مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 يا نوح..لا تجب دعاء "خالد الكساسبة"
...............................................................


حمدان القضاه
................


في حديث مع صديقي الأستاذ عبد الحميد صيام، تناولنا دور الرعاع "نحن وما شابه" في إشعال منارة التغيير الجذري في المجتمعات. الملفت هنا أن الذي أثار هذا الحوار هو مقالة الصديق الرقيق خالد الكساسبة، والتي دعا فيها رسول الله نوح عليه السلام أن يحضر خشباً من بلاد بعيدة، وأن يصنع سفينة للرعاع!

نبي الله نوح عليه السلام، صنع سفينة للحيوانات، وبعض المؤمنين المغلوبين على أمرهم، بعد أن صدر الفرمان الإلهي بإغراق الأرض بمن عليها، لم ينج الرعاع الكسالى الذين آثروا التواكل وقلة العمل واستساغوا الجهل والهوان. الطوفان ابتلعهم بأسرهم وأطفالهم، لتبدأ الحياة من جديد بخلق آخر وزرع آخر.

أكوام البشر الهائمين على وجوههم من المحيط إلى الخليج بحاجة إلى طوفان يبتلعهم، لعل جيلاً آخر يخلق، جيل لا يعرف الخوف ويؤثر الموت على حياة ذليلة، جيل يعشق عنترة العبسي الثائر الذي خرج عن طور القيد والتبعية.

لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

من قال إن نوحاً يصنع سفناً لمن يشتهيها وكأنه موظف في دائرة الولفير، من قال إن نوحاً ينتخي للجبناء الذين تعودوا على تقبيل الأيادي ومسح الجوخ. لو علم نوح عليه السلام بما نحن عليه لدعا علينا بالطوفان.
لقد كان لنا في الثورة الأوروبية مثلأ، عندما ثار الرعاع العزل المغلوبين على أمرهم، المسلوبي القرار، ثاروا على الملكية الغاشمة، بما تمثله من سلطوية مطلقة واستبداد واستعباد، واستفراد بالموارد والمقدرات.
بدأ الأمر بثورة فكرية، لا تسامح ولا تدعو للحاكم بطول العمر، ثورة عارمة غاضبة، تسمي الأشياء بمسمياتها. وتدافع الرعاع للإنضمام إلى الثورة، لم يقل أحد: أنا مشغول! ولم يقف أحدهم أمام دكانه لساعات طويلة يبرم شنبه تارة ويسبله تارة أخرى! ولم يؤثر أحد حياة الذل على الموت الكريم!.
امتدت الثورة في عرض أوروبا وكأنها الكرامة تستيقظ من نوم قد طال، وتساقطت التيجان وساد الشعب الغاضب وانتصر. وفي الدول الإشتراكية تشوسكلوفاكيا ورومانيا وماشابه، رأينا في أواخر القرن المنصرم كيف تساقطت الرؤوس التي تكبرت على شعوبها ذات يوم..لم يتشفع أحد بنوح عليه السلام أن يصنع سفينة للنجاة..للهرب.. لأنها شعوب تقدس الكرامة..وتعشق الحرية كما تعشق الحياة ذاتها.

نوح عليه السلام ركب السفينة مع الراكبين حتى استوت على الجودي، نبي دعا قومه حتى يئس منهم فدعا عليهم لشدة صلافتهم، وقبح أفعالهم. إذن لو جاء نوح عليه السلام إلى شعب فوجده، رغم الأنبياء الكثر الذين يدعونه صباح مساء أن ينهض من عاره المطبق، أقول لو وجد نوح شعباً كهذا يعبد حاكمه، حتى يوشك أن يقيم له صلاة خاصة ويتمرس في الإنحدار والتملق، رغم أن فيه دعاة للإرتقاء بالكرامة، والتحدي لبساطير العسكر.. شعب كلما بالغت في إهانته، زاد في اختراع مصطلحات جديدة للتبرير للأسياد ومدحهم وشكرهم ولاستجداء المزيد من هذه المعاملة.. هل يا ترى سيصنع نوح سفينة؟ وإذا صنعها فمن سيحمل عليها؟ أبناء العشائر فقط!. أم أنه سيستضيف أبناء المخيمات والقادمين الجدد؟ ثم ما هو تعريفه للعشيرة؟ وإلى أي جد سينتهي العد؟ وهل سيجعل نقطة تفتيش بحرس شداد غلاظ على باب ناديه (سفينته) لتفتش جوازات السفروالتأكد من مكان الولادة!!
هل سيكون نوح عنصرياً أم أن همه القومي وانتمائه إلى الأمة الكبيرة الخالدة سيتغلب على شهوة الاستفراد والانعزال؟

يانبي الله نوح..لا تستجب لخالد الكساسبة، ولكن احضر فكراً وكرامة وشهوة للموت الحر، لا تصنع سفينة للفقراء...ولكن علمهم الثورة والرفض لقيود الذل وسلطة الأسياد. أسمعهم صوت ماجد المجالي، الأعمى البصير وهو يقول:

يا إلهي كما نصبت عروشاً فتذل القنا ويقهر جيل
دكها يا إله إن لظاهــــــــــا آية في انتقامكم ودليل
أمن العدل أن يبيعك زهــداً من له جنة وظل ظليل

أسمعهم صوت أبي القاسم الشابي:

أيها الشعب ليتني كنت حطاباً فأهوي على الجذوع بفأسي

أسمعهم صوت ذلك الفارس القادم من الجزائر، حراً كأنه يختزل أنفة العالم بين جنبيه:

إذا الشعب يوماً اراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلــــــــــي ولا بد للقيد أن ينكســــر

لا تتعب نفسك يا نبي الله، فإنك لم تصنع سفينة للرعاع ولم تحضرخشباً من بلاد السند لتنقذ الفارغين الذين استحبوا حياة الذل ولكن دعوت عليهم بهلاك محقق.
 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية