات القدرات التحورية الهائلة. إنها الخلايا ذات الذاكرة المهولة التي تستعصي علي النسيان فلا تميل بسهولة للغفران، ثم تأتي فجأة فتمحو وتهون وتكون افتعالات جديدة تستعصي علي الوصف بأي لغة أو لسان. إنها خلايا الحب والغضب و الضجر والوجد والهيام والإلهام وعميق الفكر والقرار . إنها حقيقتي أنا وأنت وأي من كان.

إنا الخلايا التي تختبئ بداخلها كيانات متعددة الشخوص.

إنها الخلايا التي قبلت الأمانة التي عرضت علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان وحمل علي عاتقه رعاية كل هذا بأمر الله وعونه وهدايته.

فما أعجب ممن استهان و عبث بها استشارة أو تخديرًا وتخميرًا. فهذا بحق الله إنما هو أبشع الخطايا البشرية مطلقة ولنا حديث آخر مع هؤلاء الغافلين.

فيا أولي الألباب عليكم أن تراعوا هذا الكيان الرقيق الدقيق ذا الأسرار والخفايا حق رعايته فتعملوه فكرًا ووجدانًا وقرارًا و إنتاجًا، فإنه إن لم يستعمل عطب فناءً أو امتلأ فسادًا وحاد بنا ضلالاً وطغيانًا.


إنه يترقب منك أن تأتيه بقوته كل يوم فيأتيك بثمرة ما حييت.

إنه لك ولمن حولك ليدخلون ويخرجون تاركين فحوي ما أو أثر.

إذ تموج خلايانا بعضنا ببعض في كل حوار وبريق ولقاء وعمل. فبهذا نتعاظم وبذاك نضمحل ونخبو. ولكن لا يجدي الانغلاق إيثارًا ولا يفلح الانطواء بقاء.

يا أولي الألباب أبقوا علي العقول التفتح وإعمال الفكر والجدل الرصين.

أبقوا علي التفتح الصحي بالحب والعطف والعطاء والأمل و حسن الظن وحمل الأمانة. فكل منا مسئول كما لم يسأل أحد قبله أو بعده وكل منا في رعاية الآخر ما حيينا وكلنا عالة علي ذي الجلال العليم الرحيم الودود..

يا أولي الألباب تمتعوا بعقولكم قبل أن تزول هذه النعمة المشاع. تمتعوا بضياء عليكم فتستنيروا وتذهب عنكم ظلمات بعضها فوق بعض، وتأتنس وحشتكم في الدنيا والآخرة.

وإن اكتظت العقول وتعبت بالأحمال فأريحوها بالتأمل وبعض السكون يجلو لكم الكثير مما عمي عليكم. فتيجاننا العظيمة هذه تنجلي وتتألق ببعض السكون، حيث تنتظم الأفكار والمعاني والمآرب بالنظر في الملكوت والتسليم لمالك الملك يقينا وهياما وحبًا في الله وعملا بما أمرنا، فهو خالقنا ومبدعنا خفي الألطاف .
 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية