مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 مستقبلنا؟! هل لنا مستقبل؟!
...............................................................

هويدا طه
............

الحالة (مستقرة) في العالم العربي..الأخبار هي هي والأحداث تتكرر بانتظام ومصيبة اللامبالاة تتوزع بدرجة كبيرة من العدالة على الجميع، الأخبار لا تخرج عن سرد أعداد القتلى في العراق- دون أن نتوقف كثيرا أمام هوية القاتل- أو تكسير العظام بين فتح وحماس- دون أن نتوقف عند قيمة الكعكة التي يتعاركون عليها- أو تورط القوات الأمريكية في دولة هنا وهناك- دون أن يتوقف الأمريكان أنفسهم أمام عشرات الدروس التاريخية التي تفيد بالنهاية المعروفة لقوات إمبراطوريات سابقة تورطت مثلها- أو أخبار باردة عن نظم باردة في بلاد حارة المناخ باردة الاستجابة، نفس الأحداث ونفس منوال الصراع بين القوى والفئات في فلسطين والعراق ولبنان وباقي بلدان العرب، نفس أخبار السخف عن الحزب الحاكم في مصر وعن التوريث وعن استعدادات تنحي مبارك عجوز عن سلطة في يده وتحفز مبارك شاب للقبض مواصلة للطريق.. دون أن يبدو على أي أحد في مصر أنه يبالي بالأمر، وماذا حتى لو اهتم أحد.. لا جديد إطلاقا.. هنا وهناك!

في ظل هذه الحالة وبينما تتنافس عشرات القنوات الفضائية العربية الإخبارية على أخبار هذه هي لا غيرها.. يبدو أن المجال صار مفتوحا بدرجة أو بأخرى أمام تلك الفضائيات كي تتفلسف على مهل!.. فالأخبار هي هي والأحداث تتكرر بانتظام والمصيبة عامة على الجميع! أكثر البرامج التي تؤشر إلى الأنماط الفلسفية المختلفة التي تتبناها هذه الفضائية أو تلك هي برامج (المناقشة) على الهواء مباشرة.. ومعنا هذه الليلة فلان الفلاني لمناقشة مستقبلنا! هكذا إذن.. من قناة إلى أخرى على مدار الأسبوع المنصرم كله كان مستقبلنا- نحن سكان المنطقة العربية المعلنة عالميا (منطقة كوارث)- معروضا عاريا للنقاش.. مع خبراء استراتيجيين ومحللين مفكرين وباحثين موضوعيين وعلماء دنيا ودين! الفرصة متاحة لمناقشته على مهل إذ يبدو أن بيننا وبين وقوع (حدث عظيم) في حياة العرب.. قرون!

أحد الموضوعات التي تناقش مستقبلنا عاريا كان موضوعا يدور حول سؤال (هل السلفية الإسلامية الجهادية التكفيرية تعولمت؟!) كان ذلك في برنامج قضية الليلة على قناة الجزيرة الذي يبث من المغرب.. وكانت هناك موضوعات مشابهة أو أسئلة مماثلة في برامج أخرى على باقي القنوات.. فالجميع يعمل أربع وعشرين ساعة ولا توجد هناك أحداث.. ضيف بلحية تصل في طولها إلى ما بعد الحجاب الحاجز قال إننا نخطأ إذ لا نعمل على (تحرير المصطلح)! المصطلح الذي يقصده هو السلفية الجهادية التكفيرية كما طرح في الحلقة، يريد أن يحرر المصطلح من كلمة التكفيرية.. يقول إنها سلفية جهادية لكنها ليست تكفيرية، هي سلفية جهادية لأنها أفكار ورؤى تستلهم سلوك السلف الصالح في الجهاد ضد الكفار! حسنا! هي ضد الكفار لكنها ليست تكفيرية! من هم الكفار؟! لا تتوقفوا كثيرا أمام سؤال من هم الكفار؟ فقد علمنا من خبرتنا معهم على مدى عقود أنهم كل من ليس مثل صاحبنا! بالطبع المغاربة المساكين الذين كانوا يتعايشون في مجتمع معروف تاريخيا بالتسامح والانفتاح حتى وقت قريب يناقشون الموضوع بذهول.. وهم يرون سلوك السلف الصالح لجدود أهل المشرق البعيد يطبق في طرقات مدنهم بأدوات حديثة.. لم يعرفها من كانوا يجاهدون على ظهور البعير منذ أربعة عشر قرنا!.. قنابل ومتفجرات وأحزمة ناسفة وسيارات مفخخة تفجر بالريموت كنترول والتايمر الإلكتروني!

 كان السؤال المطروح هل تعولمت السلفية؟ حسنا.. أدلى كل بدلوه فلنفعل نحن! فالأخبار هي هي والأحداث تتكرر بانتظام والوقت متاح للتفسير والتفلسف والتأويل! بالنسبة إلى نتائجها وبلواها.. بالطبع نعم!.. انتقلت من مهدها مثل فيروس أنفلونزا البعير إلى بلدان الدنيا.. لنجد أنفسنا ونحن في نهايات العقد الأول من القرن الأول بعد العشرين.. وقد تحولنا إلى أمة تحلم ليلها ونهارها بالجنة.. نجحت إعلانات التليفزيون التي تروج للمتعة في (المنتجعات) السياحية الراقية باهظة التكاليف في تصويرها-الجنة- منتجعات بديلة للمحرومين.. المحرومين من منتجعات السواحل الراقية في عالمنا الأرضي.. حيث الخمر والنساء والمتعة بلا حدود وبلا تحريم.. (الخمر والمتعة والنساء بالنسبة للرجال.. أما بالنسبة للنساء الحالمات بمنتجعات العالم الآخر فلا توجد وعود محددة بمتعة ما لهن!) وفي سبيل العبور إلى منتجعات المتعة في العالم الآخر نحطم عالمنا الأرضي ونفجر أنفسنا والآخرين! بلا حدود.. العالم كله هدف للتفجير لأن منتجعاته حيث المتعة بلا حدود مغلقة في وجوه الفقراء البؤساء المسحوقين.. في العقد الأخير تقريبا لم تسمع عن مفجر لنفسه وللآخرين من رواد منتجعات الدنيا.. كلهم من المحرومين الذين أخذوا تماما بمسألة (المتعة اللامحدودة) في الجنة أو منتجعات العالم الآخر!

السلفية لم تتعولم كفكر فأصحاب الألباب والعقول لا يمكن أن ينتهجوها فكرا.. وإنما تعولمت كمصيبة.. هذا الاتجاه العدمي الذي يريد انتهاج سلوك السلف لرسم المستقبل هو عدمية وعبثية.. فمع كل الاحترام والتبجيل للشخصيات التاريخية مثل عمر بن الخطاب أو ابن عبد العزيز أو أبو بكر الصديق أو هذا أو ذاك رضي الله عنهم جميعا.. مع الاحترام لمكانتهم.. كيف يكون سلوكهم ومخزونهم المعرفي والمعلوماتي والموضوعي وسيلة لتصميم مستقبل من تخطوهم بألف وأربعمائة عام.. هذا عبث.. ضياع.. عدمية.. أي مستقبل هذا الذي يتحدث عنه السلفيون وهم طوال الوقت مشغولون بمعركة العبور إلى المتعة اللامحدودة خارج العالم الموجود؟!

هذا هو الفرق بين صنفين من البشر.. صنف يريد أن يستلهم وسائله من المستقبل فيجتهد ليعرفها ويتعلمها فيبدع كل يوم.. وصنف لا يقدر على التطلع إلى المستقبل .. هو مشدود طوال الوقت إلى الماضي.. ولا يعرف عن المستقبل إلا قضية العبور إلى عالم أنهار الخمر والحور العين! ربما تكون دورة تاريخية لابد أن تأخذ مداها قبل أن نفيق وندرك أن الجهاد يمكن أن يكون من أجل (الحياة على الأرض).. ووسائله العلم واستخدام العقل ونبذ ما تخطته البشرية في تجربتها الطويلة مع الأشياء والأفكار! أسلافنا عاشوا حياتهم بأدواتهم.. نحن نعتز بهم.. نحترم تجربتهم.. لا بأس أن ندرس تجربتهم مع الحياة حياتهم هم.. لكن مستقبلنا؟! هم أعجز عن أن يعطوننا وصفته! يمكن أن نستفيد من حكمتهم من خبرتهم الوجودية.. أما تصميم المستقبل فهذا ما لا يجب أن نطلبه منهم، أنظر إلى أحفادنا مثلا بعد خمسة أو ستة قرون.. ماذا يمكن أن يأخذون منا من وصفات لمستقبلهم؟!

هذا عبث.. لعل ما يمكن أن يستفيدوه منا هو خبرتنا الوجودية مع الخيبة والعجز.. لا أكثر! لكل زمن فكره ووسائله.. كفوا عن اعتبار مقولات الأسلاف الأحبة نبراسا.. اللهم إلا الشعراء! سلف العرب ليس فيه جميلا والله إلا الشعراء! هناك متعة حقيقية في قراءة ما ترك لنا هؤلاء الرائعون.. هذا هو أبو العلاء المعري يضيق ذرعا بمن يأتون بأفكار تهدد الناس وتبتزهم وتخوفهم وتحرمهم من الإبداع والتحليق بلا خوف: " فلا تحسب مقالَ البعض ِ حقا ..ً ولكن قولَ زور ٍ سطروهْ.... وكان الناسُ في عيش ٍ رغيدٍ فجاءوا بالمحال ِ فكدروه"!

 

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية